أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حذيفة سعيد جلامنة - التربية المدنية ليست ترفا فكريا














المزيد.....

التربية المدنية ليست ترفا فكريا


حذيفة سعيد جلامنة

الحوار المتمدن-العدد: 2590 - 2009 / 3 / 19 - 10:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


رام الله – فلسطين

في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات العقلانية، والأمنيات بأن يسفر حوار الفصائل في القاهرة عن اتفاق حول مجمل القضايا التي قد تمنح المواطن الفلسطيني المرهق بصيص أمل وراحة، وعلى الرغم من الآمال المعلقة بين السماء والأرض، والنتيجة التي قد تسفر عنها حوارات القاهرة، إلا أنه بات في حكم المؤكد أن جملة من الأمور بحاجة إلى مراجعات جدية، وقد يعمل البعض على إعداد قائمة لا تنتهي لهذه المراجعات لكثرتها وتشعبها وخطورتها.
قد يقول البعض أن وضع الانقسام أوجد فرصة للإسرائيليين " وعلى طبق من فضة " لتسريع طوفان إجراءاتهم القمعية بتهويد القدس، وزيادة وتيرة الاستيطان، وهذا صحيح، وقد يقول آخرون أن وضع الانقسام شوه صورة الشعب الفلسطيني كشعب مناضل يدافع عن قضية عادلة؛ وهذا صحيح. لكن الأخطر من ذلك أن الإنقسام أيضا أسس لحالة من ثقافة الكراهية، والنفور، وعزز الفجوة في قبول الاختلاف والتعددية الديمقراطية، وقد عايشنا مظاهر هذه الكراهية والنفور بأوجه كثيرة مقيتة، لكن الأخطر من باعتقادي هو أن تبقى هذه " الثقافة " جزءا من تربية مستمرة تقودها مختلف الأطراف ولكم حينها أن تتخيلوا شكل الواقع الفلسطيني بعد عدة سنوات؟.
إن العمل لتجنب تلك الكارثة، كذلك تبعات الإنقسام تستوجب منا نقاش شكل التربية التي تقدمها مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وشكل التربية الحزبية أيضا. وإذا كان بعض الفلاسفة قد نادوا بأن يتوافق النظام التربوي والتعليمي مع ما اتفق عليه المجتمع كأساس تقوم عليه العلاقات بين الأفراد وبين الأفراد والسلطة السياسية، فإن المطلوب من التربية في الواقع الفلسطيني أن تؤسس لتوافق في العلاقات بين الأفراد، وبين الأفراد والسلطة السياسية.
مع تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، انتهجت وزارة التربية والتعليم فلسفة من شأنها جسر الهوة التي خلّفها الاحتلال في مختلف المجالات، خاصة في مجال التعليم الذي يعدّ القطاع الأكبر والأهم، فعملت على وضع المناهج الفلسطينية التي تتناسب وتلبي حاجة المجتمع الفلسطيني، وتستجيب لطموحاته وفلسفته الخاصة، وحدد مركز المناهج في خطته " التركيز على الإنسان الفلسطيني، ونقله من التبعية والتشتت، إلى الريادية والانتاجية " .
وكان منهاج التربية المدنية أحد المقررات التي تضمنتها الخطة، وخرجت إلى حيز الوجود، وتكتسب التربية المدنية أهميتها بوصفها مادة تعليمية، تستهدف تكوين المواطن تكوينا شاملا ومتوازنا في إطار تنشئة إيجابية؛ وتكسبه عددا من المفاهيم المتعلقة بالوطن، والدستور، والحكم، والحقوق والواجبات، وتقوم ممارساته وسلوكاته؛ في إطار بيئته المحيطة به بالاستناد إلى المبادئ الأخلاقية والمعتقدات المدنية، كقبول الاختلاف والتعددية، والمساهمة الايجابية في الحياة العامة، والتسامح، واحترام القانون وسيادته، وتحمل المسؤولية، وتكسبه وتنمي لديه كذلك مهارات التفكير والإبداع، والتواصل، والحوار، والخطابة، والقيادة، والمشاركة، وروح الديمقراطية التي تجعله مواطناً فاعلا. إضافة لذلك فإن التربية المدنية تعمل على تنظم علاقة الفرد بالدولة، وزيادة الإدراك المدني لدى المواطن.
إن غاية التربية المدنية تكمن في تنشئة الإنسان كمواطن فاعل، ولا يمكن تحقيق مظاهر المواطنة، والفاعلية المنشودة من خلال جهود المؤسسة التربوية فقط، هنا لا يجب إغفال دور الأسرة، ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام.
إن الحاجة إلى إعادة الاعتبار لمادة التربية المدنية والتعامل معها بجدية مطلقة من قبل الجميع، أولوية وطنية، فما تحمله وتقدمه مقررات التربية المدنية في ثناياها من قيم؛ فقدانها هو الذي أوصلنا إلى هذه الحالة من الضياع، والتفكك، والتفكير بالحسابات الضيقة من زاوية الانتماءات الفردية، على حساب الانتماء المشترك في إطار المواطنة الفلسطينية، إن إعادة الاعتبار لمادة التربية المدنية كفيل بأن الشفاء للأجيال القادمة؛ من " ثقافة " تشربوها بحكم الواقع القاسي وإفرازاته المقيته، والتي إن لازمتهم فهي الكارثة.
التربية المدنية كتربية على المواطنة والقيم، بديل لتربية فصائلية، عائلية ضيقة الأفق ( ولا يعني هذا أن التربية الحزبية لا تتقاطع مع التربية المدنية إن أرادت الأولى ذلك) والتربية المدنية بوصفها تربية على المواطنة ليست توظيفا للمهارات اللغوية والقدرة البلاغية " للردح " على الفضائيات العربية، بل توظيف مهارات الحوار، للوصول إلى سعي وتفاهم مشترك يستند إلى أن هناك علاقة بين المواطنين وأخرى تعاقدية مع نظام الحكم؛ تفوق الانتماء الضيق، وحسابات المحاصصة، عمادها التسامح وقبول الاختلاف كحق مشروع، وتعزيز المسؤولية، وكم لا حصر له من المهارات التي تجعل المواطن لا ينساق كقطيع في يوم العيد، وأن يفكر، وينقد، ويحلل، ويحاور أخيه " الذي يشاركه أرض فلسطين التي باتت تتآكل كل يوم " بلغة غير السلاح والقمع، مهارات بديلة لمهارات التهليل، والتزمير، والردح، وتوجهات التخوين، والإقصاء.
إن على وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية واجب أن تصوغ جملة من السياسات الداعمة للتربية المدنية، التي من شأنها أن تعززها كمادة يقرها الواقع الفلسطيني بإلحاج، كذلك يشارك الوزارة نفس الواجب مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الإعلامية في رسالة واضحة تعكس خطابا مختلفا للخطاب الذي ساد على مدار أشهر عديدة.
إن مواطنا فلسطينيا سويا ومعافى، يقبل بأخيه الفلسطيني المختلف، يفهم حقوقه وواجباته في إطار المواطنة، يمارس حقه في التعددية بشكل ديمقراطي واع، كفيل بأن يدافع عن الحلم الفلسطيني ويجعله حقيقة.



#حذيفة_سعيد_جلامنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حذيفة سعيد جلامنة - التربية المدنية ليست ترفا فكريا