أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي يونس - مغالطات حارس التبغ .. الهامشي والخارجي والمقصي















المزيد.....

مغالطات حارس التبغ .. الهامشي والخارجي والمقصي


حسين علي يونس

الحوار المتمدن-العدد: 2516 - 2009 / 1 / 4 - 07:30
المحور: الادب والفن
    


في روايته الاخيرة الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر الموسومة بحارس التبغ يكرر علي بدر اسلوبه الذي خطه لنفسه في بابا سارتر ورسخه في مصابيح اورشليم متتبعا خطى جون فاولس في رواية عشيقة الضابط الفرنسي. حصرا مع تنويعات سوبرية خاصة في كتابه (كازنوفا الرائع) إذ يظل اسلوبه يتوالد بنائيا تبعا لتحرك الجملة وليس لسعة الخيال وتطور البناء الدرامي.
وهذا بالطبع يثقل عمله الروائي بالكثير من الحشو والوصف الذي يقتل العمل ويقلل من قيمته ورغم ان علي بدر يكتب رواية فيها الكثير من سمات الحداثة إلا ان تلك المسلمات تعد احد السمات الملازمة للرواية التقليدية. ان الاعتماد على بناء جملة شائعة او حيلة لغوية كما وردت لدى فاولس واستثمارها لايخدم العمل كثيرا كما ان طابع التقليد يجعل المرء يتساءل عن طبيعة المخيلة لدى الروائي وتجربته فأنت لاتستطيع ان تتأثر بهكذا تجربة وان تمضي معها الى النهاية اي الى اقصى مايمكن ان تقدمه تجربة نسفت تجربة سابقة لها.
يتحدث علي بدر على لسان شخصيته الرئيسة (كلما كنت اتوغل في قراءة ديوان بيسوا اتعرف على هذه الشخصية المثيرة 1926: في الثالث من نوفمبر ولد يوسف سامي صالح من عائلة قوجمان وهي عائلة يهودية عراقية من الطبقة الوسطى اي انه ولد في العام ذاته الذي تم فيه توقيع المعاهدة العراقية ــ البريطانية كتعديل لمعاهدة عام 1922 وقد صادق عليها البرلمان العراقي في 19/1 وفي العام ذاته ولد بدر شاكر السياب اهم شاعر عراقي حديث وولد فؤاد التكرلي اهم روائي عراقي حديث).
هذه الافتتاحية في رواية علي بدر تذكر بإفتتاحية عشيقة الضابط الفرنسي، التفاصيل تكاد تكون واحدة اذا ماغيرنا التواريخ واسماء الاعلام. نورد بعض القطع المختارة لفاوليس لكي نمسك بتلك المقاربة التي لاتخدم الروائي وتعطل من حجم موهبته الاكيدة والواضحة.
يقول فارلس:
(وغني عن القول ان تشارلز لم يكن يعرف شيئا عن الالماني “يقصد كارل ماركس” الذي كان يعمل بهدوء كعادته دوما عصر ذلك اليوم في المتحف البريطاني والذي قدر لعمله بين تلك الجدران الكئيبة ان يثمر ثمرة صحراء عن استهلاكها العشوائي مؤخرا. فان من المؤكد الا يصدقك تشارلز تماما، وعلى الرغم من ذلك فبعد ستة شهور من شهر آذار عام 1867 صدر الجزء الاول من راس المال في هامبورغ).
او قوله في صفحة اخرى من الرواية ذاتها:
(انك تقول ان النساء كن مقيدات بدورهن في ذلك الزمن لكن تذكر تاريخ هذا المساء السادس من نيسان 1867 اي قبل اسبوع من انتهاز (جون ستيوارت مل) الفرصة في مبنى البرلمان في وينتر في اثناء احدى المناقشات المبكرة الخاصة بلائحة الاصلاح يبرهن ان الوقت قد حان الان لإعطاء المرأة الحقوق المتساوية في صناديق الاقتراع وقد قوبلت محاولته الجريئة) هزم الاقتراح بـ193 صوتا مقابل 73 صوتا بينما امتنع الثعلب العجوز دزرائيلي عن التصويت وعلى الرغم من ذلك فان الثلاثين من مارس 1867 تعد النقطة التي يمكن ان تؤرخ بها بداية تحرير المرأة في انكلترا الخ. كذلك يثقل علي بدر روايته بمعلومات ثقافية كما يفعل جون فاولس.
فهذا يتحدث عن اعمال هنري مول او مايكل انجلو بينما يتحدث علي بدر عن جواد سليم وكاظم حيدر وكما يهتم فاولس بالاحصائيات وعقد المقارنات بين وقت ماض وآخر معاش تجد هذه الثيمة موجودة لدى علي بدر الى درجة انه لايستطيع ان يخرج من اسرها.
شخصية علي بدر في (حارس التبغ) مهووسة بشعر بيستو وبحارس التبغ كذلك كان تشارلز في عشيقة الضابط الفرنسي مولع هو الاخر بقراءة دارون وتحديدا باصل الانواع.
وثمة مقاربات كثيرة. لسنا بصدد تعدادها وإنما تقديم نموذج نعتقد انه قريب من جمل علي بدر رغم ان الروائي نفسه اعتمد على (سنة وفاة ريكاردو) للروائي البرتغالي سر ماغوالا وتقليد البنية الاساسية لعمله.
ان روايات علي بدر تحيلك الى روايات اخرى وهي تكاد تكون تجميعية فبإستثناء اللغة لايملك الروائي سارد العمل او سارد بارد العمل اي تكنيك خاص.
وصلت سمحان محبطا تقريبا وكنت اعرف ان لم اسع الى اقامة علاقة اظل بلا عمل تقريبا. يبدو انطلاقا من هذه الجملة ان الروائي بدون هذه التقنية (تقنية التعارف) ان عمله لن يتقدم خطوة الى امام لذلك يظل مواضبا عليها الى نهاية عمله.
فهو يقول مثلا: (قبل ان ترحل كاترينا حسون باشهر، كانت قد عرفتني على مراسلة صحيفة الامير كان تودي نيوز) ثم تقوم هذه بتعريفه على اخرى وهكذا يستمر تطور البناء السردي لديه.
(هكذا بقيت اعمل سرا مع هذه الصحيفة ومع بعض الصحف الاجنبية حتى تعرفت على فرانسوار لوطي).
ويكرر هذه الخدعة السردية مرات ومرات.
(لاادري ان كان هذا خطأ منها على صحفية امريكية وتعرفت هناك على صالح).
(انها هي التي عرفتني على روبرت فنسك).
(بفضل جاكلين كنت حصلت على الكثير من هذه الاعمال).
(في تلك الاثناء اتصلت بي نانسي ، عثرت لي على عمل).
(وقد قامت بتعريفه على جاكلين مغيرب).
وثمة جملا وصفية توضيحية تتكرر على طول الرواية ورغم ان الرواية فيها مقاطع ممتازة الا ان ذلك يصيب العمل في مقتل فهو يقول:
(كان لقائي بسمير قصيرا جدا) (كانت ترتدي ملابس عادية جدا كانت بدينة تقريبا. ترتدي تنورة مربعات وقميصا ازرقا وتلف شعرها بشرابة زرقاء تشبه لون عينيها اما الام فكانت في الخمسين من عمرها، نحيفة جدا شعرها طويل ترميه على كتفيها ترتدي نظارة طبية دائرية وتحمل كتابا بالانكليزية).
(ارى صورة له قديمة جدا)
(وكانت ملابس محتشمة جدا).
(كان نحيفا جدا) (قالت لي هذا الملف مهم جدا)
(كانت نحيفة جدا) (مدينة ملهمة جدا) (كان يتحدث معي بشكل متحمس جدا)
(اظل بلا عمل تقريبا) (وصلت عمان محبطا تقريبا)
(وكلها اشغال ميكانيكية تقريبا) وهكذا في صفحات كثيرة من الرواية.
وتوجد اخطاء تاريخية ومغالطات ومعلومات لااساس لها من الصحة ولاتستند على اية واقعة تأريخية حتى وان كانت الرواية عادة ضد التأريخ. ولكننا نقول ذلك انطلاقا من كون الرواية وثائقية تأريخية ولاتتجاوز اطر الرواية التأريخية التقليدية كما كتبها امين معلوف فمثلا يقول علي بدر:
(عزف كمان مدحت فانتازيا مؤلفة شملت حركات الكاوينزا الاولى بشكل رائع في القصر الرئاسي امام صدام حسين وبعض رموز نظامه) وبالطبع هذا يجعلنا نتساءل عن جدوى هذا المقطع فالعراقيون برمتهم يعرفون ان صدام كان يفضل غناء البدو والغجر ولاتتجاوز حدود معرفته في مجال الموسيقى غير الربابة اما بالنسبة لحاشيته فالامر اسوأ بكثير.
ورغم ان شوارع عمان ضيقة وهي بالكاد تكفي لسيارة واحدة فانه يقول عن شوارع بغداد العريضة (الشوارع اقرب الى الضيق والافتتان)
هذا في العهد الملكي طبعا وفي العهدالجمهوري والتي لم تتغير حتى في عهد صدام مع فارق ان عدد الناس ازداد اضعافا وكذلك عدد السيارات ،اذا فالمعادلة معكوسة كان يفترض ان يقول ان الشوارع كانت عريضة جدا وفيها فائض).
ويقول ايضا:
(اما الثورة فلا تفعل شيئا للناس على الاطلاق ذلك ان البيوت متداعية وسط سحب من الغبار الاصفر والدكاكين رديئة التجهيز وهي اشبه بمكعبات ينقصها الوجه الامامي، الغبار في كل مكان والطرق تملؤها الحفر واعدامات العدالة العسكرية مازالت تعدم والعدد يزداد).
هذا في عهد قاسم طبعا العصر الذهبي لتسعين في المائة من العراقيين.
يتحدث علي بدر عن عهد عبدالكريم قاسم وكأنه عهد مجازر لان الاعدامات كانت على قدم وساق بينما من الثابت تأريخيا ان المهداوي لم يحكم بالاعدام الا على بضعة أشخاص امام احكام الاعدام التي كانت قائمة على قدم وساق فيما بعد مثلما يقول علي بدر فلم تكن تتجاوز اصابع اليد الواحدة.
واذا اردنا ان نتحدث عن منجزات الثورة في اربع سنوات نجد ان العهد الملكي والعهود التي جاءت بعد قاسم لم تقم بربع ما فعلته الثورة من مثل:
1. توزيع مساكن لمئات الالوف من الناس الذين كانوا يسكنون اطراف بغداد.
2. تأميم شركة نفط البصرة.
3. قانون الاصلاح الزراعي.
4. قانون الاحوال المدنية.
5. رفع قيمة الدينار العراقي.
6. ارتفاع مستوى المعيشة.
7. وتحسن الوضع الصحي.
8. مساواة الرجل بالمرأة ذلك القانون الذي اصاب قاسم في الصميم الذي كان يتعارض مع نص القرآن في قضية الارث.
يتحدث علي بدر على لسان إحدى الشخصيات عن نصب الحرية هذا العمل العظيم الخالد الذي هو ابعد مايكون عن فن ايكتش الذي يحتقره المؤلف كما هو واضح، عبر وجهة نظر شخصيته وطريقة عرضه فمن المعروف ان جواد كان يريد ان يجعله شاخصا على الارض الا ان احد المسؤولين المقربين من جواد.
ارتأى غير ذلك إذ كان يعتقد ان العمل لن يصمد طويلا بفعل الايدي التي لم تكن تعرف قيمة النصب وهكذا كان وبشهادة لورنا سليم في كتاب انعام كجه جي فان قاسم لم يتدخل لافي هذا النصب ولاغيره مثلما فعل صدام مع خالد الرحال وعبدالفتاح الترك وفائق حسن والشواهد كثيرة.
بعد ذلك لانستغرب حين يستيقظ (مبهوتا وهو ينظر دبابات القوميين والبعثيين في الشوارع استيقظ وهو يرتجف لرؤية النزعة الشعبية في بغداد على اشد حماستها والروائي طبعا والشخصية المحورية يفزغها دفاع الناس الفقراء عن أنفسم عبر الثورة التي لمسوا انجازاتها بل تلك الانجازات التي لايراها واضع النص او الشخصية المحورية الى درجة انه يفزع حين يرى الضحية تدافع عن نفسها ويبهت من منظر الدبابات التي تسحق الناس ليس إلا.
كذلك يتحدث علي بدر عبد شخصيته بشكل متطرف دون وازع عن فن الكيتش الذي كان لألف من السنين مصدرا واحد الاساليب الناجعة لمعالجة ارواحهم ويربطه بالنظام الديكتاتوري الذي لم يكن في اي يوم شعبيا.
على مر العصور كان الفن الشعبي يساهم في تشذيب مشاعر الناس ، وهكذا كان الحال عندنا نحن الذين مررنا بتغيرات عدمية. وكنا في فترة من فترات حياتنا لانميل الى ذلك النوع من فن الكيتش الذي كان بسيطا ومبتذلا ربما، ولكنه كان طبيعيا بالنسبة لملايين من الناس الذين لم يتح لهم ان ينعموا ببحبوحة المعرفة والثقافة، ولم يسعدهم الحظ بان يحلقوا بسموات بتهوفن وموزارت وفان كوخ وبيكاسو وماركس ونتشه.



#حسين_علي_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي يونس - مغالطات حارس التبغ .. الهامشي والخارجي والمقصي