نزار نيوف .. ونهاية الخوف

جورج أبو عليا

الحوار المتمدن-العدد: 155 - 2002 / 6 / 9 - 17:36
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 

ماذا يجدي الصراخ، وماذا تعني الكلمات عندما لا ننزلها إلى حيز التنفيذ؟ ماذا تعني لنا كلمة "ناشط" إذا لم يكن ناشطاً، لا وبل ميالا إلى الخمول والمودة مع المنتفعين وأصحاب السوابق؟ معظم نشطاء حقوق الإنسان في بلدنا يميلون إلى نفس الخطابات والكلمات والبيانات التي هي في الجوهر رائعة، ولكن يجب أن ننتقل إلى مرحلة جديدة هي مرحلة التنفيذ والترفع عن حالة طباعة البيانات وتوزيعها.

نزار نيوف .. من مراسل لوكالة الأنباء الفلسطينية إلى محرر لنشرة تعنى بحقوق الإنسان ومنها إلى السجن. من السجن إلى مرحلة التنفيذ والتحول (turning point)، إلى كسر جدار الخوف وسقوطه على رؤوس عشرة من النشطاء السوريين! إلى باريس لتأسيس "المنظمة العربية للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير" المدعومة من قبل هيئات دولية عديدة، ومنها إلى تعاونه مع حقوقيين آخرين لرفع دعوى إنسانية دولية أمام محاكم بروكسل أو الجزاء الدولية. كل خطوة ملغومة إما بالخطف أو السجن.

بعدها يُتهم أنه مجنون. نعم إن ما يقوم به هذا المواطن السوري النبيل يدفع المواطن السوري المقموع والمتعود على أصوات نشطاء سوريين بالكاد يسمع حسهم، يدفعه إلى الاعتقاد بأنه مجنون لأنه يواجه العاصفة القادمة المحملة بالشر.

في بداية التسعينات .. تميز عن بقية قيادة لجان الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية الذين دفعوا ثمناً لرأيهم عندما سجنوا، وأنا أول من عرف أنه متميز في تاريخ الحركة السورية لحقوق الإنسان وكان ذلك عندما نقل من سجن صيدنايا إلى سجن تدمر المرعب، وإعادته بعدها إلى سجن المزة وعزله عن العالم، والسؤال الكبير لماذا؟

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان أصبحت "لجان حقوق الإنسان"، وصوت الديمقراطية أصبحت "أمارجي". جمعية حقوق الإنسان تعيش حالة البداية. إذاً الحركة السورية لحقوق الإنسان يجب أن تسير على طريق الحقيقة الكاملة بعيداً عن السياسة، وإذا لم تفعل ذلك سنكسبها ولكن كحزب سياسي.

سمعنا أن نزار نيوف سيصدر مجلة تدعمها اليونسكو، وسيفتحها أمام كافة الكتاب الأحرار في العالم العربي. هذه أيضاً خطوة شجاعة ورائعة، وخاصة أننا نلاحظ ظاهرة لجوء الكتاب السوريين إلى صحف لبنانية مثل "النهار" ليعبروا عن آرائهم. لم نعرف بعد ماذا يسميها، ولكنها كما أعتقد ستحقق نجاحا في الأسواق، على الأقل في المنفى. إذاً، انتقل هذا المواطن السوري إلى عالم النشر والصحافة من جديد، ولكنه لم يترك عالم بناء العدالة وما تزال صرخات المعتقلين في تدمر تطن في أذنيه.

من مدير لتحرير مجلة "الأهالي" الأردنية إلى الجمع ما بين العدالة والحرية والشجاعة، وهذه هي دروس الحياة داخل السجن.

كنت أضحك كثيراً وأنا أشاهد بعضهم يكيل الاتهامات إلى هذا الإنسان، وكنت أقول "ضعوا القلم بيد نزار نيوف وانظروا ماذا يفعل". وفي يوم شاهدت أحد رسوم نزار على موقع "مراسلون بلا حدود"، وهو رسم كاريكاتور يحكي عن انتهاك حرية القلم في سورية، وعندها دهشت حقاً بهذه الرسمة، وأنا أطالب نزار نيوف بإقامة ذلك المعرض الذي سمعنا عنه كثيراً، وليكن ذلك في معهد العالم العربي في باريس حتى تساعدنا لوحاته على امتلاك الشجاعة أكثر إلى فن الرسم.

وهذا هو المواطن النبيل نزار نيوف الذي يستحق الريشة الذهبية وأكثر، وأنا أحسده (بحسن نية) على محبة السوريين له في حماة وحلب ودمشق وفي كل بيت سوري، ولا يستطيعون القول علناً بهذا ولكنهم يحملون هذه المحبة إلى يوم ما في مستقبل قادم تتحقق فيه العدالة إن شاء الله.

__________

* كاتب سوري، رئيس مركز القلم السوري - نيقوسيا (قبرص)

أخبار الشرق - 9 حزيران 2002

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل