ريهام اللبودي
الحوار المتمدن-العدد: 2530 - 2009 / 1 / 18 - 07:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الحكومة أم الأحزاب .. أم الحزب الوطني ؟!!
ألم يحن الوقت للحكومة أن تسمح بقدر معقول من التعددية الحزبية الحقيقية بدلاً من وضع الأحزاب كقطع الديكور في صالون الحكومة، فالتجربة الحزبية في مصر لا تزال مشوهه رغم مرورأكثر من 30 عاماً علي ولادتها، ورغم محاولات الحكومة تزيين أشكالها بالطرق المشروعة وغير المشروعة فجمهور الشارع لا يزال في عزلة عن تجربة الأحزاب ولا يعرف من الأحزاب سوى أخبار الصراعات الداخلية لكل حزب.
فمن السبب في فشل التجربة الحزبية في مصر؟ وهل سبب الفشل الحكومة أم الأحزاب أم الحزب الوطني؟ وهل هناك أحزاب بالفعل؟ كيف نعالج هذا الفشل وإنجاح التجربة الحزبية؟ وأسئلة كثيرة نجيب عليها في التحقيق التالي..
،
يقول د. رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات أن التجربة الحزبية في مصر فشلت بمعني أن الأحزاب السياسية الموجود هي عبارة عن بقايا أحزاب ولذلك أتجهت الناس الي منظمات المجتمع المدني (الأهلية) وجماعات الغضب العشوائية أو العنف، حتي صحفياً وإعلامياً أنصرف القراء عن الجرائد الحزبية بعد ظهور الصحف المستقلة وأصبحت بلا فاعلية أو تأثير، فكان يعرف قديماً حزب التجمع بجريدة الأهالي وحزب العمل بجريدة الشعب والوفد بجريدة الوفد، فالمتصدر الآن هو الصحف المستقلة التي استحوذ علي الذوق العام وتصدرت الصحف.
وأضاف الدولة هي السبب، حاصرت أحزاب المعارضة في المقرات ووضعتها في حضانات سياسية وربطت هذه الأحزاب بها سواء من حيث التمويل أو الإعلام.
لم نشهد محاولة لكسر هذا الإحتكار للسلطة كإنتزاع وزارات أو محافظين للمعارضة.
90% الحزب الوطني هو المسئول عن فشل الأحزاب و10% الأخري تعود علي المشاكل الداخلية في الأحزاب المصرية.
وأضاف لابد من معالجة الأسباب وكسر احتكار الحزب الوطني للسلطة والثروة والإعلام في بلادنا.
لابد من قرار شجاع من الدولة وأي عمل آخر يعتبر ترقيع وليس حل فنحن نريد تغيير حقيقي.
ووصف أحمد عبد الهادي رئيس حزب شباب مصر الأحزاب السياسية بـ "صفر" معللاً أنها لم تصل الي مرحلة النضوج، والسبب تتحملة الأحزاب ذاتها بنسبة كبيرة، فالأحزاب القديمة أكتفت بتاريخها حتي د. رفعت السعيد أعترف بأنه منذ عام 1985 لم ينضم عضو جديد الي التجمع، وأيضاً حزب الوفد فشل في إقناع رجل الشارع بما يطالب به خاصةً بعد صراعاته الداخلية (صراع د. نعمان جمعه ومحمود أباظة علي رئاسة الحزب)، وكنا نعول علي التجربة الناصرية ولما أصبح حزب سقطوا سقوط مروع، حتي جماعة الإخوان المسلمين-المحظورة- لما أعطيت الفرصة في مجلس الشعب (88 عضو) فشلت أيضاً. أما الأحزاب الجديدة تحاول وتجتهد وتتحدي المعوقات والإمكانيات الضعيفة إلا أننا نصطدم بتاريخ الأحزاب القديمة المنعزلة عن الحياة السياسية.
وأكد عبد الهادي أن الأمل فيما هو قادم، فالحزب الوطني وصل لمرحلة القناعة بالعمل الجماعي مع الأحزاب وهناك حراك سياسي خلال السنوات الماضية كتعدد مرشحي الرئاسة.
كما علق علي القيود التي تشكو منها الأحزاب مثل المحاصرة في المقرات وموافقة لجنة شئون الأحزاب( التي تضم أعضاء الحزب الوطني) علي الأحزاب المنافسة واحتكار الإعلام و...إلخ بأنها شماعة الظروف التي تستخدمها الأحزاب التي لا تريد التحرك، فلا قيود من قبل الحكومة أو لا من قبل الأمن، والدليل أن حزب شباب مصر يتحرك في مختلف المحافظات.
وعاب علي التحالفات التي تقوم بها الأحزاب وتحولها الي مكلمات بلا تحرك فعلي رافضين الخروج من نطاق القاهرة. فشباب مصر أستطاع أن يخدم المواطنين أفضل من الحزب الوطني- علي حد قوله، وذلك بفضل الأعضاء الذين لم يمارسوا العمل السياسي إلا في شباب مصر دون أن يرثوا الصراعات وذرع المكائد والإنقلابات.
لابد من سن تشريعات قوية وصارمة تجمد أي حزب لا يفعل دوره في الشارع المصري، ويلتزم بأجندة عمل أمام لجنة شئون الأحزاب ويسأل عنه كل حزب، ولو لم ينجز عمله يجمد فوراً حتي يصبح البقاء للأصلح، والأمل فيما هو قادم لا في الأجيال السابقة التي تسببت فيما نحن فيه.
ويقول محمد فرج الأمين العام المساعد لحزب التجمع ومسئول التدريب واعداد القيادات، أنه لابد الإقرار بأن التجربة الحزبية منذ أن عادت في 1976 كان اطارها القانوني يجعلها تجربة حزبية مقيدة تقييداً قانونياً بقانون الأحزاب ولجنة شئون الأحزاب التي لا تسمح بقيام أي حزب إلا عن طريقها والأغرب أن هذه اللجنة لم توافق إلا علي حزبين أو ثلاثة وكل الأحزاب الأخري قامت بأحكام قضائية، فهي لجنة لرفض الأحزاب لا لتشكيل الأحزاب!.
ويضيف: القانون يضع قيود كثيرة علي عمل الأحزاب في الشارع أو الجامعات أو المصانع أو المؤسسات الحكومية أي ترفض عمل أحزاب المعارضة مع الجماهير بالطبع إلا الحزب الوطني الذي لا يعمل كحزب سياسي؛ بل إدارة حكومية تضم كل موظفي الإدارات العليا. هذه القيود الخارجية أثرت علي التجربة الحزبية لكن في نفس الوقت هناك مسئولية علي الأحزاب التي استجابت لهذه القيود ولم تكسر الحصار وحافظت علي الخطوط الحمراء الذي وضعها النظام، وجعل الأحزاب محاصرة داخل مقراتها أو سجينة داخل صحفها وهذا الوضع لا ينشئ أحزاب قوية.
العامل الآخر هو غياب الديمقراطية الحزبية الداخلية في معظم الأحزاب المصرية والتي أدت الي عمليات ركود وكساد سياسي، وفي بعض الأحزاب أدت الي انفجارات كبري وإنشقاقات وخروج بعض الأعضاء من الحزب لمنعهم من التعبير عن أرائهم، وهي نقطة مركبة ليست تقع علي كتف رؤساء الأحزاب فقط؛ بل الضغوط الخارجية وقيد إنشاء الأحزاب، جعل من الصعب علي المجموعات المختلفة أن تنشئ حزب آخر كما كان يحدث في التجربة الأولي للأحزاب قبل 52، فمثلاً كان من السهل أن نري حل للصراع الوفدي (حزب بقيادة محمود أباظة وحزب آخر بقيادة نعمان جمعه).
النقطة الأخري هي العبث ومد الأيادي داخل الأحزاب لإحداث إنشقاقات وصراعات وتدبير انقلابات من الأجهزة الحكومية. فمعظم التجارب والأحداث المؤسفة سواء في الوفد أو العمل أو الأحرار، من الممكن أن نلمح فيها بتداخلات من خارج الأحزاب وعبث أدي الي الصراعات.
وحتي نعالج فشل التجربة الحزبية وبما أن النظام الحاكم ليس من المقدر له أن يستجيب ويغير القوانيين الخاصة بالأحزاب، فأولاً: علي كل حزب أن لا يخضع للخطوط الحمراء وأن يتحرر بشرط أن يكون التعبير عن أراءه بطريقة ديمقراطية وسلمية.
ثانياً: أن تقوم الأحزاب بإنشاء تكتلات حقيقية بين أحزاب المعارضة التي بينها أهداف مشتركة وتتحرك في قضايا بعينها كقضية الإصلاح السياسي والدستوري أو الإصلاح الإجتماعي، كما أدعو الي ائتلاف ليبرالي - كما هو الحال في الإئتلاف الإشتراكي – يضم حزب الوفد والغد والأحرار والجبهة الديمقراطية والجماعات الليبرالية الأخري للإتفاق علي العمل الموحد ومعالجة الوضع البائس للتعددية الحزبية الحالية حتي لا تنهار ونعود الي الحزب الواحد وهذا ما يسعي إليه الحزب الوطني والدليل علي ذلك هجومه علي المعارضة في مؤتمره الأخير.
ريهام اللبودي
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟