أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - غياث المدهون - الشعر الفلسطيني والسياسة/ كيف خربوا قصائدنا














المزيد.....

الشعر الفلسطيني والسياسة/ كيف خربوا قصائدنا


غياث المدهون

الحوار المتمدن-العدد: 2504 - 2008 / 12 / 23 - 05:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا أعتقد أنَّ هناك شيئاً أضرُّ بالنمو الطبيعي للحداثة الشعرية العربية منذ/ بعد بدايتها، كما فعلت تأثيرات القضية الفلسطينية على شكل ومضمون الشعر العربي ككل، إنْ بشكل مباشر أو غير مباشر.. وهو ما يضيف سبباً آخر لكرهنا لإسرائيل (هذا البلد الذي خرَّب قصائدنا)..
نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى لوقفة مراجعة حقيقية نشرِّح من خلالها المنتج الشعري العربي خلال العقود الأخيرة، ونستطيع بعدها الفرز بين الشعر وبين ما تسلَّل إلى الشعر تحت غطاء السياسة والالتزام، صحيح أنَّ الشعر العربي عبر تاريخه الطويل الذي يقارب خمسة عشر قرناً قد مرَّ بالكثير من التحولات، لكنها ظلَّت في إطار ينبثق من الشعر ويحوم حوله، ورغم أنَّ بعض هذه التحولات قد أصابت الشكل والجرس الموسيقي كما فعلت الموشحات الأندلسية، وبعضها تجرَّأت ولامست المضمون كما حاول أن يفعل أبو تمام، وفي بعض الأحيان أبو نواس، لكن هذه المحاولات الخجولة بقيت تصبُّ في نفس المنحى الذي سارت عليه القصيدة العربية، وحافظت على صلة مع الموضوعات التي حكمت الشعر العربي منذ بدايته، فلم تخرج عن إطار المدح والفخر والرثاء والهجاء والغزل والنسيب، أما حين جاء الوقت الذي ظهر فيه من يتجرَّأ على كسر هذا التابو، أي في النصف الأول من القرن العشرين، وبدأت بوادر القصيدة المتحرِّرة من قفص الشكل والمضمون بالظهور، والتي كان رائدها السياب بلا منازع، وحين حاولت القصيدة العربية أنْ تستعيد ألقها فاتحة نوافذ جديدة لتطلَّ منها بعد أن ظلَّت رهينة الظل طوال العصر المملوكي والعثماني، وتشكَّلت براعم نصٍّ شعري مختلف ومغاير وظَّف التفاصيل الصغرى والهموم الإنسانية اليومية، مبتعداً عن الخطاب القديم المتعالي الذي يضع الشاعر في صفِّ الأنبياء والمقدسين، وخرجت من قمقم الموضوعات التي حكمتها لقرون طويلة، في نقطة التحوُّل تلك؛ أُجهض المشروع الشعري العربي بمعنىً أو بآخر وأخذ منحى مغايراً أدخل القصيدة في إرهاصات ابتعدت بها عن لبِّ الشعر وتشعبات انتهت به ليصبح أشبه بمنشور حزبي أو بيان سياسي أعتقد وبرأيي الشخصي أنَّ لتأثيرات القضية الفلسطينية دوراً كبيراً في ذلك. فالقضية الفلسطينية بما تحمل من عدالة، استطاعت أن تكسب التعاطف معها وجرَّت الشعراء وأقلامهم نحوها، وبما أنها قضية سياسية بامتياز، فقد جاء النصُّ الشعري المنبثق منها وحولها سياسياً بامتياز، فاستنزفت المشروع الشعري العربي بمواضيع كبرى وهمٍّ جمعي، وابتعدت به نحو صيغة من الكتابة يغلب فيها الحماس على العاطفة الحقيقية، حتى أصبحت المواضيع اليومية البسيطة التي تتحدَّث عن الإنسان بتفاصيله الروتينية وأحاسيسه المغرقة في اللاشعور ومشكلاته وحبه وتناقضاته وتردّده، أصبحت مواضيع صغرى وهامشية أمام موضوعها الذي طغى على أي صوت آخر، وبات الصوت الفردي الخافت الذي ينبش في لب الأحاسيس خجولاً أمام طروحاتها، ثلاثة عقود كاملة طغت فيها المنبرية على الشاعرية، والخطابة على الإحساس العميق، والمباشرة على التلميح والهمس، ثلاثة عقود بقيت التجارب الحقيقية (التي ظلَّت تقاوم في الظل ومازالت) مهمَّشة وجانبية، بينما طافت على السطح فقاقيع القصائد الطنانة، هكذا أصبح الشعر في أغلب دول العالم في وادٍ ونحن في وادٍ آخر، نرى الشعر ونفهمه عكس الآخرين، حتى بتنا وباتت جرائدنا وكتبنا ونقادنا يطلقون على الشعر الحقيقي الهامس والمراوغ وحمال الأوجة اسم النبرة الخافتة أو النبرة الهادئة، وكأن بنا نقول إنَّ ذلك المنشور الحزبي الرنان أصبح شعراً، أما الشعر الحقيقي فما هو إلا صوت خجول أمامه، ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، بل إنَّ ذائقة الجمهور ـ وهنا الطامة الكبرى ـ تغيَّرت، فهذا الجمهور المهزوم -إن لم نقل المهزوم في أغلب نواحي حياته- بات يبحث عن متنفس وجده في العبارات الطنانة والخطابية العالية والشتائم المترافقة بالحماس، فأصبح لا يصفِّق في الأمسيات الشعرية إلا عند ورود هذه العبارات، وأصبح مقياس جودة الشاعر يتناسب طرداً مع حجم الهتافات والكليشهات السياسية الجاهزة التي يطلقها على المنبر، وعلى سيرة يطلقها فقد سمعت أنَّه في بعض الأمسيات الشعرية في السبعينيات، وعند وصول الشاعر إلى مقطع حماسي، تنطلق زغاريد النساء الحاضرات مع إطلاق نار كثيف من الشباب الحاضرين، حتى وكأن الحاضرين في عرس وليس في أمسية شعرية، أما الأنكى من ذلك فهو تعويم هذه الظاهرة من قبل بعض الدول والمنظمات والأحزاب السياسية، وترسيخها من خلال المهرجانات والاحتفالات والجوائز وصولاً إلى المناهج المدرسية. في الكلام حول تأثيرات القضية الفلسطينية على الشعر، فإنني لا أخصُّ التجربة الشعرية الفلسطينية دون غيرها، بل أكاد أرى أنَّ الشعراء الفلسطينين كانوا الأقل تضرراً، ربما لانتمائهم لهذه القضية شخصياً ومعايشتها يومياً، فأصبحت كتاباتهم عنها وكأنها عن يوميات حياتهم، بينما كانت تأثيراتها على بعض الشعراء العرب غير الفلسطينيين أكبر بكثير، وخاصة حين تسمع نصوصاً طنانة لشعراء لم تقع عليهم تأثيرات هذه القضية لا من قريب ولا من بعيد بل على العكس من ذلك كانوا بعيدين كل البعد عن كل ما يمسُّ هذه القضية وإرهاصاتها. أسماء كثيرة انجرفت مع التيار، بل وبالغت في التمسك به، وحقَّقت جماهيرية عالية، وحشوداً ضخمة في أمسياتها، ولا أحد ينسى الجماهير الغفيرة لأيمن أبو شعر، وللكثير من شعراء الأحزاب، والتي بدأت تخبو تدريجياً مع مرور الوقت، أيضاً هناك بعض التجارب التي حملت في طياتها شعراً حقيقياً وقصائد لا تنسى رغم خطابيتها العالية، وأعتقد أنها لولا هذه المباشرة في الطرح، لاستطاعت أن تضيف الكثير إلى التجربة الشعرية العربية، ولكان شعراء- مثل مظفر النواب وسميح القاسم- يقرؤون الآن دون أي شعور بالغربة عن قصائدهم التي بتنا نشعر أنها لزمنٍ آخر غير زمننا رغم أنَّ فلسطين لم ترجع حتى الآن، ولم يتغيَّر أي شيء.




#غياث_المدهون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير خارجية إسرائيل: مصر هي من عليها إعادة فتح معبر رفح
- إحباط هجوم أوكراني جديد على بيلغورود
- ترامب ينتقد الرسوم الجمركية على واردات صينية ويصفها -بغير ال ...
- السعودية.. كمين أمني للقبض على مقيمين مصريين والكشف عن السبب ...
- فتاة أوبر: واقعة اعتداء جديدة في مصر ومطالبات لشركة أوبر بضم ...
- الجزائر: غرق 5 أطفال في متنزه الصابلات أثناء رحلة مدرسية وال ...
- تشات جي بي تي- 4 أو: برنامج الدردشة الآلي الجديد -ثرثار- ويح ...
- جدل حول أسباب وفاة -جوجو- العابرة جنسيا في سجن للرجال في الع ...
- قناة مغربية تدعي استخدام التلفزيون الجزائري الذكاء الاصطناعي ...
- الفاشر تحت الحصار -يمكنك أن تأكل الليلة، ولكن ليس غداً-


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - غياث المدهون - الشعر الفلسطيني والسياسة/ كيف خربوا قصائدنا