محمود جمد
الحوار المتمدن-العدد: 2540 - 2009 / 1 / 28 - 00:42
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
غياب المُرشحين " الواعدين " وحضور " الزعماء " المُتَوعدين..
في الحملة الانتخابية لمجالس المحافظات!!!؟؟؟
بعد ان انجزت الحكومة بقواتها المسلحة وقوى اجتماعية اساسية مشاركة معها ..واحدة من اهم " وظائف الدولة " ..وهي استعادة الامن – النسبي – للعراق..مما وفر لنا كمواطنين امكانية الحديث عن :
• استكمال السيادة ومكوناتها.
• بناء الدولة ومؤسساتها .
• اطلاق التنمية ومتطلباتها .
• ترسيخ الديمقراطية ومستلزماتها .
• حماية الحرية ومقوماتها.
• تداول السلطة ومنهجياتها.
• الانتخابات وثقافتها.
ومما يلفت الانتباه في اول تجربة انتخابية لمرشحين ضمن "القوائم المفتوحة" هو :
غياب دور اولئك المرشحين في الحملة الانتخابية المتمثل بـ ـ الاتصال المباشر بين المرشح وناخبيه ـ .
ونحن اذ نسعى الى تقويم التجربة لابد من الاستعانة احيانا بمعيار المقارنة بين :
• الماضي والحاضر.
• القرين والقرين.
• الواقع والطموح.
• الامكانيات المتاحة والاهداف المحددة.
خاصة واننا نعرف ان الوظائف الرئيسية لمجالس المحافظات في اي بلد متحضر ..هي:
• اصدار التشريعات التي تؤسس وتطور التنمية الحضرية للاقليم او المحافظة او المدينة والقضاء.
• الرقابة على الحكومة المحلية المنبثقة عن ذلك المجلس المحلي.
• تحليل الواقع الخدمي ووضع المتطلبات لتلبية الاحتياجات لذلك الواقع الخدمي.
كل ذلك يتطلب اتصالا مباشرا ودائما بين عضو المجلس المحلي – او المرشح للمجلس المحلي - وناخبيه.
من هنا تأتي حتمية الدور الذي يؤديه ـ المرشح ـ خلال الحملة الانتخابية ..لأنه جزء اساسي من بناء الديمقراطية كـ ـ نظام وثقافة وسلوك ـ ..ويحقق ذلك الاتصال المباشر غايات لايمكن استبعادها او الاستغناء عنها او تهميشها في العملية الانتخابية..فالاتصال المباشر بين المرشح والناخبين يحقق:
• تَعَرُّفْ الناخبين على مرشحيهم وبالتالي سيرتهم الذاتية.
• الاطلاع على برنامج المرشح ومناقشة بنود ذلك البرنامج وتطويره.
• كشف الناخبين عن احتياجاتهم التنموية والخدمية الفعلية في تلك الدائرة الانتخابية لمرشحيهم.
• انتاج علاقة انتخابية شفافة وثقافة ديمقراطية بناءة في تلك البيئة الاجتماعية التي يجري فيها اللقاء بين المرشح وناخبيه.
• تَرَسُّخْ مبادئ:التداول السلمي للادارة الحكومية.الاختيار الطوعي للمسؤولين.التمييز الواعي بين المرشحين.
• تجلي الاتجاهات الانتخابية التي تميز كل دائرة انتخابية عن غيرها، مما يثري الحياة العامة للمجتمع.
• الكشف عن القيادات الكفوءة التي من الممكن ان تتقلد مهام قيادية على المستوى الوطني.
لكن تجربتنا الحالية لم تكتفِ بطمر الدور الضروري للمرشحين كافراد في الحملة الانتخابية فحسب ، بل انها أقحمت العملية الانتخابية المحلية في صراع "المتحاصصين" ..ووعيد "الاخوة الاعداء" لبعضهم البعض..ووعود "عرقوب" التي لاتُشبِع من جوع!.
فـ:
• حضر " غير المرشحين " من قادة الكتل السياسية ..خطباء في الحشود .. وعلى لوحات الاعلان في الشوارع والمفترقات ، وعلى جدران المباني الحكومية.
• غابَ المرشحون عن ناخبيهم.
• حَضَرَتْ الشعارات الطنانة..والوعود الضبابية ..والمواعظ الغامضة.
• تَعالى التَبشير برغيد العيش في القبور.
• تَفاقمت الدعوة لـ "العفو عما سلف " ..ليُذبَح "الزعيم" مرة اخرى!
• تَصاعدت أدخنة التخوين هنا وهناك.
• غابَتْ برامج التنمية الحضرية.
• تَبددت مطالب الناس الخدمية المُلِحَّة خلف الأدعية الساخنة والوعيد اللاهب.
وصار المواطن " المراقب " الواعي يتساءل:
الى متى الهروب من استحقاقات الواقع؟!
الى متى الهروب من :
• التخلف الحضري الراسخ في عروق وطننا وملامح شعبنا!؟
• نقص الخدمات العامة المستشري في مفاصل الحياة اليومية للناس؟!
• الفساد الاداري والمالي الذي ينخر جسد الدولة والمجتمع!؟
• احتكار الادارات الحكومية بيد الموالين والتابعين للمتحاصصين من عديمي الكفاءة والذمة!؟
• التستر على مفاسد ونهب الموالين والتابعين للمتحاصصين على حساب بؤس الناس وضعف حيلتهم!؟
• المتاجرة بدماء الاموات للتشبث برغيد العيش في الدنيا!؟
• دحرالانسان المُبدع وتمزيق الوطن المُنتج لإعلاء رُفاة ـ الغيتو ـ الطائفي او العُرقي او القبلي او القروي!؟
ان الخطب الصاخبة الاصوات ، والفاقعة الوعود ، والخاوية المضامين ..لن :
• تنتشل الانسان والوطن من التخلف الحضري.
• تُوفر الكهرباء لاقتصادتنا وحياتنا العامة.
• تُنقذ التعليم من التردي المعرفي ، ولن تنشئ مدارس حديثة بديلا لخرائب القصب والطين التي يتلضى فيها ابناؤنا وبناتنا.
• تبني نظاما صحيا يحصن الانسان من الامراض ويعصم الانسان من استجداء العافية من "اصحاب المكرمات".
• تُوفر مصدر للمياه خالية من الاوبئة.
• تُحيل الزرائب التي يحتمي بها ملايين العراقيين الى مساكن تليق بأهل العراق.
• تُنقذ البيئة من التلوث السرطاني الذي خلفته الحروب والسياسات الحمقاء ، والذي ينهش اعمار الالاف من اطفالنا وشيوخنا ونسائنا وشبابنا.
• تُعيد المليارات التي نهبها اللصوص الكبار والـ"الحرامية"ـ المحترفين والهواة.
ان الحملة الانتخابية افرزت مؤشرات مهمة يجب التوقف عندها وتقييمها بموضوعية ومسؤولية وطنية والتعامل معها بيقظة..ومنها:
• انقسام خارطة الوطن وفق سيف المحاصصة المسموم ..
• تخبط القوى المراهنة على الاحتراب الطائفي او العرقي .
• انتفاء وجود المرشحين الطبيعيين للمجالس المحلية ، وتفاقم صورة اللاعبين الرئيسيين في حلبة المحاصصة.
• تصدع التحالفات "التنافقية" المبنية على اسس طائفية او انتهازية او عرقية او حزبية ضيقة الافق.
• اتساع التحرك الاجتماعي المدني ذو المطلوب المطلبي في عموم العراق، مما يؤشر لميلاد قوى اجتماعية وسياسية جديدة تتطلع وتسعى للتغيير.
• تنامي مفهوم و ـ ممارسات ـ المعارضة السلمية البنّاءة داخل العملية السياسية ( السلطة الحاكمة ) ..وداخل بنية الحركات والاحزاب المشاركة فيها ..وداخل المجتمع ، مما ينبئ بظهور ميل مؤثر يدعو الى الخلاص من دولة المحاصصة والانتقال الى دولة الوطن والمواطن.
• تبدد غيوم الاذعان السلبي للسلطة السياسية الدينية او العرقية او الطائفية لدى قطاعات واسعة من السكان ، وميلها نحو ثقافة مساءلة السلطة وـ ـ ربما عصيان اجراءاتها وافكارها التعسفية.
ان مساوئ الحملة الانتخابية ستتحول الى بؤر فاسدة تستوطن في نسيج المجالس القادمة ـ المنتخبة ـ.
والخشية ان يتحول " بازار " الاصوات المزدهر هذه الايام الى جزء من مكونات ـ ديمقراطيتنا ـ المُتبناة..مثلما تحول التستر على الفاسدين في اجهزة الدولة وفي مجالس المحافظات الحالية الى جزء من حصانتها ـ التوافقية ـ!
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟