الدستور المؤقت ومنطق ))الفهلوة(( الساذجه : ماذا ربح الاكراد وماذا خسروا...؟

المكتب الاعلامي للتيار الوطني الديمقراطي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 769 - 2004 / 3 / 10 - 10:39
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

كتب المحلل السياسي :

جرى التوقيع اخيرا على مايسمى الدستور المؤقت او قانون إدارة الدولة الانتقالي ، ولم يمر هذا الحدث من دون ضجيج ومصادفات مزعجه ومشوقه قيل انها كادت تمنع توقيعه وعموما فلقد ادت الى تاخير هذا الحدث لبضعة ايام ، ولااحد يعرف شيئا عن حقيقة ماجرى في الايام الاخيرة او نسبة الجد والحقيقه الى المهزلة والافتعال الفج فيها ، ويتسائل الناس غير مصدقين : ماالذي جعل بعض القوى تعلن استنكافها عن التوقيع واعتراضها الشديد المفاجئ على بعض بنود الدستور العتيد ، ثم عودتها اللاحقة والسريعه ، وثمة هنا شيء غير مفهوم ولامنطقي الا اذا اعتبرنا الموجودين في مجلس الحكم ومرة اخرى من دون حول ولاقوه وانهم قد سيقوا الى الموافقه بالقوة والاكراه .
ولكن على ماذا كان يمكن لهؤلاء ان يعترضوا ؟ على الانتصار الكردي او ما يبدو وكأنه كذلك أم على الهزيمة ))الاسلاميه ((او مايبدو وكانه كذلك . البعض خافوا واصيبوا بالقنوط لان العراق لم يعد عربيا وبعضهم كانوا يعتقدون ان العراق اصبح منذ اليوم محكوما بمنطق القوى والحركات الاسلاميه ففاجاهم الدستور المؤقت بعدم اقراره هذا المآل ، وهو اقدم قبل ذلك على الغاء قانون رقم 137 مجبرا حتى لا يبدو السيد بريمر والمحتلين الامريكيين أعداء للنساء العراقيات وحقوقهن ، وكثيرون اعتبروا انفسهم وقد اصبحوا رهائن للقرار الكردي ولرغبة القوى الكرديه التي حصلت على حق تعطيل اي قرار مقبل لايوافقها ولاتريده حتى وان حظي باجماع العراقيين قاطبه .
لا احد حتى الان جرب ان ينظر الى الدستور المؤقت باعتبارواقعه وبصفته تعبيرا عن متاهه لا افق لها تركت العراقيين معلقين وحيارى ، ومن الزاوية التي عدها البعض نقيصة وثلما للحقوق العراقيه العامه واعتبرها البعض انتصارا تاريخيا للاكراد بالذات يمكن ان نرى هذا الامتداد اللامحدود العائم والمتروك ، ومعه مصير العراقيين ومستقبلهم الى اللاشئ ان لم يكن للاهواء الانيه ولمنطق الفهلوة الساذجه التي تعتقد بانها أصل الحكمة والمهارة والحنكة السياسية .
فهل حقق الاكراد بالفعل نصرا وحصلوا على مايريدون وزيادة كما يقول البعض ، هاهم اولا قد تخلوا عن كركوك وهذه قضيه ليست هينه لانعرف كيف ستتمكن القوى الكرديه المسلحة من معالجتها داخليا بحيث ترضي اولئك الذين تمت تعبئتهم على مدى زمني طويل على فكرة كردستان وضمنها كركوك مع المطالبة بنظام الاقليمين ؟ وبالمقابل لا نعرف ماذا سيقول قادة الحركات الكردية المسلحة للاكراد بخصوص المستقبل وهل هم يعتقدون بالفعل بانهم قد ضمنوا اي شئ لهؤلاء عندما ياتي موعد وضع القانون الاساسي الدائم ويصبح الشعب العراقي قادرا على قول كلمته بحرية ومن دون سطوة الدبابات الامريكيه ؟
يستطيع جلال الطالباني او مسعود البارزاني ان يوهم بعض الناس باسطورة قدرة ثلثي سكان ثلاث محافظات متجاورة على ابطال اي قرار يجري اتخاذه في مستقبلا ولا يتماشى مع رغبة تلك المحافظات ، ولكن احدا من النابهين والمدققين لن يصدق هذه الخرافه ، لانها موضوعة كحق غير حصري اي هي معممة على العراقيين جميعا فمن الممكن وقتها ان تستفتي ثلاث محافظات عراقيه اخرى ويقول ثلثاها بانهم غير موافقين على اي قرار يعطي الاكراد اكثر مما يستحقون ، وستكون الافعال وردود الافعال وقتها مفتوحه وتتحول الى لعبة تذكر الناس بالدجاجة والبيضه ، وهكذا يكون الاكراد او ممثليهم قد خسروا عمليا اليوم مع كركوك ونظام الاقليمين قضية الفيدراليه التي ظلوا يصرون عليها بقوة ووضعوها موضع الشرط غير القابل للنقاش .
كانما لم يوضع دستور ولاهم يحزنون فكل بند يمكن ان نجد ثلاث محافظات تقوم للاعتراض عليه قيتوقف ويجمد : مسالة عروبة العراق سنجد من الان من يعترض عليها بنسبة مائة بالمائه في المحافظات الغربيه ، مسالة الفيدراليه كذلك ومسالة موقع الاسلام من التشريع وكل مايتعلق بتركيب الدولة وتوزيع المناصب وغيره ، فهل وضع والحالة هذه اليوم دستور مؤقت للعراق ام لم يوضع ؟ وهل كسب احد ما شيئا من كل هذه المهزلة ، ام ان العراق قد خسر شيئا من وقته وسمعته ومكانته القانونيه والسياسيه بنظر العالم ؟
لاشئ يمكن ان يقال بناء عليه سوى ان هؤلاء الذين وضعوا في سدة السلطة هم اناس غير مؤهلين وغيرجديرين باية مهمه او مسؤوليه وتخبطاتهم هم وحاكمهم الامريكي تكاد تصبح مثالا على الجهل والاعتباط والكيفيفه المزريه فهل للعراق والعراقيين من امل ؟
يكمن الامل ربما في هذه الماساة نفسها فحيث يتاكد العراقيون والعالم من هذه المهزله ، يصبح النداء الطبيعي والمنطقي هو الاقرب الى خيارات وفهم كل الاحرار والمناهضين للاحتلال والمتعاونين معه ولايعود هنالك من طريق غير طريق التوافق عبر اجتماع كل مكونات الشعب العراقي في مجلس تاسيسي مستقل عن الاحتلال ويمثل الارادة الحرة للشعب العراقي حيث يحقق الجميع مصالحهم واهدافهم ضمن اطار الوحدة الوطنيه ومن دون غلبة لاي طرف على الاطراف الاخرى ان عراقا توافقيا حرا هو الضمانة الوحيدة لكل مكونات العراق وهو السبيل الى ضمان حقوق ثابته وليس الى مجرد قرارات غير قابلة للتطبيق ولاتستند الى اية ضمانه او شرعية حتى بالمعني القانوني الذي يرمز له التوقيع على الدستور المؤقت اليوم .
العراقيون يواجهون حاليا بناء الدولة العراقيه الثانيه وهذه مهمة تاريخيه كبرى تجري في ظروف عالمية جديده وهي لايمكن ابدا ان تتحقق بمنطق الفهلوة واقتناص الفرص واللعب في الوقت الضائع وخصوصا ليس بالسذاجة المزرية التي نمت عنها هذه الوثيقه المتاهة التي تستحق ان تكون صك ادانة يحكم بها على الموقعين عليها بالاستقالة من كل مسؤوليه ومن ممارسة اي عمل سياسي .

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات