أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابن جرير الرحماني - رواية - وجبة من طحالب الكتابة- الجزء الخامس















المزيد.....



رواية - وجبة من طحالب الكتابة- الجزء الخامس


ابن جرير الرحماني

الحوار المتمدن-العدد: 2560 - 2009 / 2 / 17 - 03:37
المحور: الادب والفن
    


فمرت عليهم حقب في الجهل ، لا هم تراصوا إلتئاما ، ولا خاطوا الشتات الذي أصبحوا به أقساما ، وشأنهم خفيض والمسالك عواج ، لا من يسوي بأنفسهم المنبوذة قواما ، وقت كالليل يسري بهم في ظلام غرفه لا تسمع فيها من صحيح الكلام إلا شخيرا مسترسلا ، ليسوا منزعجين من بعضهم بعضا ،مر وقت على نسوة وصبية كما يمر نوم على متعب قد ذاق من الأرق ليالي تباعا ، وهم ينتظرون غيثا لم تتآلف بعد غيومه أبطأ عنهم في النزول فضاقت النفوس ، وعيونهم جاحظة على البقرة لا تحيد ، والحناجر بحت بصراخ لا منقطع ولا خفيض ، به تنفث لغوا منظوما :
البقرة بول بول
يا ربي يجيب السبول
البقرة الدبسة
على ربي ديري بسة
فجرت البقرة المخيلات و ما رسخ من أوهام بعقول أهل القرية، لا تنفكوا عنها ولا يحيدون حتى ولو بلغوا القبور وفيها سكنوا أمواتا ، إلى بعضهم البعض ينظرون ، والخوف بأنفسهم الضعاف يحدث رجة ، تحت أنقاض دمارها يسحقهم الرعب من حول يأخذ منهم غصبا ما زرعوا بالأرض لحواصلهم من خبز غير مجد ، يتأبط ممشاهم الى جحيم به خلقوا أقنانا ، ثم يتخذهم الإقطاع دمى يتسلى بنكباتهم ، بؤس ، أوجاعه ، بها قد أصابوهم قصدا ، والنعش من خزف لهم كان معدودا ، والموت من اكل جثثهم قد شبع ، ولم يعد راغبا أكل المزيد من أتربتهم التي تعفنت بسخام قهر أبدا عنهم لن ينطرح.
ولما قوست البقرة ظهرها ، وقعرت قوائمها الخلفيتين ، زلزل المسجد برجات صراخ عاتية ، وأفرجوا عن صخب كان بدواخلهم محبوسا ، وهتفوا هتافا بالفرح كان مشحونا ، ضجيجا منهم أحدث صدعا بالسماء ، وعويل انفلت من صراخ ما هم فيه من هلاك ، التقطه صدى أصم بفلاة يخترق خلاءها ضرير ، فلم يجد له في الكون مأوى إلا في أمة لها من كيدهم أقاموا لها سعيرا .
ومن زخم نشب ازدحام خلف البقرة ، ابتغاء الحصول على قطرة من بولها فساد بينهن رفس واشتعل الخصام ، ونسين ما كان يجمع تآلفهن ، وانقلب البعض منهن على بعضهن متصدعات ، يثرن عراكا شرسا على بول البقرة ، ويتخذن منه سحرا ، ومن بعد ما اغترفت نفوسهن ما كانت تصبو إليه اختلاس مقدارا في أكواب ترابية مما صبت البقرة من البول ، ومن لم يحالفهن الحظ ندبن حظهن ، وبضربة إحباط بقرن صدورهن ، وعلى مائدة فرح مغشوش احتسين بنشوة عارمة مما خطفت أصابعهن من بلل حامز ، ومنه رشت الوجوه الكئيبة و الأرض وجدران المحراب ، ومنهن من هامت في ضلال الحشد ، عن وليد لها تبحث ، وكفها به ما غرفت من البول ، به تغسل وجه براءة ، وهي تتوهم النفع الذي سيعود عليه في الكبر ، و إذا خرج عن الأتراب ، و جاء الصوامع يعترض آذانها هرت منه و ألصقت به عقابا أليما ، و إن جاءها كجيله جائعا يستعطفها خبزا صرته إلى صدرها ، و لا تلقي به في ما تدعي أنها مطارح يستخرج من زقاقها لنفسه كفرا.
تحت خيمة رثة ، على حاشية السوق كان نصبها ، والتراقيع قد كست ظهرها متيبسة أغصانها ، تعجب حطابا دوحتها ، فاشتهى اجثثاتها ، وبيعها لفرن لا تجد ناره ما تأكل من حطب ، والأزقة راقدة في قبر صدرها ، وقد صارت من قهر مزمن هشيما ، وقال نظيره ، وعلى ذراعه النحيفة يشد والأصابع متكلسة تتخبط رعشة ، والعيون حط بها فرح كسير الجناح ترفرف رموشها ، والثغر من قول جميل يخاله ، قبل البوح به ، تستبق الشفاه برعدة تفيض منه لعابا على الذقن قد سال ، والصدر قد دمرت ضلوعه ومن أنقاض خواطر به تفجر الهمس : إن الهمس بشائره قد أطلت ، وأبان عن هلال خيرات ستأتي بها على بردعة الأرض محملة ثمارها ، لقد تقطع الحبل والبقرة بالمسجد تبولت ، وما كنا منه نتخوف ، سراب من موسم عاجف تضرب سيوله بيوتا فتجعل منها أنقاضا ، لقد انجلى بأسه ، والنفوس انبسطت انشراحا ، ووضعت ثقل ما كان من ضرر بها سيصيب ، فإن البيدر سيكون صيفه غامرا بالسنابل ، يجود على كف متسولة شعيرا منه يكون رغيفا ، وصاحب الخيمة حلاق عجوز و أصم ، منهمك في امتصاص الدم من قفا الزبون ، ولا يسمع لكلامهما صدى ، وأرملة تغطي ملامح أنوثتها حشمة ، تقبع منكمشة وحيكها الرث تتخذ منه كفنا لها ، تحت ظل الخيمة تطوي من الوقت ساعات طوالا ، إنها في الإنتظار تحتجز ، بذراع غلامها تمسك ، خوفا من أن ينسل من قبضتها فرارا ، وآونة ، يجثم على القلوب صمت مريب ، وشبح المكان يرهب نفسا ضاقت من عتمة ما يسكنها من موت ، ولا تسمع آذانهم إلا أنينا خفيضا ومرفوعا ثارة أخرى ، نبرته من حزن للجوارح تلسع ، مصدره رجات كرسي قد اهترت ألواحه وكادت أن تنفك قوائمه ، فتصعدت من جوفه الأجوف النخب كحة ، ويده بها موسى على حجر أملس يشحذ ، فنزل إلى الحضيض منهارا ، وعلى ركبتيه جثا ، يصر ذراعه على صدره ، وكأنه يخشى أن الضلوع مما ينفث من سعال تتكسر ، ولازمه ذلك وقتا طويلا ،ثم سكن من سكرات السعال هنيهة ، وعلى فمه مسح بالمرفق ما سال منه من لعاب ، ثم رفع هامته والعمامة رث ثوبها ، من فوق الرأس قد انقضت أرضا ، ثم نظر شاردا بعين وميضها قد غار في عتمة الجفن ، وبصوت خفيض تتخلله رعشة ، دمدم إلى أحد زبائنه ، يا صاحي ما القبر إلا مزبلة بها ترمى قمامة الإنسان ، والإنسان ما هو إلا ساعة بها يقاس الزمان ، وإذا اهترأت الأبدان ودب فيها صدأ الشيخوخة والعوز ، صارت قمامة يرمى بها خارج حضن الأهل والأحباب ، ولا يرعاها سوى الموت ، منها ينتشل جمال الصبابة ، للأرض يعير وشما ، يزوره من كان له بالبيت عاقا عصيا ، فيتفقد الشيخ سهوا وجهه الذي تراكم عليه من الغبار المزمن أنقاض ما حملت العواصف ، وشروخا من تجاعيد فيها الأصابع تغور ،حفر حفرها فقر مروض على مسح ملامح الإنسان بمعول الشقاء ، فعرج بذاكرته إلى السنوات التي خلت عله يجد له وجها بدون تجاعيد لكن باب الدخول إلى الماضي كان عليه ممنوعا ، أوشك النهار على عقبه ،ونفس العجوز تتسع للحديث عن جريمة ، واقعة لا تعجب العدل ولا من يأكل على مائدته ، سرد وقائعها ، والقوم غفل سذج تحت نعل البطش وضعوا لها في أنفسهم قبرا ، وعن جهر إشاعتها تكثموا ، وفي ما بينهم كان التبليغ عنها تشوبه همسة الحذر ، إنهم يصلون له ضعفاء مستبخسين ، والرجة تلبس قلوبهم ، سجادة من أرض بهم تعفنت ، ومنها فاحت حموزة ما يتصبب من عرق من جثثهم غير ناضب ، فكل من خرج من مربضه عن العيش المألوف ينعت بالسبابة مجرما ، فيتصدى له العدل برزمة عقاب وعلى أعمدة من تراب يصلب ، حتى يأكله الموت في صحن تمسك به مآذن من مآثر المدن القديمة ، فرآهم الضرير من شرفته ، وهم خفيض الرؤوس خضوعا ، أشتاتا تفرقوا مسرعين ، وفي ممشاهم يختلسون فرارا، لما أقدم رب حقل على كسر ساق شغالته ، العانس التي تعول أباها الهرم الطريح الفراش لما عصت أمره، و كل من عاق طاعته ، وأبدى على ملامحه رمز عصيان ، يدخله بيوت عقاب من أبوابها ، رحابها لم توصد منذ أجيال ، كبالوعة في مستنقع التراب تعج بجثث قد اختطفت من أزواجها ، ولا من يحصي النعوش ، و يقيم لها بالشوارع المأتم ، لقد جاء من المدينة إرثا ، و نزل بواحات رمل بها زنوج و نخيل ، حضر إليها لاجئا و منها كان مصدر إيراده ،بها رسم صورة لجريمته بما دفق في محبرة الأرض من قيحه ،يحتسيه من بعده ما وضع على الماء من أحفاده، فإن أرض الجبال و الثمور تستغني عن رميمهم ،و ترفض أن تمنح لرفاتهم لحودا .
وعن العانس حديث ينقله العجوز محفوظا ، لا يزيد ولا ينقص من كيله لفظة ، ولا به يضيف افتراء ، إن جسدها السقيم وما أصاب ساقها من كسر ، وهي عوان ولا ذراع في ا لمحن عنها تنوب ، لقد أصبح الجسد قبرا والروح فيه تسجن ، وناجبها عجوز نفضته الحياة من ذاكرتها ، وقد أفقده الكبر البصر والسمع والحركة وطرح إزاءها في مزبلة الإنسان ، وصدره يضيق مما ألقت به الحياة من دنائسها ، يصدر أنينا والغضب من أعماقه يتفجر ، وكأنه يبدي تمرد الروح التي أبت أن ترحل عنه ، إن بساط مرقده أعد له من عذاب ، ولحافه جمر من السماء هوى ، تكوى بناره أطرافه ، فأصبح يستعجل نعشا يخلصه من المحن لما تفر الأقدام إلى حفرة العدم ، حيث قمامة جثمانه تصب ، فحتى الموت نفر منه وأبى أن يقترب ، يلهو في حانة المقابر مع قنيته ، يسكب الخمرة على الجماجم ، ساخرا مما آلت إليه في مخبأ التراب ، بيت ، وبيت تكاد جذرانه أن تنقض بهبة ريح من شواط العاصفة ، على عتبته أنقاض من رواسب الشقاء وحيف الاضطهاد ، لقد نضبت روافد عيش غث ورزقها من التراب صار ممنوعا عليها ، والذراع أصبح مشلولا لم يعد على حمل رغيف تقوى ، والحواصل زغب ، بها صفا لوجع الجوع اللذغ ، وهما قد وضعا أحياء في قبر مفتوح ، والعيون من العوان والعوز تغض عنهما الطرف ، فلا مغيث ولا قلب ينذر الصدى إلى ما آل إليه من وضع مزر ، والبيت مرقد يشملهما، كجثثين خرقهما التعفن والتحلل ،و فيه أصبحا رفات تتخذ منه الروح مكان لهو وعبث ، تقضي عندهما وقتا لا يحتسب ، فيه تتسلى والموت يهيم سكرانا يبحث في النوم عن ليلة مبيت ، وقد فقد من جيبه قفل القبر عنهما.
في خلاء الإنسان القفر ، تمكث وحيدة لا راع ولا ممرض لطيف ، ولا زائر يفرغ عليها صبرا ، والجوع قد أكل ما كسا العظام من لحم ، حتى أضحت من غشاء الجلد بارزة ،والبطن ضامر والظهر انقض معكوفا ، إن شمس الضحى لا يطل ضياؤها بالبيت ، خمار من ظلمة قد وضع على عيونها ، فأصبحت من الجوع لا تبصر طعاما ولا شرابا ، تمضي النهار وقد لف الصوم عليها لثامه ، حتى إذا جاء الليل بعسعسته تخمد الروح حقيرة ، ترتجف خوفا من موت سخره لهما إنسان ، وخيالاتها قد صودرت من أصولها ، وصارت فلاة قفراء ، بأزقتها الفوانيس معطلة سرقت أضواءها ، ولا هي بالنهار أو الليل تبدي اشتعالا ، ذاكرة تعيش طوال العمر في ظلمة عندما يفتقد وميض البدر ، فالعهد لا يأتي بصورة إلا أقبح مأساة من سابقتها ، تركب نعشا من سحب واتخذت من الريح مجاديف ، تحاول أن تفر و البلاد بها ولاة يغرقون أمة في ما أثاروا من الفسق والفساد على أرض من خالقها انتزعوها ، وخسفوا بها السقف فهوت أنقاضا ، والحاضر من المدائن العتيقة أصبح عامرا ، على عرشه تربعت وصارت عواصما لا تختلف عما كانت عليه سابقاتها ، تحت أطلال صوامعها أميون ينسجون لديارهم كفونا متخذين من المآثر قبورا ، يسكنونها ولا يذهبون منها ولو جاءهم على صهوة الفجر رسول ، يحمل بين ذراعيه العانس ، وبلسان فصيح يشرح صدرها ، كي يطلعون على ما لحقها من جور ، وهم كذلك ، فينقلبون الى أنفسهم أطباء ويكونون لعزة النفس أنصارا ، استجابة لنداء أجراس من ا لصدى تسمع دقاتها ، على بوابة شوارع عذراء تنتظر قدومهم ، يفضون بصراخ من حنجرتي بكارتها ، لقد طوقوا الليل بالحراس كما النهار مطوق ، وفي أزقة نشروا جواسيسا وجندا ، وأوصدوا في النوم كل كوة منها يتنفس نائم ، وأحكموا إغلاقها بقفل وضعوا مفتاحه في جيب أشباح لم تترك به ثقبا كسم الخياط ، يتسلل منه إلى الكرى من هو في قعر البؤس ملقى ، ويرتدي في رحابه صورة أعجبته ، وبأقدام لها أعير حذائي يقيس شوارعها على الأوباش محظور دخولها ، وما جئت إلا لأثبت على قارعتها أقدامي وأتخذ منها مهدا لاستهلالي ، فحسب الإنسان أن مضغتي من الطين كانت ، فأتى من بيداء قصية يعقل بالغلل أرضا ، أرضا لي بها الشمس تحل زائرة كل مساء ، وعلى شفاه البحر يستلقي الغروب ، وابتسام من شرفته تسكب كوب حزن في مقلة الوقب ، آونة تضفي لوعة تعجب كل ناظر ، منها خرجت أنشر ما أحمل من الردة جهرا ، وما كنت يوما أحسب أن من الطين كان المجيء ، فهل الكون ينور مني سطع ، بيت لما نزلت به ، وجدت فراشه من الإملاق مبثوتا ، خربة صيره الإنسان ، إلاه عنيد ومنه أبى الرحيل ، قاصر ، لا يستطيع أن يضيف إليه من الجمال وميضا ، فلم ينل هذا الكون من الإنسان إلا دمارا وخرابا عليه قد فطر ، فاتخذت من خيالاتي لوحة ، سكبت عليها من الألوان ما يروق لعين ناظر ، بها زينت جدار الوجود ، لما نصبت الأطلس جبالا عاتية الشموخ ، لوحة وضعتها من الجمال على بوابة الأرض عسى أن يأتي بنظيرها الإنسان ، إنه الفاجر ولن يأتي بمثيلها أبدا ، لا يتبضع لبيته إلا الفواجع والمواقيت قيلولة ، والحر لافح ، سخام حرائقه على الوجوه لاينفك ، إنه في المحارق قد تآلف صبرا ، وقود نارها من الشقاوة والشقاء تشوي الأجسام في قربة من سطوحها يتصاعد لهب السراب ، ومن أحد أبوابها ظهر طفل يخترق الزقاق جريا ، يلبس ما ورث من تقاليد أهاليها ، يحمل تحت إبطه رغيفا ، مقصده بيت العانس ، إليها يحمل قوتا ، لا تطعمه إلا إذا تذكرها فقير ، فيجود عليها مما كسب والنفس تجهش للبكاء ، تذرف مطرا دمعه حامز كالعرق ، تحتسي من شرابه أرض ظمآنة ، يدها مغلولة مما أصابها من الشح ولا تخرج للجائعين طعاما ، وفي مواسم الكسب تفرغ في بطونهم من حممها و زقومها دلوا ، والطفل كالأقران وككل مزداد ، يمضي ومنذ أن بصق به في الرحم يحمل ما حملوا من عرف يرتب أصنافهم في الحياة مراتب ، أعرافا يتداولونها إرثا محفوظا ، وعيونهم قد غطيت بالرمد وبنقع الرماد ، والغد مثيل حاضر فيه يكون مجهولا ، يساق أسيرا إلى لحد أعد له في كتاب مكنون ، فتراه يمضي على الطريق عجوزا ولو كان في المهد صبيا ، يمر من الوجود صامتا لا يبدي صرخة للأوجاع ، ولا تخرج منه نبتة ثورة ولا بذرة تمرد ولا ردة ، خامد في نعشه كالميتة ، حتى يبلغ بيتها ودخله من بابه ، وهو مثيل لها ، ألقى ببصره والعتمة حجاب ، فلم يبصر بالبيت صاحبته ولا الذي كان لها ناجبا ، فلم يعجبه ما رأى وأوجس خيفة ، فأراد بصرخة أن يستغيث فاختنقت أنفاسه ، وانغلقت حنجرته بركام صمت رهيب ، فحاول أن ينتشل نفسه من تحت أنقاض ما أوقعته عليه الصاعقة ، فانزلق الرغيف من إبطه وتدحرج أمامه هاربا ، فانقض عليه في ذاكرته ساسة نزلوا من رحم الشيطان ، وهم جهرا يعيدون الناس فقرا ، فكم من قرية هوت في بطن الموت ، ولا من يحصي المقابر على ربوة الحاضر وأصحابها في السبات لا يستطيعون الجهر بكفر لمن دلى بهم في قعر المذلة ، ومن رعب ما أحدثت الرجة بنفسه ولى هاربا ينادي أمه بصيحة ، ينعي لها مقتل الإنسان في حضن الإنسان وفي يده تدية قد ارتوت دماء ، فخرجت إلى حارتها تدلي بصرخة قد خبأتها في أحشائها ومنذ أن كانت في كمد الإنسان جنينا ، فبكى سكان الأرض جميعا ولبكائهم نصبوا المزارات والأضرحة ، وجعلوا من الخلافة إرثا به تشبتوا ، ومن ضعف رعية تحبس في قعر غفلة ، نزعوا منها عرشا كانت الجبال عليه تتربع ، وجنة وبحرا وعلى أرض تأوي زنوجا وهم من طينتها نبتوا ، يفرغون عليهم من طغيانهم بطشا ، فلم يلدوا منهم إلا بئيسا لقبره معانقا ، يكتب بالمحراث حروفا من المطر ، والمصدعة صدئة ، والحرث لا يعود بنفع والأرض عاقر ، والذي يلعق من محيضها لنفسه يقيم من المهد لحدا فيه من العوز يصبح عجوزا ، والدمع غار في العيون ، والجفن تصدع حوضه ، وعلى أنقاضه الحزن جاثم منه سرابا تسكب المقل ، لا يسقي واحة والنخيل منه اجثث الظمأ ثماره ، فلا يسقي في البلاد إلا نبات حنظل من زقومه يكون لهم الشراب ، فأود من أرحام واسع فقرها ، غني يطعم الكون كفرا مما خلقت فيه ومما خلق مني ، أصحح ما من أخطاء في بناء الوجود ارتكبت ، وأتمم ما من نقصان به بائن ، وما شاب الوجود من صدع به أرمم ، وأكلم العانس وهي في التراب رميم ، وفي غطاء من الطين توارى معها ما من جرم في حقها ارتكب ، ومن الأفواه قد افتقد موضعها ، والحديث عنها لم يعد تداوله بين القوم منشورا ، فإن لسانها لساني ، وما كان من غضب في دواخلها عنه تكتمت ، ولم تستطع به بوحا خوفا من بطش القاتل ، أظهرت ما خفي منه للعيان ، حتى يبلغ الأصم بما به جاهر ، لحدا اكترته بثمن أنوثتها ، ومنه اتخذت للدعارة مسكنا ، وما تكسب من رزق به تطعم روحا رحلت قسرا إلى المنفى ، داخل قفص قضبانه من فولاذ ، تقبع عوان والعوز يبطل حلما من خيالها درج ، و أثناء الرحلة كانت تدرك أنها خلقت عن طريق الخطأ ، لتلد أخطاء وتستمر الأخطاء تتوالد دون تصحيح ، وما للزمان من مناكب ومراسي ، سوى لحد يكون له الموت الصانع ، به ترمى الجثث كالقمامة تتلقفهم أيادي ساسة يجلدونهم قهرا ، فاستعرت ما بها من قوة مكبوتة واخترق الليل وممشاي مثقل بما حمل النهار على قفاه من إملاق به الأزقة تقهر ، ولما أبلغ مخرجه ، استوقد شمسا في مصباحي ، بها أنفض ظلمة تغشاني ، وانحدر نحو النهار ومصباحي ضحى به أنير لحد النهار ، فيعترضون طريقي ويرشقون بحجارة من برازهم ما تحمل يدي من فرن يضيء نورها ، فتراهم جبناء خلف نوافذ قببهم يختبئون ، فأن جثثي حامزة ، تزكم أنوف الملائكة ، فلا تقربوها لما أخلع عنها فرو الأرض ، وأبرم لها من أمعاء الغيوم حبلا متينا ، أعلق عليه أشلاءها أين شئت ، ومتى شاء منكم جائع ، فليأكل منها طعاما يغنيه عن قمامة تسننت في سجون الحكومة ، إني فاتح الأبواب ، وزئيري بالصدى يسمع ، وما من شارع مغلاقه في يد وارث ، فإني لرحابه المكسر ، فلا مكباح لمسيرة الأقدام ، محركها لما يشتغل وقوده إملاق بالناس غار صدع قرحه ، مراكب من أزقة تمضي إلى جنة أغراسها كنت لها الزارع ، فانظر الى وجه الأرض من وجهك تجهم ، فكلما انهمر الدمع من مقلتي ، أحسب من بكاء الفقراء ، وهم نواح يوم الأعياد لا بصيص فرحة يدخل جنانهم ، إلا نكبة تجعل من بيوتهم أقفاصا توصد ، وما فعل رب الحقول بالعانس لما أتاها ظلما ، وبنفسه لا يزرع غير الجور والظلم ، ومن حصاد فجورها يطعم ضعفاء لا ينبت بأرض يسكنونها رغيفا ، فلقد كسر عمدا في ذاك اليوم رجلا بها كانت تعول حوصلة، فإنه للعدل مشتر و طاعم بطنه بالولائم ، يوما فيه قد صنعت جميلا ، عندما أخرجت من نفسها عصيانا كان بها محجوبا، سقى غضب من نبع ساقيتي مزهريتها ، فنمت بها بذرة تمرد، وضربت على وجهه بوريقة أجرتها البخسة ، والتي لا تساوي ثمن شراء سنبلة ، من أجل قوت غث لا يحصرها في راحة من الشغل ولو نزل بها مرض ، الشغل مضن وعبء التعب ثقيل ، بدأت فيه منذ بلغت الحلم ، وها هي الآن تبدأ فيه والمواقيت غير متغيرات ، عقربها صرخة مفزعة من الإقطاع دويها قبل آذان الفجر ، والظهور معكوفة والسواعد الضامرة لا تفارقها المعاول ، حتى تنفض المساجد الذي ألقى من صوامعها آذان الصلاة الوسطى ، تعب ظامئ لا يقنع من شرب عرقها المتصفع من الجسد الأعجف ، عرق مجراه تجاعيد منها غير ناضب ، في حارة الأقنان يجرها من ضفيرة شعرها أرضا ، وأترابها حضور ، تجثم عليهم المذلة وقلوبهم ترتج رعبا من بطش الرجل ، إنها عوان لذا انقض عليها مفترسا ، وهم لما تلاقيه منه من عذاب شنيع إليه ناظرون ، فلو كان للحجر لسان لندد بفظاعة ما أنزل عليها من عقاب ، ولما تقطع السوط وترامت من حولها أطرافه قطاعا ، قطاعا ، هاجم رهط الأقنان بقول سافل وسفيه : إن المال شيء مقدس ، نقسم به على أنفسها لما نبرم عهدا ، مثلما نقسم بالله والضريح والخبز عند قول الحق .
تشققت الأرض باللحود ، ووضعت فيها قبتين أثقالها ضعفاء غفل غير خبر بما يجري داخل صناديق متحمزة بجثة الإستقلال، و لا من يحرث في خيالاتهم الجرداء بذور التمرد و يسقي الروح من شهوات الحياة و يغرس بستانا بعطره يغسل وجنة الطبيعة، فتقربه من تديها و تغدق عليه من لبانها ما يروي حضوره ليقر كفرا بخاتمته ،أحمله يافعا و أخرج الى الوغى على صهوة الطفولة لا أعبأ بكم ولا تصيبني ضربة ،فمهندي لما أسله من غمده ترى الرؤوس تنقض حضيضا و يم أركب عبابه مراكب ، و لا أخشى صواعق العواصف أن هي هبت تبتغي اجتثاث غرستي ،فإني الأشد ضراوة من العباب الهائج، فعندما أهب فإن غضبي يجثث بيتا على مناكب البحر قد أرسى نصبه ،جاء إليه من يترب إرثا و نزل مصلء بواحات رمل بها زنوج يرسم صورة لجريمته، ألوان قيح دفقه في محبرة الأرض و الناس لا تبدي نقدا و لا همسا في الخواطر ، فظ وشرس حتى ولو كان شبعان ، بافتقاره إلى السمو ، يرعب الطبيعة ويدخل الهلع إلى جمالها ، ولا يهدأ إليه بال حتى يدمر منها ما استطاع إليه تدميرا ، فذهبت إلى الإله أحمل إليه مني خصاما ، ويدي بها حقيبة تحمل أسمائهم ، ولما حضرت بابه ، نقرت على طبلي دقات أيقظت من بالمراقد كانوا سباتا ، فأطل علي من نومه سكرانا ، فسمع جدالي من هو في التراب قائم ، فداهمت ما بحوزته من أمكنة ، ومنه نزعت مكنسة ، أنظف بها هذه الأرض من وحل دناستهم ، أكنس البلاد من ساسة ، ولما لملمتهم في حزمة ، رفضت المقابر أن تكون مطرح رفاتهم ، فحتى براميل القمامة أوصدت بطونها ، غير راضية أن تكون مطرحا فيه توارى جيفة جثثهم .
فأبدعت في رحم أنثى ، و كنت في وضعه البديع ، أخلق فيه كونا من الجمال ، وإليه أنقل مشاعر الزهور الجياشة ، والنسيم بيننا يطوف بعطره ، وقصائد بها تتغنى السعادة ، من نقاهة النفس يتنفس إلهاما ، تتلو كتابها جداول من الفضة مجاريها ، يشد خريرها الرخيم أصما فيبسط الأذن للإصغاء ، وعبرت ألوان الطين ، ولم أجد رقعة للحلم على أدمة هذا الإنسان ، أغرس بها ما خلقت من أحلام ، قد حصدت سنابلها في ليلة ماطرة في مزرعة الله .
زعموا أن في أمرهم تجديد ، وأفئدتهم الجوفاء حمالة الكذب ، فإذا تصفح عاقل جبين ألواحهم يدرك النقصان، لقد حملوا على نعش من فخار جثمان مهدي ، وكنت أنذاك صغيرا ألهو بدمية المطر وفي اللهو عقلوا شيخوختي ، وعلى جدار غيمة تدلت صخرتها من السماء نحتوا بمواقيت الصلاة كآبتي ، وبالأصفاد عقلوا نعلي ، وعندما اهترى والقيد قضمه الصدأ ، كنت قد بلغت الحلم ، وانصرف من ولادتي أبحث عن بغية ، احتسي كؤوسا من نبيذ محيضها ، وطائر اللقلاق كئيبا يبدو فوق صومعة عتيقة ، ينتظر سقوط اشلاء غيمة كي يلتقط منها قوتا لأفراخه ، والمدخنة قد سواها قراصنة من رميم أرض ، سرق منها في غفلة ، والأزقة القديمة من صلصال قد تغضن جبينه ، فإن توبقال جوادي ، لما أمتطي صهوته لا أتجنب في الشهر الحرم المعارك مع الأنبياء ، فليس لذي في الوغى ما أخسره ، وأينما تكونوا في بواطن جحوركم يأتي إلي بكم الموت جميعا ، وفي حوزتي قبر أتأبطه أدخلكم إليه فرادا ومثنى ، والمدينة العجوز التي تدعون أنكم من صلبها ، بها أنزل عقابا ، وما ذهابكم إلى زيف الحقائق وتحريف أحداثها وضمها إلى أسمائهم إلا للتبضع في سوق التاريخ مقاعد و وثابا ، إنكم كالبوم في مغاراتها ، لا تأكلون إلا من جيف الجرذان ، وفي الميزان عندكم ، إذا حمل فقير علما فإن علمه يشان بفقره ، والطاغية منكم إذا أفتى فتوة بجهله ، بنى لها الفقراء عزة بها يعلو مقامه ، إني من جنوب قفر كما تم ادعاؤكم ، جئت بسيوف الإملاق أغزو دياركم ، فلما دخلت بيوتكم ، دخلت أرحام نسائكم ، وعنكم باحت ، وعندما حفتكم عواصفي فررتم مني جبناء ، فاتخذت من زوجاتكم إسطبلا لخيولي ، وصهيلها لم يلاق منكم هرا ولا نباحا .
إني الصانع محبرتي من حجر ، مدادها لا ينفد من مقل الكادحين ، ولو شئت أن أسكب مصبه على الأرض لكان لها من الماء غطاءا ، ومن ملحه صخورا رواسب وجبالا ، فلما ترى بالبؤساء يعمرون المساجد ، فلا تحسبنهم عبادا ، بل يدخلونها حشودا والمواقيت عليهم غير محظورة ، مسلمة ، ولا يرجى مما يغرفون منها من دعاء تغيير ، والذي يستبق رياح الصدى في قرع الأجراس ، يعلم ما بأنفسهم يسرقون من الشرطة وقتا يقيمون فيه نصب وقفة احتجاج أمام الله ، ليعيد الحق إلى أصحابه ، ومن الناس ما قتلوا ، وبجوفهم الغضب يكاد أن يتفجر حميمه و يبلغ سيله الزبى ، والشمس في جب الغروب نزلت رمادا وجمرا منطفئ اللهب ، والصمت الرهيب على الألواح جاثما ، وفي سوق النخاسة يباع القرطاس وفي بيعه تبخيسا ، ولقد حملوا عليه أكياس الرديئة ، شعراء يرقصون في الأعياد تبرجا ، ولما تختم الأعياد ذهب شعرهم ، لأهل فاس إني أكتب ما لا يكتبون ، ولا أنتم كاتبون نظير ما كتبت ، فما وضعتم من لتم على وجه المدن قد اهترى قماشها ، فإني أرى ما لا ترون ، وما ترونه فيه تعمهون ، ألامس لب الأزقة بلبي ، ووجه المهد ينقلب عما تنفقون عليه من مآثر ، لا تأتي عطشه إلا سرابا ، فجئته اليوم بما له اصطفيت من مزن إليه تسوق رياح خيالاتي ، فيتفجر من ثديي شلاله يستشفه زلالا عند مائدة كل صباح.
دخلت حارة الإنسان والأزقة التي نفذت منها إلى أقطاره ضيقة لا تستوعب خفي ، وعندما ولجت أسماءه ، وأحصيت مدن أجداده ، وما أضمر في أسوارها من قتلى ،قمت على مشارفها طاردا من بوابة الشوارع شرطة على الأرواح ترفل ، فاندحرت مني هاربة إلى مغارات الكهوف تستنجد في ظلامها بالكتب القديمة ، فبسطت الضحى سراجا سناه من لون شمس اتخذت الجبال الشوامخ شمعدانا ثابت النصب، تضيء مقابر من أوطان أرض قد تفحمت ، ومخزن من رحم بيت يبيع أثاث المجتمع على قارعة النهار ، فانصرفت من غرفة الحياة أتأبط جثة مجتمعي ، شاردا كحمل وديع تاه عن القطيع ، والغسق يدحرج على ذيل الغروب الشمس إلى الوقب ثم على ربوة قبالة الليل ، نسجت من حضوري سجنا ، ورحم من حيت أفضت ضاقت سعته اكتظاظا بالأرواح ، حتى صارت أدمته سجادة من رميم الأضداد ، فطرقت أبوابه ويدي مطرقة من حديد ، والموت على بلعومي واضع شوكته ، فلا يأخذ مني إلا قمامة من طين ، نعلها على الرصيف ملقا ، فعرجت وصهيل الخيل يلاطم صداها سمعي ، وركض قوائمها يثير شظايا النار عند لطمها الحصى والحجر ، إلى أرواح كالذباب عالقة بشع ، والشع لعنكبوت من خيطه اللازج غذاءه ، فنزل الذي هو مني ماسك أحبالا بها تفصله عن البقاء وإلي ترفع صعودا ، أعطيناها إياه نقية ناصع ، فأصدرهن فحمة مما قام على الأرض من جحيم ، تشوي ناره الناس ووقودها عدل وسوط للدماء سافك ، ولأن تبعثر ما حوت الأرض من قبور فلا تعثر بها على نبي قام إصلاحا ، ومن الماء حتى الماء وما حف به من بيداء ، والى آخر مئذنة في تخوم العقيدة ، فإن العرب لن يبعث منهم أبدا رسولا ، ولو تبدل الحرب القادمة وجه الخرائط.
وما نجا من الإنس ، يقضي ما تبقى من أيامه لاهيا في ما سعى إلى خرابه ، فمن الأرض أتخذ كوخا أسكن إليه ، وقوائمه رفعتها من جبال عصي على الإنسان تسلقها ، وطرحت على سفوحها مروجا وسهولا ، وأنهارا وتلالا ، يسعى فيها السرور مختالا ، وفصولا متساوية تلجها النفس فتوقع فيها من المتغيرات توازنا منه يكون عيشها ، ممنوع على الإنسان الدخول إلى كون خيالاتي ، فإن دخلها فإنه لا يثير بها إلا فسادا ، فكلما زرعت في حقلي زهرة ومنها انتظرت أزهارا ، تسلل إلى الكرى هذا حامل في نفسه فجورا من علقة التراب ، فيقلعها من جسدي وبها يصيب انقراضا ، و طوى من صفحة الليل بدرا ، وقطع جسمه إلى أشلاء ، وألقى بها جمرا منطفئ اللهب في بالوعة النهار ، فلملمتها وأوقدت فيها ضوءا ، ونششتها نجوما عبر أزقة السماء الضيقة ، لتكون نبراسا لكل ضرير يعمه فيما يقيم من ولائم الدعارة قبالة ما أفضت له من مداد ، من ألوانه الزاهية يضيف لما أبدعت فيه لفروه العالق بناب غيمة ، زخرفة تبهج الناظر ، فأقيم له شرفة على صدر الطبيعة ، منها يطل على مهد به تمردت لما كنت صغيرا ، على ما لقيت في الوجود من تفاوت ، والزمان في عطالة وعقاربه قد صارت نعشا مهترئا ، حاملا في تجاعيده مدنا قد أثقلت المآثر كاهلها ، وجيدها كذلك حاملا رزمة من تمائم الصحف اللقيطة من براميل قمامة الإقطاع ، الذي يتزين بسلطة في ملاهي السياسة ، جنة فيها يدير البغاء ، وله الولائم تقام والإسراف في النفقة فائق التخمة ، حتى غدت في رغدها ترفل على رزق أمة ، من مناجم معادن كان لها منها عيشا مكتوبا ، ولقد وضعوا الغلل على أفواه الأزقة ، ودحروها في نوم سباته على الخلق مفتوحا ، إن في ذلك وصية تنفيذ بلاغها كان فيما بينهم أمرا محسوما ، وأفشوا في الأرحام أمية ، وجهلا تلاها يبقر عيون شقي ، فأصابها بعتمة دامسة ، تضله عن الطريق الذي جاء زائرا لعبوره ، ومن الأسواق يتبضع ما أعجبه من زينة حل له لباس حللها ، فحضروا إليه عصبة ومعيتهم ما من مصيبة في حقه يكون ارتكابها عمدا ، وغلقوا في وجهه كل مسرب يخالون أن منه ينفذ إلى حارتهم ، فأوقفوا دابته ، وأغمضوا له الجفن ، وبالخياط و أحبال من المسد أتقنوا عقد الحياكة ، وبالأصفاد عقلوا كعبيه ، تم بسطوا أمامه سرابا لسنبلة حاملا ، يجري صوبها والجري قد أضنى جسده السقيم ، يلهث وراءه ابتغاء حصادها والمنجل بيده صدأ ، يحسب أن خبزا يكون له منها إخراجه ، يعول به من قمامتها ما يكسب من جراء ازديادهم في كل حول غير موقوف ، فالسماء رحابها غير موصودة في وجه الذي إليها ناظر ، فجمال البدر عند بزوغه وعندما يتلألأ في كبدها ، فكما يراه الذي يرتدي فردقا يراه الذي وجهه من الشقاء تفحما ،فالسماء قد جزأت ، ولأنذال بيعت بأزهد الأثمان ، على بقع بها شعوبا أرادو سطوا ، والأرض منها انقرض الرسل ، و وضعتني التي اختلست من تحت جبين الصلاة سجادة فأخذوا منها غصبا جمال بكارتها وخبأتني في رحمها و عن الناس أبقت ذلك مستورا ، فيها ولدت ولم آت الكون من ظهره ، ولكني دخلته من بابه ، اقتحم مقابر ، بها من الموتى من أنكر التاريخ خط أسمائهم على جبين الشوارع ، فضربت على وجهه بضربة بكر لا يجد لها في الترميم ضمادا ، وخرقت صواعق أعدها لتلحق بالمواليد إملاقا ، يكون ببيوتهم خرابا ودمارا ، من موتها خرجت نجيا ، منقد روحا غرسها الله في مزهرية الأرض ، فنمت في طينة الإنسان مختلف ألوانها وألسنتها وعقائدها ، أصنافا متنافرة تدفع به إلى البغضاء ، وإلى فتنة تثير العداوة وحربا ضروسا ، على أرض و على القوت الذي يخرجونه من باطنها ، منها خرجوا مواليد ضعفاء و كذلك منها يخرجون،و منها أتخذوا بيوتا يسكنوها ، من فخارها زينوها بأمتعة لعيشهم كانت لوازم ، و إن نفد وقودها و سكنت حركتها، لا يستطيعون عليها عيشا وليس لهم من مفر إليه يلجؤون .
الإنسان ، ما أبشعه ‼ إنه فظيع في قتله لجمال الوجود ، لما يخاصم الإنسان ويلقي بأشلائه من نافذة الطبيعة .
فكل امرأة تحمل في عيونها جمالا أخاذا ، يغري بالصلاة في رحمها لإنقاد هدا الكون ، فزاغ عن القرية التي بها نشأ غلام لم يبلغ الحلم ، وعند الإنصراف لم يستأذن أحدا ، وترك أهلها في ظلمات يسكنونها ، ينحدرون إلى الدرك حاملين على ظهورهم أمتعة من البؤس إرثا من العقود القديمة ، أشقاء يحرثون بقيعة قحطاء من الحياة ، والبذور نشيش عرق من الجبين يتصبب ، فلا يفقهون ما سطر لهم المحراث على جناحي فراشة من جمال ، ألوان زخاريفه الزاهية من لون الأزهار سكبت رحيق عصارته ، فاخترق مرفرفا بأجنحة النسيم ، هذه اللوحة الملصقة على بوابة الإصباح ،والخارقة الإبداع والصنع ، فدخل بحرا والمركب لملمته من حطام ما كسرت ريح الصواعق من صخرتي ، فركبه يمخر خيالي شاردا يفكر في واضعه ، وكفي تظلل هامته وعليها أقمت شمعدان وضعت فوقه بدرا لا يجتح عند آذان الغروب إلى المغيب ، فمر عليه نعش تكاد ألواحه تتكسر من الإهتراء ، وينفض عنه ما حملوا عليه من جثة عفنة لا تستحق أن يكون لها القبر سترة لسوءتها ، فخال أنه راكبه ، ومن خلفه يمشي الفقراء قلة ، جنازة إلى المجهول تمضي ، ومن فوقها تجثم غيمة ثقل كيلها حزنا يستوطن صمتا رهيبا ، فغار في الشرود يبحث عن النبع الذي منه جاء ، يتيما لا يملك مؤونة يستأجر بها رحم امرأة عاقر ، فيه يضاجع جمال الطبيعة ، ولا يخشى نفسه إذ وضع فيه علقة من خليقته ، وإنما يخشى الحب ، فالحب... ، بعوضة يدنس جلال الروح ببزقها ، وعلى ذروة ربوة ، حيث تنتصب صخرة نفضها البحر من ذاكرته ، يجلس على مسطبة منها معكوف الظهر الزنجي العجوز جد تودة ، وهو يمج شاردا دخان غليونه متضاحكا ، ساخرا من الموكب الجنائزي ، فيلاطمه اليم بزبد تلاطم المغيب بالموج ، فتختلس زرقة الماء منه دمعة مزمنة قد تحجرت منذ نزل بالمهد حقيرا ، فيمنحه هدير الموج لغة ، وهو يلحس بلذة رواسب الملح من جبينه المغضن ، والجفن فيه قد غارت العيون ، ودمع الأسى على أدمتها قد طفا ، يطارد بنظرة منهما دخان التبغ الذي شربه من الغليون ، وأكوام منه تفر هاربة من نفير منخره ، نافذة في تصاعد مسرع إلى تجاعيد السماء ، فيلقي بيده تباعا لها ، وينزع منها دمية يلهو بها في مضجعه ، ويمنحها عذرية بها تنقلب على الكتب المسطرة بالمطر ، فأفرغ عليها لونه ورائحته ، وعنه خلع أدواته القديمة ، وأخرجها من حارة الإنسان ، ومن بيوت كساها الإملاق ، وتآلفت في الأعياد مع المآتم ، فسواها كما أراد لها أن تكون ، إنه يريد أن يقول شيئا ، يريد أن يضيف شيئا ، أن يصحح أشياء ، وأن يغير ملامح أشياء مر بها فلم يعجبه فيها ذلك التفاوت البائن في بنائها ، يريد لها أن لا تكون مثل تلك الأنثى التي خرج منها ، إنات من طين يحملن في أرحامهن كلما كسا الوحل الأرض ، رسلا بلا رسالة يصححن ما ارتكب بالكون من أخطاء بترميم الإنسان باسم العقائد ، يريد منها أن تكون بغية عاقر ، كي تترك هذا الكون يموت في حضنه حتى ينقرض منه الإنسان ، مكان منه غير الغلام الفار من قضاء القرية الجائر إلى أمكنة عنه كانت قصية ، فتلمس أن لا يتغير بالنفس وقع ، الأمكنة متشابهة أدمتها أينما تحل وترتحل ، والوجوه واحدة يتدلى من جبينها شع عنكبوت وبه عالقة أذيال الكآبة ، والزمان يعبر بنفس العقارب الصدئة ، وفي يده يحمل حقيبة العقاب ، العقاب باق ، والسوط يتقمص أقنعة تتلاءم ونسيج المراحل ، والسجون قائمة و بها مدن ، وعن الحديث لآلامها يصمت شعراء ولا يهرون إلا من البؤساء، وحول جيدهم ربطة كتلك التي تطوق أعناق الكلاب مراقدهم عتبات أحزاب ينظفون ما تراكم من وسخ على أحذية أربابها نباحهم يجعل الغلام يتأبط منهم فرارا، فتناديه صومعة بارز ارتفاعها على ظهر قرية صارت بيوتها أنقاضا ، و ما هو عامر ، بها لا يتمنى الرحيل ولو أتت سقوطها ، فليس له ملجأ يأويه غيرها ، فكلما أوشكت على الإنقضاض يأتيها ترميما ، فرام المئذنة وكادت نفسه وما فيها من أماني أن تطير إليها بجناح البراق ، عسى أن يرضع من ثدييها قوتا ، لكن الخف في قدمه مثقل إملاقا ، وجثا تحت شرفة بابها ويده مغلولة الى صدره ، من التعفف يبقي كفها طاهرا ، حتى لا يدنس بيد عليه تبزق فلسا ، وبعين براءة خجولة يستعطف عبادا ، وهم في صلاتهم يخرجون كفارا ، فلم يلامس هامته منهم أحد ولو بنظرة تكون عليه إشفاقا ، مروا عليه غير عابئين ، وكأنه جرو ضل حضن ناجبته فصار عرضة للتحقير والإنتهاك السافر من طرف الوالدان ، فسد الجفن ، وكأنه اتخذ منه جرابا قد خبأ فيه دمعة أبى هدرها في بيداء ألقي بها ضريرا ، وسها في النوم قليلا ، وإذا بالزنجية الصغيرة جاءته ولفت من حوله اقترابا ، ثم همت به ومسكت بوزرته ، ففتح عيونه في عينها ، وتمازجت نظرات الحزن في فنجان الصبا ، وعين ذرفت دمعا أجاجا على خد ، فتوته شابها التغضن وحفرت عليه شروخا ، فرأت فيه ما لا يراه أهل النهى ، ورأى فيها ما لا يراه سواه ، وأفصحت له بهمس أن اسمها تودة ، وأخرجت من السلة باقة زهور برية ، وكلمته بلهجتها عن أسمائها ، أزهار مختلفة في الألوان ، متفقة في ما حباها الله من جمال ، بريقه ينفذ إلى الجنان ،فشقا طريقهما على منكبي ساقية ، ورشقته برداد ابتسامة ، فطن الصبي إلى أن لون تودة لا تحمله الطبيعة على أكاليل الزهر ، فدرى عليها زبدا من غيمة لا طمت صخرة المقل ، إن الأزهار تحمل في الحضن سوادا فيه يتكون عطر الرحيق وطيب الروائح يروق المحتسي لنسائمه ، فأمسكت بذراعه وأمسك بخصرها ، وساقته الى إصباح يكون به نزيلا ، فيه تلهو الصبابة والشمس عند البزوغ تدحرجها فرحا على حبل النهار ، ودفعت به كما تدفع الرياح بغيمة مثقلة بالمزن وبها مخاض وضع زخات البرد ، فخرقت السفينة العاصفة ، والى منكب الصخرة التي ينشر الجد شيخوخته كان الوصول ، فقبلا جبينا قد تصدع من الكبر ، ومنه أودت ملامح المهد ، جبين مثقل برواسب من قشور ما فتت الصدأ من أصفاد وأكبال بها كان قد قيد لونه لما كان في رحم الكون جنينا ، وجبة دسمة في ولائم الأسياد يشتهون فيه أكل الخصيتين.
فالتقط الزنجي بعيون شاردة ما خفي من ملامح البراءة ، وشرح صدره وأضاءه بقلب من بدر استلهم نوره ، تم تفوه بقول من المدى كان مسموعا ، إنك من الوحل أتيت ، وبمثيلي ستأتي عندما يبلغك لسع وجع التراب ، وتسقي بعرقك الأرض ، ومن سنابلها لست آكلا ما تشد به رمقك من قوت ، ولو مقدار ما يخطف الطائر نقرا من العلائق ، فلا تتخذني صاحبا ، فإن الفراق حاضر ، وإني بك بالرحم غير ملاق ، وعليك أن تتخذ أقوالي خليلا ، فإن تصن قول الحكيم في النهى ، فلا تخشى المصاعب من دهر إن هبت صواعقه .
فرفرف بينهما صمت شارد ، ومن أحشائه طرح العجوز ذراعيه ، وتحت الخوافي لهما محتضن ، فتسللت الحفيدة حبوا من تحث جناحه ، وعيناها الحور نبع جدول من سيله تفيض على الوجه ، فكأنها بالندى تطهر منه ما من سخام القهر به عالق ، وأخرجت منها وجبة الجد التي إليه أحضرت ، قدرا من عصر الفخار وقد وشمت عليه النار سخامها ، وبقعره قد تجمدت رقائق من حساء الذرة ، وملعقة خشبية من الإهتراء تآكلت جنباتها، وجرة قزمية الحجم ، فالتهم الجائع منها مقدار ما أغمض فكي الزغب في بطنه ، أما الزنجي فصبر صوما على أكلها ، وشرد عنهما يتأمل شيخوخته وما ترتدي من بؤس، وما تحمل من أكياس الظلم والقهر على قفاه ، وهو مكبل اللسان والقدمين ، يدخن ...و يدخن ، والحفيدة تساعده على ملء الغليون بالتبغ ، وتوقد عود الثقاب ، وتمص ...وتمص وتكح حتى تتولع النار في التبغ ، فيتناول منها الغليون بيد أصابعها المتكلسة ترتعد ، وينفث الدخان من أنفه بنشوة واسترخاء ، ثم تلمس ناصية الغلام بكفه وتكلم دون إبهام ، لقد غصبوا من الطفولة كل شيء ، وضرب بقدمه الممدة على الأرض ، وكأنه من غضب يحاول جلد ما بها من موتى ، جناة على المواليد لما تركوا لهم من ارث بؤس ومع قهره الأرض ، ونظر إلى الصبا بعين متجهمة ونطق في أذن الصدى ، لقد أخذوا كل شيء منا غصبا ، المقاعد والمداخن ، وأقاموا جنة فيها يمرحون لهوا ، وبأقدام دنسة سطوا على ما حوت الأرض من نفع ، وعلى ما بأحشاء البحر من طعام ، ولم يتركوا لنا إلا إرثا من المآثر القديمة والمساجد والسجون ، وأعياد لا تعود إلا بحال ماضيها .
فتلمس أن قطرة عرق حامزة تنزلق من إبطه ، كصخرة تتدحرج عبر المنحدر والى قعر الوادي ، فاقتحم على دوي رعدها ما بسط من بحر عبابه هائج ، منه داهم أمكنة من الحياة كان الولوج إليها محظورا ، وما كاد قوله أسبقه إليه الغلام وهو في خيالاته يقتعد عجوزا بئيسا ، يحتسي الدخان من غليونه ، وهو منه نظير في الخطاب لحفيد منه أتى : إني الآن يا صغيري الزنجي ، ألوح بقبلاتي من المهد على قارب الشيخوخة ، أودع جمال الطبيعة التي منحتنا شيئا مقدسا في الحياة ، إنه الموت ، الأجمل ما يمكن تقديمه للإنسان ، وإني رافض العودة إلى هنا مرة أخرى ، فالجسد مكان هش تصيره الشيخوخة هشيما ، فأدري برميمه بعيدا عن هذا الكون ، حتى لا يختلط نقعه بالطين ، ويتمازجا ويصبحا إنسانا قذرا ، دنسا ينتج للآخر عقائد ودساتير تكون حطبا يحرق بها في محرقة الحياة ، فالعالم المقدس يا صغيري لا يتخيله إلا البؤساء ، والمعابد لا يؤمها إلا الذي بنفسه دبت هزيمة ، فتراه في الوحل يغوص محبطا ، يستنجد بحبل من سراب يرمي به إلى منقذ.
خلعت عنه الفرو ولبسته ، ولكني سأبقى ذاك الولد الطاهر الذي أتى من شهوة الصهيل ، أنقل على عربتي أراملا سدت على أنوثتهن أسرة الليل ، ولم يجدن حلما فيه كن يشتهين العثور على مضاجع فيها يرجون نكاحا ، فأدخلتهم أسيرات إلى أمكنة الرثاء في جسدي ، ففي بطونهن كنت ألهو بلعبة الوجود ، وعند مغادرتي لهن تركت في أحشائهن لعبا لأطفالي ، وركبت نعشا من التراب ، في ذلك المكان لا أتذكر إني كنت لعبة زوجين ، ولا أتذكر كذلك أن هذا الكون قد مر من يقظتي كالطيف ولو في لحظة سهو.
تتبع



#ابن_جرير_الرحماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية وجبة من طحالب الكتابة الجزء الرابع
- رواية الجزء الثالت - وجبة من طحالب الكتابة-
- رواية - وجبة من طحالب الكتابة- الجزء الثاني
- الرواية


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابن جرير الرحماني - رواية - وجبة من طحالب الكتابة- الجزء الخامس