أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جبريل محمد - أرض مستباحة، وأمة مخدرة














المزيد.....

أرض مستباحة، وأمة مخدرة


جبريل محمد

الحوار المتمدن-العدد: 794 - 2004 / 4 / 4 - 09:05
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


منذ بدأت الفكرة الصهيونية بالتحول إلى مشروع وبرنامج عمل، كانت الأرض هي محور وعماد هذا المشروع، فشعار "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، لم يكن يقصد عمليا سوى السيطرة على الأرض، فيما إذا تمت هذه السيطرة يسهل التعامل مع البشر القائمين عليها، وإن كانوا أصحابها الأصليين، لذا فإن فكرة الاستيلاء على الأرض ظلت في رأس قائمة الأولويات الصهيونية حتى بعد قيام الدولة العبرية، والتي اعتمدت مبدأ التوسع مترافقا مع عمليتين متضادتين هما إجلاء الشعب الأصلي، واستقدام المهاجرين بعد إعدادهم جيداً من خلال غرسهم في علاقة طبيعية ومنتجة مع الأرض، سواء من خلال تشكيل التعاونيات الزراعية (الكيبوتس)، أو من خلال بناء منظمات الشبيبة الزراعية العسكرية "هاشومير هاتزعير، ألناحال...الخ". هذا الأمر خلق قيما للمجتمع المستوطن محورها الاستيلاء على الأرض والتعامل معها كموضوع فعل اجتماعي، وليس مجرد شعار سياسي فارغ. وبالتالي فإن الأرض وموضوعة التنازل عنها من قبل مجمل النخب والقطاعات في المجتمع المستوطن هو أمر صعب، فالاتجاه العام، لا بل القانون التقليدي عند المجتمع المستوطن هو نهب مزيد من الأرض. ولهذا فإن شارون في هذا الجانب يمثل القيم الصهيونية التقليدية، وهو بالتالي مستعد لتطوير مزارعه في النقب، تماما كما هو مستعد لتطوير القدرات العسكرية لجيش الدولة الاستيطانية.
في المقابل، ظلت الأرض في الوعي النخبوي الفلسطيني مجرد شعار، ومجال لممارسة السيادة والحق، معتمدين في ذلك على التراث العريق الذي يربط الفلاح الفلسطيني بأرضه، دون إدراك كبير للمتغيرات الاجتماعية الاقتصادية التي طرأت خلال عقود من الزمن، سواء نتجت هذه التغيرات عن الهجمة الصهيونية المستمرة عن الأرض والتي نتج عنها إجلاء نسبة كبيرة من الفلاحين الفلسطينيين وفي أخصب مواقع فلسطينية في الساحل الممتد على طول البحر المتوسط، وسهل مرج ابن عامر، وتلال الجليل، عدا عن جزء ليس يسير من الأغوار.
هذه الذهنية التي تعاملت مع الأرض كمجال لممارسة السيادة والحقوق اغفلت ولا زالت تغفل جانبا مهما، هو الجانب العملي الممارساتي والبرنامجي للحفاظ على الأرض، من خلال إعادة استزراع الأجيال الجديدة فيما تبقى من أرض. ففي غضون العقود الماضية، لم نجد برنامجا فلسطينيا منهجيا يهتم بمقاومة الاستيطان ومصادرة الأرض يحمل طابعا استراتيجيا حتى في ظل وجود سلطة فلسطينية حاولت بناء دولتها بالقطاعي. ففي ظل هذه السلطة توسع الاستيطان، وتوسعت المستوطنات وفي ظل هذه السلطة لم تعالج موضوعة الأرض بشكل جدي وحقيقي، تماما كما لم يتم ذلك في عهد إشراف منظمة التحرير الفلسطينية على بعض قطاعات العمل المجتمعي في الوطن.
لقد صرفت اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة، ومؤسسات منظمة التحرير الأموال الطائلة على مجالات هي مهمة، ولكن لم يكن لها محورية الأرض في الصراع، فقد بنت جامعات دون كليات زراعة، وقد طرحت مشاريع إسكان في أطراف المدن الرئيسية دون أن تصل أو تبني منظمات جماهيرية تسعى للضغط آنذاك على الاحتلال لتوسيع الحدود المسموح بها للبناء...الخ.
أما في عهد السلطة الفلسطينية، ورغم تشكل وزارة الزراعة مع أول حكومة، لم تضع هذه الوزارة أي خطة منهجية لحماية الأرض، كما لم تطرح وزارة الإسكان أي مشاريع للتطوير الحضري خارج المدن، ولم تشكل نسبة وزارة الزراعة من الموازنة العامة أكثر من 2% تذهب جميعها مصاريف إدارية، فيما أحجم كل المانحين عن أي دعم حقيقي في المجال الزراعي أو الاسكاني.
أمام هذا الأمر لا غرو أن تظل الأرض الفلسطينية مستباحة للاستيطان والمصادرة، ولا غرو أن تغزو العقلية الاستهلاكية غير المنتجة عقول الشباب والأجيال الجديدة، وتصبح الانفة من العمل الزراعي أمراً عاديا ومقبولا، وتتجة القيم اتجاهات مغلوطة.
ولم تعد الأرض الفلسطينية فقط سداحا مداحا للمغامرين من المستوطنين، بل تعدى الأمر ذلك إلى بلاد عربية طالما رفع الكثير من شرفائها عقيرتهم بالتحذير من تغلغل الصهاينة في بلادهم وعبر شراء الأرض كما يحصل في غور الأردن وبواديه أو كما يحصل الآن في شمال العراق.
لقد باتت الأرض العربية مستباحة أمام عقيدة الاستيلاء الصهيوني على الأرض والأمر ليس مجرد كثبان رملية تسفوها الرياح، إنها محاولات لوضع موطئ قدم في كل بلد عربي ولو بشكل رمزي تمهيداً لإحكام السيطرة عليها.
إننا اليوم وبعد 28 عاما من هبة يوم الأرض، لا نجد سوى تحول هذا اليوم إلى احتفال كرنفالي وإعداد النشرات والتقارير والصور الأرشيفية، دون أي وقفة جدية مع موضوع الاحتفال الكرنفالي، وكيف تتقلص الأرض تحت أقدام أصحابها بالقوة والجبروت.
إن المطلوب وقفة جدية من القوى والفصائل الوطنية، ومن السلطة أيضا، تضع الأرض كمحور للنقاش واستخراج البرامج العملية للحفاظ عليها من خلال إعادة ربط الأجيال الجديدة بها، المطلوب تحويل الشعارات الكبرى، إلى برامج صغيرة وملموسة تتراكم لتخلق ثقافة جديدة تعمق عملية التمسك بالأرض من خلال التفاعل معها.



#جبريل_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة الانهيار العربي
- بعد عام على احتلال العراق استمرار شتم صدام تغطية على عجز الب ...
- لو أن الدروب سالكة


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جبريل محمد - أرض مستباحة، وأمة مخدرة