مركز الدراسات والبحوث في الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 2584 - 2009 / 3 / 13 - 06:28
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قطعت الليبرالية الديمقراطية اشواطاً في حياة الشعوب والأمم الأخرى ، ولكنها عندنا في العراق لازالت في بدايتها أو لنقل لازالت تعيش دور الولادة الجديدة ، من خلال - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي -
الذي من خلاله يمكن إلقاء نظرة على تاريخ - الليبرالية الديمقراطية – لكي يعرف الجيل الجديد الغاية التي من إجلها وجدت الليبرالية الديمقراطية وحزبها في العراق ، ولكي يُحاكموا ثقافتها وفكرها وقيمها بأنفسهم ويروا : هل إنها سائرة في الطريق الصحيح وفي الهدف الصحيح ؟ وإلى أي حد تُمثل فكر الواقع ومشاعر وأحلام الناس ؟ وهل أضطرتها الحوادث والظروف القاهرة كي تغير من قيمها وفكرها وثقافتها الأساسية ؟
نستطيع القول إن الغاية التي أنبعثت في روح المتقدمين لحمل رسالة الليبرالية الديمقراطية ، كانت ترمي لخلق واقع جديد وشيء مُختلف كبير وأصيل ، في حياة الشعب العراقي والأمة العراقية ، يظهر ذلك في الطموح الذي دخل النفوس من أجل تصحيح ثقافة الشعب وحياته الإجتماعية ووضعه السياسي والإقتصادي ، والعمل للحد من النزعات الفئوية والفتن الطائفية التي أنتابت حياة الأمة العراقية بعد التحرير .
كان ثمة شعور غامض طرأ على كل المكون العراقي ، من خلال جملة المتاعب والمحن التي صدرتها منظمات واحزاب ودول ، ولكي تتجاوز الأمة ذلك يلزمها التعرف على مسببات ذلك كله وهل هو شعور داخلي أم هو شعور وافد ؟ وحين يتم ذلك يمكن للعراق الخروج من الوضع الذي جُعل فيه ، ويمكنه كذلك تحديد ملامح شخصيته الجديدة وصورته الجديدة ، وهي الشخصية التي يمكنها رسم خارطة طريق لمن حوله من دول مجاورة وشعوب مضطهدة .
إن خيار الليبرالية الديمقراطية خيار صحيح فيما لو أُعتمد كنهج للتغيير السياسي والإجتماعي والثقافي والفكري ، وهو خيار صحيح فيما لو تم تبنيه لرسم شخصية وصورة الإنسان الجديد ، والإعتماد على ذلك الخيار يعني ان الأمة أو أية أمة أخلصت لنفسها ولتاريخها ولمستقبلها ، وأخلصت في فهم معوقات وكوابح عملها وحركتها ، وأخلصت كذلك في فهم مشاكلها وظروفها ، لأستطاعت تلمس طريقها لأنها بهذا الإخلاص ، وبهذا الجد ، وبهذا الشعور ، وبهذه الصراحة والشفافية : تصل إلى حلول ليس لها فحسب بل لمن حولها من شعوب وأمم بل وللإنسان حيثما كان .
فالشعور بالقيم ليس ضرباً من الخيال ، بل هو تجسيد لحركة الواقع ولحياة الشعوب والأمم ، وان كل أمة تستطيع ان تُمثل - الليبرالية الديمقراطية - حين تخلص لنفسها ولواقعها .
وإننا على يقين ومع مرور الايام سيتسع نطاق وفعل وحركة الليبرالية الديمقراطية ، وستعزز وجودها في خلق واقع حضاري متقدم كانت تطمح وتحلم وتكافح من أجله ، نقول هذا حين يتم تحريك الفكر الليبرالي من صيغته النظرية إلى صيغته العملية ، أي حين يتم تحريكه ليتفاعل مع كل الواقع ومشاكله ، وحينها تشعر الليبرالية الديمقراطية إنها قد تجاوزت التنظير لتدخل حياة الناس البسطاء تشاركهم الألم والأمل ، وفي هذا تكون قد تحركت ولم تتنازل ولم تخل بتكوينها الفكري والنظري والفرق في ذلك واضح .
وفي هذا أيضاً سيجد الليبرالي نفسه في مواجهة الواقع ، ولأن الليبرالي مُتسلح بالفكر والنضوج والإيمان بقيم الشعب ومصالحه ، ومؤمن كذلك بان ما يحيطه من مصاعب وآلام إنما هو حالة طبيعية للواقع الذي كان أي إنه معلوم عنده مسبقاً .
فالليبرالي حين ينزل إلى معترك الصراع وإلى صميم الواقع ، يُراوده شعور يقول : هل بالإمكان تغيير كل ذلك الفساد والترهل واللامسؤولية ؟ أم إن ذلك الواقع الفاسد سيغيره أي سيغير الليبرالي نفسه ؟
ونقول : إذا ما أحتفظ الليبرالي بثقته وبإيمانه وبصدقه فان ذلك كفيل بحل مجمل ما يعترضه من مشاكل وإشكاليات ، بل إن الثقافة والفكر الليبرالي يؤهلان المرء للتغلب على أقسى المتاعب وأشدها فتكاً .
ومن الطبيعي إن أية حركة في الحياة مهما تكن صادقة وقوية ، لن تستطيع تغيير أي شيئ في الواقع حين تكون بعيدة عنه ولا تدخله ، ولاتصبح جزءاً منه ، فالتأثير في الواقع أو الوسط الذي هي فيه لا يتم إلاّ من خلال التماس به والتفاعل معه - إن الله لا يغيروا ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم - فلكي تغير الوسط الذي أنت فيه يجب ان تدخل فيه ، وان يكون بينك وبين ذلك الوسط صلة وتماس مباشرين ، ويجب ان لا تظل حركة الليبرالية الديمقراطية حركة وعظ وارشاد ، وحين تكون كذلك لا يُرجى منها شيء ، فالتفاعل مع الواقع بما هو يخلق في الروح القوة على الخلق والإبداع ، وحين نقول ذلك إنما نريد منه أو به : لكي تنتقل الفكرة من التجريد والتنظير إلى الواقع والعمل الذي يلزمه دفع الكثير من الجهد والطاقة وأشياء أخرى .
ونحن يجب ان لاننظر للحياة من خلال الكتب والمجلات وما تقدمه لنا الفنون والآداب ، فالحياة ليس هذا وحسب بل إن في الحياة ثمة أشياء أخرى مسكوت عنها ، ونحن نؤمن : ان ليس في الحياة شيئاً مطلقاً ، يدفعنا ذلك القول للإيمان بحتمية التغير والبناء ، ولو كانت الحياة مطلقة لماتت .
في التجربة العملية هناك ماهو مطلوب النظر فيه ، وهناك مايحتاج منا للصراع من أجله على ان يكون صراعاً إيجابياً ، وفي ذلك كله إنما نُشير إلى طبيعة التحول والتغير السنني في الكون والذي هو مظهر من مظاهر الحياة .
إن الليبرالي يلزمه حين يدخل الواقع ويتفاعل معه ان يظهر الكثير من الليونة والشجاعة والحسم ، وفي ذلك إنما هو يتحرك لتحقيق جوهر الفكرة التي يناضل من اجلها ، فتحقيق الجوهري من الأشياء مطلوب في ذاته ، وفي ذلك ليس تخلياً أو تنازلاً بل إيماناً بمبدأ التحول الطبيعي ، فإبقاء ماكان على ماكان هو تشبث بالرفض السلبي للتطور ، وهو يشبه حال الرجل العجوز حين تفوته الحياة فيندب حظه لما لم يستطع تحقيقه ..
إن وصف حال الواقع وحال العمل ومراحله هو الممكن القادر على تذليل الصعاب ، وهو القادر كذلك على المبادرة في خلق الحالة الجديدة الغير مسبوقة ، ونقول : إن رفض التطور في الحياة وفي الفكر وفي الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي والإقتصادي هو رفض لفكرة الأمل في الحياة وفي الوجود ، أي الأمل في تصحيح وتغيير الواقع الفاسد ليكون أكثر ملائمة للحياة وإشراقاً ..
#مركز_الدراسات_والبحوث_في_الحزب_الليبرالي_الديمقراطي_العراقي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟