أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم اسماعيل - (خرج..)














المزيد.....

(خرج..)


ابراهيم اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 2515 - 2009 / 1 / 3 - 04:44
المحور: الادب والفن
    



وضع فنجان القهوة على الطاولة الحديدية القريبة من كرسيه المخملي.. أخذ رشفتين بتلذذ وأشعل سيجارة.. التلفزيون مزعج.. حروب.. كوارث.. مشاكل السياسة.. الإقتصاد.. صراع المصالح.. فوضى تعم البشرية.. العالم يدقّ نواقيس الفناء.
سرح ذهنه للحظات وقد غطى دخان السيجارة المحبوسة بين أصبعيه القصيرين جوّ الغرفة.. رفع نظره بميكانيكية وجلس يرقب الدّخان.. ما أجمل حركته.. أنه حرّ.. حسده.. قال في نفسه: لا معنى لكل هذا الدخان.. لماذا أعطيه الحرية ولا أقدر أن اعطي لنفسي القليل منها.. سحب المطفأة من دولاب الطاولة التي أمامه وأطفأها.. تذكر إنه خارج البلد للدراسة.. تذكر عائلته.. أخوته الحديثي السنّ.. وجوههم المستديرة تخبره بأن الأمل يُوجد في هذه الحياة.. كانت أخته الجالسة على طرف رجليه تسأله في براءة.. لماذا تحبّ أن تقبلني.. أبتسم لبرهة.. حاول تذكر المدة التي قضاها.. كانت قصيرة في حسابه التقويمي.. على الرغم من أحساسه اللا شعوري بمكوثه لسنين عدة في هذا المكان.. جال بعينيه في المكان.. طاولة الدراسة.. السرير.. دولاب الملابس.. لا يستطيع إستحضار أوقاتٌ مرتبطة بالأشياء المحيطة به.. ما عدا صورته في البرواز الخشبي الراكنة أعلى سريره.. أسترجع جميع العلاقات التي أقامها في الجامعة.. النادي الثقافي الذي كان يتردد عليه.. تلاشت أسماؤهم من محيط ذاكرته.. تحولوا الى أصوات رتيبة على السماعات.. ألتفت اليه.. رآه صامتا لا يبدي حراكاً.. قرر الأتصال بالمؤسسة والغاء خدمة هذا الهاتف اللعين.. تناول رزمة الأوراق الجاثية فوق طاولة الطعام الزجاجية.. فواتير.. متطلبات.. عليك القيام بهذا وذاك.. القانون يقف كالقلق.. حاصرته هذه السخافات.. وقعت في يده صورة فتاة نائمة مرسومة بحذاقة.. كانت بطاقة تهنئة.. كانت بلا توقيع ..أمه.. تساءل.. أين هي الآن؟.. ماذا تفعل؟.. أراد الإتصال بها.. رفع السماعة وطلب رقمها.. نظر إلى الساعة بالصدفة.. كانت الساعة لا تعني له شيئاً.. تشير إلى الثالثة صباحاً.. لعلها نائمة.. لا بل كانت تناديني.. أتنتظر إتصالي؟
آلو...من المتكلم.. كان صوتها بعيداً.. كغربته.. أكنت تنتظرينني..؟ أمي.. أنا.. قطعت جوابهُ بكحة جافة.. تذكر شفتيها.. قبلاتها بين عينيه عندما كان يذهب الى المدرسة كل صباح.. أهلا حبيبي..لقد حاولت الأتصال بك..طمنني عليك يا.. لا عليك يا أماه.. كنت مشغولاً...آآه متى حاولتِ الأتصال بيَ..؟ قبل دقائق قليلة.. هل يُعقل اني لم أدركه ؟.. أعتذر منها.. نصحته بالحذر من نزلات البرد.. تراءت له صورة صدرها الأبيض وهو يُعيد ترتيب الأوراق.. ألم تسمعي حزني.. لم يستطيع أن يتهمها بالقسوة.. أبعدها من مخيلته صوتٌ صادرٌ من الممر المؤدي إلى باب الغرفة.. هرول.. أدار القفل عكس عقارب الساعة.. لم يرَ شيئاً.. داخلَه خوفٌ.. أكان حلماً؟.. هل تريد الحضور معي..؟ من أنت..؟ أنا حريتك.. أنتظرني حتى أغير ملابسي.. وأغلق الباب وراءه باحثاً عن الصوت.. حريته..

لندن 31-12-2008



#ابراهيم_اسماعيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نار..حلم..يقظة
- محطات..


المزيد.....




- تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية ...
- إطلالة على ثقافة الصحة النفسية في مجتمعنا
- مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة
- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم اسماعيل - (خرج..)