أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - .محمد سعيد العضب - الانهيار المالي والاقتصادي الكبير وانتكاسة الغرب الجيوسياسية















المزيد.....



الانهيار المالي والاقتصادي الكبير وانتكاسة الغرب الجيوسياسية


.محمد سعيد العضب

الحوار المتمدن-العدد: 2575 - 2009 / 3 / 4 - 00:12
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


خلاصةالمترجم
تعرضت المقالة الي الازمة المالية العالمية في عام 2008 واعتبرها الكاتب انتكاسة جيوسياسية جبارة للغرب حيث حتي بعد ترميم شجونهاستدفع ميزان الثقل الكوني لصالح قوي اقتصادية جديدة ناهضة اهمها الصين والهند. تناول الكاتب ايضا اسباب الازمة وحصرها في متغيرات اقتصادية فنية مجردة اهمها حسب راية اسعار الفائدة المنخفضة التي تمخضت عن سياسية نقدية رخوة اعتمدها صندوق الاحتياطي الفيدرالي بعد احداث 11سبتمبرعام 2001وترافق معها تخمةادخارية كونية نجمت من الفائض الضخم في موازين الحسابات الجارية للصين وبلدان جنوب شرق اسيا و بلدان الخليج المنتجة للنفط .ولدت المعطيات هذة بيئة اقتصاديةنشطت عبرها المضاربات في قطاع العقار والاوراق المالية وما نتج عنها من فقاعات سوق الرهن العقاري التي انفجرت وسحبت معها انهيار كوكبة من الموسسات المالية الاميركية والعالمية العملاقة. علاوة علي ذلك اشار الي الانتهاكات والفساد المالي ولاداري في نظام الاعمال المالي برمتةبسبب انعدام الشفافية سواء في لجنة البورصة ووكالات تقييم كفاءة وجدارةالموسسات المالية والمصارف اوغيرها.بعدة حاول الكاتب تناول المعالجات الممكنة للازمة, وهوعلي اعتقاد ليس فقط بعدم جدوي وفاعلية الاجراءات و المعالجات الوطنية لحكومات البلدان الغربيةسواء بما يتعلق ببرامج الانقاذ او رزم التحفيز الاقتصادي او حتي التاميم الكلي او الجزئي للنظام المالي, بل ان المطالب لتاسيس نظام عالمي كوني جديد (بروتن وودوز الثانية) غير واقعية وربما عند اعتمادها تجلب بمعيتها مشلات اكبرقد تفوق ما يطمح لحلها .علية يعتقد الكاتب ضرورة التركيز علي بعض الاجراءات الجزئية اهمها:
1. تقوية صندوق النقد الدولي سواء من حيث دعم امكاناتة المالية او تغييرنمط عملة وتوسيع نشاطة (ادارة الازمات) او نظام التصويت والتوظيف فية.
2. توسيع اطار مجموعة الثمان واشراك قوي اقتصادية جديدة لتصبح اكثر تمثيلا لتشمل 20 عضوا(اقوي 19 دولة اقتصاديا يضاف لها المجموعة الاوربية)
3. اعادة النظر في ارشادات اتفاقية بازل الدولية المتعلقة في كيفية تحديد الاحتياجات الراسمالية للمصارف والموسسات الماليةاو ما يطلق علية ارشادات الرسملة.
***********
يعتبر الانهيار المالي والاقتصادي لعام 2008 ليس فقط اسوء حدث مر بة عالمنا المعاصر منذ (75) عاما , بل يشكل نكسة جيوسياسية رئيسية للولايات المتحدة الاميركية و للغرب عموما. فعلي الامد المتوسط تفقتر الحكومات في واشنطن واوربا ليس فقط الموارد, بل تعوزها المصداقية الاقتصادية لتتمكن من لعب دورا فاعلا في الشوؤن الدولية كما يفترض ان تقوم بة . . .
فاثناء ترميم واصلاح مواطن الضعف والوهن الذي اصاب الاقتصاد جراء الازمة الاخيرة, سوف تتسارع عملية التحول في مراكز الثقل الدولية, وتنحو الي مواقع جديدة بعيدا عن الولايات المتحدة الاميركية. . ان الركود القاسي الذي اخذ ينتشر في ربوع اميركا واوربا والذي اخذ سيصيب اليابان ايضا ,سيترك اضرارا جسيمة تفوق تلك التي حصلت اثناء الهبوط والتراخي عامي 1981- 1982.
فالازمة الجارية عمقت مشاعر الرعب والخوف ليس فقط بين المستهلكين, بل شملت اواسط اصحاب الاعمال كمادفعت الجميع الي التقشف وشد الاحزمة وتقليص الانفاق .هذا من المحتمل ان تخفق كافة وسائل المعالجة الحكومية –رزمة الحوافز النقدية والمالية - او ان تكون محدودة الفاعليةفي ظل الظروف الحالية السائدة -.ان مجموعة الاضرار الناجمة عن الازمة اثارت ليس فقط الشكوك والربية حول النموذج الاميركي لراسمالية السوق, بل تجسدت ايضا في انهيار النظام المالي و اخفاق الاطار التنظيمي بشكل يثير الدهشة حين عجز عن كبح جماح الانتهكات والمخالفات والفساد المالي والاداري المنتشر..
الان بعد كافة هذة الاخفاقات تحاول ا لحكومة الاميركية والحكومات الاوربية البحث عن علاجات تخديرجديدة, منها لاحصرا,العودة الي هيمنة الدولة علي تنظيم النشاط الاقتصاد ي, حيث عمدت بدرجات متفاوتة الي تاميم قطاع النشاط المالي رغم تعارضة مع روحية عقيدة الراسمالية الحديثة. من هنا يبدو ان العديد من البلدان تعيش الان انعطافة تاريخية, او ربما تنحو الدخول لمرحلة جديدة يسود فيها قطاع الدولة الكبير مقابل قطاع خاص صغير .مما سيؤدي الي تاكل ليس فقط النفوذ الكوني للولايات المتحدة., بل تواري خطابها لنموذج ديمقراطيتها . حالف الولايات المتحدة حظا سعيدا, حينما تزامنت الازمة مع وعود باراك اوباما في حملتة الانتخابيةلاحداث تغييرات شاملة وجذرية . فالقوي التاريخيةمن ناحيةو انهيار عام 2008,من الناحية الاخرييعملان سوية علي ابعاد العالم من هيمنة نظام القطب الواحد . في الحقيقة تكتسب القوي الاقتصادية الصاعدة نفوذا جديدا.صحيحا لاتوجد بلدانا تتمكن من تحقيق منافع جمة عبر هذة الازمة في العام القادم , لكن بعضهاوعلي الاغلب الصين قد تتمكن من تعزيز موقعها الكوني نسبيا . . تعيش الصين الان اوضاعا خاصة, سواء في تراجع وتباطئ قطاع العقار المحلي فيها, ا والضعف المشهود في اسواق صادراتها او تراجع معدلات النمو الاجمالي فيها. مع ذلك سيظل البلد معزولا عن انعكاسات الازمة المالية السلبية, حيث قارب صافي احتياطها من العملات الاجنبية (2) تريليون دولار, مما يجعلها حسب معيار السيولة النقدية من اغني بلدان العالم قاطبة, كما ان نظامها المالي ليس مكشوفا علاوةعلي تمكنها الاعتماد علي النشاط الاقتصادي المحلي مما يجعلها قادرة علي الاستمرارفي تحقيق معدلات نمو مستقرة بمستويات اقل عما حققتة سابقا .
فمثل هذا الوضع السليم نسبيا سيوفر للصين فرصا جمة لترسيخ مزياها الاستراتجية, بذات الوقت ستظل الولايات المتحدة الاميركية والبلدان الاوربية تناضل من اجل علاج اوضاعها واسترداد النشاط لقطاعات اقتصادياتها المختلفة.. ان اوضاع الصين المناسبة ستوفر لهاايضا امكانيات واسعة, ليس فقط من اجل تصعيد مساعادتها للشعوب الاخري , بل قد تمكنها من تكثيف استثماراتها الخارجية, خصوصا في قطاع الموارد الطبيعية, بالوقت الذي يعجز الغرب فية القيام بخطوات مماثلة..هذا وربما ستوفر الازمة الجديدة حوافز واسعة لتعميق العلاقات الثنائية الاميركية الصينية.
حاليا يبدو ان الموقف المتشدد والداعي الي تبني اجراءلت الحمائية في الكونغرس قد اخذ في التراخي, كما تم السيطرة علي قضية العراق,وتراجعت حالات الارتباك والحيرة التي سادت سابقا في الاروقة الحكومية وغيرهافي واشنطن . كلة يساعد الادارة الجديدة للرئيس اوباما في تركيز اهتماماتها وجهودها بجدية متزايدة لمسألة العلاقة الثنائية الاميركية الصينية واهميتها علي مجمل الوضع الاميركي. هذا ومن المتوقع ان تكثف الولايات المتحدة جهود ها ليس فقط لاشراك الصين وانضمامها لمجموعة الثمان ( مجموعة اكبر الاقتصاديات الصناعية) بل دفعها في تفعيل وتوسيع نشاطها في صندوق النقد الدولي.مقابل ذلك قد يطلب من الصين اتخاذ خطوات واجراءات كفيلةلزيادة حصة مساهمتها في تمويل صندوق النقد الدولي وتوسيع قاعدتة الراسمالية.
عموما يعتقد البعض ان اسباب اسباب الازمةالحالية قد ترجع الي انهيار اسعار العقارات وسوق الرهونات العقارية بالولايات المتحدة. فمثل هذة الاسباب غير صحيحة او ربما خاطئة, بل انها مجرد نتيجة حتمية لمشكلات متراكمة اخري. افالاسباب الضمنية( التشوهات الكامنة)للازمة تتالف من توليفة عوامل مترابطة.هي اسعار فائدةمنخفضة ترافقت مع مستوي غير مسبوق من سيولة نقدية هائلة. ففي حين ان معدلات الفائدة المنخفضة نجمت عن
السياسة الما لية الرخوة(التساهل في الاقراض) التي اعتمدها صندوق الاحتياطي الاميركي بعد احداث 11سبتمبر (تم تخفيض معدلات الفائدة علي قروض الارصدة الفيدرالية الي ما يقارب الواحد بالمائة اواخر عام 2001 وتم المحافظة عليها بمستويات مواطئة طيلة ثلاث سنوات)., تولدت السيولة النفدية الكونية الضخمة- بين عوامل عديدة اخري- ,من الفائض المالي الضخم لدي بعض البلدان الاجنبية, بالاخص الصين وسنغافورة , والبلدان المنتجة للنفط. اطلق االرئيس الحالي لصندوق الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي علي الفائض الكوني هذا ( تخمة ادخار كونية).فلغاية منتصف التسعينات سجلت معظم الاقتصاديات الاسيوية الناهضة( الناشئة) عجزا في ميزان مدفوعاتها, مما اضطرها الي استيراد راس المال لتعضيد نموها الاقتصادي. انقلبت الصورة هذة بعد الازمة المالية الاسيوية عامي 1997-1998, كما تغيرت الاوضاع حينما بدأت مجددا في تراكم فائض مالي ضخم عملت علي تدويرة للغرب, و استثمارة علي شكل محافظ استثماريةلقاء مردود منخفض بسبب اسعار الفائدة االواطئة جدا السائد في الاسواق .هذا ولاجل تحسين مردود فوائضها الضخمة ,توجب علي بلدان الفائض النقدي ا البحث عن مجالات استثمارية جديدة. تشير قوانين علم المالية الي ان عائد القرض يتناسب عكسيا مع نوعيتة. فعندما يكون المقترض قويا , ينخفض العائد والعكس صحيح.لهذا تدفقت كميات ضخمة من روؤس الاموال ليس فقط الي قطاع الرهن العقاري الاصلي بل ايضا نحو اصناف من المقترضين يتميزون بالضعف والتهور,سواء في الولايات المتحدة الاميركية او في اوروبا وغيرها من بقاع العالم .فعلي سبيل المثال ازدادت مبالغ الرهون العقارية الاصلية والمضمونةمن مستوها السنوي البالغ 100 بليون دولار الي 600 بليون دولار خلال فترة 2005 و2006. ان الفقاعات المالية – هكذا يعلمنا التاريخ- تحتوي اعتياديا علي نسب من ديون ميتة علي الامد البعيد يتطلب اهمالها وعدم تضخيم ميزانيات شركات التمويل بها .
هذ وقد ادي فيض اموال الرهونات العقاريةالي تصعيد اسعار المساكن والعقارات التجارية بمعدلات عالية غير مسبوقة .ففي حين كان معدل زيادة سعر المسكن يزداد بما يعادل 1.4% سنويا خلال ال (30) عاما الماضية لغاية عام 2000, بدأ خلال الفترة من 2000 لغاية منصف عام 2006يزداد بنسب تجاوزت 7.6% سنويا . هذا واستمرت اسعار المساكن في التصاعد اثناء المضاربات العنيفة والمفرطة خلال الفترة منذ منتصف 2005 الي منتصف 2006 و بلغت 11% . فمن الطبيعي - كمعظم قفزات اسعار السلع- ان يحصل بعد فترة وجيزة تراجع فيها ربما بافرط شديد. علية بدات تسجل اسعار المنازل هبوطا حادا لمدة سنتان متتالية, وهي مستمرة في الانحدار حيث لايوجدا دليلا لتوقف هذا الميل الانحداري في الامد المنظور . يؤشر سوق العقارات الاجل, ان الانخفاض في قيمةموجودات المساكن علي المستوي القومي قد يصل مابين %30-35%. ويمثل بدورة تدهورا مدهشا في قيمة الموجودات المجمعة تصل الي ما يعادل( 13) تريليون دولار. ان انهيار اسعار المساكن قد قوض قيمةقيمة اصول بتريلونات من الدولاارات خلقتها رهونات عقارية رخيصةخلال فترة قصيرة ( 2003-2006.). علاوة علي ذلك فان الرهون العقارية الاصلية نظمت من البداية بشكل رخيص مصطنع لتغطية تكاليف شروط تعاقدية مكلفة ومجحفة . هكذا اصبحت اعداد كبيرة من المقترضين عاجزون تحمل اعباء تكاليف اضافية من جراء تكييف شروط الاتفاق, بالتالي ازدادت حالات العجزو عدم الايفاء في دفع اقساط الرهن العقاري المستحقة .كما قد بدات تظهر جليا في موازين شركات الرهن والتمويل خسائرمن القروض الميتةعند منتصف عام 2007 كما اخذت في التسارع ووصلت مستويات مذهلة. فمع انخفاض اسعار العقارات وغيرها من الاصول سجلت كبيريات المؤسسات المالية خسائر مستمرةسواء من جراء شطب قيمة الديون الميتة من سجلاتها او تخفيض قيمتها وهكذا استمرت هذة الترقعيات المحاسبية .ان دورة التخفيض الذاتية القهرية قد سببت تصاعد المرا هنة والمقامرة في الاسواق عبر العالم .
لقد بدت الاضرارجليا,حينما فقدت العوائل الاميركية ما يعادل ربع ثروتها الصافية في بحر عاما واحدا .فمنذ 30 يوليو عام 2007 استمرت هذة هذا الميل الانحداري . كما معلوم تعتبر قيمة عقار السكن من اهم مكونات ملكية العائلة الاميركيةوبلغت قيمتها 13 تريليون دولار عام 2006, انخفضت الي 8.8 تريليون عند منتصف 2008 واستمرت في الانخفاض حتي اواخر 2008. علاوة علي ذلك انخفضت ايضا اصول التعويضات التقاعدية – ثاني اكبراصول الملكية في ميزانية العائلة الاميركية-بنسبة 22% من اجمالي قيمتها البالغة 10.3 تريليون عام 2006 لتصل الي 8 تريليون منتصف 2008.
خلال الفترة قدرت الخسائر في الاصول الاستثمارية والادخارية ( باستثاءمدخرات التقاعد) بما يعادل 1.2 تريليون, كما خسرت اصول معاشات التقاعد الحكومية 1.3 تريليون دولار ,بالتالي تكون مجموع الخسائر 8.3 تريليون دولار. ان هذة الضربة الكبيرة المفاجئة صدمت بالدرجة الاولي العوائل الاميركية. لقد تصاعدت موجة القلق والخوف لدي الافرادوانسحبت الي عدم التمكن من سحب ارصدتهم المودعة لدي المصارف,خصوصا بعد تصاعد الحشد الاعلامي والتصريحات الحكومية حول انهيار مؤسسات مالية واجراءات الانقاذ الحكومية الضخمة.انها بلاشك حالة فزع غربية , لم تمر بها البلاد منذ عام 1933. علية تعاظمت سحوبات الافراد وبلغت 150 بليون دولارفي بحر يومين فقط( المعدل الاسبوعي للسحوبات كانت تبلغ سابقا 5 بليون دولار فقط) مما اضطر الاحتياطي الفيدرالي تقديم تسهيلات نقدية قدرها 540 بليون دولار لمساعدة المؤسسات للوفاء بالديون المستحقة عليها.
من المؤكد ان الانكماش والتراجع الاقتصادي الذي عم اميركا و اوربا يعتبر اكبر انحدار شهدة الاقتصاد العالمي منذ الثلاثنيات . لقد انخفض الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة في الفصل الثالث من عام 2008 ,كما يتوقع ان يستمر في انحدارة في الفصل الرابع بما يعادل 4% .لقد قامت الوويل ستريت جورنال في استقصاء راي (52 )اقتصادي خلال العام الماضي وتوقع معظمهم تقلص النشاط الاقتصادي الاميركي لثلاث فصول متتالية بمستويات لم تحدث منذ 50 عاما. فعلي الامد المتوسط من المحتمل ان يتراجع النفوذ الاميركي والاوربي كنتيجة حتمية للاوضاع الاقتصادية الغير مناسبة. هذا وتبرز سوق الاوراق المالية في الولايات المتحدةاشارات واضحة لحدوث فترة اقتصادية عصيبة و قاسية. ففي اوائل نوفمبر عام 2008 اانخفض مؤشرS& P500 نسبة45% عن مستواة العالي المسجل عام 2007. فمثل هذا الانحدار الحاد تجاوز مستوي تراجع الرقم القياسية للبورصة خلال عامي1981-1982 الازمة التي اعتبرت من سؤءحالات الركود والانكماش منذ الثلاثنيات. ان التفسير المنطقي الوحيد لهذا الانحدار يمكن قراءتة عبر توقعات السوق لانخفاض ارباح موسسات الاعمال لعام 2009 هذا ويرجع سبب التدهور في الارباح الي تعاظم مخاوف المستهلكين وتجنب الجميع الانفاق الواسع, وابقاءة مقصورا علي بنود و مفردات ا ستهلاكية ضرورية مناسبة. فصدمة الازمة المالية و مخاوف الجمهور من عدم ايفاء البنوك والمؤسسات في ضمان الودائع المصرفية والاستثمارات في الاسواق النقدية والاوراق المالية من ناحيةوتزايد ترويج حالة التشاؤم واحتمالات حدوث الكوارث في وسائل الاعلام الاميركيةو السلطات الحكومية من الناحية الاخري , جمعية يساهم في تعظيم الرغبة في الادخار وتقليص الانفاق وتسديد الديون. تجلت النتيجة بوضوح في تراجع مؤشرالمستهلك في سبتمبر الماضي حيث سجل اعلي انخفاض حاد لة منذ عام 1980 كما استمر في الانخفاض المتزايد في شهر اكتوبر الماضي .
يعتبر رئيس المدراء التنفيذي في شركة كاتر بيلر وغيرة من مدراء الشركات الاميركية الاوضاع الحاليةليس فقط سيئة جدا, بل انها غريبة مما ادي الي تقليص الانفاق الاستثماري في شركات الاعمال المنتجة, علاوة علي ذلك كشف وزير المال السابق السيد سومر عن احتمال ديمومة التراجع بسبب الطبيعة غير الاعتيادية لحلزونية التراجع المالي .كما معلوم يؤدي هبوط قيمة الاصول الي انفجاراو تمدد هامش الاسعار بين عمليات البيع والشراء , يجر بمعيتة تسريع بيوعات العقارات وغيرها من الاصول لتلافي احتمالات خسائر اضافية لاحقة . يعني هذا بالطبع خسائر اكبر للعوائل والمؤسسات المالية, مما يؤدي الي تراخي الميل نحو الاقتراض والانفاق . الحصيلة النهائية: اقتصاد ضعيف يتميز بمستويات انفاق محدودة ,دخول منخفضة وبطالة متزايدة.هذا ويستمرالركود نتيجة غياب او عدم فعاليةالادوات الحكومية الاعتيادية الهادفة الي تحفيزعلاج الاقتصاد واصلاح اوضاعة . فالطريق المهم لترميم الاقتصاد المريض يتمحور في (1) اعتماد سياسة مالية رخوة كتلك التي اعتمدها الاحتياطي الفيدرالي في الخريف الماضي .لكن اثار هذة الاجراءات ستكون محدودة جدا لان اسعار الفائدة هي اصلا منخفضة جدا و في ادني مستوياتها سواء في اميركا او اوربا, كما قامت البنوك المركزية في ضخ سيولة في سوق الائتمان بمبالغ ضخمة غير مسبوقة, (2) تتجلي الاداة الاخري للمعالجة في رزمة التحفيز المالي التي من المحتمل ان تكون هي ايضا غير فاعلة اومحدودة الاثر . فرزمة زيادة الانفاق العام السابقةبمبلغ قدرة 300بليون دولار والحسومات واالتسهيلات شكلت نسبة متواضعة من حجم الاقتصاد الاميركي البالغ 15 تريليون دولار,كما ان تجارب الماضي القريب تدلل علي ان اي جولة جديدة من التحفيز المالي ستظل محدودة التاثير والفاعلية.. فالرزمة التي تمت المصادقة عليها قانونيا في فبراير شباط الماضي ادت الي تحقيق نتائج محدودة في زيادة الناتج المحلي الاجمالي بلغ فقط نصف المبلغ المخصص في الرزمة. هذا ويتوقع ان يكون التباطئ في اوربا اكثر حدة وقساوة.حيث يتميز المستهلك الاوربي بانفاق اقل من رديفة الاميركي ,كما تعرض القطاع المالي بالعلاقة النسبية لاقتصاديات البلدان الاوربية الي اضرارتجاوزت ما حدث للقطاع المالي الاميركي
اعلنت الحكومة البريطانية عن حالة تراجع في اقتصادها, كما اعلنت بلدان منطقة اليورو رسمياحالة ركود شملت عديد من قطاعات الاقتصاد .كما يمكن القول ان النظام المالي العالمي عموما تعرض الي دمار وتخريب شامل. هذا و يقدر صندوق النقد الدولي خسائر الائتمان والقروض للمؤسسات المالية العالمية ما يعادل 1,5 تريليون دولار . سجلت بعض هذة الخسائر والبالغة( 750) بليون في شهر نوفمبر الماضي . عملت الخسائر هذة الي ازاحة او تجفيف امكانات راسمالية هائلة من النظام المالي ,عليةو ابتداءا من اواخر عام 2007 بدات المؤسسات المالية رحلة جديدة , هي الاهتمام المتزايد, في مسالة مصداقية المقترض وجدارتة علي الايفاء بتسديد التزاماتة بالمواعيد المحددة, كلة عمل الي انحسار عمليلت الاقراض اوتوقفها كاملا .تأكدت الحقيقة هذة من اتساع الفجوة بين معدلات الفائدة علي سندات الخزانة الاميركة لمدة ستة اشهر ومعدلات الفائدة Libor(فائدة معاملات الاقراض بين البنوك) حيث ازدادت الي اربع اضعاف خلال شهرا واحدا منذ انهيار بنك ليمان برذرر الاستثماري في شهر سبتمبر عام 2008. ان تجميد عملية الائتمان والاقراض يجعل النظام المالي علي حافة الانهيار التام . لقد اشار في اكتوبر الماضي مدير عام صندوق النقد الدولي دومانيك سترواس –خان الي ما اطلق علية تبديد شامل وشيك ..كنتيجة لذلك قام صندوق الاحتياطي الفيدرالي الاميركي والبنك المركزي الاوربي في ضخ سيولةنقدية في سوق الائتمان المصرفي بلغ مجموعها 2.5 تريليون دولارو يعتبر اكبر تدخل نقدي في تاريخ العالم. كما قامت الحكومات الاميركية والاوربية في اتخاذ خطوا ت استثمارية ملزمة غير متصورة للمساهمة في ملكية موسساتها المالية.( اي تاميمها ). كما تبين من السطور السابقة قد حصل تراخيا ا بسيطا في اوضاع سوق الائتمان, مع ذلك ستظل مسالةعودة الاوضاع الي حالتها الطبيعيةمن الامور بعيدة المنال في الافق القريب . فالنظام المالي الغربي يعيش الان ظلال نشوءة وتكونية. فمع الاخذ بالاعتبار الخسائر الجارية, يتطلب من المؤسسات اعادة النظر في التزاماتها وتقليص معامل الرفع المالي*(نسبة المديونية الي حقوق الملكية) من اجل تمكنها المحافظة علي استقرا ر وتثبيت حساباتها ا الختامية. بكلمات اخري يتطلب منها اللجوء الي الاقتراض من العالم الخارجي علي الاقل لمدة تتراوح مابين 3 الي4 سنوات .
ففي ظل الانماط التقليدية لتجاوز الاهداف او تخطي الحدود تعيش الاسواق مابين الشعور بالحيوية والنشاط وبين اليأس والقنوط. حاليا تسود موسسات الاعمال والقطاع المصرفي سايكولوجية الحذر الشديد والمحافظة ,كما تحاول اصلاح ليس فقط مرجعيات منح القروض وا دارة المخاطرة, بل اتخذت خطوات في تصحيح نسب السيولة ومعامل الرفع المالي(نسبة المديونية الي حقوق الملكية) .عليةسوف تسود معاييرومقاييس جديدة مشددة في الاقراض والاقتراض تؤدي حتماالي تقليصة او كبحة. ان ذلك يشكل اعترافا واضحا لاكبر اخفاق شهدة التنظيم و الممارسة المصرفية بالتاريخ المعاصر.وهو اخفاقا شمل ليس فقط فشل عملية الرقابة والاشراف علي المصارف, بل توسع ليشمل غياب الشفافية في عمل لجنة البورصة والاوراق المالية وانتهاكات واخطاء في تثمين او تقدير الجدراة المالية والقروض.ان الانتهاكات و الجرائم المالية من مسوؤلية الجهات والسلطات القضائية, وقد بدات الان تاخذ مسارها .عموما يوجد اجماع بضرورة القيام في اصلاح التنظيمات االرئيسيةحيث من المحتمل ان يعمل الرئيس اومابا والكونغرس علي متابعة موضوع اصلاح التنظميات المصرفيةلاجل اصدار التشريع الضروري خلال هذا العام ..بالتاكيد ستقوم السلطات الاوربية ايضا من جانبها اتخاذ خطوات مشابهة. عموما سيكون من ضمن الاجراءات التنظمية تشديد معايير السيولة النقدية,وتثبيت حد ادني لراسمال البنوك والموسسات المالية العاملة.
ان تشريع سربان- اوكسي الذي صدر اعقاب انهيار شركة Enron& World com.يعتبر مثالا صريحا لردود الفعل المتشددة ..ان اتخاذ اجراءات تقيدية مماثلة قد يؤخر عودة النظام المالي الاميركي الي نشاطة السابق.هذا وستظل الولايات المتحدة مكبلة بعجز ميزانها الجاري الضخم الذي اخذ بالتزايد من جراء التخصيصات الاضافية لبرامج معالجة الازمة,بالترافق الحتمي من تراجع الايرادات العامة الناجم عن تقلص النشاط الاقتصادي. تشير التوقعات الاولية الي زيادة العجز للسنة المالية الجديدة التي بدات في شهر اكتوبر الماضي حيث سيصل الي ما يقارب (1) تريليون دولارويشكل ضعف العجز السابق البالغ 450 بليون دولار. انة بلاشك اضخم عجز اسمي سنوي البالغ 7.5%من الناتج المحلي الاجمالي وهي نسبة لم تسجلها امة اخري الا اثناء الحروب العالمية.
تواجة الولايات المتحدة الاميركيةو كذلك اورباتحديات كبيرة وقيود هائلة وصعوبات جمة:
اولا:ان الركود الحاد سيدفع الحكومات في تركيز جهودها علي ترميم الاوضاع الداخلية وتلبية مطالب شعوبها في توجية الموارد للانعاش الداخلي .ان اولويات الرئيس اوباما كما اتضحت عبر حملتة الانتخابية تتماشى لحد بعيد مع هذة التطلعات والمطالب. بما ان هذة القضايا لم تعالج في جلسات الكونغرس اواخر عام 2008, فلابد ان يكون الفعل المهم الاول للرئيس تقديم مشروع قانون التحفيز الاقتصادي, كما من المحتمل ان يتخذ خطوات اضافية للتخفيف وتسكين الازمةمن ناحية ,ومعالجة مازق صناعة السيارات من الناحية والبدا في المهمات المعقدة والشائكة الموروثة وهي اصلاح نظام الرعاية الصحية وسياسة الطاقة.هذا ومن المحتمل ان يقوم قادة البدان الاوربية في التركيز علي الجبهة الداخلية.و تنفيذبرامج التحفيز و ادارة الاضرار المالية. ففي الخريف الماضي تتاججت خطبا نارية للرئيس الفرنسى والايطالي ركزت علي ضرورة حماية الشركات الوطنيةمن انتهاكات المصالح الاجنبية المكتسبةوهي رسالة قوية تتناغم التوجهات الجديدة في الاقتصاديات الغربية الحديثة.
ثانيا:ان العجزالمالي الجديد المتميز وصعوبات النظام المالي تشكل استهلالا لعملية تاجيل الغرب مرحليا كافة المبادرات الاساسية للعمل الدولي المشترك. ان ميراث اوباما لعجز جاري يبلغ 1 تريليون دولار بل ربما يزداد الي 1.3 تريليون من خلال التخصيصات الاضافيةلرزمة التحفيز,كلها تقيد دعواتة ليس فقط زيادة الانفاق بل التخلي عن مهمات والتزمات مكلفة في الخارج .حيث من غير المحتمل ان تتدخل الولايات المتحدة في ازمات ا لبلدان الاخري كما حصل سابقا مثل الانهيار الذي تعرضت لة المكسيك عام 1994. وينطبق ذلك علي كافة الازمات الاقتصادية المحتملة التي ربما تحصل في مناطق استراتجية هامة مثل الباكستان حيث من غير المتوقع ان تتدفق مساعدات اقتصادية ملحوظة سواء من اميركا او اوربا. عوضا عن ذلك, فلابد ان ان يتدخل صندوق النقد الدولي لتسوية مثل هذة الازمات. علاوة لذلك سوف لن يعود سوق راسمال في الغرب الي كامل نشاطة في الامد المنظورحيث يحتاج سنوات طويلة لشفاءة. هذا ومن المحتمل في وقت غير محدد ان يتقلص حجوم كبريات الموسسات المالية الخاصة عند استمرارها تحقيق خسائرمشهودة واضطرها تخفيض معامل الرفع المالي فيها (نسبة الاستدانة الي حقوق الملكية) .ان انماط التطرف في الممارسة بعد الازمةقد تجعل الاسواق تتجنب الدخول مستقبلا في مخاطرة الاعمال والرفع المالي .تاريخيا اتسم سوق راس المال الاميركي بالسيولة المفرطة والتعقيد والتشابك الشامل مقارنة باسواق العالم الاخري كما استطاع ان يشكل عصبة او جامعةبذاتةلغاية بدأ الاسواق الاوربية في التطور بسرعة خلال ال10-15 سنة الماضية. لقد اعتمدت بلدان العالم الاخري علي اسواق المال في اميركا واوربا من اجل الحصول علي الاموال, كل ذلك ساهمت هذة العلاقات الي تعزيز النفوذ الكوني للولايات المتحدة. هذا وستظل ا سواق الغرب لسنوات قادمة قاصرة عن توفير روؤس الاموال للعالم وربما ستكون بمستويات باقل كثيرا عما حصل سابقا
ثالثا: ادت الازمة الي تقويض مصداقية الغرب .ان ذلك من الاهمية خصوصا , ولعقود ,فقد ا ستند نفوذ الولايات المتحدة وقوتها علي الاسناد والدعم الفكري للنموذج الانكو سكسونية لراسمالية السوق . يعيش النموذج هذا, الان في عتمة وتلوث سمعة شديدة ,و بعد كافة انجازاتة السابقة علي الاصعدة المختلفة سواءا في مساعدتة علي قهر الاشتراكية وترويج التحرر الاقتصادي والانفتاح او مساهمتة في تجديد او تغيير حزب العمال البريطاني او ترويج الاصلاح الاقتصادي في اوربا الشرقية والانفتاح في فتينام في عقد التسعينات .ان الازمة الحاليةا ستلزمت من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو التدخل المكثف في النشاط الاقتصادي الذي بدورة يقوض عقيدة السوق الحر.هذا ولغاية الان قامت الحكومة الاميركية في المشاركة بملكيةاكثر من20 موسسة مالية كبيرةكما قدمت ضمانات للديون الرئيسية القائمة في اطار النظام المصرفي. هذا و قامت المانيا وفرنسا والمملكة االمتحدة بخطوات كثيفة مماثلة منها علي سبيل المثال,هي دعم واسناد مجمل ارصدة الايداعات المصرفية للافراد والقطاع الخاص. فجميع هذة التدخلات الحكوميةا سهمت في توقف الموجة العارمةالتي اجتاحت العالم في الانفتاح والتحرر من الانظمةوالتشريعات الحاكمة للنشاط الاقتصادي في مجالاتة المختلفة.

تعكس الحركة هذة من جانب اخر صعود سريع لاقتصاديات اخري, بالاخص الصين والهند.لقد تراجعت حصة الولايات المتحدة الاميركية من الناتج المحلي الاجمالي الكوني لسبع سنوات متتالية, وقبل ضربة الازمة المالية الاخيرة.هذا ومن المتوقع ان يتجاوز الناتج المحلي الاجمالي الصيني نظيرة الاميركي في بحر25-30 عاما علية فمثل هذة القوة الاقتصادية الوطنية المتعاظمة قد تجلب بمعيتها تصاعد النفوذ الكوني والمنافسة. لقد تعرضت الصين علاوة علي الاضرار الطفيفة الناجمة عن الازمةالكونية والتي تجلت في انحسار معدل نموصادراتها من ناحية وتراجع اسعار العقارات في بعض مدنها الرئيسية الذي ادي الي تدهور نمو سوق العقار الي نسبة 9%خلال الفصل الثالث عام 2008.
تكشف المتغيرات, وتفسرجليا, ا اسباب قيام قادة الصين في تنفيذخطة سنوا ت متعددة للتحفيز الاقتصادي تبلغ قيمها 500 بليون دولار او ما يقارب 15% من الناتج المحلي الاجمالي. هذا ولايزال صندوق النقد الدولي يتوقع تحقيق اقتصاد الصين نموا يبلغ 8.5% عام 2009. عموما تاثرت الصين من الناحية المالية قليلا من ازمة الغرب حيث ان نظامها المالي لايزال يلعب دورا صغيرفي مجمل النشاط الاقتصادي كما يبدو انة لم يقع فريسة ما يطلق عليها الديون المسمومة التي تعرض لها النظام المصرفي والاوربي . تتمتع الصين ليس فقط بفائضفي ميزانتها العامة بل ايضا فائضا ضخما في الحساب الجاري علاوة امتلاكها رصيدا ضخما من الاحتياطي من العملات الاجنبية تصل الي ( 2 )تريليون دولارتحقق منة ما يقارب ( 700) بليون دولار في السنة الماضيةفقط.من جانب اخريتميز القطاع العائلي في الصين بقدراتة الادخارية الهائلة قد تصل الي ما يعادل 40% منمتوسط دخل العائلة السنوي .. فرغم التصدعات النسبية التي ا لحقتها الازمة العالمية بالصين ,فقد تمكنت من تعزيز قوتها الاقتصادية والمالية نسبيا بالمقارنة بالغرب . علية سوف يزداد النفوذ الكوني الصيني كما ستتمكن من القيام بمبادرات سياسية اقتصادية من اجل زيادة نفوذها. عقدت الصين واتحاد امم جنوب شرق اسيا اتفاقية تهدف انشاء اكبر منطقة تجارة حرة في العالم, كما ستقوم الصين في اتخاذ خطوات اضافيةفي مجال تعزيز ا ستقلال ا سياوتلعب دورا رائدا في المنطقة. علاوة علي ذلك ستقوم في توسيع حضورها الدبلوماسي في العالم النامي, وتعزيز نموذجها في بناء الراسماليةفي بلدا ن عديدة مثل انغولا, كازاخستان, والسودان كلة لاطفاء عطش بلادها من نقص الموارد الطبيعية. ففي غمرة الازمة قد تقوم في تقديم مساعدات قروض طواري سواء بشكل مباشر عبر اتفاقيات ثنائية, اوبصورة غير مباشرة من خلال خلق تسهيلات اضافية عند صندوق النقد الدولي مما يساهم في توسيع قدرات المنظمة المتاحة من الاموال, قد يتجاوز ما تسمح بة حصتها في الصندوق.هذا ويتوقع ان تقوم ايضا باستثمارات استراتجية عبر صندوق الثروة المستقل الذي قامت في انشاءة.
من المحتمل ان تتمكن الهند هي ايضا معالجة الاضرار المحدودة التي لحقت بها من الازمة . تكمن اسباب ذلك ( الاضرار المحدودة) الي محدودية القطاع المالي الهندي ودورة البسيط نسبيا في مجمل النشاط الاقتصادي للبلاد .,كما سيظل اقتصاد ها مغلقا اتجاة الاستثمار الاجنبي, واقل تبعيةبالتمويل الخارجى. هذا ويتوقع المراقبون ان تستمر الهند في تحقيق معدلات نمو اقتصادي تصل سنويا الي ما بين 6.5%-7% . بالطبع لاتمتلك الهند ثروة مماثلة للصين, كما ستظل تعاني من حالة الصراعات الداخلية .
تواجة الحكومة الهنديةالحالية تحديات مستمرة من المعارضة التي حاولت سحب الثقة من رئيس الوزراء مانموهان سنك لكنة تمكن الاستمرار في الحكم وحصول حكومتة علي اكثرية بسيطة في البرلمان بعد رضوخة لمطالب الغاء اتفاقية التعاون النووي مع الولايات المتحدة.المقعة عام 2005.
علية فان الحصيلة النهائية تعتبر الهند بلدا منطويا روحيا نحو الداخل, وغير جاهزمرحليا في تولي مهمات جيوسياسية.
اصابت الازمة بحدة معظم بقية العالم . فالمصارف الغربية المتضررة قد اوقفت عمليات تجهيز البلدان النامية من احتياجتها لرؤوس الاموال للنشاط الاقتصادي بعد ما كانت المجهز الرئيس لها . فبعد انسحاب راس المال الاجنبي من عديد من البلدان النامية نري ان عملتها قد وهنت, وضعف نشاط النظام المصرفي المحلي واسواق الاوراق المالية فيها, التي هي في الاساس قاصرة او غير كفوءة .واجهت بلدان اوربا الشرقية ايضا تحديات كبيرة وتعرضت لاضرارفادحة من الازمة, خصوصا تلك التي تعاني من عجزكبير واستثنائي في حسابها الجاري او ضخامة ديونها الاجنبية المتراكمة.هناك امثلة بارزة في هذا المجال فلبلدان مثل هنغاريا ,لاتونيا واوكرانيا حصلت فورا ضمانات قروض الطواريء من صندوق النقد الدولي. علاوة علي ذلك ادي تدهور اسعار النفط وغيرة من المواد الاولية الي انهيار سعر الروبل واسعار الاسهم في روسيا مما اضطر الحكومة الروسية في انفاق مبالغ ضخمة ربما قاربت 200بليون دولارلحد الان , من اجل دعم واسناد العملة والنظام المالي الروسى والموسسات الحكومية التي تتميز بمعامل الرفع المالي العالية (نسبة الاستدانة الي حقوق الملكية) .ان الاحتياطي الروسي من العملات الاجنبية البالغ.500بليون دولار(بعد ما تم اانفاقة علي برامج الانقاذ) يجعل روسيا في موقع مالي قوي. مع ذلك فان هذة الاحداث الواقعيةقد تخفف الموجة المتصاعدة للطموحات الجيوسياسية الروسيةبل قد تجعلها صعبة المنال ا . نظريا لربما تسمح هذة الاوضاع المستجدة بتنشيط العلاقة الروسية الاميركية, بالاخص عند قيام الرئيس اوباما بالتمهيد لذلك وعرض مبادرات هامة بهذا الخصوص .
ان حصيلة الازمة ستكون اكثر خطورة لايران وفنزويلا وهما بلدان يعانيان ايضا مثل روسيا من هبوط اسعار النفط, كما ان احتياطيهما من العملات الاجنبية محدودا جدا. فالاقتصاد الايراني كسيح , كما ان الضغوط الداخلية هائلة, وهي في تزايد مستمر من ناحية وتواجة فنزويلا مشكلات خطرة حيث لاتستطيع الاستمرار في تمويل اجندة رئيسها السياسية المكلفةوالمعقدة.
تطرح الازمة التاريخية هذة تساؤلا حول مدي الحاجةلتبني منهجا كونيا جديدا للسيطرة ورقابة العملات والنظام المصرفي والمالي في العالم.فالعديد من القادة والاقتصاديين يدافعون عن مثل هذة الاجراءات, كما يطالبون اعتماد اتفاقية بروتن وودوز ثانية. ان خلق نظام مالي كوني شامل جديد قد يعجز العالم اليوم من انجازة بنجاح بسبب قوة ونفوذ الاسواق المالية والنقدية. لقد غابوتلاشي يوم التحكم باسعار صرف العملات , كما من المحتمل ان تولد التنظيمات الكونية الجديدة المقترحة مشكلات جديدة , تفوق تلك التي يمكنها حسمها او تذليلها,او بسبب ان الاصلاحات في الغرب قد تختلف عن الاجراءات المطلوبة في بلدان العالم الاخري.علية فالمنهج السليم والافضل التركيز علي بعض الاجراءات. اولا:تشكل الازمة فرصة لتعضيد واعادة تشكيل صندوق النقد الدولي. تمتلك المنظمة 250 بليون دولار كطاقة ائتمانية او اقراضية,وظلت هذة القاعدة الراسمالية من دون تكيف او تعديل منذ عام 1997 كما انها قد تكون قاصرة لمساعدة عديد من البلدان النامية التي تعاني ازمة سيولة و صعوبات في موازين مدفوعاتها .( تفاوض الان مع الصندوق وربما عقدت اتفاقيات تمويل رزمة طواريء بلدان مثل هنغارياو ايسلاند باكستان اوكرانيا وست دول اخري ) التي قد تشكل علاجا .علاوة علي ذلك يمكن تحسين ممارسات الصندوق وجعلها اكثر مرونة من السابق .تاريخيا اعتمد الصندوق علي جملة مشروطيات في تقديمة المساعدات او القروض , ا ستندت علي ما يطلق علية التقشف وشد الاحزمةفي البلدان المقترضة منها لا حصرا تقليص عجز الميزانية العامة. ان المشروطيات هذة قد تظل ضرورية علي الامد البعيد, لكنهايجب تجميدها وقتيا في ظل ظروف الازمةويبدو ان المنظمة تسير نحو هذا الاتجاة . علاوة علي ذلك, فان بلدان الفائض الكبير مثل الصين وبلدان الخليج المنتجة للنفط يجب ان تزيد حصة مساهمتها في الصندوق, مما يصبح من المنطق ان تتولي هذة البلدان مهمة ادارة التسهيلات الجديدة للاقرض التي تمولها, و تنشا من قبل الصندوق .
ثانيالقد اصبح اطار عمل مجموعة الثمان G- 8 عتيق لايلائم المتغيرات الجديدة في موازين القوي الاقتصادية بالعالم .ان قوة الصين وثروتها تفرض شرعيا ان يتم ضمها الي هذة المجوعة,هذا وربما من الحكمة ان يوسع التثميل ليصبح شاملا ويتالف من مجموعة تضم (20)مشاركا (19 دولة لاكبر اقتصاديات في العالم يضاف لها الاتحاد الاوربي)
ثالثا:يتطب اعادة النظر واصلاح تعليمات وارشادات اتفاقية بازل الثانية التي تنظم الاحتياجات الراسمالية في المصارف ومعاملات راس المال بالعلاقةمع موجوات المصارف ( الرسملة),حيث ثبتت عدم ملائمتها في حماية المصارف من الازمات .فالمنهج الافضل ان تقوم المصارف في فترات الازدهار في تكوين احتياطات اسناد تستخدم اثناء الازمة.
ستظل اميركا اقوي بلدان الكرة الارضيةلفترة طويلة .ان قوتها العسكريةوحدها تضمن لها ذلك.لكن الانهيار عام 2008قد سدد ليس فقط ضربة قوية والحق بنظامها المالي والاقتصادي ومكانتها في العالم اضرارا جسيمةوتعتبر الازمةنكسة حقيقة لوضعها الجيوسياسي ان خطابات التهئنة والفرحة العالمية في انتصار اوباما قد يخفف من نكسة التراجع الجيوسياسي للولايات المتحدة, مع ذلك تظل الشعارات الحماسية عاجزة عن ابعاد اثار وتبعات الازمةخصوصا و انها ترافقت مع بزوغ قوي تاريخية جديدة قدتتمكن تحويل انظار العالم وتركيز اهتماتة بعيدا عن الولايات المتحدة ,علية سوف تضطرعلي الاقل في الامد المتوسط البقاء ملعب منتدي دولي اصغر .


المقالة مترجمة عن الانكليزية
The Great Crash,2008
A Geopolitical Setback for the West
By Roger C. Altman
From Foreign Affairs, Jan. Feb 2009-02-28

*يطلقمعامل الرفع المالي(Leverage) علي اي اقتراض او استخدام لادوات مالية ينتج عنة تضخيم اثر الارباح او الخسائر علي المستثمر . في الغالب يستخدم لوصف نسبة الاستدانة الي حقوق الملكية فكلما زادت نسبة المديونية الي حقوق الملكية زاد تاثير الرفع المالي علي ارباح الشركة ويمكن ايضا زيادة نسبة الرفع المالي باستخدام ادوات مالية اخري متل الخيارات المالية وعقود المسقبل.




#.محمد_سعيد_العضب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- النفط يرتفع بعد هبوط مفاجئ لمخزونات الخام الأميركية
- كوريا الشمالية ترسل وفدا اقتصاديا إلى إيران
- النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية ...
- “حتتوظف انهاردة” وظائف شاغرة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ل ...
- أردوغان في أربيل.. النفط وقضايا أخرى
- اضطرابات الطيران في إسرائيل تؤجّل التعافي وتؤثر على خطط -عيد ...
- أغذية الإماراتية توافق على توزيع أرباح نقدية.. بهذه القيمة
- النفط يصعد 1% مع هبوط الدولار وتحول التركيز لبيانات اقتصادية ...
- بنك UBS السويسري يحصل على موافقة لتأسيس فرع له في السعودية
- بعد 200 يوم من العدوان على غزة الإحتلال يتكبد خسائر اقتصادية ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - .محمد سعيد العضب - الانهيار المالي والاقتصادي الكبير وانتكاسة الغرب الجيوسياسية