أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - حواتمة: وثائق وبرنامج الوحدة الوطنية لم تأخذ طريقها للتطبيق في حوارات القاهرة















المزيد.....



حواتمة: وثائق وبرنامج الوحدة الوطنية لم تأخذ طريقها للتطبيق في حوارات القاهرة


نايف حواتمة

الحوار المتمدن-العدد: 2593 - 2009 / 3 / 22 - 09:30
المحور: مقابلات و حوارات
    


القضايا الرئيسية الثلاث لإنهاء الانقسام المدمّر تراوح مكانها
حاورته: سهير الذهبي ـ دمشق
بعد فشل "اتفاق مكة" وفشل "اتفاق القاهرة" عام 2005، وبعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة ... ما الذي سيجعل محادثات المصالحة الفلسطينية التي تجري بالقاهرة الآن تنجح، ولماذا يسود شعور في الشارع الفلسطيني بأن هذه المحادثات ليست سوى هدنة قبل العودة إلى الاقتتال من جديد ؟ ما هو دور الدول الإقليمية فيما يجري على الساحة الفلسطينية الآن ؟ وهل سيتلقى الفلسطينيون المصالحة العربية ـ العربية للتحرر من سياسة المحاور، وإلى من سيتعهد بتسلم أموال إعادة الإعمار في غزة، وهل دور الفصائل الديمقراطية والوطنية الفلسطينية عدا فتح وحماس بلعب أي دور فيما يجري على الساحة الفلسطينية الآن ؟ ... هذا جانب من الأسئلة التي سنطرحها على ضيفنا في الأستوديو ضمن برنامج "على حد قولهم" السيد نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والعائد من آخر جولات محادثات المصالحة التي تجري في القاهرة.

س1: هل نستطيع أن نقول أن محادثات المصالحة قد بدأت فعلاً، أو أن المصالحة الفلسطينية قد بدأت فعلاً بعد استقالة حكومة سلام فياض ؟
وراء استقالة حكومة سلام فياض عاملين: العامل الأول هو رغبة من سلام فياض وباتفاق بينه وبين محمود عباس (أبو مازن)، أن تقدم خطوة تفتح على إمكانية التفاهمات الفلسطينية ـ الفلسطينية، ولكن العامل الأساسي لاستقالة سلام فياض وأقولها بشكل مباشر ما اتضح خلال الأيام الماضية وبعد 26 شباط/ فبراير 2009، بأن فتح وحماس يعقدان اجتماعات بغرف مغلقة بعيدة عن أضواء الرأي العام الفلسطيني، وبعيدة عن مائدة الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، هذا يؤشر بوضوح إلى إشكالات فتحاوية ـ فتحاوية، ويؤشر بوضوح عن البحث عن صفقات فتحاوية ـ حمساوية بعيداً عن مائدة الحوار الشامل، حيث اجتمع ثلاثة عشر فصيلاً فلسطينياً وتجتمع كل القوى الأساسية (فتح، حماس، جبهة ديمقراطية، جهاد، شعبية) وكل القوى الفلسطينية الأخرى، ولا يجوز لفتح وحماس أن يعودا إلى سياسة الصفقات الثنائية، وأحس سلام فياض وكل من يناصره بأن مثل هذه الصفقات التي يبحث عنها ثنائياً من وراء ظهر الجميع تطرح إبعاده واقتسام حكومة السلطة بين فتح وحماس، كما أنها قد تمس بالصميم التطورات والتشكيلات القادمة للحكومة الفلسطينية لذلك سلام فياض بكّر بتقديم استقالته نظراً لصراعات داخل فتح (فتحاوية ـ فتحاوية)، ونظراً للبحث عن صفقات ثنائية بين فتح وحماس من وراء ظهر الجميع.


س2: ما هي هذه الصفقات الثنائية بين فتح وحماس ؟
الاتفاق في 26 شباط/ فبراير أن الحكومة يجب أن تكون حكومة توافق وطني يتفق عليها في إطار الحوار الشامل، وعلى لجنة الحكومة أن تضع تصور في إطار الحوار الشامل، أيضاً الذي تتمثل فيه جميع الفصائل الفلسطينية في لجنة الحكومة لنكتشف أن شيء آخر قد وقع هناك تفاهم بين فتح وحماس على العودة إلى اتفاق المحاصصة الثنائي الاحتكاري والإقصائي، احتكاري بين فتح وحماس، وإقصائي لكل مكونات المجتمع الفلسطيني، لذلك طرح باجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عشية الحوار في 7 آذار/ مارس بحضور 9 فصائل فلسطينية، أن هناك اتفاق جانبي بين فتح وحماس على تشكيل الحكومة ليست حكومة وحدة وطنية وليست حكومة توافق وطني، وإنما 10 من حماس و9 من فتح، ويبقى لكل الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة ولكل الفصائل والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ومكونات الشعب الفلسطيني 5 مقاعد فقط وهذه ليست حكومة توافق وطني وليست حكومة وحدة وطنية، هذا مثل من الأمثلة في البحث عن اتفاقات محاصصة احتكارية تؤدي إلى إقصاء مكونات الشعب الفلسطيني من وراء ظهره ومن وراء ظهر كل الفصائل والقوى، وكذلك الحال وقع شيء من هذا أيضاً بـ "لجنة الانتخابات"، هناك تفاهم أولي بين بعض فتح وحماس على تأجيل العمليات الانتخابية للمجلس التشريعي والرئاسي إلى ما بعد عام 2010، لأن من المفترض بأن الانتخابات التشريعية والرئاسية أن تتم خلال هذا العام، وبسقف زمني لا يتجاوز 25 كانون ثاني 2010، وهذا ما تم التوافق عليه في وثيقة 26 شباط/ فبراير في القاهرة، لنجد أن هناك تشاورات بين فتح وحماس يريدون تأجيل الانتخابات إما إلى 2011 أو 2012، وهذا يتناقض بالكامل مع الورقة المشتركة التي وصلنا لها بالقاهرة في 26 شباط/ فبراير.
س3: التقاطعات الثنائية الجانبية بين بعض فتح وحماس كانت سبباً وراء عرقلة المصالحة والمحادثات في القاهرة، فهل أنت متشائم من المحادثات الجارية حالياً، وهل تعتبرها مثلها مثل أي محادثات مصالحة تمت في السابق ؟
نأمل أن لا يقع ذلك، فما زلنا محكومين بالأمل حتى هذه الدقيقة، لأننا اتفقنا على وثيقة مشتركة في 26 شباط/ فبراير، ومن المفترض أن يحترم الجميع هذه الوثيقة وتهتدي بها كل لجنة من اللجان وتوضع جانباً التقاطعات الجانبية، أفكار الصفقة الجانبية بين فتح وحماس قبل 26 شباط/ فبراير تستروا عليها، وبعد 26 شباط/ فبراير تجاهلوا وثيقة 26 شباط/ فبراير، آمل أن تحترم فتح وحماس وثيقة 26 شباط/ فبراير، وأن تهتدي كل لجنة من اللجان بما تقرر فيما يخص كل لجنة من اللجان في 26 شباط، وأن يتراجعوا عن أية صفقات ثنائية، لأنها ستكون مدمرة وتعيد الحروب وعمليات الاقتتال، لأنها مرة أخرى عودة لإنتاج الأزمة والصراع على السلطة والنفوذ.
س4: على صعيد الإجراءات، على ماذا اتفقتم خلال المحادثات بالقاهرة؛ حول شكل الحكومة ؟
الحكومة التي اتفقنا عليها في 26 شباط/ فبراير حكومة توافق وطني تتم في إطار الحوار الوطني الشامل وليس في إطار صفقة ثنائية محاصصة بين فتح وحماس هذا أولاً، وثانياً هذه الحكومة يجب أن يكون لها برنامج لا يؤدي إلى عودة الحصار لقطاع غزة والضفة الفلسطينية، وثالثاً أن يكون لها برنامج سياسي وطني مشترك، مستند إلى وثيقة إعلان القاهرة (آذار/ مارس 2005) ووثيقة برنامج الوفاق الوطني في غزة (حزيران/ يونيو 2006)، وبالتالي هذه الحكومة يمكن أن تنهض عندئذ.
س5: من الواضح أن هناك حالة تشاؤم في الشارع الفلسطيني، لا يوجد أمل من هذه المحادثات التي تجري بالقاهرة ؟
التشاؤم في الشارع الفلسطيني من خلال الآراء التي عبر عنها الشارع الفلسطيني قبل لحظات؛ تشير بوضوح أن الحس الجماهيري العام ما زال يحمل آلام كبيرة من عمليات الاقتتال والحروب الأهلية التي نشبت بين فتح وحماس، وأدت إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية والقدس، وأدت إلى هيمنة حركة حماس بالقوة المسلحة على قطاع غزة، وأيضاً المزاج الجماهيري لا زال يعلم علم اليقين أن الانقسامات العربية ـ العربية لا زالت تفعل فعلها بالمعدة الفلسطينية تخبيصاً يومياً، وكما تقول الحكمة الشعبية "كثرة الطباخين تحرق الطبخة". التشاؤم مصدره الحس الجماهيري العميق بالأزمة الداخلية الفلسطينية، والصراعات بين فتح وحماس من وراء ظهر الجميع دون مشاورة الشعب الفلسطيني لا في الأرض المحتلة ولا بأقطار اللجوء والشتات، نحن اتفقنا على برنامج موحد في القاهرة وغزة (إعلان القاهرة آذار/ مارس 2005، برنامج وثيقة الوفاق الوطني حزيران/ يونيو 2006)، برنامج حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس العربية المحتلة بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967، وعودة اللاجئين إلى ديارهم بموجب الحق التاريخي والمقدس، وبموجب القرار الأممي 194 في إطار تسوية سياسية في هذه المرحلة. والآن وثيقة 26 شباط/ فبراير 2009، وتحديد إطار عمل اللجان الخمسة بين 10 ـ 20 آذار/ مارس 2009.
س6: هناك مشكلة كبيرة تواجه المحادثات وهي أموال المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة وحتى الآن ليس معروفاً مَنْ سوف يشرف على هذه الأموال، أو بمعنى آخر إلى مَنْ سوف يعهد بتسلم الأموال من أجل البدء بإعمار قطاع غزة، هل تم الاتفاق في القاهرة على آلية عمل بالنسبة لأموال المانحين ؟
أموال المانحين هذه عملية عربية ودولية ناجمة عن القوى المانحة، فالقوى المانحة حددت آلية معينة تقوم على قاعدة أن هذه القوى هي التي ستقوم بعملية الإعمار والتعمير، وتحمل فنييها وكوادرها وإطاراتها داخل قطاع غزة، وهناك مواقع مدمرة في الضفة الفلسطينية مثل مخيم جنين بموجب حرب "السور الواقي" التي شنها السفاح شارون في آذار/ مارس 2002، وبالتالي تم الاتفاق على سيولة معينة لسيولة المال في البنوك في كل من الضفة وقطاع غزة.
نحن في الجبهة الديمقراطية قدمنا حلول معينة للقيادة السياسية المصرية للحوار الشامل الذي جرى بالقاهرة في 26 شباط/ فبراير، أي قبل أيام بأن نأخذ "بالصيغة اللبنانية" التي تقول بوضوح بعد حرب تموز العدوانية الإسرائيلية على لبنان وتدمير واسع وشامل للبنان، لا أموال تذهب إلى حزب الله ولا إلى الحكومة اللبنانية بل أن الدول المانحة تدخل بنفسها (بورشها وفنييها وطواقمها وكل أعمالها) إلى داخل قطاع غزة والضفة الفلسطينية والأموال تحول إلى سلسلة من البنوك تحت رعاية دولية معينة، وبغزة ممكن تحت رعاية الأمم المتحدة (الأونروا) والصليب الأحمر الدولي وممثليات الأمم المتحدة بقطاع غزة، وممثليات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي بالضفة الفلسطينية، هذه هي الصيغة اللبنانية التي عمل بها بعد حرب تموز/ يوليو 2006 على لبنان.
س7: هل هذا يعني أن الصيغة اللبنانية للإعمار هي التي ستنقذونها الآن بالنسبة لإعمار غزة ؟ قبل أيام وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تعهدت بـ 900 مليون دولار كمنحة أمريكية لإعادة الإعمار، وطلبت من محمود عباس بأن لا تسلم هذه الأموال إلى أيادي خطأ، ما تعني بهذه الأيادي الخطأ فهل هي تقصد الفساد الفلسطيني أم تقصد حماس ؟
كله على بعضه البعض، وبالتالي هيلاري كلينتون تقول تبرعت واشنطن بـ 900 مليون دولار من مجموع 5 مليارات و 200 مليون دولار، والتبرع الأمريكي بـ 900 مليون دولار ومنها 600 إلى الضفة الفلسطينية تذهب إلى السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات مؤتمرات سابقة عقدت بشرم الشيخ وقبلها في باريس والدول المانحة، في ذلك الوقت أيضاً تبرعت بسلسلة من الأموال منذ عام 2008 ـ 2009 ـ 2010، والآن جمعت على بعضها البعض، ومنها ما هو للسلطة الفلسطينية، ومنها ما هو للإعمار، وبالتالي المبلغ التي تبرعت به واشنطن محدود بالقياس للمبلغ الإجمالي.
نحن في الجبهة الديمقراطية نقول أنه يجب أن لا تذهب الأموال لا لحكومة سلام فياض، ولا لحكومة إسماعيل هنية، وأن لا تخضع للصراعات والتجاذبات بين السلطة الفلسطينية في رام الله وسلطة حماس في قطاع غزة، ويجب أن لا تذهب بفعل التجاذبات والصراعات أيضاً بين أي مؤسسات ومؤسسات فما وقع في لبنان حل المشكلة، وبالتالي الدول المانحة دخلت بآلياتها وورشها وطواقمها، وحولت أموال للبنوك اللبنانية من أجل العمل من أقصى جنوب لبنان إلى أقصى شمال لبنان، وهذا حاصر أي تجاذبات سياسية في لبنان بين الكتل اللبنانية المتصارعة، وخاصة أنهم عشية عمليات انتخابية وأيضاً بين أي شكل من أشكال هدر الأموال والفساد، وفعلاً تم التعمير بأسرع ما يمكن فيما لو قامت به مؤسسات تابعة للأطراف المتعددة اللبنانية، هذا ما ندعو له نحن في الجبهة الديمقراطية، وبذات الوقت أعتقد أن الذي تقرر في شرم الشيخ والذي تقرر بالقمم العربية الثلاث، بأن الأموال المانحة يجب أن تتم صرفها بعيداً عن الفساد، ولذا يمكن أن تتم على يد الدول المانحة ضمن مخططات معينة تدخل فيها مؤسسات الأمم المتحدة التي ذكرتها وخاصة قطاع غزة، 72% من الشعب الفلسطيني في غزة لاجئين، هؤلاء تدير شؤونهم التعليمية والصحية والاجتماعية والإغاثية الأونروا، ويمكن أن تشرف على ذلك، وهناك مؤسسات الأمم المتحدة أيضاً لها أدوار، وهكذا ننقذ الإعمار من ألاعيب وتجاذبات الصراعات الفئوية الانانية الضيقة بين حكومة سلام فياض وحكومة إسماعيل هنية.
س8: ما هو الدور الذي لعبته الفصائل الفلسطينية بالمحادثات بالقاهرة، ما هو الدور الذي قمتم به بالمحادثات ؟
ما وقع على امتداد السنوات التي مرت بأن الجبهة الديمقراطية والقوى الوطنية الديمقراطية بجانبها، وبالتأثير على مناخات الجماهير وشعبنا بالداخل والخارج، وبالتأثير على مائدة الحوار الوطني الشامل، هذه القوى الديمقراطية هي التي قدمت الحلول للأزمات الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية وليس فتح وحماس بكل صراحة هذه وقائع معروفة لجميع القوى في حوار القاهرة وغزة، والآن ناضلنا على امتداد 20 شهراً من أجل جمع الجميع على مائدة الحوار الشامل ووصلنا من جديد إلى وثيقة، وهذه الوثيقة أنجزت بالحوار الشامل وبعد أن كشفنا أن هناك ورقة صباح 26 شباط/ فبراير ورقة من فتح وحماس (جاءت الورقة على الطاولة وهذه الورقة طرحت ودخل عليها تطويرات أساسية، ووصلنا إلى وثيقة 26 شباط/ فبراير)، إذاً هذه القوى لها فعل عظيم وفعل كبير لأنها قوى وحدوية ديمقراطية تقوم على التعددية، وتقوم على كل مكونات الشعب الفلسطيني، الآن اللجان الخمسة تخوض الحوار من أجل التمسك بوثيقة 26 شباط/ فبراير المبنية على قرارات إعلان القاهرة وعلى وثيقة الوفاق الوطني، وهذا نص موجود بوثيقة 26 شباط من أجل الوصول إلى حلول لكل لجنة من اللجان مهتدين بوثيقة إعلان القاهرة ووثيقة غزة وثيقة الوفاق الوطني وأخيراً وثيقة 26 شباط/ فبراير 2009 بالقاهرة، وهكذا ننقذ الوضع الفلسطيني بكامله، أما الانحناء إلى الأطماع الفئوية الأنانية الضيقة، وإلى الانقسامات والمحاور الإقليمية العربية والشرق أوسطية والتدخلات الدولية، هذا يعني فقدان إمكانية الوصول إلى حلول، والانحناء مرة أخرى إلى اتفاقات محاصصة لا تلبث أن تنتج الحرب الأهلية من جديد والدمار من جديد، وجربنا هذا وكما يقول المثل (اللي يجرب المجرب عقل مخرب).
س9: هل تعتبر مصر وسيط محايد فيما يجري الآن بالقاهرة ؟
مصر لها سياسة خاصة بها وإقليمية كما سورية لها سياسة خاصة بها وإقليمية، والسعودية لها سياسة خاصة بها وإقليمية، وهكذا الحال بين المحاور الإقليمية والأجندات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وأيضاً دولياً، وبالتالي مصر تعتبر نفسها أنها دولة حدودية مع الشعب الفلسطيني بيننا حدود غزة الفلسطينية المصرية، وبأن الأمن القومي المصري مهدد دائماً من الشرق ومهدد بما يجري شرق مصر والحروب البرية الخمس منذ عام 48 حتى حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973 كانت كلها مع الشرق.
س10: هل لاحظت أن القاهرة وحماس علاقتهم بدأت تعود لطبيعتها السابقة بمحادثات القاهرة مؤخراً، بعد التوتر الذي حصل إبان الحرب على غزة مؤخراً ؟
هذا يدل على ماذا ؟ والمدائح لدور مصر في حوارات القاهرة من حماس تتكرر وتتواصل كما أن حماس تطلق سلسلة من التصريحات الإيجابية جداً اتجاه مصر، وبالتالي هذا يدل مرة أخرى بأن الكثير من هذه الصراعات (صراعات ذاتية) قائمة على مصالح فئوية أنانية ضيقة وليست صراعات قائمة على رؤية المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ورؤية المصالح القومية العليا لشعوب الأمة العربية.
س11: هل تعتبر أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أضعفت الدور المصري ؟
ألحقت أضراراً بالتأكيد بالدور المصري، وألحقت أضراراً بالأدوار العربية جميعاً، العدوان الوحشي المدمر على قطاع غزة يمثل الوجه الآخر لحرب "السور الواقي" التي شنها السفاح شارون على الضفة في عام 2002، والهدف من العدوانين (وجهان لعملية واحدة) هو محاولة مصادرة الشخصية الوطنية الفلسطينية، الكيانية الوطنية الفلسطينية حقوق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير والعودة والدولة المستقلة، والعودة إلى مشاريع أسوأ مما كان عام 1967 باتجاه تحميل غزة على أكتاف مصر وتحميل ما يتبقى من الضفة الفلسطينية وما يتبقى من القدس على أكتاف الأردن وتدمير الحقوق الوطنية الفلسطينية، كما جرى عام 1948 وهذا يضعف مصر ويضعف الأردن ويضعف سورية ويضعف كل الدول العربية.
س12: برأيك من هو الذي سوف يلعب دور البديل المصري بشأن الفلسطينيين بالمنطقة (تركيا، قطر) من هو البديل للدور المصري ؟
يستطيع أن يلعب دور "معطل" و "مضايق" للدور المصري، لا يستطيع أن يلعب دور "بديل" عن الدور المصري، ولكن علينا أن نأخذ بما تقرر بقرار قمة دمشق العربية في آذار/ مارس 2008 بتبني المبادرة اليمنية التي تنص على ست دول عربية، ترعى الحوار الوطني الفلسطيني الشامل (مصر، سوريا، الأردن، السعودية، اليمن، لبنان)، وبالتالي الآن نحن متفقين أن رعاية الحوار واستكماله يجب أن تتم على يد هذه الدول العربية في إطار جامعة الدول العربية.
س13: هل حماس الآن تلعب دور شبيه بدور منظمة التحرير، أي اللعب على سياسة المحاور وبالتالي الذي سوف يدفع الثمن هو القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ؟
بالتأكيد الشعب الفلسطيني دفع ويدفع، وحماس تعلن ذلك وليس سراً، ومن المعلوم بأن حماس تتعاون مع محور إقليمي عربي وشرق أوسطي، وفتح تتعاون مع محور إقليمي عربي ودولي وبالشرق الأوسط، وبالتالي كل من فتح وحماس داخلين بسياسة المحاور والأجندات الإقليمية خدمة للمصالح الفئوية، ولكن أقول الخاسر دائماً هو الشعب الفلسطيني، لأن ميزان القوى في المحاور في صالح العواصم والدول، ولن يكون في صالح الشعب الفلسطيني.
س14: هل ترى بأن الهدف النهائي لحركة حماس هو السيطرة على مجمل الوضع الفلسطيني وليس فقط السيطرة على غزة ؟
لا تستطيع حماس ولا تستطيع فتح ولا يستطيع أي فريق فلسطيني أن يسيطر على مجمل الوضع الفلسطيني، جربت هذا فتح من عام 1994 إلى عام 2006، وانتهت إلى الطريق المسدود والانهيار بانتخابات 2006، وجربت هذا حماس بتشكيل حكومة حمساوية مستنسخة تجربة فتح بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الثاني/ يناير 2006 ووصلت إلى الطريق المسدود بعد ثلاثة أشهر.
س15: هل يمكن الافتراض بأن حماس سيطرت بشكل نهائي على الوضع الفلسطيني، كيف سيكون شكل القضية الفلسطينية في حال ارتبطت بالحالة الإسلامية وفي حال سيطرت حركة حماس ؟
هذا سؤال افتراضي لا جواب له، ومع ذلك أكرر وأقول لا يمكن أن تتمكن لا حماس ولا فتح ولا أي فصيل فلسطيني أن يضع يده على مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فكلها تحت الاحتلال، غزة تحت الاحتلال والضفة تحت الاحتلال والكل يلعب تحت مظلة الاحتلال ومظلة اتفاقات أوسلو، لا أحد يستطيع أن يسيطر على الشعب الفلسطيني لا بالقوة المسلحة ولا بقوة المال السياسي.
س16: هل غياب خالد مشعل وأبو مازن عن حوارات القاهرة سيقتل فرصة نجاح هذا الاتفاق ؟
قلت قبل أن يبدأ حوار 26 شباط/ فبراير؛ ودعوت إلى حضور الأمناء العامين في 26 شباط/ فبراير، وكنت أعلم أن عدد منهم لن يذهب إلى القاهرة، ولذلك ألححت بالدعوة إلى القاهرة وكنت قد جهزت نفسي بـ 26 شباط للذهاب إلى القاهرة، ولكن عندما تبين أن محمود عباس وخالد مشعل وشلح وآخرين لم يذهبوا إلى القاهرة وذهبت وفود على مستوى نواب الأمناء وأعضاء مكاتب سياسية قلت بوضوح بأن هذا يخبئ مقولة "وراء الأكمة ما وراءها" كما تقول الحكمة الشعبية، ولن يؤدي إلى قرارات شاملة وناضجة في 26 شباط/ فبراير، وهذا ما وقع فعلاً. توصلنا إلى ورقة قرارات توجيهية لكل لجنة من اللجان، والآن الصراع والخلاف والاتفاق أو التقاطع يدور بكل لجنة من اللجان والنتيجة كما توقعت وأعلنت لم تصل اللجان إلى حلول وطنية شاملة بشأن القضايا الرئيسية الثلاث (الحكومة، الانتخابات، مرجعية منظمة التحرير)، وعليه مرة أخرى علينا أن نرسل الوفود وبيدها القرار كاملاً دون الحاجة إلى مرجعيات أخرى، هذا لم يقع حتى الآن.
س17: كيف تقيم الدور الإيراني الآن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ؟
القضية الفلسطينية قضية مركزية عند جميع الشعوب العربية، شعوب بلدان العالم المسلم، وفي هذا السياق دور إيران دوراً إيجابياً، نحن نعتبره ومنذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية بزعامة الإمام الخميني وإعلان يوم القدس تاريخياً في كل عام، وطرد السفارة الإسرائيلية، وأقامت سفارة فلسطينية محلها. نحن نقول أن موقف إيران موقفاً إيجابياً والمطلوب تطويره ببناء إيران علاقات مع جميع الفصائل الفلسطينية على قدم المساواة بدون تمييز فهذا طريق المساندة في صالح الشعب الفلسطيني وفي صالح نضال العرب من أجل إنجاز الحقوق الفلسطينية والعربية.
س18: الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كيف هي علاقتها مع إيران حالياً ؟
نحن لدينا علاقات سياسية وطبيعية مع إيران ونأمل من الجانبين تطويرها، وهذا يمكن أن يأتي بالخطوات الإيجابية تجاه الشعب الفلسطيني أكثر فأكثر.
س19: "إسرائيل" الآن تقوم بإجراءات محمومة لتهويد القدس، كيف سيكون رد الفعل فلسطينياً وعربياً ودولياً على هذه الإجراءات ؟
من المحزن أن ردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية متدني جداً، ورد الفعل الأولي فلسطينياً يجب أن يكون "إنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية بمشروع سياسي وطني فلسطيني موحد" يعتمد كل أساليب النضال في خدمة هذا المشروع (المقاومة والنضالات الجماهيرية والسياسية والنضالية والاجتماعية والدبلوماسية)، وبدون وحدة وطنية فلسطينية لا يمكن أن نوقف زحف تهويد القدس، وثانياً الأوضاع العربية الانقسامية لا تساعد على وقف تهويد القدس، وكذلك الحال الأوضاع المتدنية في العالم المسلم في جميع البلدان.
س20: لماذا "إسرائيل" الآن تسرع أو تلهث بهذا الشكل باتجاه هذه الإجراءات تهويد القدس وإلى ما ذلك حتى قبل تشكيل ما يسمى بحكومة المتطرفين (نتنياهو ـ ليبرمان) ؟
اللهث لتهويد القدس محموم منذ حرب حزيران/ يونيو 1967 وحتى يومنا هذا، وعليه أقول الآن بالقدس على امتداد الأربعين عاماً من الاحتلال، يوجد 300 ألف مستعمر مستوطن يهودي على حساب الأحياء العربية التي احتلت عام 1967 وبالضفة الفلسطينية يوجد 350 ألف مستعمر مستوطن يهودي وحكومات "إسرائيل" تسعى إلى أن تكسب خلال 3 ـ 4 سنوات القادمة زمناً مفتوحاً يبقى فيها الاحتلال ليصل عدد المستوطنين إلى ما يفيض على المليون من أجل أهداف ترسم حدود جديدة لدولة العدو بالأمر الواقع قائمة على تهويد القدس، وقائمة على ضم أجزاء واسعة من الضفة الفلسطينية بما مجموعه يتجاوز ما يفيض عن 12.5% من مساحة الضفة الفلسطينية.
س21: لماذا الآن الحكومة الإسرائيلية تقوم بهذا الشكل المحموم لتهويد القدس ؟
هذا المحموم تم بشكل أكثر عنفاً وأكثر دموية في زمن شارون بعد حرب "السور الواقي"، وكلنا نتذكر نداء شارون للمستوطنين (كل تلّة في الضفة الفلسطينية ابنوا عليها بؤرة استيطانية)، وبالتالي وتيرة الاستيطان متسارعة منذ عام 1967 وحتى الآن، لأن الأطماع الإسرائيلية التوسعية هي بالقدس والضفة الفلسطينية، وليس هناك أطماع توسعية إسرائيلية بالميثولوجيا بالإيديولوجيا بقطاع غزة، ولهذا رابين تمنى عام 1992 أن يفيق يوماً ما وقد غرقت غزة بكل سكانها في البحر، وأيضاً شارون قام بخطواته الأحادية الجانب وسحب قواته وكل مستوطنيه، ودمر كل المستوطنات بقطاع غزة لأن الأطماع الإسرائيلية تتكثف على تهويد القدس والضفة الفلسطينية، وهذا الذي جرى ويجري في زمن كل الحكومات، ومن الممكن أن يزيد الاستيطان والتهويد أكثر فأكثر بمجيء حكومة اليمين واليمين المتطرف بزعامة نتنياهو المعادي للحلول السياسية، والذي يدعو لما يسميه "بالسلام الاقتصادي" "الأمن مقابل الأمن" وليس "الأرض مقابل السلام".
س22: هل تتصور أن نتنياهو سيكون قادراً على تشكيل حكومة ضيقة من "إسرائيل بيتنا وشاس" بعد رفض كل من ليفني ويهود باراك الانضمام إلى حكومة موسعة معه ؟
نتنياهو سيفعل هذا ويشكل حكومة ضيقة كما يسمون من اليمين واليمين المتطرف بواقع 65 نائب من مجموع 120 نائباً في برلمان الكنيست الإسرائيلي وهكذا حكومة ضيقة تعني بوضوح أنها يمينية ويمينية متطرفة معادية لكل أشكال الحلول السياسة، ولذا يطرح نتيناهو نفسه ومن على يمينيه السلام الاقتصادي، أي إنعاش الحياة الاقتصادية بالضفة وقطاع غزة بتسهيلات اقتصادية معينة والأمن مقابل الأمن، حتى يكسب زمن من أجل الاستيطان والمزيد من التوسع في القدس العربية والضفة الفلسطينية هذا أولاً، وثانياً نتيناهو سيبقى عرضة للابتزاز السياسي اليومي من الأحزاب المتطرفة الصغيرة، لأنه إذا فقد أي منها تفرط وزارته، ولهذا كان أمامه شيء آخر لو كان يريد حلول سياسية فعلاً يفتح على كاديما وحزب العمل وميرتس، أي الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية الأخرى التي تقف بالوسط ويسار الوسط بالمعنى الصهيوني، وبالتالي هو لم يفعل هذا بل ذهب بالاتجاه الذي يشكل وزارة ضيقة، ولذا مخاطر الوزارة الضيقة الحربية والدموية والمخاطر التهويدية على القدس العربية وما يتبقى منها، ومخاطر تهويدية تتسع أكثر وأكثر في الضفة الفلسطينية قادمة بوتيرة أعلى مما هو قائم حالياً بعد أن تتشكل حكومة نتنياهو.
س23: ألا تتوقع أن يقوم نتنياهو بأي عمل عسكري في قطاع غزة كنوع من إثبات جدارة حكومته ؟
هو ليس بحاجته الآن، ولكن فيما بعد ممكن وممكن جداً، والدليل على ذلك أن نتنياهو أيد منذ اللحظة الأولى حرب "الرصاص المصهور" على قطاع غزة، أي الحرب الوحشية التي تدخل في كثير منها في عالم جرائم الحرب، وثانياً نتنياهو انتقد وقف عملية "الرصاص المصهور"، وعدم الدخول إلى مدينة غزة، وثالثاً أعلن نتنياهو أن حكومته ستقوم بضربات جديدة موجعة إلى قطاع غزة.
س24: هناك مراقبين يقولون بأن القضية الفلسطينية حالياً قد تمت تصفيتها أو تجميدها بصيغتها الحالية، والتركيز الآن إسرائيلياً متوجه باتجاه عرب "إسرائيل" أو فلسطينيي 48، نريد منك لائحة اتهام بحق متهمين بسبب ما آلت إليه القضية الفلسطينية الآن عربياً وفلسطينياً ودولياً، من يوجد في هذه اللائحة ؟
بالتأكيد باللائحة في المقدمة "إسرائيل" وسياستها التوسعية الصهيونية في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية وهذا أولاً، وثانياً بشكل خاص أحزاب اليمين واليمين المتطرف في "إسرائيل"، وثالثاً السياسات الأمريكية على يد الإدارات الأمريكية الجمهورية والديمقراطية، أي الأحزاب في أمريكا هذا على الجبهة الأخرى.
أما على جبهتنا الفلسطينية والعربية فالخلل كل الخلل هو بالأوضاع الداخلية الفلسطينية والعربية، وبالتالي تتحمل الانقسامات الفلسطينية ـ الفلسطينية مسؤولية كبرى، وتتحمل الانقسامات العربية ـ العربية مسؤولية كبرى، وكذلك تتحمل الدول العربية بسياستها المحلية والإقليمية الكثير. مثلاً على سبيل المثال كنا بحرب تشرين/ أكتوبر 1973 متفقين بوحدة السلاح (مصر، سورية، الثورة الفلسطينية)، والدول العربية التي ساندت حرب 1973، ثم نفط السلاح وسلاح النفط، ولكن تراجع السادات عن الاتفاقات التي كانت قائمة بحرب 73 عن المشروع العسكري السياسي الموحد إلى عقد اتفاق ثنائي لعب دوراً كبيراً في تردي تدهور الأوضاع العربية، ثم جاء انفراط عقد التضامن العربي بالحرب العراقية ـ الإيرانية، وثلاثة حروب في منطقة الخليج عبثية أدت إلى دمار العراق واستنزاف الخليج كل الخليج، وهذا كله يشير بلغة واضحة أن هناك ما تتحمله جبهة العدو ومن يساند العدو وراء الأطلسي، وهناك ما تتحمله الحالة الفلسطينية ـ الفلسطينية التي أنجزت إنجازات عظمى لا يمكن تجاوز الشعب الفلسطيني، ولا يمكن العودة إلى ما قبل 67، ولا يمكن العودة إلى نكبة 48 وتكرارها مرة أخرى كما ذكرت.
س25: نرى الآن بوارد مصالحة عربية ـ عربية أبطالها سورية والسعودية، وربما مصر في وقت لاحق برأيك هذه المصالحة العربية كيف سيكون انعكاسها على ما يجري الآن في فلسطين ؟
عندما تقع المصالحة العربية ـ العربية سيكون انعكاسها إيجابياً على الأوضاع الفلسطينية، لأنه عند ذاك وحينذاك تتقاطع الدول العربية ومصالحها على ضرورة حل الأزمة الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية، وإنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية على القواسم المشتركة التي يتفق عليها الفلسطينيين على مائدة الحوار الشامل، ويساندنا الدول العربية بموجب القواسم المشتركة التي تتمخض عنها القمة العربية القادمة، إذا وقعت المصالحة وانتهت الانقسامات العربية ـ العربية.
كنا أثناء العدوان على قطاع غزة ندعو لقمة عربية واحدة، وجدنا أنفسنا أمام ثلاث قمم عربية مما زاد الانقسام انقساماً عربياً ـ عربياً، وفلسطينيين ـ فلسطينيين. مثلاً عندما وقعت تقاطع بين العواصم العربية وإيران على ضرورة حل الأزمة الداخلية اللبنانية، حلت الأزمة الداخلية اللبنانية بثلاث أيام بعد 8 سنوات من الصراعات الداخلية اللبنانية ـ اللبنانية.
س26: هل أنت متفائل من موضوع المصالحة العربية ـ العربية ؟ ألا ترى أن من الممكن أن تكون هذه المصالحة عبارة عن هدنة فقط ثم نعود لسياسة المحاور والصراعات من جديد ؟
المشكلة بالأوضاع العربية بأنها لا ترتكز على احترام القواسم المشتركة التي تتم بقرارات القمم العربية ومؤتمرات واجتماعات وزارة خارجية الدول العربية ومؤسسات العرب الأخرى المشتركة، وبالتالي هناك تعارضات داخل الأوضاع العربية بين دولة ودولة، بين مصالح القوى الحاكمة بهذا البلد العربي أو ذاك، وبين المصالح الطبقية والاجتماعية الضيقة لهذا النظام العربي أو ذاك، ولذا أقول لا إمكانية لحل التعارضات في صفوف الدول العربية إلا بمقدار ما تتقدم هذه الدول العربية إلى الاحترام المتبادل للقواسم المشتركة والقرارات المشتركة.
س27: كيف ترى الوضع الفلسطيني في ظل إدارة باراك أوباما، فهناك الكثير من الوجوه في إدارة أوباما كانوا مما أسهموا إسهاماً كبيراً في تدمير عملية السلام مثل دنيس ورس والكثيرين، فهل أنت متفائل بالنسبة لإدارة أوباما ؟
إدارة أوباما الحالية إدارة ذات طبيعة انتقالية، والكثيرين مما دخلوا هذه الإدارة وبتصريحات أوباما نفسه ليسوا ثابتين لسبب أساسي، فهو يريد أن لا يبدأ من نقطة الصفر بطواقم لا تجربة عندها، فاستعان بطواقم من عهد كلينتون ولكن كلها مؤقتة وتبدأ عملية التغيير بالتدريج هذا أولاً، وثانياً أوباما يمثل شخصية تحويلية بالولايات المتحدة الأمريكية، وبتعبير آخر انقلاب اجتماعي حقيقي داخل الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة تركيب كل الأوضاع وهيكليتها داخل الولايات المتحدة الأمريكية على قواعد وقوانين دستورية جديدة، تقوم على المساواة التامة في المواطنة، وإنصاف الطبقة الوسطى والطبقات الضعيفة أي الطبقات العاملة والفقيرة.
هذه التطورات داخل الولايات المتحدة الأمريكية ستخلق قوى جديدة داخل أمريكا، تعكس نفسها بالضرورة إيجاباً على سياسة الإدارة الأمريكية الدولية والإقليمية، ولذلك بشر بأن الدبلوماسية الأمريكية والسياسة الأمريكية الخارجية دخلت وستدخل عهداً جديداً واستخدم تعبير "عصر جديد".
س28: الكثير من المراقبين والمحللين يقولون أن جزءاً هاماً من الأزمة الفلسطينية سببه تراجع دور اليسار وتحديداً الجبهتان الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين، برأيك هل تمردكم الدائم على الراحل ياسر عرفات هل هو أحد الأسباب لما حصل وما آل إليه الأمر الآن ؟
السؤال بحاجة إلى تصويب، بالتأكيد نشأت مجموعة من الظروف الفلسطينية والعربية والدولية تركت تأثيرها وبصماتها على جميع الأوضاع الفلسطينية وليس فقط على قوى اليسار الديمقراطي، القوى الوطنية الثورية الفلسطينية وفي المقدمة منها الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية، هذه التأثيرات تبدَّت بمظاهر متعددة سلبية، بمظاهر على سبيل المثال فتح دخلت بالأزمة الطاحنة على امتداد أكثر من عشرة سنوات وحتى اليوم، وأدت وشكلت عشرة حكومات في الأراضي المحتلة، ووصلت إلى الطريق المسدود والانهيار لهذه الحكومات، وحماس رغم أنها أخذت أغلبية بالمجلس التشريعي داخل الأراضي المحتلة استنسخت تجربة فتح ووصلت إلى الطريق المسدود خلال ثلاثة شهور، بينما 68% من الشعب الفلسطيني في أقطار اللجوء والشتات لم ينتخب أحداً لا حماس ولا فتح ولا جبهة ديمقراطية ولا أحد، وبالرغم من كل هذه الأوضاع من الذي جاء بفتح وحماس إلى مائدة الحوار الشامل بالقاهرة ؟ من الذي قدم الحلول للأزمة الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية بحوار القاهرة ؟ الجبهة الديمقراطية والقوى الوطنية الديمقراطية الفلسطينية التي وقفت بجانبنا، لم تأتِ الحلول لا من فتح ولا من حماس إطلاقاً، فتح تمسكت بقوانين انتخابات انقسامية لا ديمقراطية عام 1995 وعام 2005، وحماس لم تدخل الصراع من أجل قوانين انتخابات جديدة تقوم على الشراكة الوطنية الشاملة بالتمثيل النسبي الكامل، وقع هذا أمام الجميع الجميع في القاهرة وغزة، ثم وثيقة 26 شباط التي وصلنا لها قبل أيام هذه أيضاً تحت تأثير القوى الديمقراطية لأنه تكشف بعد 26 شباط أن فتح وحماس يلعبان لعبة أخرى من تحت الطاولة للبحث عن اتفاق محاصصة، ولهذا أقول من جديد السؤال بحاجة إلى تصحيح وتم التصحيح ويجب أن تتمظهر الأمور كما هي على حقيقتها، وهذا لا يعني أن الأوضاع بخير للخروج من الأزمة الفلسطينية الشاملة، العودة للشعب بانتخابات التمثيل النسبي الكامل طريق الخروج من الأزمة وتنامي أدوار القوى الديمقراطية التقدمية والوطنية السليمة في الحركة الفلسطينية.
س29: كيف تفسر التضامن العالمي الكبير مع الشعب الفلسطيني في غزة إبان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولماذا فشل الفلسطينيون في توظيف هذا التضامن لإعادة الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية؟
تفسير هذا التضامن العالمي يؤشر بوضوح بأن ما بنيناه على امتداد 42 عاماً بالثورة والمقاومة والانتفاضة والسياسة أصبح قضية دولية.
س30: هناك أحداث كبيرة حصلت في السابق تشبه الذي حصل بقطاع غزة مثلاً (محاصرة المقاطعة، محاصرة الرئيس ياسر عرفات، مجزرة جنين ...) وهناك الكثير لم يكن هذا التضامن الدولي لماذا هذه المرة، هذا الحجم من التضامن الدولي هائل من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا إلى آسيا هل بسبب أن الضحايا كانوا من البسطاء والفقراء لدرجة أنه لا يمكن التغاضي عن التعاطف معها ؟
هذا الوضع الصعب بعدوان وحشي استفز واستنفر عالمياً، والذين تظاهروا بالملايين وعشرات الملايين بأوروبا والأمريكيتين واستراليا وكل العالم، هؤلاء ليسوا مسلمين ولا عرب، فهم قوى يسارية وتقدمية وليبرالية، وبالتالي هذا تعاطف مع شعب صغير محاصر أمام دولة إقليمية عظمى تفتك بالقوة المفرطة بيدها بشعب صغير محاصر من الجهات الأربعة.
س31: لماذا فشل الفلسطينيون بتوظيف هذا الاهتمام ؟ ما هو المخرج للخروج من هذه الأزمة ؟ هل الحل في أحداث انهيار في بنية النظام العربي والعودة لمبدأ المقاومة فقط أم ماذا ؟
بسبب أساسي هو الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، وعن أي مقاومة نتكلم في الأوضاع العربية، فالأقطار العربية أغلقت جبهتها على مدى السبعينات بالكامل، وأغلقت جبهة لبنان من الثمانينيات بالكامل بوجه المقاومة الفلسطينية. نحن نتكلم عن أشكال من المقاومة المتعددة، مقاومة مسلحة وجماهيرية ونقابية وسياسية ودبلوماسية داخل الأراضي المحتلة، ومقاومة خارج الأراضي المحتلة جماهيرية وسياسية ونقابية وبكل أشكال النضال المسندة لنضال شعبنا في الداخل، والحل هو برنامج سياسي موحد للشعب الفلسطيني كله داخل الأراضي المحتلة وفي أقطار اللجوء والشتات، وهذا وصلنا له بإعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، ووصلنا إلى إطاره العام أيضاً في وثيقة 26 شباط/ فبراير 2009 بالقاهرة، والحل بإنهاء الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية، والعودة في إطار الوحدة الوطنية للشعب بانتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة بسقف 25/1/2010، تقوم على التمثيل النسبي الكامل، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بانتخاب مجلس وطني جديد لمنظمة التحرير بالداخل والخارج بالتمثيل النسبي الكامل هذا هو الحل، وثانياً بإمكانية رفع وتيرة إنهاء الانقسامات العربية ـ العربية، والتضامن العربي، لأن الأوضاع الدولية أفضل بكثير من الأوضاع العربية، وأفضل بكثير من الأوضاع في البلدان الإسلامية، فالأوضاع الدولية كما تبدو أثناء العدوان على قطاع غزة شعوباً ودولاً أرقى مما وقع بالبلاد العربية ... هذا هو الطريق للخروج من الأزمة.





#نايف_حواتمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواتمة: نناضل من أجل الجمع بين المشروع السياسي الوطني؛
- مأزق الانقسام الفلسطيني ودروس ما بعد العدوان الدموي على قطاع ...
- المهرجان المركزي في مخيم اليرموك – ملعب النادي العربي الفلسط ...
- حواتمة: صعود اليمين الاسرائيلي يفرض مراجعة جادة لكامل التجرب ...
- حواتمة: وضع شروط مسبقة للحوار تهدف الى تعطيلة
- حواتمة: الصيغة اللبنانية هي الصيغة الأسلم لاعمار قطاع غزة
- حواتمة:الحديث عن مرجعية بديلة لمنظمة التحرير- فرقعة إعلامية
- نايف حواتمة: قبل أن يقع الانقسام بين فتح وحماس، نحن دعاة قوا ...
- حواتمة: يجب أن ننتقل من التنسيق إلى ما هو أرقى من جبهة مقاوم ...
- حواتمة: أكد أن إصلاح منظمة التحرير لا يتم عبر التلاعب بشرعيت ...
- نايف حواتمة - ربط للحوار الوطني الفلسطيني الشامل بأية قضايا ...
- نايف حواتمة..... من المبكر جداً الحكم على السياسة الأمريكية ...
- حواتمة في حوار مع فضائية أبو ظبي
- نايف حواتمة: دعونا إلى جبهة مقاومة وغرفة عمليات وجبهة سياسية ...
- حواتمة - ضرورة إعلان سياسي في غزة والضفة لإنهاء الانقسام وتش ...
- حواتمة: استهدافات إسرائيلية محددة لإعادة صياغة المعادلات مع ...
- حواتمة يؤكد علم دول عربية مسبقاً بالعدوان على غزة
- حواتمة : ندعو الجميع إلى جبهة مقاومة متحدة في الميدان وإنهاء ...
- مشروع إسرائيلي لضم 10% من الأراضي المحتلة عام 1967
- حواتمة يدعو لتشكيل جبهة فلسطينية متحدة لمقاومة -عملية عسكرية ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - حواتمة: وثائق وبرنامج الوحدة الوطنية لم تأخذ طريقها للتطبيق في حوارات القاهرة