أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نسرين مزاوي - أزمة السيولة المصرفية في قطاع غزة: تحدي آليات القمع الاقتصادية - مفاهيم في البطالة والمال















المزيد.....

أزمة السيولة المصرفية في قطاع غزة: تحدي آليات القمع الاقتصادية - مفاهيم في البطالة والمال


نسرين مزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2497 - 2008 / 12 / 16 - 08:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


(بأي حال عدت يا عيد)

ربما ما يحدث في قطاع غزة هذه الأيام من انعدام السيولة المالية ليس بالفريد لقطاع غزة، فقد تنعدم السيولة المالية لأسباب عديدة ومنها الأزمات الاقتصادية ومنها الأسباب السياسية كالمقاطعة أو محاولة توجيه السوق بحسب رؤيا اقتصادية معينة.

لن أتطرق مباشرة إلى أزمة السيولة المالية في قطاع غزة، لكن ما سأطرحه مرتبط ارتباط مباشر بما يحدث في غزة أو الضفة أو أي مكان أخر يعاني من قمع اقتصادي، كذلك فأن الموضوع مرتبط ارتباط مباشر بالقضايا البيئية محلياً وعالمياً ولن يسعني التطرق إلى هذه هنا وسأحاول ذلك في مقالات لاحقة.

عادة ما يقف خلف شبح البطالة عاملين أساسيين الأول فائض في الأيدي العاملة أو بكلمات أخرى عدم وجود حاجة إلى هذه الأيدي العاملة، والثاني عدم وجود مال لتمويل هذه الأيدي العاملة، وقد يدعي بعض الغوغائيون بأن العاطلين عن العمل هم أشخاص كسالى لا يريدون العمل لكن باعتبار أن هذه ليست هي الحالة العامة إنما الخارج عن العام فلن أتطرق إلى هذا الادعاء هنا.

يصعب علي تخيل شخص بصحة سليمة يستطيع القيام بعدة أمور أو أعمال، تعود بالفائدة على أو يحتاجها شخص أخر في المجتمع، عاطل عن العمل لأحد السببين الوهميين المذكورين أعلاه.

إحدى الاستراتيجيات التي اتبعها النظام الأمريكي تحت قيادة روزفلت سنة 1932 للخروج من الأزمة الاقتصادية الكبرى التي حلت بالعالم في أواخر العشرينات من ذلك القرن، كانت المبادرة إلى خلق أماكن عمل بواسطة المبادرة إلى مشاريع محلية وقومية، مثل عمليات التشجير وتقليم الحدائق العامة، شق الشوارع، بناء سدود وتطوير محطات طاقة وما شابه. كل هذه العمليات عادة بالفائدة على المجتمع الأمريكي ووفرت خلال تسعة أعوام ثمانية ملايين مكان عمل في 250 ألف مشروع في أرجاء الولايات المتحدة لثمانية ملايين عاطلين عن العمل في بداية العقد السابق.

أذاً فالبطالة هي شبح ويمكن لأي حكومة أو سلطة أو قيادة شعبية محلية جماهيرية أن تتخطاه، ولكن....... كيف يتم دفع الأجر في حالة عدم وجود المال؟!!!!

للإجابة على هذا السؤال سأعتمد مستويين الأول مستوى الحكومات والمؤسسات الاقتصادية الكلاسيكية، والثاني وهو الأهم حيث يشكل آلية مقاومة اقتصادية في أيدي الجماهير القيادات الشعبية والمجتمعات المحلية، وهو يتطرق إلى مفهومنا للمال تعاملنا معه ودوره في تحريك الدورة الإنتاجية محلياً وعالمياً.

عودة إلى أزمة ال1927 والاستراتيجيات الأمريكية، من المثير في الأمر أن النظام الرأسمالي الأمريكي اعتمد في إستراتيجيته للخروج من الأزمة المالية آليات الضمان والرفاه الاجتماعي فبالإضافة إلى خلق الملايين من أماكن العمل قامت الحكومة الأمريكية بإعطاء منح تعليمية وقروض بشروط سهلة ووفرت الدعم المادي للمحتاجين، بالإضافة إلى مِنح وجوائز مالية وزعت على الكتاب والفنانين وبهذا ساهمت في تطوير الثقافة وسهلت مناليتها لدى فئات مختلفة من المواطنين.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: من أين أتت الولايات المتحدة بهذه الأموال خلال أزمة اقتصادية من أكبر الأزمات التي شهدها العالم حتى تلك السنوات؟ وربما من الأصح أن نسأل كيف ومن أين "خلقت" الولايات المتحدة هذه الأموال للخروج من ركودها الاقتصادي؟!!! وهي بالفعل "خلقت" هذه الأموال فجزأ منها بالدين مقالب سندات ضمان أو سندات توفير تقوم الحكومة بإصدارها وبيعها للمواطنين ولدول أخرى، (ديون الولايات المتحدة للصين واليابان ودول أخرى، تزيد عن عشرة الأف مليارد دولار، وهي تفوق ديون الأرجنتين للبنك الدولي في أزمتها الاقتصادية عام 2001، 130 مليارد)، والجزء الأخر قامت بإنتاجه أي بطباعته بكل معنى الكلمة، طبعاً آخذة بالحسبان التضخم المالي وعوامل اقتصادية كلاسيكية أخرى لن أتطرق إليها هنا، لكن الأهم في الموضوع ان الأوراق النقدية ما هي إلا أوراق مرسومة يتفق الجميع على احترامها وإعطائها قيمة معينة لتقييم عمل معيين أو نتاج لعمل معيين قام شخص ما أو عدة أشخاص القيام به ويمكن طباعتها في كل لحظة من الزمن.

أذا كانت الأموال وسيلة لقياس/تقييم عمل/نتاج عمل معين كما هي الساعة وسيلة لقياس/تقييم الزمن وكما هو المتر وسيلة لقياس/تقييم المساحة فهل يتوقف الزمن عند توقف الساعة، وهل تنعدم المساحة في غياب المتر فكيف يتعسر العمل/الإنتاج/التداول/المقايضة في غياب الأموال، كيف للسيولة البنكية أن تتحكم في الإرادة المجتمعية للعمل والحياة كيف للركود الاقتصادي أن يتحول إلى ركود إنتاجي، أين المنطق في هذا؟؟!! فإن تحولت الآليات الاقتصادية إلى آليات قمعية في أيدي السلطة تستخدم للسيطرة وللعقاب فهل لنا أن نستسلم لهذه النماذج ولهذه المعايير أم يمكن لنا البحث عن والسعي وراء نماذج ومعايير جديدة تقلب الواقع وتكسر أسر الوهم والمال؟!!

نماذج اقتصادية بديلة - اقتصاد محلي جماهيري

أحدى الاستراتيجيات التي تستعملها العديد من المجموعات في الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، أمريكا ألاتينية ودول أوروبية ومنها هولندا، بلجيكيا وألمانيا لتعزيز المجتمعات المحلية ولصد استنزاف النظام المالي العصري للطاقات البشرية وللثروات المجتمعية والبيئية المحلية هي التداول بعملة محلية تقوم هذه المجموعات بإنتاجها /طباعتها بنفسها، هذه العملة لا ترتبط بفوائد مستقبلية، على مثال المصارف الإسلامية، ولا يمكن التداول بها خارج الأطر المحلية أي ليس لها قيمة خارج المجتمع المحلي وبهذا يمنع استنزافها إلى الخارج وهكذا تقوم بدورها الأولي وهو تحريك عمليات التداول والإنتاج داخل المجتمع.

هذه النماذج يعود تاريخها إلى التسعينات من القرن السابق أو ربما أكثر ويمكن قراءة المزيد عن مجموعات مختلفة تقوم بإنتاج وطباعة عملتها بنفسها: LETS - local exchange trade system وليس بالمفاجئ أن بعضهم أطلق عليها اسم: دولارات الحرية أو دولارات المساواة أو كتب عليها in community we trust، فهي تحرر المجتمعات المحلية من سيطرة رأس المال تعيد لهم حيويتهم وكرامتهم وتحيي ثقافتهم تراثهم وتعزز البنية الاجتماعية.

نموذج أخر هو بنك الوقت: وفيه يتم التداول بالساعات، ساعة مقابل ساعة. في إسرائيل كانت هناك محاولة لتفعيل بنك وقت في بعض الأحياء في القدس إلا أن هذه المحاولة كانت فاشلة لعدة أسباب منها أنها تحولت إلى عمل تطوعي خيري ولم يتعامل الناس معها كنظام بديل. احد أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك هو القانون الإسرائيلي الذي يمنع هذه النماذج البديلة حيث لا يستطيع النظام أن يفرض ضريبة الدخل على هذه النماذج بالإضافة إلى أنها قد تؤدي إلى خروج كم لا يستهان به من الأموال/الأرقام من معايير ومقاييس النمو الاقتصادي والدورة الاقتصادية "الوطنية" وبهذا يمنع القانون الإسرائيلي، متجاهلاً الفوائد الاجتماعية التي تعود فيها هذه الطرق على المجتمع وعلى تنميته، تبادل ساعات عمل مهنية ويمكنك فقط تبادل "ساعات الهواية" أو كل ما لا تعتمده لمعيشتك.

كذلك كانت هناك محاولة أخرى، دامت لعدة سنوات إلا أنها توقفت عن العمل للسبب ذاته.

في بعض النماذج تعتمد هذه النظم تعاون بين السلطة المحلية والسكان، حيث تأخذ البلدية دور في تنظيم وتشجيع التداول بالعملة المحلية حيث تقوم بدفع اجر الموظفين وتلقي الضرائب البلدية بعملة محلية.

وأخيراً هذه النماذج والنظم لا يمكنها أن تكون بديلة للنظام المالي الحالي، لكنها قد تكون جزء من نظام بديل يعتمد ثلاث مستويات اقتصادية، عالمي، وطني ومحلي حيث يمكّن هذا الفصل من السيطرة على مطامح الرأسمالية ولجم رسنها.

عودة إلى غزة، أولاً لماذا لا يبادر الشعب الفلسطيني بطباعة أمواله بذاته، فإذا كان لمؤسسة أو لأخرى عشرة ملايين دولار محتجزين في الخارج فلتقوم بطباعة عشرة ملايين ليرة/دينار فلسطيني حيث تعتمد هذه الأموال المحتجزة في الخارج كما اعتمد الذهب في السابق. ثانياً لماذا لا يمتنع الفلسطينيين عن التداول بالشاقل الإسرائيلي فيما بينهم بتاتاً فكل تداول كهذا يضاف بشكل ايجابي إلى مؤشر النمو الاقتصادي الإسرائيلي، الذي يعتبره الكثير من السياسيين كمؤشر نجاح، فإذا كان الاحتلال ذو مقومات اقتصادية فوجب على المقاومة أيضا أن تتحلى بمقومات اقتصادية.

(وينعاد علينا بحال أفضل من هذا الحال)

الكاتبة: نسرين مزاوي، محاضرة ومستشارة تنموية في مجالي البيئة والجندر، ناشطة اجتماعية حاصلة على اللقب الثاني في أدارة موارد بيئية وطبيعية واللقب الأول في علم الأحياء.



#نسرين_مزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...
- شاهد.. آلاف الطائرات المسيرة تضيء سماء سيول بعرض مذهل
- نائب وزير الدفاع البولندي سابقا يدعو إلى انشاء حقول ألغام عل ...
- قطر ترد على اتهامها بدعم المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجا ...
- الجيش الجزائري يعلن القضاء على -أبو ضحى- (صور)
- الولايات المتحدة.. مؤيدون لإسرائيل يحاولون الاشتباك مع الطلب ...
- زيلينسكي يكشف أسس اتفاقية أمنية ثنائية تتم صياغتها مع واشنطن ...
- فيديو جديد لاغتنام الجيش الروسي أسلحة غربية بينها كاسحة -أبر ...
- قلق غربي يتصاعد.. توسع رقعة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين
- لقطات جوية لآثار أعاصير مدمرة سوت أحياء مدينة أمريكية بالأرض ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نسرين مزاوي - أزمة السيولة المصرفية في قطاع غزة: تحدي آليات القمع الاقتصادية - مفاهيم في البطالة والمال