أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال جاف - الفيلسوف














المزيد.....

الفيلسوف


جمال جاف

الحوار المتمدن-العدد: 786 - 2004 / 3 / 27 - 10:12
المحور: الادب والفن
    


أسدل الليل أسماله ثائرة فائرة، منذرة بأختضاض شنيع، الريح تصفر بعناد صارم عند بوابة الفراغات، عازفة أصواتا غريبة توحي بلغة لاجناس ما بعد البشرية (الرياح تهمس بلغة ) لما ورائيات وتفهم عمق الفرغات بما لا تتصوره عقولنا ولا تحسه قلوبنا، تمشط بقوة كل المعالم ململمة أوراق الاشجار المصفرة والرمادية جاعلة. منها كومات متناثرة متحركة هنا وهناك .أشجار عملاقة عارية تتمايل مهتزة بعنف وسط الظلام كأشباح غير عازمة على أن تلين تصطدم بعضها ببعض وتتشابك تسقط أغصانها على ألارض وتبلع الريح صوت سقوطها لتلمها الى حيث أعماق الغابة .
صفير وخشخشة مرعبة أصوات تتداخل ببعضها وكان الكون على وشك نهاية مخيفة.
أصطبغ وجه السماء بلون رمادي لبرهة ثم السواد بعثر الغيوم بعجل ووجل، كتلة كبيرة تفرش في واحة السماء تقذف أشكالا هيلامية متحركة تدمدم وتهمهم، السماء اصبحت قبة عجيبة تزحف اليها خطوط لاأباليه متحركة كنافورة ماء كبيرة .
أختفى القمر بعدما كان في حداد وجنون بلونه الاحمر القاني لربما تفتت أوأندثر
لربما أصبح زيوتا وتبعثر مع الغيوم أو أنطلق من مكامنه الى ألاعلى ألاعالي .
حيث ما لا نهاية.
في عمق الغابة وبين الاحراش، كوخ صغير متهدل ألاطراف غارق في ألاهمال والقدم، (فيلسوفا) طاعن في السن أتخذه لنفسه صومعة منذ عقود من الزمن منعزل ممتلئ بالغضب على العالم كله، يبحث عن الحقيقة، يعيش بين الشك واليقين لا صاحب له ولا خلان غير الكتب والمجلدات ينكب على القراءة والبحث وألاستقصاء أنكابا جادا، يتأمل في الطبيعة أشد التأمل شعر بأن أرتياعا أخذ يداهم فرائصه، لذا أنزوى في أحد أركان الكوخ المتراقص والمتأرجح مع الريح، أصطدك الباب والنافذة الصغيرة مرات ومرات وأخذت الريح تلملم ما في أرضية الكوخ وتجمعها في زاوية مقابلة للباب حتى أصبحت الاشياء تزحف شيئا فشيئا مكونة كومة أمام الفيلسوف حتى أختفى نصف جسمه المقرفص في الزاوية، مغمض العينين مفكرا بخروج الليل عن المالوف .
لم يكن يألف هذاالخوف من قبل، مد يديه ليلامس وجهه المعفر بالتراب ومشط على لحيته بقوة لينتزع منه ما تعلق به، فتح عينيه بمشقة فترجرج النور الضئيل حوله، جال ببصره نحو الكوخ فأذا به عار من الكتب والمجلدات مسحته الرياح جاعلة منه كومات في ألاركان وألارجاء قاذفة خارج الكوخ حيث التمزق والضياع .
تقرفص أكثر وأمسك برأسه ومال بقوة متكئا على الزاوية التى أتخذها مكانا أمينا، أحس بأن العالم ينقلب أنقلابا فضيعا أنها النهاية لا بد منها .
لم يعرف كم من الوقت لبث في مكانه مقرفصا، فجأة أخرست الرياح، وسادالصمت والهدوء، توقفت الباب والنافذة الصغيرة عن الاصطداك والكوخ عن التراقص والتأرجح، أنقشع الغبار بان كل شئ وأضحا جليا .
قام الفيلسوف متثاقلا يجر قدميه وراءه، كده يسري في جسده النحيف، أتكا على الجدران وخطا خطوات متثاقلة نحو الباب، سكون وهدوء تام، وكان شيئا لم يحدث، صمت يخيم في كل مكان .
رفع رأسه مستغربا مندهشا جحظت عيناه، أمسك الباب بيديه المرتجفتين، بحلق نحو الغابة، ألاشجار ساكنه كفت عن الحفيف والهفيف، رفع رأسه الى السماء فاذا بها صافية ساكنة ألا من ذرات تتراءى شيئا فشيئا .
بعد برهة ليست بطويلة ظهرت أقباس من النور بشكل ذارت أكبر تتساقط ماطرة على ألارض بالوان غريبة ما بعد ألازرقاق،، والصفرار والاحمرار ..وو.. تتوج لتملا ألاجواء كلها رفع رأسه ثانية فاركا عينيه بأيد مرتجفة ليتاكد مما يحدث من حوله من المعجزات، بلع ريقه فأحس بمراة في حلقه رأجعا بخطوات الى الوراء صوب الكوخ توسعت حدقتا عينيه مندهشا .
فجأة ظهرت غيمة نورانية كبيرة غطت السماء حتى ألافاق وما زالت الذرات تمطر وتغطي العالم بأسره.
أستقرت الغيمة وسط السماء تشع كوة من النور فاذا بالرب وأقف بجلالة عظيمة فوق هذة الغيمة النورانية المقدسة، خلع الرب عباءته ونفضها بقوة أرتجت كلل العالم قاذفا أقباسا وأحزمة من النور وسارت الغيمة والرب الى حيث أتى.
خر الفيلسوف سأجدا مرتجفا أمام الرب واضعا كلتا يديه على رأسه والعرق يتصبب منه، ظل في مكانه هذا ، حتى بزوغ فجر يوم جديد .
أنتهت العزلة وألاعتكاف والتأمل، حيث المساواة والعدل والجمال ، حيث الحقيقة ووضع
الامور في نصابها، والحياة المليئة بالرفاه ألاجتماعي والخير .
رفع رأسه بأناة ورويه، أرتسمت على شفتيه أبتسامة عريضة فرك يديه شعورا بالرضى وأخذت دموعه تنهمر على لحيته الكثة باحثا بين الكتب والمجلدات وقراطيس قديمة عن كتاب الله ضمه الى صدره بقوة ودموعه تغسل صفحاته، تاركا صومعته الى حيث الحياة الفاضلة.
وحينما وصل ضواحي المدينة، رأى طفلة عارية جائعه تجهش في البكاء ، تبحث بين القمامات عن كسرة خبز.



#جمال_جاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهاوية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال جاف - الفيلسوف