مضطفى عنترة
الحوار المتمدن-العدد: 2569 - 2009 / 2 / 26 - 09:43
المحور:
مقابلات و حوارات
اعتبر الحجوجي، الرئيس السابق للإتحاد العام لمقاولات المغرب، أن "الحملة التطهيرية" تركت تأثيرا نفسانيا لدى الفاعلين الاقتصاديين خاصة أنها استندت في الأصل على أساس غير قانوني، وتأسف على كون الأحزاب السياسية لم تع حينها بخطورة هذه الحملة وتداعياتها السلبية على الوضع الاقتصادي والسياسي ببلادنا. وأكد الحجوجي أن الإتحاد العام لمقاولات المغرب واجهن أبطال هذه الحملة اعتمادا على أساليب عقلانية حضارية.. ونجح في تجنيب بلادنا من هذه الكارثة التي كادت أن تؤدي إلى قتل الاقتصاد الوطني. وفي ما يلي نص الحوار:
ـ في رأيكم هل اختفت الآثار السلبية لما سمي بـ"الحملة التطهيرية" على الاقتصاد الوطني؟
أكيد أن الآثار السلبية لما سمي بـ"الحملة التطهيرية" على الاقتصاد الوطني ستأخذ وقتا طويلا جدا قبل أن تختفي، لأنه كما يقال " رأس المال جبان". فالحملة المذكورة تركت تأثيرا نفسانيا لدى الفاعلين الاقتصاديين خاصة أنها استندت في الأصل على أساس غير قانوني... لكن يمكن القول (الحمد لله) أننا أخذنا العبرة، بعد مرور أربعة عشر سنة من المخلفات السلبية لهذه الحملة، مع العلم أننا كنا نتمنى أن يطلق عليها حملة التخليق داخل الأوساط الفاعلة الاقتصادية على اعتبار أن التخليق عملية تتطلب نفسا طويلا لكونها مبنية على التحسيس والتفاؤل...
لقد ارتأت وزارة الداخلية آنذاك، مع الأسف، التخلي عن هذه الأساليب الحضارية واللجوء إلى خطاب القوة.. هذا الخطاب يؤدي، موضوعيا، إلى انكماش الاقتصاد الوطني وهو ما يأخذ وقتا طويلا. وأتمنى ألا نعرف يوما مثل ما جرى في تلك الحملة المشؤومـة.
ـ ما هي طبيعة الصعوبات التي اعترضت طريقكم آنذاك، علما أنكم أدركتم منذ البداية مخاطر هذه الحملة بعد تحويلها إلى حملة لـ"تصفية حسابات" مع وجوه معينة؟
نعم، وجدنا في البداية صعوبات قوية لإقناع الدوائر الرسمية المسـؤولة بخطورة هذه الحملة. فرغبة الراحل الحسن الثاني كانت تتمثل في تنظيف الساحة الاقتصادية من خلال محاربة المنافسة غير الشريفة والتصدي للتهريب.. وكان أن وجه وزير المالية رفقة مدير إدارة الجمارك قصد الشروع في هذه العملية، لكن دخول وزارة الداخلية على الخط بأجهزتها المختلفة، أعطى لهذه العملية توجها لا يتماشى والأهداف المرجوة. ومن هنا شرع وزير الداخلية آنذاك في مسلسل الاعتقالات ومطاردة مجموعة من الفاعلين في ظل شروط سياسية وإعلامية لعبت لفائدة مخططاته.
ـ هل بإمكانكم أن توضحوا لنا أكـثر؟
استطاعت وزارة الداخلية أن تجعل من إدارة الجمارك شبه مقاطعة تابعة لها وتحولت إدارة الضرائب إلى ملحقة خاضعة لمصالحها وأجهزتها.. نفس الأمر بالنسبة للنيابة العامة التي كانت تساير المنطق السائد، خاصة بعد أن اتضح أن وزير العدل لا سلطة له، ويكفي الوقوف عند ما عاناه المحامون حينها الذين احتجوا على مجزرة كان الغائب فيها القانون. هذا فضلا عما عاشه أهالي الضحايا من مضايقات.. فالضحايا كانوا متعددين، اختلط فيهم ما هو سياسي بما هو شخصي وقبلي.. واستغلت وزارة الداخلية ومن يدور في فلكها هذه الأحداث للتغطية على المشاكل التي كانت تعيشها البلاد.
لم نستسلم كإتحاد عام لمقاولات المغرب لمثل هذه القرارات، وواجهنا البصري الذي رفض الإنصات إلى رأينا مستمرا في تهديدنا بمختلف أساليبه المعروفة لدى الجميع، وقلنا لمخططه "لا" في وقت كان الجميع يرضخ للأمر الواقع أو يصمت في أحسن الأحوال، قبل أن يضطر(البصري) إلى الاقتناع بصحة رأينا وصواب رؤيتنا ويشرع في ترجمة القرارات الصائبة للراحل الحسن الثاني، مع العلم أننا استقبلنا قبل ذلك من طرف جلالته في القصر الملكي.
ـ كيف نجحتم في إقناع الدولة لتوقيف هذه الحملة؟
قمنا بعملنا كمنظمة اقتصادية تدافع عن الحقوق المشروعة والعادلة للمقاولين، بالاعتماد على تحسـيس الدوائر الرسمية المسؤولة بالخطورة التي قد تحدق بالأوساط المقاولاتية. وقد أخذ جلالة الملك الحسن الثاني( رحمه الله) القرار المناسب بإعطاء أوامره، بخلق لجنة موسعة تضم مكتب الإتحاد العام لمقاولات المغرب وبعض أعضاء الحكومة للسهر على القضايا التي كانت وراء هذا الوضع، حيث جرى تقديم اقتراحات لإدخال تدابير وإجراءات للخروج من هذه الأزمة. وهذا ما كنا قمنا به في مدة قصيرة، حيث كنا نجتمع كل يوم في جلسات تدوم بعض الأحيان عشر ساعات بحضور وزير الداخلية آنذاك والذي كان يترأس هذه الاجتماعات، فضلا عن وزير المالية ووزير الفلاحة وكان وزير التجارة والصناعة قد تميز بغيابه عن هذه اللقاءات!؟
وبعد اجتماعات وصفت بـ"الماراطونية"، توصلنا إلى خلاصـات هامة رفعت في شكل اقتراحات إلى الراحل الحسن الثاني الذي أعطى أوامره بوضعها ضمن وثيقة معينة. وهكذا بدأت رياح الإصلاح تهب على بعض القوانين الهامة كالجمارك والتجارة..، وفي محطة ثانية طالبنا بالعفو عن المعتقلين، وهو الأمر الذي استجاب له جلالته، حيث شمل عفوه مجموع من اعتقلوا ظلما وعدونا. هذا الإجراء اعتبرناه كإتحاد عام لمقاولات المغرب محطة نوعية يدشن لانطلاقة جديدة ببلادنا.
ـ ما هو تفسيركم للصمت الذي نهتجه الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية تجاه هذه الحملة؟
فعلا، نتأسف على كون الأحزاب السياسية لم تع حينها بخطورة هذه الحملة وتداعياتها السلبية على الوضع الاقتصادي والسياسي ببلادنا. فقد تركت الأحزاب المجال مفتوحا أمام وزارتي الداخلية والعدل لتتصرف وفق منطق غير قانوني وغير أخلاقي وغير حضاري، استند في عمقه على تصفية الحسابات وإثارة القلاقل.. وقد واجهنا كإتحـاد موحد بمؤسساته وهياكله وأطره، أبطال هذه الحملة اعتمادا على أساليب عقلانية حضارية.. ونجحنا في تجنيب بلادنا من هذه الكارثة التي كادت أن تؤدي إلى قتل الاقتصاد الوطني.
ـ في نظركم لماذا رفضت هيئة الإنصاف والمصالحة طرح هذه القضية ضمن مشروع المصالحة الشاملة؟
كنت أتمنى أن تأخذ هيئة الإنصاف والمصالحة هذا الملف في مشـروعها على اعتبار أن ضحايـا ما سمي بـ"الحملة التطهيرية" تكبدوا خسائر ثقيلة.. وقبع البعض منهم وراء القضبان.. ومنهم من تشردت عائلته وأصيب بعض أفرادها بمرض أدى إلى الوفاة.. لقد كانت هذه الحملة عبارة عن كارثة اجتماعية حقيقية ستظل شاهدة على محطة سوداء فـي تاريخ بلادنا سـاد فيها خطاب القوة قبل أن ينتصر منطق العقل
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟