الغالي محمود.
الحوار المتمدن-العدد: 2585 - 2009 / 3 / 14 - 09:43
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
كما هو الشأن بقضية النضال عموما والتي عبر عنها كارل ماركس في يوم من الايام قائلا أن "تاريخ المجتمعات لم يكن سوى صراعا طبقيا" وهذا ينعكس على ضوء الأحداث التي تعج بها الجامعة هذه الأيام خصوصا أينما تواجد النهج الديمقراطي القاعدي القيادة الفكرية والسياسية للحركة الطلابية بمضمونها الثوري المجسد في البرنامج السياسي لهذا الفصيل الثوري وهو "البرنامج المرحلي" الى جانب التكتيكات السياسية والتنظيمية المؤطرة للمعارك النضالية وكل هذا يتم تحت يافطة عصارة الفكر الثوري الماركسية اللينينية خلاص البشرية في وضع دولي ينذر بالحتمية التاريخية لزوال المجتمع الحابل بالتناقضات ليحل محله المجتمع الجديد ولن يوجد مجتمع أفضل من سابقه سوى المجتمع الشيوعي.
لقد خاضت الحركة الطلابية ولازالت تخوض سلسلة معارك ضارية ضمن مسلسل الصراع الطبقي الدائر رحاه في أحد أماكن المواجهة الجماهيرية الجبارة لمخططات النظام وغالبا ما تكون الحصيلة المزيد من المعارك في حرب قال عنها الواقع انها حرب طبقية استراتيجية لن تنتهي إلا بانتهاء جذورها الطبقية أي بالقضاء على علاقات الانتاج القائمة ودك بنيان النظام الطبقي القائم . وفي خضم هذه المعارك نتناول هنا أساسا قضية الاعتقال السياسي التي تجسد بالفعل مستويات راقية من خوض الصراع مع النظام السياسي القائم وبمضمونها الثوري الذي يثبت صحة الموضوعات الماركسية في تعريف قضية الاعتقال السياسي والتي تناولتها باختصار أعلاه ، ويبقى المستوى السياسي شاهدا حيا على ما أقول ، ولنتجاوز قليلا لغة ألف البعض اتهامها بانفصالها عن الواقع ، نعود لنقول لكل من سولت له نفسه اعتناق الفكر المثالي بكل مقاييسه وصولا بمقياسه البرجوازي الصغير ، فقد أطلت علينا مجموعة من الأقلام بوجهات نظر نقول على أنها بالفعل أكبر انفصال فكري عن الواقع وهذا ما يعكس ميولها البرجوازي الصغير والانتهازي على المستوى السياسي ولا بأس أن نعرج على بعض النماذج بصدد بعض من يتبجح بالاعتقال السياسي كوسام مهترء على صدور الخونة والمرتدين دون ادنى فرق عن أقرانهم الرجعيين ...
لقد شكلت قضية الاعتقال السياسي (الى جانب الاغتيال السياسي مع اختلافهما في مستويات محدودة ) أكبر قضايا الصراع الطبقي التي شهدتها هذه البلاد السعيدة ، أي منذ بناء دولة المعمرين الجدد ( وقد سطرت كبرى معالم هذا البناء في معاهدة إيكس ليبان ) ، فمسلسل بناء مصالح النظام التبعي للامبريالية كان يزحف في اتجاه استقطاب القوى السياسية والاجتماعية القادرة على دمج مصالحها بمصالح النظام ككل ، مشكلة ما يعرف بالتحالف الطبقي المسيطر ضدا على التحالف الشعبي ، وتاريخ المشهد السياسي بالمغرب منذ 1965 وصولا الى هذه المرحلة عرف صدام المصالح الطبقية والاجتماعية لكلا النقيضين متخذا أشكالا عليا تتمظهر في العنف المنظم لجهاز الدولة الطبقي ضدا على العنف العفوي سياسا والغريزي بالتحديد الاجتماعي لأبناء الشعب الكادحين ، وغالبا ما كانت هاته المصالح ممثلة في رموز و جماعات سياسية مع اختلاف مضامين الصراع في كل حالة على حدة على الرغم من أن الوضع الطبقي على المستوى الموضوعي يبقى واضحا لكن وكما قالها ماوتسي تونغ "إن مسألة وجود متآمرين هي حقيقة موضوعية سواء اعجبتنا أم لا " ، وبالتحديد لا زال المستوى الذاتي للتعبيرات السياسية عن مصلحة التحالف الشعبي دون مستوى حسم الصراع نظرا لاعتبارات جدلية معقدة ...
وانطلاقا من مقولة الرفيق ماو اجدها خير مثال عن زمرة التحريفيين الخونة الذين خانوا خط سعيدة وزروال ، ومادامت تجربة حزب النهج "الجريدة" أقرب تجربة إلى خط الحملم ، فلابد ان نشير إلى أن خط الارتداد بدأ عند هؤلاء منذ تعاطيهم الانتهازي مع قضية الاعتقال السياسي ، فطلاقهم للفكر الثوري انطلق عبر مساومات سياسية تمخض عنها تراجع كلي عن خط الثورة المغربية الفكري والسياسي ، وكانت تجربة الاعتقال السياسي التي طالت العديد من رموز الردة والتحريف آخر محطة كشفت عجز ذوي الافق البرجوازي الصغير عن المزيد من المقاومة والمواجهة ، لتطل علينا بعد ذلك بهندام النضال الديمقراطي والقانوني المفعم بالانهزامية والسلمية والاستسلام ، والتحقوا بعد ذلك إلى قافلة القوى الإصلاحية واذيالها التحريفية .
إن المسألة الأساسية هنا هي أن قضية الاعتقال السياسي تشكل بحق محطة حاسمة في تقدم أي حركة أو تراجعها ، ولابأس أن ننفض الغبار عن بعض الأوهام الانتهازية التي تخلط بين تراجع الحركة في قواها وبين التراجع عن الخط الفكري والسياسي الثوري، فالتطور الموضوعي والذاتي لأي حركة لا يستثنى من أي شكل تطوري كيفما كان في اطار جدلية المد والجزر ، وهذا يقف على سلامة خطوات البناء والمواجهة مؤطرة بالخط الفكري والسياسي السليم .
ولقد بينت مجموعة من التجارب ان كل ابتعاد عن الفهم الطبقي لقضية الاعتقال السياسي (الفهم الماركسي اللينيني بالضرورة ) يسقط في موجة التراجعات التي تنعكس سلبا على قوى الحركة دون ان نقول على انها تؤدي إلى فنائها فكل حركة هي قائمة موضوعيا وفق قوانين الصراع الطبقي وخصائصه في كل حالة .
وإلى جانب النيران الصديقة تواجدت نيران كثيرا ما تتبجح بالاعتقال السياسي كاعتقال رموز بعض التيارات الرجعية الدينية وما شابهها فمن ناحية موضوعية صحيح ان قضية الاعتقال هنا تفرز كقضية اعتقال سياسي في حالة ما إذا كانت اهداف هذه الحركة تمس البنية الطبقية القائمة أي تسعى لقلبها ويحدد ذلك بتحديد مستويات الحركة ( أقول حركة للتعميم وللدقة نقول تنظيم حزبي أو سياسي أو ما شابه ) السياسية والفكرية والتنظيمية ، لكن ذلك لا يؤدي إلى كسب قضية الاعتقال السياسي عندما يتم الابتعاد عن مضمونها الثوري ليحل محله مضمون رجعي غالبا ما ينتهي بالمساومات والتراضي أو ما يعرف بالتوفيق بين المصالح وهذا فهم برجوازي لقضية الاعتقال السياسي من كلا الجانبين ( المعتقل - كسر العين - والمعتقل – فتح العين - ) يؤمن بان المنجزات كيفما كان نوعها هي من صناعة الأفراد (الأفراد هم صانعوا التاريخ وليس الجماهير) وينعكس هذا الفهم على المستوى الاجتماعي عندما تعتقد الطبقة السائدة أن هناك رموز و"قادة" يؤججون الشغب والفوضى ويحرضون اتباعا لهم والقضاء عليهم يقضي بالضرورة على حركتهم او انجازاتهم ، أقول على أن هذا الفهم بعيد عن قضية الجماهير الطبقية وحاضر لدى النظام القائم وكذا الحركات الرجعية ، والحقيقة أن القوانين الموضوعية في تجلياتها المختلفة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية هي التي تفرز القوى الذاتية متخذة آليات التعبير عن مصالحها وبالنظر لقضية الثورة فأي ابتعاد عن خط الجماهير وتغليب مصلحة الأفراد او الجماعة على مصلحة الجماهير يعني بالضرورة خط المساومة ولن يربح مطلقا قضية الاعتقال السياسي من هذا المنظور .
(يتبع)
الغالي محمود.
#الغالي_محمود. (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟