أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد صيام - الفكر الليبرالي ومستقبل التحركات الاجتماعية ذات المرجعية الدينية















المزيد.....



الفكر الليبرالي ومستقبل التحركات الاجتماعية ذات المرجعية الدينية


عماد صيام

الحوار المتمدن-العدد: 2572 - 2009 / 3 / 1 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعانى المجتمع المصري من غياب حركة اجتماعية قادرة على ان تتبنى مشروعا بديلا لبناء نهضة وتقدم الامة المصرية ، رغم الحاجة الملحة لمثل هذا المشروع الذى قد يضع حدا لأزمات التنمية والتحديث والديمقراطية المستحكمة(1).

فالمتابع للواقع السياسى يلاحظ على صعيد الفكر السياسى غياب العقلانية والرشادة وتراجع الروح العلمية والعملية فى التعامل مع مشكلات وقضايا الوطن ، وسيادة خطاب سياسى ديماجوجى وتحريضي يستند لخلفيات قومية ودينية قد تتلبس أحيانا مسوحا ديمقراطية على غير حقيقتها، خطاب يعتمد على دغدغة غرائز الجماهير وليس استثارة عقولها او تنظيم مبادراتها (2).

وعلى صعيد الحركة السياسية نشهد انفضاضا واضحا عن كل الأطر والتجمعات ذات الطابع السياسى او النقابي او الأهلي والتى تشكل ركائز أي حركة اجتماعية .(3)هنا تبدو العشرات من الأسئلة لعل أوضحها وأكثرها تحديدا :

لماذا هذا الغياب لحركة اجتماعية ذات مرجعية فكرية ليبرالية تتبنى الثقافة الديمقراطية بكل ما تحمله كلمة ديمقراطية من معنى للحريات وضمان للحقوق السياسة والمدنية والاجتماعية والاقتصادية ؟

او بمعنى أخر لماذا فشلت الثقافة والفكر السياسى الديمقراطى فى ان يكون إطارا مرجعيا لحركة اجتماعية قادرة على إحداث نقلة موضوعية فى حياتنا السياسة والاقتصادية والاجتماعية نحو مجتمع اكثر مساواة وعدل وتسامح وحرية ؟

هذا الغياب او الفشل يدفعنا لإلقاء مزيد من الضوء على قضيتي الحركات الاجتماعية والفكر الليبرالي فى مصر والعلاقة بينهما :



الحركات الاجتماعية فى مصر..ملاحظات حول المسار المجهض

يعد مفهوم الحركات الاجتماعية من المفاهيم الأساسية فى مجال العلوم الاجتماعية ويعرف هيربرت بلومر الحركات الاجتماعية بأنها" ذلك النشاط الاجتماعي الذى يأخذ غالبا شكل التصورات والمشاعر غير المنظمة ،ثم يصبح تدريجيا معبر عن اشكال جديدة من الاعتقاد و السلوك الجمعي التى لا تجد منافذ للتعبير عن مطالبها من خلالها، فتتحول الى حركة منظمة تهدم الأنماط الاجتماعية السائدة وتستبدلها بأخرى تتفق ومصالحها الفعلية " (4) بهذا المعنى فالحركات الاجتماعية تمثل نوعا من الفعل الاجتماعي الذى يستمر فترة طويلة نسبيا ويتسم بقدر من التكامل او التماسك يتجاوز تحركات الغوغاء او الجمهرة ، كما أنها ليست منظمة مثل الأندية السياسية او الجمعيات الاخرى (5) وان كانت قد تحتوى بداخلها على هذه الاطر اوالمؤسسات ،وللحركات الاجتماعية سمات مميزة هي:

1. فعل جماعي يتميز بالاستمرارية كمحاولة لتعضيد ومساندة التغيير فى المجتمع

2. وجود اطار قيمي عام مشترك بين المنخرطين او الداعمين لهذه الحركة.

3. وجود شعور لدى الأفراد المنخرطين بها بالعضوية والانتماء او المشاركة.

4. وجود درجة من بنية تقسيم العمل ، بمعنى وجود قادة وأعضاء.(6)

ويتطلب بروز ونمو الحركات الاجتماعية وجود سياق اجتماعي وسياسى واقتصادي ( وثقافي ايضا ) يتسم بدرجة كبيرة من الظلم والتفاوت ، الذى يخلق الإحساس بعدم الرضا، وتوفر الشعور بالتوتر والسخط العام على الاوضاع القائمة ، وتوفر درجة من الوعي بضرورة تغييرها ، نتيجة تنامي "الإحساس بالحرمان" بمعنى وجود فجوة بين توقعات الأفراد عن نوعية وشروط حياتهم التى يعتقدون انهم يستحقونها ،وما يحصلون عليه فعليا ،وكلما اتسعت الفجوة بين ما يتوقعونه وما يحصلون عليه تزداد إحباطا تهم وشعورهم بالظلم ، هذا الشعور بالظلم الذى يجسده قدرة هؤلاء المقهورين على مقارنة أوضاعهم بأوضاع غيرهم فى المجتمع ، ومع تزايد الإحباط والقهر يزداد انخراط الناس فى الأشكال السياسية غير تلك القائمة، والتى تمثل الحركات الاجتماعية أحد تجلياتها(7).

بهذا الفهم وهذه السياقات قد يصبح السؤال البديهي لماذا لم يبرز هذا النوع من الحركات الاجتماعية فى مصر ؟ رغم ان واقع المجتمع المصري الاقتصادى والسياسي والاجتماعي يبدوا مثاليا :

· فالتدهور الاجتماعي طال الغالبية من السكان والمؤشرات تضع اكثر من نصف سكان المجتمع المصري تحت خط الفقر، ناهيك عن تدنى مؤشرات الصحة والتعليم والبطالة والخدمات الاجتماعية ،بجانب أتساع نطاق الفساد الذى طال تقريبا كل مؤسسات الدولة.

· تنامي القلق الاجتماعي ، ومتابعة أتساع نطاق العنف والجريمة وتزايد حدتهما على صفحات الجرائد، و التدهور القيمى المصاحب لحالات البؤس الاجتماعي والذى وصل لحد قيام بعض الأفراد ببيع أطفالهم ، أو ببيع أجزاء من أجسامهم فى تجارة الأعضاء غير الرسمية ، او الاضطرار للانتحار يأسا من عدم القدرة على الحصول على فرصة عمل، او توفير الحد الأدنى لمتطلبات الأسرة .

· الفوضى الثقافية والتى ابرز مظاهرها احتدام الخلاف حول هوية المجتمع المصري ، أو العودة لمناقشة قضايا كان يعتقد أنها حسمت من عقود مثل عمل المرأة او حرية الفكر او حقوق المواطنة ،والصراع بين العلمانيين وأنصار الدولة الدينية ،عشرات الصراعات والخلافات التى جعلت الواقع الثقافى فى مصر أشبه بلوحة من الموزايك وإن كانت لوحة يبدو عليها التآكل وأثار الزمن.

· حالة عدم الرضا الشخصي ،واتساع نطاق الفجوة بين الآمال والرغبات المتوقعة وبين ماهو قائم أو متاح بالفعل ، ويكفى هنا الإشارة الى الرغبة فى الهجرة وترك البلاد لدى قطاعات واسعة من الشباب.

· الأزمة السياسة والمأزق الديمقراطى الذى يتمثل فى انغلاق أي أفق لتداول السلطة ، تصلب دماء النخبة السياسة وتأكلها، وانفضاض الجمهور عن الاحزاب السياسية وهشاشتها وضعفها الشديد.

وتشير قراءة التاريخ المصري الى ان غياب الحركات الاجتماعية القادرة على ممارسة نوعا من التأثير والتغيير الاجتماعي الحقيقي ، لسرعة إجهاضها قبل ان تتاح لها فرص النمو والتطور وغرس جذورها فى الواقع يعود بدرجة كبيرة الى:

1- الدور الطاغي للدولة والممتد تاريخيا عبر آلاف السنين والذى ربط حياة المصريين واستقرارهم ليس فقط بقوة الدولة وقدرتها على القيام بدورها ووظائفها، ولكن ايضا بمساحة مقبولة من الاستبداد غالبا ما يتم تجاوزها من قبل القابضين على جهاز الدولة من الحكام،والذين يصبح الصراع معهم ليس مواجهة الاستبداد بل العودة به الى حدوده المقبولة (8)، وهى السمة التاريخية التى رسخت فى الذهنية والثقافة السياسية للمصريين حالة من الاتكالية والاعتماد على الدولة وغياب أي خبرة حقيقية فى التحرك المنظم الجماعي المستقل عنها او فى مواجهتها ،حتى ولو بهدف إصلاحها ،بجانب ترسخ الإحساس بان تقليص دور الدولة هو الوجه الآخر لعدم الاستقرار و الفوضى، يدعم هذا ارتباط مصالح قطاع كبير من السكان بالدولة حيث عمل لديها بشكل مباشر فى عام 1988 كما تشير الإحصائيات ما يقرب من25%من إجمالي قوة العمل(حوالي 3,25 مليون مواطن)وهى النسبة التى أخذت فى التزايد فى السنوات التالية، و إذا أضيف إليهم أسرهم او من يعولونهم لوجدنا ان الدولة تسيطر على مقدرات حياة ما يوازي من 30 -35 %من السكان وتتحكم فى أرزاقهم(9).

هذا الدور الطاغي للدولة سيد نظرية ان التغيير متاح فقط لمن يمسك بدفة عصا الدولة (10) وليس عن طريق إتاحة الفرصة لحركة الجماهير، وعبر مشاركتها ، وهو ما خلق ميلا واضحا لدى كل القوى السياسية فى مصر الى السعي للتغيير ليس بالجماهير او عبر مشاركتها بل باختراق جهاز الدولة وتغيير موازيين القوى بداخله لصالح اتجاه او سياسة ما(11)، او بالسيطرة على أحد مؤسسات القمع التابعة لجهاز الدولة واستخدامها فى فرض اتجاه جديد أو مجموعة جديدة حاكمة(12)

2.نمط التعليم السائد فى مصر منذ بدأ التعليم الحديث فى عصر محمد على ، حيث كان التعليم وما يزال ليس فقط خاضعا للإشراف المباشر للدولة ولكنه وظف لخدمة أيديولوجيتها ودورها الاجتماعي فهو تعليم لا يسعى لبناء عقلية أو شخصية ناقدة ،مفكرة ،مبدعة، مستقلة، لديها القدرة على التحليل والاستنتاج ،او حتى تفكر بشكل علمي يربط الأسباب بالنتائج ، فالنظام التعليمي يستهدف، وحتى الآن،إعداد موظفين للعمل لدى الدولة، وأقصى ما سمح به فى اطار التغيير الاجتماعي الذى صاحب ثورة 1952 ان اصبح التعليم قناة للحراك الاجتماعي، خاصة لأبناء الطبقة الوسطى ،وهى الطبقة الفاعلة فى التاريخ السياسى و الاجتماعي لمصر،هذا الحراك الذى ارتبط ايضا بالتوظف والعمل لدى الدولة .

اثر هذان العاملان بالسلب على الملامح العامة للتحركات الاجتماعية فى مصر وقدرتها على التطور والنمو والإنجاز ، وكذلك على أنماطها ونوعياتها، ولعل ابرز هذه الملامح وأكثرها تأثيرا اتساع نطاق نفوذ وتأثير الاتجاهات الفكرية الدينية ، وهى ذات طابع إحيائي سلفي لأنها تسعى لعودة القيم القديمة وإحياء انساق ثقافية كانت تعمل سابقا بنجاح ،كما أنها لا تعتمد على المشاركة الحرة والمبادرة للقطاعات الواسعة من الجماهير بقدر ، مع تسعى لتوظيفها فى صراعها مع الدولة وفى الحدود التى تحددها النخب المسيطرة على هذه الاتجاهات ، والتى تظهر موقفا معاديا واضحا من الفكر الليبرالي والثقافة الديموقراطية وتنعته بأشد النعوت سلبية بداية من الكفر والسعي لإبدال شرع الله و مشاركته فى وحدانيته وحقه فى التشريع ،نهاية بأنه يطمس الهوية الاسلامية وينقل لنا أسوء ما فى الغرب العلماني من قيم التفسخ والانحلال ، لهذا تركز هذه التحركات على أحداث التغيير الثقافى الذى يشكل الأرضية المواتية لتشديد قبضتها على العقل وحرية التفكير.



المجتمع المصري والفكر الليبرالي .. ظروف النشأة والعزلة

خلافا لما جرى فى أوربا الغربية حيث تشكلت البرجوازية من بين صفوف سكان المدن الأحرار فى مجرى صراعها مع الإقطاعيين، حيث ولد عبر هذا الصراع المحتدم طويل الأمد ومتعدد المستويات الفكر الليبرالي بكل تراثه السياسى والممارسات والأطر المرتبطة به ، وحيث تجذر فى وعى الجماهير التى كانت طرفا مباشرا فى هذه الصراعات بالتوازي مع الصراع من اجل التقدم العلمي والاقتصادي ومرتبطا به .

أما طلائع الافكار الليبرالية فقد دخلت مجتمعاتنا العربية( و مصر بالطبع جزء منها) مع مرحلة تدهور الإمبراطورية العثمانية وانهيارها وتنامي وتشابك العلاقة مع أوربا، تلك العلاقة التى تداخلت فيها الأطماع الاستعمارية ومشروعات السيطرة والنهب ، واظهر تنامى هذه التشابكات بوضوح متزايد التباين بين المعايير الحقوقية السائدة فى بلداننا والقائمة على القيم الإقطاعية والشريعة الدينية ، وبين متطلبات الحياة اليومية والطموحات نحو تجاوز حالة التخلف والاستبداد السياسى ، هذا التباين الذى طرح وبإلحاح متزايد فكرة تبنى المعايير الحقوقية التى تعيش فى ظلها المجتمعات الأوربية والمبنية على أسس علمانية تفصل الدين عن إدارة المجتمع.(13)، وهو ما جسده محمد على فى سعيه الى الاستفادة من منجزات العلم والتقنية الأوربية فى إنشاء جيش وأسطول حديثين الأمر الذى تطلب إحداث تغييرات عميقة فى البلاد وهو ما فتح ثغرة لنفاذ الثقافة والأفكار الليبرالية حيث ظهرت لأول مرة المدارس العامة والتخصصية الطبية والهندسية والعسكرية على الطراز الأوربي وكان الأجانب من الفرنسيين والإيطاليين والإنجليز هم الذين يدرسون بها،

وكذلك المدربون فى الجيش ، والمشرفون على المشروعات الصناعية والإنشائية ومشروعات الري الجديدة ، ونشطت فى مصر حركة ترجمة جادة عن الفرنسية أساسا ، ترجمت الى العربية الكتب المدرسية والأدبية ، وكان الفضل الرئيسي فى ذلك لمدرسة الألسن التى أسسها الشيخ رفاعة الطهطاوى ، بجانب توالى إرسال البعثات العلمية الى أوربا.

ورغم تعدد الثغرات التى انسابت منها الافكار الأوربية خاصة الأيدلوجية التنويرية وأفكار الثورة الفرنسية ألا أن تأثيرها لم يمس الا أعلى فئات المجتمع المصري، والتى لم تكن فى معظمها مصرية الأصل ، دون ان تمس أسلوب حياة الجماهير العريضة وهو ما يرجع الى :

· المقاومة العنيفة الى أبدتها القوى المدافعة عن التقاليد والعادات المألوفة والعقيدة الدينية الجامدة، والتى كانت ترى فى كل تطور وتجديد خروجا على المألوف ونوعا من الزيغ والضلال.

· ان محمد على لم يكن تلميذا منسجما مع الغرب البرجوازي حيث سعى الى توظيف الإنجازات العلمية الأوربية فى مجال الاقتصاد أو الصناعة او الري أو العلوم العسكرية ولكن على أسس إقطاعية .

· ان عملية التحول التى قادها محمد على استند ت على التراث التاريخي لاستبداد الدولة حيث تحول الباشا الى الصانع والتاجر والمالك الزراعي الأول وفرضت الحكومة احتكارها على الحياة الاقتصادية وهو ما همش الى حد كبير نشاط التجار،أما الفلاح فقد استخدم فى العمل الإجباري فى مصانع الباشا او الخدمة العسكرية الإجبارية فى جيشه(14)،وهو ما أجهض بالتالي إمكانية نمو القوى الاجتماعية التى يمكنها تبنى هذه الافكار دفاعا عن مصالحها .

· كانت مجمل الترجمات والأفكار التنويرية التى نقلها الطهطاوى وتلاميذه فى مدرسة الألسن تسعى فى الأساس الى تهذيب التصورات عن أوربا وأسلوب الحياة الحديثة حيث كانت تؤكد على ضرورة الأخذ بمنجزات المدنية الغربية دون تخط للشريعة ،بل كانوا كثيرا ما يهتمون بالتدليل على الأهمية السامية للقيم الروحية الاسلامية (15)، و بالتالي لم تستطع كل جهود التبشير بالفكر الليبرالي حل مشكلة العلاقة بين الدينى والعلماني فى الفكر السياسى

هكذا كانت الطلائع الأولى للأفكار الليبرالية البرجوازية تتسرب فى ظل حماية الدولة ذات الأساس الإقطاعي والطبيعة الاستبدادية سياسيا والوضع الاحتكاري اقتصاديا ، ورغم طبيعتها العلمانية ألا أنها هادنت الفكر الدينى ولم تسعى لتجاوزه، لم تتغلغل لنسيج حياة الفلاحين وهم الغالبية من المصريين الذين لم يعلموا عنها ، كانت تلك هي سمات النشأة الأولى التى حكمت على الفكر الليبرالي بالعزلة والاغتراب رغم كل ما بذله المثقفون الأوائل من جهود خاصة من خلال الصحافة التى لعبت دورا واضحا فى التأثير على الانتلجنسيا (والتى كان ينتمي قطاع كبير منها لأصول غير مصرية )وعرفتهم فى ظروف الاستبداد السياسى بالنظم السياسية الليبرالية وحالة العلم الحديث وكان أقصى نجاح لها هو نشر النزعة الدستورية والتحرر القومى فى الحدود المعتدلة بين قطاعات هذه النخبة ، والتى قد تمنحهم مساحة اكبر من السلطة والثروة، وهو ما وجد ترجمته الواضحة فى مشروع الدستور الأول 1879الذى وضعه شريف باشا ممثل الجناح الليبرالي من الملاك العقاريين ،الا ان ظهور عرابي وصحبة شكل دعما للاتجاهات الليبرالية نتيجة الإحساس المتنامي بالقوة والذى ولده السيطرة على أهم أجهزة الدولة وهو الجيش، بجانب دخول التأييد الفلاحى على الخط ، ووجود العديد من القيادات ذات التأثير والنفوذ الجماهيري (ديني او شعبوى )مثل الشيخ محمد عبده وعبد الله النديم والتى سعت لنقل تأييد الثورة الى صفوف الجماهير عبر استخدام منابر المساجد، وعمل العرائض وجمع التوقيعات عليها ، تأسيس الجمعيات والمنتديات الأهلية ، الخطابة فى كل التجمعات .(16)

وهو ما ساعد على بدء استنهاض حركة اجتماعية حقيقية ألا أنها كانت تحمل أهم وأقوى نقاط ضعفها وهى ارتباطها بالدولة وعدم وجو مساحة زمنية كافية كي تبلور قيادتها وأدواتها بعيدا عن جهاز الدولة الذى انهار واختفى تحت تأثير الاحتلال الإنجليزي و تواطوء الخديوي و هو ما افقد الحركة قيادتها وتنظيماتها وعاد بالواقع سنوات أخرى للوراء.

شكلت النهاية المأساوية لجهود غرس الافكار الليبرالية فى التربة المصرية و السعي لامتزاجها بالتحركات الاجتماعية نقطة تراجع فاصلة فى جهود التبشير بها ،خاصة بعد ان وعت القوى المعادية للحرية والمساواة والاستقلال الدرس من تجربة عرابي ، هذا التراجع الذى رجح مرة أخرى كفة الجناح المعتدل من بين المبشرين بالفكر الليبرالي، و الذين واصلوا جهودهم على استحياء شديد مطالبين بالعودة للإصلاحات الدستورية التدريجية ، انطلاقا من فكرة عدم استعداد الشعب لحكم نفسه بنفسه وهو الجناح الذى مثله الشيخ محمد عبده الذى كان يرى "انه من غير المعقول منح الرعية ما ليست مهيأة له"(17).

وعلى الصعيد السياسي عرفت مصر تبلور هذا الاتجاه فى حزب الامة والذى كان حزبا لكبار الملاك العقاريين وكبار الموظفين من الليبراليين الذين تصالحوا مع واقع الاحتلال، وهو ما ساهم فى مزيد من حصار الجهد التبشيرى للأفكار الليبرالية ، وهو نفس المصير الذى لاقته الجهود التى بذلها ابرز دعاة الفكر الليبرالي من المثقفين العرب من سوريا ولبنان الذين استقروا فى مصر هربا من الاستبداد العثماني مثل شبلي شميل وفرح انطون وغيرهم ، حيث أضيف قيد أخر يحول دون التقاء أفكارهم بالمصريين وهو انتماءهم الدينى المسيحى ، وحملتهم الشعواء على الاستبداد العثماني خاصة وانهم كي يتفادوا الصدام مع سلطة الاحتلال ركزوا على القضايا المرتبطة بحرية الفكر والمعتقد ، وفصل الدين عن الدولة وعن السياسة والتعليم .(18)

ورغم هذا استمر تيار الدعاة للإصلاح الدستوري وللاستقلال ، والذين استطاعوا قيادة ثورة 19،عبر تاريخهم الممتد فى العمل العام سواء بمشاركتهم فى الثورة العرابية ،التواجد فى الجمعية التشريعية كأعضاء منتخبين ، أو عبر مواقعهم فى قمة جهاز الدولة ، واستطاعوا عبر مشاركة جماهيرية واسعة كانت مفاجئة لهم تكرار تجربة الثورة العرابية وان كانت فى ثوب مدني الحصول على دستور 23 وقدر من الاستقلال النسبي ،الا ان محدودية او قصور فكرهم السياسى الليبرالي والذى لم يكن يسمح بقبول الاختلاف او التعددية او استمرار مشاركة الجماهير فى صنع مستقبلها السياسى (19)أجهض التحركات الاجتماعية الواسعة التى صاحبت ثورة 19 وهو ما ساعد عليه وجود جيش الاحتلال واستبداد القصر وفرغ فى الممارسة العديد من الاطروحات السياسة المرتبطة بالفكر الليبرالي من مضمونها ، حيث تحول تداول السلطة الى تبادلها بين أحزاب الأقلية المعادية لمصالح الجماهير والمهادنة للاحتلال ، أما الاحتكام لرأى الامة عن طريق الانتخابات فقد انتهى الى تكريس أساليب التزوير التى مازلنا نعاني منها الى الآن ، وقضية الاستقلال تحولت الى مفاوضات لانهائية مع الحكومة البريطانية ، لهذا أخذت فى التنامي من جديد أفكارا معاديه للديمقراطية والتى لم تجنى منها الجماهير فى الواقع أي ثمار حقيقية ، لعل أبرزها فكرة المستبد العادل ،بجانب بروز العديد من الجماعات السياسية المعادية للفكر الليبرالي الغربي والتى أخذت تدريجيا تسحب البساط من تحت أقدام حزب الوفد الذى اصبح الممثل السياسى الأكثر شعبية للتيار الليبرالي منذ ثورة 1919،مثل التنظيمات الماركسية ، حزب مصر الفتاة ، جماعة الأخوان ، واستمر التدهور حتى جاء عام 1952 وسيطر ضباط الجيش على مقاليد الأمور من خلال أحد أهم أقوى مؤسسات جهاز الدولة وصودرت بالكامل الحياة السياسة المستقلة حتى عام 1976حينما عادت التعددية السياسية المقيدة ، وعرفت معها عودة نفس القوى بنفس الافكار والتراث السياسى، بل وبنفس الأشخاص فى كثير من الأحيان ، حتى وصلت مصر الى حالة ازمة سياسية عميقة فى الفكر السياسى وفى أوضاع النخبة التى تبدى عجزها عن بناء حركة اجتماعية ذات مرجعية سياسية ليبرالية .





الحركات الدينية الإحيائية وسيناريوهات المستقبل

منذ بدايات السبعينيات شهد المجتمع المصري نمو واتساع نطاق تأثير التنظيمات ذات الطابع الدينى والإحيائي(20)، والتى ركزت على أسلمة المجتمع من الوسط عبر المؤسسات المالية و المضاربة على العملة و التواطؤ مع شركات توظيف الأموال ثم الانطلاق للمنظمات المدنية ممثلة فى النقابات المهنية باعتبارها مناطق العافية والحيوية السياسية للطبقة الوسطى بهدف احتواء الدولة والانطلاق من هذه المواقع الى الهياكل الفوقية لمؤسسات الدولة (البرلمان /أجهزة الدولة البيروقراطية)وذلك عبر التحالفات السياسية مع القوى السياسية التى تتمتع بالشرعية القانونية(21)، ويعود اتساع نطاق هذه التنظيمات من حيث تنوعها وتعدد اتجاهاتها وتزايد قدرتها على التأثير فى قطاعات كبيرة من الجماهير ،فى جزء منه الى:

1- فشل تجارب التحديث والتنمية التى قادتها الدولة، والذى يرجعه نشطاء تنظيمات الإسلام السياسى الى عدم استنادها الى المرجعية الدينية كما يروجون فى خطابهم السياسى،كبديل عن مناقشة وبحث الأسباب السياسة والاقتصادية والاجتماعية لفشل هذه التجارب،وهو ما يعفيهم منذ البداية من طرح برنامج حقيقي للتغيير الاجتماعي قد يصبح سببا فى اصطدامهم المبكر بالدولة،او نشوء الخلافات بين مناصريهم ،او لأنهم فى الحقيقة لا يملكون برنامجا يطرح بديلا اجتماعيا وسياسيا حقيقيا عما هو قائم ، فى هذا الإطار يمكن تفهم دوافع طرحهم للشعارات العامة ذات المحتوى الدينى مثل "الإسلام هو الحل" او " إصلاح الدنيا بالدين"واعتمادهم على الرموز والدلالات الدينية فى كل أنشطتهم(22).

2- تفسخ وتدهور الدور الاقتصادى والاجتماعي للدولة (وليس مستوى استبدادها) سواء من حيث كفاءة القيام ببعض الأدوار التقليدية، أومن حيث السيطرة على اتساع نطا قات الفقر وتوفير قدر من الحماية الاجتماعية للفئات التى تقع فى قاعدة الهرم الاجتماعي ، وهى الوظيفة التى بدأت المؤسسات والحركات الدينية(مسيحية وإسلامية )فى احتلالها(23)وهو ما دعم نفوذها وتأثيرها بين قطاعات متزايدة من السكان .

3- ارتبط تصاعد نفوذ تيار منظمات الإسلام السياسى منذ بداية السبعينيات بالدعم المباشر الذى قدم من الدولة فى محاولة لتحجيم نفوذ قوى المعارضة اليسارية والناصرية خاصة بين صفوف طلاب الجامعة (24).

وإذا كانت العوامل السابقة قد ساعدت على تنامي نفوذ منظمات الإسلام السياسى ، فقد صبغت سياسات الهيمنة الإمبريالية على المنطقة العربية بجانب أيدلوجيتها الدينية موقفها من الغرب.

فمع تزايد الصراع من اجل الهيمنة الإمبريالية (الأمريكية والأوربية )على مقدرات العالم العربي والإسلامي منذ الحملة الفرنسية عام 1798وهو الصراع الذى تضمن غزوا وتسلطا على الصعيد السياسى والاقتصادي والثقافي وتعددت أشكاله من الاحتلال السافر بالقوات العسكرية الى توطين جزء من شعوبهم فى أجزاء من الأرض العربية وبتر الأصول الجنسية والثقافية والتاريخية لهذه البلاد، وهى الهيمنة التى ارتبطت بصعود الإمبريالية من جهة وساهمت من جهة أخرى فى الترويج لمقولات مفكرى تيارات الإسلام السياسى حول ان الغرب معركته الحقيقية هي مع الإسلام ، وبالتالي تعميم العداء لكل مكونات الفكر والحضارة الغربية الذى يسعى الى فرض نموذجه الحضاري المهيمن بالقوة (25).وهو ما وجد انعكاسه المباشر فى عداء ونفور الخطاب السياسى لتيارات الإسلام السياسى للفكر الليبرالي ،الذى اصبح لديهم جزء من منظومة واليات الهيمنة والسيطرة الغربية، وانعكس هذا فى العديد من الأدبيات والتراث السياسى لمفكرى تيارات الإسلام السياسى بداية من حسن البنا الذى يرى العلاقة مع الغرب فى سعى الأوربيين الذين "عملوا جاهدين على ان تغمر موجة الحياة المادية بمظاهرها الفاسدة وجراثيمها القاتلة جميع البلاد الاسلامية التى امتدت اليها أيديهم ، و أوقعها سوء الطالع تحت سلطانهم ، مع حرصهم الشديد على ان يحتجزوا دون هذه الأمم عناصر الإصلاح والقوة من العلوم والمعارف والصناعات والنظم النافعة ، وقد احكموا خطة هذا الغزو الاجتماعي إحكاما شديدا واستعانوا بدهائهم السياسى وسلطانهم العسكري حتى تم لهم ما أرادوا، أغروا حكام المسلمين بالاستدانة منهم والتعامل معهم وسهلوا لهم ذلك وهونوه عليهم ، واستطاعوا بذلك ان يكتسبوا حق التدخل الاقتصادى وان يغرقوا البلاد برؤوس أموالهم ومصارفهم وشركاتهم وان يديروا دولاب العمل الاقتصادى كما يريدون وان يستأثروا دون الأهلين بالأرباح الطائلة والثروات العظيمة وتمكنوا من ان يغيروا من قواعد الحكم والقضاء والتعليم وان يصبغوا النظم السياسية والتشريعية والثقافية بصبغتهم الخالصة فى أقوى بلاد الإسلام ، وجلبوا الى هذه الديار نساءهم الكاسيات العاريات وخمورهم ومسارحهم وملاهيهم وقصصهم وجرائدهم وخيالاتهم وعبثهم ومجونهم،وأباحوا فيها من الجرائم ما لم يبيحوه فى ديارهم وزينوا هذه الدنيا الصاخبة العابثة التى تعج بالإثم وتطفح بالفجور فى أعين البسطاء الأغرار من المسلمين الأغنياء وذوى الرأي فيهم وأهل المكانة والسلطان ، ولم يكفهم ذا حتى أنشأوا المدارس والمعاهد العلمية والثقافية فى عقر دار الإسلام تقذف فى نفوس أبنائه الشك والإلحاد ينتقصون أنفسهم ويحتقرون دينهم ووطنهم وينسلخون من تقاليدهم وعقائدهم ويقدسون كل ماهو غربي ويؤمنون بان كل ما يصدر عن الأوربيين وحده هو المثل الأعلى (26)" ورغم صحة رصد حسن البنا لبعض جوانب الظاهرة الاستعمارية ألا انه رجع بأسبابها ونتائجها الى عوامل ثقافية وأخلاقية وهو ما يتفق مع الأيدلوجية الدينية والطابع الإحيائي للتنظيمات الاسلامية ، وهى الرؤية التى سعى سيد قطب الى صياغتها أيدلوجيا فى مفهومه للحاكمية حيث يرى ان "اتجاهات الفلسفة بجملتها واتجاهات تفسير التاريخ الإنساني بجملتها ، واتجاهات علم النفس بجملتها ومباحث الأخلاق بجملتها واتجاهات دراسة الأديان المقارنة بجملتها واتجاهات تفسير والمذاهب الاجتماعية بجملتها أن هذه الاتجاهات كلها فى الفكر الجاهلي -أي غير الاسلامى - قديما وحديثا متأثرة مباشرة بتصورات اعتقاديه جاهلية ، وقائمة على هذه التصورات ، ومعظمها -ان لم يكن كلها -يتضمن فى أصوله عداء ظاهرا أو خفيا للتصور الدينى جملة وللتصور الاسلامى على وجه الخصوص "ويضيف ايضا الى ان "حكاية ان الثقافة تراث إنساني لا وطن له ولا جنسية هي حكاية صحيحة عندما يتعلق الأمر بالعلوم البحتة وتطبيقاتها العملية دون تجاوز الى التفسيرات الفلسفية لنتائج هذه العلوم ولا الى التفسيرات الفلسفية لنفس الانسان ونشاطه وتاريخه ولا الى الفن والأدب والتعبيرات الشعورية جميعا .ولكنها فيما وراء ذلك جميعا إحدى مصايد اليهود العالمية (27)"ووجدت مثل هذه الصياغات الأيدلوجية التى تنفى كل منجزات الحضارة الغربية قيمتها وإنجازها الفكري و الإنساني انطلاقا من مفهوم الحاكمية الذى يقيد حرية الفكر والفهم والتفسير والاجتهاد الإنساني خارج النص الدينى تطورها الموضوعي فى العداء الصريح للحريات السياسة والنظم الديمقراطية، تشير واحدة من وثائق تنظيم الجماعة الاسلامية الى ان المجتمع المسلم لا يعرف "سلطة تشريعية بشرية لها حق التشريع المطلق ،فمثل هذه السلطة لاوجود لها البتة فى المجتمعات التى تؤمن بالله "وتضيف وثيقة أخرى لتنظيم الجهاد "ان عرض الإسلام فى صورة برنامج حزبي هو الخطوة الأولى للاشتراك مع العلمانيين فى أرضية واحدة تلك الأرضية التى يفقد عندها الدين معناه(29)"وتؤكد نفس الوثيقة على "ان الإسلام لم ينزل لمعالجة مشاكل الجاهلية وبالتالي فيجب على الإسلاميين ان لا يستدرجوا لطرح برامج لحل مشاكل المجتمع الجاهلي "هكذا انتهى الخطاب الفكري المعادى للغرب والحضارة الغربية، وعدم التفرقة بين تراث هذه الحضارة وإنجازاتها الفكرية والإنسانية، وبين سياسات الهيمنة والإفقار والنهب الاستعماري فى الممارسة العملية الى خطاب سياسى يطمس الناقضات الطبقية ويجرد اوسع الجماهير من حرياتها السياسية والفكرية والتى هي بالأساس أداتها لمواجهة الإفقار والهيمنة والاستبداد وهو الموقف الذى يختلط فيه حاليا الموقف من سياسات الإفقار والهيمنة التى تعد أحد مخرجات العولمة بسياسة العداء للغرب والحضارة الغربية وفى القلب منها الفكر السياسى الليبرالي المعاصر وما يرتبط به من ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان .

لهذا ومنذ منتصف السبعينيات ومع تصاعد التأثير والنفوذ والضغط الذى مارسته تنظيمات الإسلام السياسى عبر خطابها السياسى والثقافي المعادى للحريات السياسية والفكرية خاصة مع التركيز على الأبعاد المرتبطة بالعقيدة والتمييز على خلفية الدين ، تنامي رد الفعل المعاكس والمضاد لدى المصريين من الأقباط الذين حوصروا بين مطرقة منظمات الإسلام السياسى ،وسندان الدولة التى زايدت فى تدينها وإسلامها على تنظيمات الإسلام السياسى حتى لا تسلم لهم بانفرادهم بالشرعية الدينية دونها، وهـــو ما دفع الأقباط للبحث عن حماية لهم داخل جدران الكنيسة بعد ان عجز عنها براح الوطن الذى لا يساوى بين حقوق مواطنيه خاصة حريتهم الدينية،وهو ما ولد فى مواجهة السعي لبناء حركة دينية إسلامية ،السعي لبناء حركة دينية مسيحية ،وان اختلفت الدوافع وحجم التأثير والأهداف،الإسلاميون يسعون لبناء حركة إحياء ديني تفرض مجتمعهم الاسلامى بكل تجليا ته الثقافية و السياسية والاجتماعية ،والأقباط يسعون لبناء حركة سياسية تنطلق من الكنيسة ومؤسساتها للدفاع عن خصوصيتهم العقيدية وحقوقهم الدينية، وهو ما منح الكنيسة واقعيا دورا سياسيا ليس لها ان تقوم به .

وشهدت مصر فى الربع قرن الأخير تصاعد و تجذر كلا الاتجاهين ،للدرجة التى تجاوزت مرحلة الاحتقان الطائفي الى مرحلة الصدام الطائفي وفرض هذا الوضع الصراعى وتداعياته قضية العلاقة مع الآخر الخارجي والغربي تحديدا (بأبعادها المختلفة السياسية والاقتصادية و الثقافية) والتى لخصتها تنظيمات الإسلام السياسى فى إطار رؤيتها السلفية المنغلقة فى المزيد من العداء للتحديث والديمقراطية والغرب والذى اصبح مجرد "الغرب الصليبي الملحد الإباحي"والذى لا يستهدف الا دحر قوى الإسلام والتوحيد فى تحالف يبدأ من مصر حيث العلمانيون والنصارى ويمتد ليشمل كل أرجاء العالم فى تحالف لحزب الشيطان فى مواجهة حزب الله (29)الذى يمثلونه هم بالطبع ، وعلى الجانب القبطي ومع تصاعد المناخ الطائفي وتزايد الارتباط بالكنيسة برز تيار يرى فى الآخر الخارجي بصرف النظر عن مواقفه السياسية الحقيقية والفعلية هو الحامي وطوق النجاة عبر ما يمكن ان يمارسه من ضغوط على الدولة ، وحتى الدعوة للتدخل المباشر(30)، انطلاقا من ان هذا الآخر الخارجي ينتمي لسياق ثقافى وحضاري يكرس لحقوق المواطنة والحرية الدينية ويحترمها.

ومنذ منتصف التسعينيات ووسط هذا المناخ الطائفي و الصراعي ووصوله لمرحلة القتال بين الدولة وتنظيمات الإسلام السياسى والتردي الواضح فى أوضاع الاحزاب والتيارات الفكرية والسياسية ، وعجزها عن إخراج الوطن من أزمته اخذ فى التبلور تيار جديد ينتمي إلى عدد من الأطر و المؤسسات التى تنشط فى الحياة العامة والتى تسعى للتأثير فى قطاعات اوسع من الجمهور، وتتميز هذه الاطر او المؤسسات بـ :

1. اهتمامها بالشأن العام (قضايا ذات طابع سياسى، تنموى ،ثقافى،اجتماعي،حقوقي … الخ).

2. ممارسة انشطة ذات طابع جماهيرى اوموجهه للجمهور (ندوات، مؤتمرات، اصداركتب ،مجلات، عمل بحوث،برامج تدريب،تنظيم حوارات،تنفيذ مشروعات تنموية ،اصدار بيانات تعبيرا عن موقف ،لقاءات ذات طابع احتفالى ).

3. عدد من هذه الاطر او المؤسسات يرتبط تنظيميا أو يستمد شرعيته الفكرية من الأنتماء أما لإحدى المؤسسات الدينية القائمة بالفعل،اوللتراث والثقافة الدينية السائدة ، ورغم وجود هذه الرابطة التنظيمية او الفكرية الا ان خطابهاالسياسى او الثقافى خطابا غير ديني فى عمومه 0

4. يلاحظ كذلك على النشطاء والفاعلين او المؤثرين فى هذه الاطر او المؤسسات انتماءهم الى جيل الوسط الذى عاصر اوشارك اولعب دورا فى الحركةالطلابية التى شهدتها الجامعات المصرية منذ عام 1968 وعلى امتداد السبعينيات وأوئل الثمانينيات.

5. استطاع النشطاء اوالفاعلين والمؤثرين فى هذه الاطر والمؤسسات بناء حالة من الحوار حول واقع ازمة المجتمع المصري ومستقبله مع العديد من المنتمين للتيارات الفكرية والسياسية الرئيسية الاخرى فى مصر ( الماركسى، القومى الناصرى، الليبيرالى ،الوطنى الديمقراطى/الاسلامى /المسيحى) وقد ارتبطت الغالبية العظمى من هؤلاء النشطاء او الفاعلين فكريا وتنظيميا بالقوى السياسيةالرئيسية فى مصر( الشرعية او المحجوب عنها الشرعية القانونية)0

6. امتلاك الغالبية العظمى لهؤلاء النشطاء و الفاعلين موقفا نقديا من التيارات الفكرية والسياسة التى كانوا ينتمون لها، ويتفقون فى سعيهم لضرورة تطوير وتجديد خطابها السياسى والفكرى وتجاوز مواقفها الماضوية والسلفية والدوجمائية ،وبناء فاعلية سياسيةحقيقية لها، وتعتبر قضية الديمقراطية من ابرز القضايا الخلافية التى يسعى هؤلاء الناشطون لتطوير مواقفهم تجاهها.

7. بالنظر الى الفترة الزمنية التى برز فيها نشاط هذه الاطر اوالمؤسسات سعيا وراء بناء وعى نقدى لدى الفئات التى امتد إليهم نشاطهم سنجد ان هناك ارتباطا زمنيا بين بروز هذه الأنشطة و تدهور الاوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى مصر والتى صاحبت التوسع فى تطبيق سياسة التكيف الهيكلىوخصخصة المؤسسات الاقتصادية، بروز مشكلة البطالة خاصة بين الشباب، اتساع نطاق اعمال العنف بين الدولة وتنظيمات الجماعة الاسلامية وحركة الجهاد الاسلامى، وبروز شبح الحرب الأهلية والانهيار الشامل فى المجتمع ،وهى الفترة التى ميزت عقد التسعينيات ومازالت تجلياتها مستمرة ،خاصة تأزم الوضع الاقتصادى واتساع نطاق الفساد وتعمق ازمة الديمقراطية0

وعلى امتداد اكثر من عقد من الزمان يمكن القول ان النشطاء والفاعلين المرتبطين بهذه الاطر والمؤسسات وداعميهم من ابناء نفس الجيل استطاعوا بلورة خطاب فكرى وسياسى مشترك يدور فى عمومه حول القضايا التالية:

الديمقراطية ( حرية تشكيل الاحزاب / تداول السلطة / الاشراف القضائى على الانتخابات /الغاء القوانين المقيدة للحريات )0

حقوق الانسان(ضمان حقوق المواطنة /حرية الفكر والاعتقاد / مكافحة كافة اشكال التعذيب والانتهاك والعنف البدنى اوالمعنوى)0

العدالة الاجتماعية(حق كل مواطن فى حياة كريمة تضمن له العمل والتعليم والرعاية الصحية والسكن المناسب )

وينتشر وينشط الفاعلون والنشطاء المنتمون لهذا التيار بنفس الافكار والتوجهات وبدرجة واضحة من التعاون فى عشرات الاطر والمؤسسات التى تنتشر تقريبا فى كل محافظات مصر وتتعدد اشكالها بين منظمات غيرحكومية /مراكز بحثية غير حكومية / مراكز بحثية حكومية/ شر كات مدنية لاتستهدف الربح /صالونات ثقافية / اسر وتجمعات فى منظمات نقابية مهنية /مراكز تدريب واستشارات غيرحكومية /صحف ومجلات حكومية ومعارضة / شبكات لمنظمات اهلية / مدارس و جامعات /مؤسسات دينية،ويمثلون منذ نهاية التسعينيات محاولة جادة لتجاوز المرجعيات السلفية الدينية أو السياسية تجاه تأسيس تيار فكرى له طابع ديمقراطي إنساني معادى للاستبداد والاستعمار والهيمنة وعلى خلفية جيلية ، فهل بإمكانهم بلورة خطاب ليبرالي من نوع جديد يربط بين الحريات السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية فى رؤية واحدة وهل بإمكانهم من خلال شبكة المؤسسات والأطر التى ينتمون اليها بناء حركة اجتماعية جديدة هذا ما سوف يكشف عنه المستقبل .











الهوامــــــش :



1.على سبيل المثال راجع المؤشرات الواردة فى تقرير التنمية الإنسانية العربية 2002

2على سبيل المثال لا الحصر راجع العشرات من الصحف الحزبية والمستقلة(او الخاصة) وما تعيد إنتاجه وضخه من أفكار وقيم والتى كلما ارتفعت حدة الديماجوجية والعداء للقيم الديمقراطية وحقوق حرية الفكر والاعتقاد فى خطابهم السياسى ، وكلما توسعت فى توزيع تهم التخوين والتكفير والتربح، كلما زادت أرقام توزيعها وتم التعامل مع المسئولين عنها بصفتهم مفكرين كبار يطلون علينا بشكل شبه يومي من شاشات التلفزيون والمنابر الثقافية والعلمية الرسمية رغم انهم يقدمون أنفسهم بصفتهم معارضين للنظام وسياسته.

3.يمكن ملاحظة هذا ببساطة من تتبع معدلات التصويت فى الانتخابات العامة ، او حجم المشاركين فى عضوية وأنشطة الاحزاب السياسة ، او النزاعات الداخلية بين النخب السياسة المسيطرة على النقابات المهنية وتراجع الأداء النقابي ، وأخيرا فى الحشود المحدودة جدا والتى يشارك فى الدعوة لها عشرات الاطر والمنظمات للتضامن مع الانتفاضة الفلسطينية الباسلة

4.Herbert Blumer,"Collective Behavior"in Alfred ML(Ed)Principles of Sociology,New York,1969,p121



5.James Mckee, "Introduction to Sociology",New York:Rienhart and Winston,inc1974,p440.

6. المرجع السابق

7.ا.س.كمهان "مقدمة فى نظريات الثورة "ترجمة فاروق عبد القادر،المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت 1979،ص17.

8.لمزيد من التفاصيل حول التراث التاريخي لاستبداد ومركزية الدولة فى مصر يمكن الرجوع الى :احمد صادق سعد " تاريخ مصر الاجتماعي الاقتصادى,دار ابن خلدون،بيروت1979 .

تحول التكوين المصري من النمط الأسيوي الى النمط الرأسمالي"بيروت دار الحداثة،1980.

9.السيد عبد المطلب غانم "التوظف الحكومي فى مصر الحاضر العداد المستقبل" (تحرير)، مركز البحوث والدراسات السياسية،كلية الاقتصاد والعلوم السياسية /جامعة القاهرة ،ص45 /19912.

10.نموذج لهذا ما قام به الرئيس السادات من انقلاب كامل على السياسات الناصرية والإطاحة بالمجموعة الناصرية فى الحكم فيما عرف بثورة 15 مايو 1971.

11. الاستراتيجية القائمة على اختراق مؤسسات الدولة من اسفل تشكل عصب النشاط الحركي لتيار الأخوان المسلمين وكل الجماعات التى تتبنى التغيير عن طريق التربية او كما قال المرشد العام الأول حسن البنا ان بناء الفرد المسلم هو الأساس لبناء الأسرة المسلمة التى تبنى المجتمع المسلم :لمزيد من التفاصيل راجع عماد صيام "نشطاء الحركة الاسلامية وأساليب بناء النفوذ السياسى من اسفل "/المجلة الاجتماعية القومية،المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ،القاهرة،سبتمبر1992.

12.نموذج لهذا الثورة العرابية1881/ثورة يوليو1952 وكلاهما تم من خلال السيطرة على الجيش.

13. لمزيد من التفاصيل :ز.ل.ليفين "الفكر السياسى والاجتماعي الحديث فى لبنان وسوريا ومصر "ترجمة بشير السباعي ، دار ابن خلدون ط1،1978،ص22.

14. لمزيد من التفاصيل :عبد الرحمن الرافعى " عصر محمد على "سلسلة كتب مكتبة الأسرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2000

15.الفكر السياسى فى فلسطين ..مرجع سابق، ص175/180 .

16.لمزيد من التفاصيل حول الثورة العرابية يمكن الرجوع الى :صلاح عيسى "الثورة العرابية "،دار المستقبل العربي، القاهرة 1982

رفعت السعيد" الأساس الاجتماعي للثورة العرابية "، مكتبة مدبولى

17.الفكر السياسى فى فلسطين ..مرجع سابق، ص190/192

18. لمزيد من التفاصيل د. رفعت السعيد :الليبرالية المصرية ، المثقفون وحزب الوفد"، دار مصر المحروسة ،ط1، القاهرة ، 2002 .

19.لمزيد من التفاصيل حول العلاقة بين قيادة ثورة 19 والجماهير يمكن الرجوع الى :

صلاح عيسى " البرجوازية المصرية وأسلوب المفاوضة "،مطبوعات الثقافة الوطنية ،ط2،القاهرة ،1980

د. رفعت السعيد :الليبرالية المصرية ، المثقفون وحزب الوفد"، دار مصر المحروسة ،ط1، القاهرة ، 2002 .

20.تجاوز ت أعداد تلك التنظيمات العشرات وظهر الكثير منها كانشقاق أو انقسام عن تنظيم آخر ألا انه بشكل عام كان يمكن تقسيمهم الى تيارين أساسيين التيار الدعوى الذى يسعى للتغيير عبر الدعوة السلمية وابر تنظيماته جماعة الأخوان المسلمين والتيار الجهادى الذى يعتمد على العنف كنهج للتغيير وبناء الدولة والمجتمع الاسلامى وابرز منظماته الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد

21.نبيل عبد الفتاح "الوجه والقناع -الحركة الاسلامية والعنف والتطبيع" دار سشات للدراسات والنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط1،1995 ،ص88

22.حول التركيز على الرموز والدلالات ذات الطابع الدينى فى أساليب حركة تنظيمات الإسلام السياسى يمكن الرجوع الى: "نشطاء الحركة الاسلامية وأساليب بناء النفوذ السياسى فى قرية مصرية،مرجع سبق ذكره.

23.لمزيد من التفاصيل حول الدور والخدمات الاجتماعية لتيارات الإسلام السياسى يمكن الرجوع الى:د.عماد صيام الحركة الاسلامية والجمعيات الأهلية فى مصر"ودراسات أخرى منشورة فى" الجمعيات الأهلية الاسلامية فى مصر"،تحرير ..عبد الغفار شكر،مركز البحوث العربية/البحوث العربية/دار الأمين للطباعة والنشر،القاهرة 2001.

24. لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع الى :هالة مصطفى "الدولة والحركة الاسلامية المعارضة بين المهادنة والمواجهة فى عهدي السادات ومبارك"/كتاب المحروسة رقم 19،ط1،1995.

محمد حسنين هيكل "خريف الغضب قصة بداية ونهاية عصر السادات"/شركة المطبوعات للتوزيع والنشر،بيروت ،1985.

وائل عثمان"أسرار الحركة الطلابية68/75" /مطابع مد كور،القاهرة.

25.احمد صدقي الدجانى "الصحوة الاسلامية ومشاريع الهيمنة الأجنبية "فى الصحوة الاسلامية وهموم الوطن العربي ، تحرير سعد الدين إبراهيم ، منتدى الفكر العربي ، عمان ، 1988، صت129/141.

26.حسن البنا "من رسائل الأخوان المسلمين "،دار التوزيع والنشر الاسلامية ،1990،صـ76/78.

27.سيد قطب "معالم فى الطريق "دار الشروق ، ط8، 1982،صـ140/141

28.النص الكامل لهذه الوثائق فى رفعت سيد احمد"النبي المسلح(2) ……الثائرون"رياض الريس للكتب والنشر،ط1،1991

29.هناك مئات الوثائق والكتابات التى تؤكد رؤية تنظيمات الحركة الاسلامية للأخر الداخلي والخارجي ،والتى لا ترى فيه الا حزب الشيطان من أهمها وثيقة الإحياء الاسلامى من منظور جماعة الجهاد الاسلامى بقلم كمال السعيد حبيب (1986)

كذلك وثيقة الخلافة " لمصطفى شكري أمير جماعة المسلمون والمعروفة إعلاميا بجماعة التكفير والهجرة النص الكامل لهذه الوثائق فى رفعت سيد احمد"النبي المسلح(2) ……الثائرون"رياض الريس للكتب والنشر،ط1،1991

30.من ابرز هذه التيارات جماعات أقباط المهجر فى الولايات المتحدة واستراليا وكندا ، والتى يوجد لها مناصرين ومؤيدين فى الوسط القبطي






#عماد_صيام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد صيام - الفكر الليبرالي ومستقبل التحركات الاجتماعية ذات المرجعية الدينية