أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلكميمي محمد - تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية بالمغرب//5- ظهور اقطاع الزوايا .















المزيد.....

تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية بالمغرب//5- ظهور اقطاع الزوايا .


بلكميمي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2571 - 2009 / 2 / 28 - 07:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ان الحرب الاهلية التي دارت في سهول المغرب ، بين الاقطاع المريني – الوطاسي الناشئ وبين الفلاحين والرعاة الاحرار ، والتي انتهت بانهزام هؤلاء ، قد احدثت تحولا عميقا في البنية الاجتماعية المغربية ، ولقد كانت ابرز مظاهر ذلك التحول ، هي ، من جهة ، انقسام المجتمع في السهول الى طبقتين اجتماعيتين : واحدة اقطاعية تتكون من الاسر البربرية – الوطاسية الحاكمة ومن اسر زعماء الحرب العرب ، والاخرى من الفلاحين المنهزمين الخاضعين للاقطاع . ومن جهة اخرى ، انسحاب الجزء الاخر من الفلاحين والرعاة البربر والعرب ، الفارين الى السهول الساحلية الجنوبية وجبال الاطلس والريف .
ان ظاهرة الزوايا التي برزت بالضبط في هذه المرحلة التاريخية الكبرى ، انما تعبر في العمق عن انقسام المجتمع المغربي الى طبقات ، وتمثل بالتالي رد فعل ايديولوجي للفلاحين والرعاة الاحرار الذين انتزعت منهم اراضيهم بالعنف ، والمضطرين الى التراجع الى المناطق الطرقية في الجبال وتخوم الصحراء . فليس صدفة اذن ، ان تكون جميع الزوايا التاريخية ، التي سيكون لها دور اساسي بالغ الاهمية ، قد تاسست بالتحديد في تلك المناطق الطرقية، فالزاوية السملالية انطلقت من سوس وتافلالت ، وكانت عاصمتها ايليغ . والزاوية الدلالية انطلقت من الاطلس المتوسط ، وكانت عاصمتها خنيفرة ، والزاوية الوزانية تاسست في الريف حول ضريح زعيمها الروحي عبد السلام بن مشيش .
ان الزاوية في واقعها التاسيسي ، هي عبارة عن اندماج بين نخبة دينية شريفة ( واذن بالضرورة عربية ، على الاقل من الناحية النظرية ، بسبب انتمائها الى بيت الرسول وبين قاعدة جماهيرية بربرية في غالبيتها ) .
ان مفهوم الشريف ليس نسبا عائليا فقط ، بل هو اساسا علاقة اجتماعية من طبيعة مزدوجة : فهو من جهة يطرح نفسه كموقع اجتماعي مقابل اجتماعي اخر .. موقع العربي المتحالف مع جماهير البربر الكادحة ، مقابل العربي الاخر المتحالف مع الطبقة الاقطاعية البربرية ، ان الشريف بالتالي في الاصل هو : الارستقراطي العربي ، الذي لامكان له داخل طبقة الاقطاع البربرية – العربية .
ومن جهة اخرى ، ان مفهوم الشريف هو علاقة اجتماعية بين النخبة الارستقراطية ، وبين الجماهير التي لاتملك ، ولا يمكن لها ان تملك ، امتيازات النسب الارستقراطية . لذلك فان الزاوية ، رغم انها ، تاريخيا ، قامت اصلا كتعبير ايديولوجي عن تطلعات الفلاحين والرعاة الى التحرر من قبضة الاقطاع الصاعد ، الا انها حملت معها ، منذ نشاتها ، تناقضا بنيويا لايمكن الا ان يتطور ويتعمق مع الزمن ، ان اساس هذا التناقض هو انقسام الزاوية والتابعين لها ، الى شرفاء وغير شرفاء .
فالامتياز الذي كان في البداية مجرد امتياز يتعلق بالنسب . سيصبح مع التطور امتيازا ماديا قويا . والشرفاء الذين ظهروا اصلا كاعداء لذوذين للاقطاع . سيتحولون هم انفسهم الى اقطاعيين جدد . والزاوية التي تاسست في البدء كاداة لتحرير الفلاحين ، ستصبح اداة استغلالهم .
ان جميع الزوايا التاريخية الكبرى ، قد خضعت في تطورها لهذه الصيرورة المكونة من ثلاث مراحل :
المرحلة الاولى : مرحلة التاسيس ، وتتميز اساسا باهتمام الصالح ( شيخ الزاوية ) بادئ الامر بنسخ روابط الولاء والتبعية . لذلك فهو ملتزم موقف الحياد تجاه الجماعات القبلية المتنازعة ، لاستقطاب اكبر قدر ممكن من التاييد ، في هذه المرحلة تنحصر مهمة الزاوية في القيام ببعض الخدمات الاجتماعية مثل : نشر التعليم ، ايواء ابناء السبيل واطعام الطعام .. كما ان وظيفة الشيخ تتحدد في (المعجزات) التي يظهرها لمعالجة بعض الظواهر الاجتماعية والطبيعية ، بذلك يتم جمع تبرعات متواضعة في شكل هدايا وفتوحات تمنح للزاوية .
المرحلة الثانية : يترسخ فيها الموقع الاجتماعي ، المادي للزاوية . فمداخيل الزاوية التي كانت محدودة وظرفية ، وكانت عبارة عن هدايا وفتوحات طوعية فانها تتوسع وتتعاظم وتصبح اكثر تاسيسا وانتظاما بعد تطور نفوذها وتزايد الاعتراف بكرامات الشيخ هكذا يتم فرض انتزاع الزكوات بانتظام ، ويصبح اعشار جميع انواع الغلات مسالة قارة ، كما ان المقدمين التابعين للزاوية ، المكلفين بجمع الزيارات ، يصبحون ، من حيث طريقة طوفانهم على القبائل يشبهون ولاة الاقاليم في جمعهم للجبايات . اضافة الى ذلك ، فان المداخيل في شكل ضرائب ، التي تجنيها الزاوية من انعقاد الاسواق والمواسم الدورية في المناطق التي توجد تحت حرمتها .
ان النتيجة المترتبة عن ذلك ، هي اذن تراكم الثروة لدى الزاوية ، وتراكم الثروة يدفع بدوره الى البحث عن مصادر جديدة للثروة . هكذا تتوصل الزاوية بشتى الاساليب والوسائل الى الاستيلاء على الاراضي والمنابع المائية ، كالعيون والسواقي والخطارات . وبتمركز الاراضي في قطب ، وتحول الفلاحين الى خاضعين ، لايملكون حق التصرف في فائض انتاجهم او فائض عملهم في القطب المقابل ، يحصل بذلك انقسام اجتماعي الى طبقة اقطاعية بزعامة الزوايا والى طبقة الفلاحين الخاضعين الى الاستغلال ، من طرف ذلك الاقطاع .
المرحلة الثالثة : ان تحول الزاوية الى طبقة اقطاعية ، بعد تمكنها من بناء قاعدة اقتصادية صلبة ، يولد لديها بالضرورة الحاجة الى التوسع الاقتصادي خارج نطاق منطقتها الاصلية ، وهي كلما تقدمت في التوسع واخضاع مناطق جديدة لنفوذها ، كلما تعزز ، بالتالي ، لديها نزوع التحول الى اقطاع محلي ، اقليمي ، الى اقطاع مركزي . وذلك عن طريق تاسيس دولة اقطاعية مركزية ، ان تجربتي السعديين والعلويين الناجحتين ، وتجارب الزوايا الاخرى ، وخاصة منها السملالية والدلالية الفاشلة ، ليست شيئا اخر سوى التعبير السياسي ، الاقتصادي عن حركة الانتقال من لحظة الزاوية الى لحظة الدولة .. من لحظة الاقطاع المحلي الى لحظة الاقطاع المركزي .
فبالنسبة للسعديين استطاعوا اسقاط دولة الوطاسيين وتاسيس دولة جديدة بفضل وجودهم على راس تحالف بين زاويتين جزولتين انطلقتا من منطقة سوس وواحات درعة ، حتى تمكنتا من الاستيلاء على سلطة الدولة .
وبالنسبة للعلويين : قد انطلقوا من تافلالت ، الا انهم اصطدموا منذ البداية مع الزاوية السملالية المجاورة ، التي كانت تسيطر على سوس ، ولان المنطقة لا تتسع لقوتين اقطاعيتين متنافستين . فبالتالي كان لابد ان ينفجر الصراع بينهما ، حيث سينتهي بانهزام العلويين وانسحابهم مؤقتا الى الصحراء ، قبل ان يتوجهوا الى الشرق للاستناد على زاوية تازة .
وبالنسبة للزاوية السملالية ، فبعد ان تمكنت من بناء قاعدتها الاقطاعية في سهول سوس ، وواحات درعة ، اخذت تتجه في اتجاه سهول عبدة ودكالة بالحوز ، ثم انها بعد ان تحكمت في تجارة الصحراء ، ستجد نفسها في تناقض مباشر مع البرتغاليين الذين كانوا يحتلون بعض الثغور الساحلية الاطلسية ، مما جعلها تخوض ضدهم حربا مكنتها من تحرير ميناء اكادير وميناء ازمور .
وبالنسبة للزاوية الدلائية . فبعد ان تاسست قاعدتها الاقطاعية في جبال الاطلس المتوسط . نزلت من هناك للتوسع في سهول تادلة ، ثم لتتقدم بعد ذلك نحو سهول الغرب ، فمناطق فاس ومكناس ، ثم احتلالها لمدينة سلا ، وسيطرتها على ارباح التجارة والقرصنة لذلك الميناء النشيط في ذلك الوقت .
هكذا اذن ، بعد انفجار ازمة الاقطاع المركزي لدولة السعديين ستبرز في الساحة السياسية ثلاث قوى متنافسة ، تنتمي للاقطاع المحلي : هي الزاوية الدلائية والزاوية السملالية ، والعلويين ، حيث سينشب بينها صراع مرير من اجل الاستيلاء على دولة السعديين المنهارة .
ان هذا الصراع سينتهي بانتصار العلويين بزعامة المولى رشيد ، مما سيمكنهم بعد ذلك من سحق وتدمير الزاويتين الاخيرتين اللتين كانتا تنافسهما على السلطة المركزية .
ان مانريد التاكيد عليه مما سبق ، هو الصراعات التي عرفها المغرب منذ القرن السابع عشر ، لم تكن صراعات بين بلاد المخزن وبلاد السيبة سببها رفض اداء الضرائب ، بل كانت اساسا عبارة عن صراع طبقي بين اقطاع مركزي تمثله دولة المخزن واقطاع محلي اقليمي تمثله الزاويا . وكلما اخذ الاقطاع المركزي يضعف ويتقهقر / كلما اخذ بالتالي الاقطاع المحلي يتوسع على حسابه ، الى ان تتمكن زاوية قوية من الانقضاض عليه وهزمه ، وبالتالي تحول الاقطاع المحلي بدوره الى اقطاع مركزي وتحولت الزاوية الى مخزن .

في الحلقة المقبلة ، ظهور اقطاع القرنين التاسع عشر والعشرين .





#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للت ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للت ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للت ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للت ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// التطور التاريخي لل ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الاشكالية الفكرية ا ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//النظام التربوي والت ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//النظام التربوي والت ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الانفجار العظيم ول ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الانفجار العظيم ول ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مفهوم الازمة2/2
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مفهوم الازمة
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الموقف من التراث 2/ ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الموقف من التراث 1 ...
- بولمان نقط وحروف: مدينة مغربية لضحايا الإهمال الإداري.
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//وجهة نظر هيجل في ال ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//وجهة نظر هيجل في ال ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// وجهة نظر هيجل في ا ...
- مدينة بولمان/ بين القسمة: والطرح- والزيادة+ لهم دينهم ولنا د ...
- تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاسس المادية للثو ...


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلكميمي محمد - تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية بالمغرب//5- ظهور اقطاع الزوايا .