أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صابر أحمد عبدالباقي - حقوق الإنسان بين العالمية والنسبية الثقافية















المزيد.....

حقوق الإنسان بين العالمية والنسبية الثقافية


صابر أحمد عبدالباقي

الحوار المتمدن-العدد: 2495 - 2008 / 12 / 14 - 10:04
المحور: حقوق الانسان
    


تعد قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا المطروحة حالياً على الساحة السياسية، و التي احتلت الصدارة والاهتمام العالمي والمحلي. فعلى الصعيد العالمي وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ظهرت الحاجة للسلم العالمي وضرورة خلق توازن دولي، إضافة إلى سعي عدد من الشعوب لتحقيق استقلالها وبناء الدولة الوطنية، فظهرت هيئات ومنظمات المجتمع الدولي المعنية بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، والتي انبثقت عنها العديد من الإعلانات والاتفاقيات الدولية في شتى مجالات الحقوق الإنسانية، والتي كان من أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948.

وقد لوحظ في السنوات الأخيرة محاولات متعددة من قبل منظمات دولية وغيرها لتوسيع إطار حقوق الإنسان؛ فبالإضافة إلى الحق في الكلام وحرية التعبير، والمساواة أمام القانون، حاولت هذه المنظمات التأكيد على الحق في العمل والحق في التعليم، والحق في التمتع بالثقافة الخاصة التي قد ينتمي إليها بعض المواطنين[1].

ورغم تداول وسائل الإعلام لحقوق الإنسان لايزال الناس يجهلون معناها. فقد أوضح استطلاع للرأي في الولايات المتحدة أن 93% من الأمريكيين لا يعرفون محتوى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فإذا كان الحال هكذا في بلد كالولايات المتحدة فما بالكم ببلداننا[2].

وحقوق الإنسان هي الحقوق التي يمتلكها الإنسان ببساطة لأنه إنسان، ومن ثم يتم التمسك بها "عالمياً" بواسطة كل البشر. كما أنه يتم اعتبارها "عالمية" أيضاً في مواجهة كل الأفراد وكل المؤسسات، وباعتبارها الحقوق الأخلاقية السامية .. كما أنها مقبولة عالمياً –على الأقل لفظياً أو كمعايير مثلى. وعادة ما تعلن الدول قبولها بهذه الحقوق، وتمثل الاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان تهمة قوية على صعيد العلاقات الدولية[3].

وقد أضحى مفهوم حقوق الإنسان Human Rights من المفاهيم شائعة الاستخدام في الأدبيات السياسية الحديثة وفي الخطاب السياسي المعاصر بشكل عام. وبالرغم من أن بعض الكتابات الغربية تحاول تأكيد "عالمية" مفهوم حقوق الإنسان، فإن دراسات أخرى، خاصة في إطار علم الأنثروبولوجيا، تؤكد على نسبية المفهوم وحدوده الثقافية مؤكدة أهمية النظر في رؤية حضارات أخرى للإنسان وحقوقه انطلاقًا من الفلسفة التي تسود الدراسات الأنثروبولوجية الحديثة، وهي التأكد على التباين والتعددية في الثقافات والخصوصيات الحضارية لكل منطقة[4].

إن نسبية الثقافة حقيقة لا يمكن دحضها؛ فالقواعد الأخلاقية والمؤسسات الاجتماعية تقيم الدليل الواضح والمدهش على التنوع الثقافي والتاريخي. ولكن إذا كانت حقوق الإنسان هي حقوق لكل البشر، أي أنها عالمية، فكيف يمكن التوفيق بين دعاوى النسبية الثقافية وعالمية حقوق الإنسان؟

تمثل حقوق الإنسان مجموعة متميزة من الممارسات الاجتماعية، مرتبطة بأفكار معينة عن الكرامة الإنسانية، التي نبعت في البداية في الغرب المعاصر استجابةً للتغييرات الاجتماعية والسياسية التي أنتجتها الدول الحديثة واقتصاديات السوق الرأسمالية الحديثة. وقد افتقدت أغلب الثقافات والتقاليد السياسية غير الغربية، كما كان الحال في الغرب القديم، ليس فقط تقاليد حقوق الإنسان، وإنما الفكرة نفسها[5].

ويشبه البعض حقوق الإنسان بأحزمة الأمان في السيارات، ويرى أن افتقاد المجتمعات التقليدية لأحزمة الأمان، يرجع إلى أن ليس لديها سيارات! أما لماذا لم توجد حقوق الإنسان في المجتمعات التقليدية الغربية وغير الغربية؟ فالرد ببساطة أنه، قبل نشؤ اقتصاديات السوق الرأسمالي والدولة الحديثة، لم توجد المشاكل التي تحاول حقوق الإنسان معالجتها، أو الانتهاكات التي تحاول منعها، أو أنها لم تفهم – بشكل واسع – على أنها مشاكل اجتماعية مركزية. فقد دمر اقتصاد السوق القائم على النقود، المبني إلى حد كبير على حقوق الملكية الخاصة غير المحدودة، الأسس الاجتماعية للمجتمعات التقليدية تدريجياً، وخلق أفراداً منفصلين ومتمايزين، بدلاً من الأشخاص الذين يتم تعريفهم من خلال وضعهم في الهرم الاجتماعي، والذين أصبحوا حاملي هذه الحقوق. وقد خلقت الأسواق الحديثة مجموعة جديدة من التهديدات الموجهة ضد الكرامة الإنسانية، ولهذا كانت أحد المصادر الأساسية للحاجة إلى حقوق الإنسان والمطالبة بها. وفي ذات الوقت، خلقت الدولة الحديثة، كفاعل اجتماعي وأداة للبورجوازية الجديدة الصاعدة، مؤسسات وممارسات جديدة، جعلتها قادرة على غزو حياة أعداد متزايدة من البشر وتهديد كرامتهم من خلال وسائل جديدة. وبكلمات أخرى، ليس فقط أن السيارات تسير في طرق غربية، وإنما تفلت من السيطرة وتتسبب في تحطيم المجتمع. وكرد فعل لذلك، بدأ الغربيون في اختراع والمطالبة، ليس فقط بأحزمة أمان، وإنما بقوانين مرور جديدة. فقد انبثقت أحزمة الأمان – أي حقوق الإنسان – في البداية في الغرب لأن السيارات وجدت في الغرب أولاً، ولكن بمجرد أن أصبحت السيارات تسير في طرقات الأجزاء الأخرى من العالم، فإنها جلبت معها الحاجة لأحزمة الأمان، وباقي الأشياء الأخرى[6].

وإذا كانت الحقوق الشخصية المنصوص عليها في المواد 3-11، والتي تعترف بالحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي، وكفالة الشخصية القانونية، والحماية من الرق والاعتقال والحبس أو النفي التعسفي، والحماية من المعاملة غير الإنسانية أو المهينة - تتمتع بالقبول العالمي، إلا أن هناك مجموعة أخرى من الحقوق تخضع للنسبية الثقافية. فمثلا، يعكس حق الموافقة الحرة والكاملة للزوجين الراغبين في الزواج تفسيراً ثقافياً محدداً للزواج، له أصل حديث نسبياً، وهو ليس بأي حال من الأحوال عالمياً اليوم حتى في الغرب. وعلى المستوى الاجتماعي ترى الكتابات الغربية في تحريم الإسلام زواج المسلمة من غير المسلم تقييداً لحق المرأة وإهدارًا لحقوق الإنسان وتمييزًا على أساس العقيدة وحرمانًا للمرأة من حرية اختيار شريكها، في حين تراه الرؤية الإسلامية حفاظًا على الشكل الإسلامي للأسرة وحماية لعقيدة الأطفال وصونًا للمرأة المسلمة من أن يكون صاحب القوامة عليها غير مسلم، وهكذا[7]. كما أن الحق في الملكية الفردية لوسائل الإنتاج لا يتوافق مع بعض المجتمعات التي تمتلك فيها العائلات حقوق استعمال فقط للأراضي المملوكة مشاعاً، فالسماح للأفراد بالانفصال وتملك أراضيهم بالكامل سوف يدمر النظام التقليدي.

إن حقوق الإنسان هي أفضل أداة سياسية اخترعتها عبقرية الإنسان لحماية الكرامة الفردية ضد التهديدات النمطية للمجتمع الحديث. ومع هذا فإن النظرة إلى مفهوم حقوق الإنسان لا ينبغي أن تكون مجردة، بل يجب أن تتم في إطار الثقافة السائدة في المجتمع؛ لأنها تتحكم في نوع السلوك والتطبيق العملي له. وقد يكون من الضروري السماح بتباين ثقافي محدود في الشكل والتفسير لبعض حقوق الإنسان، إلا أنه يجب علينا الإصرار على طابعها الأخلاقي العالمي الأساسي.



[1] السيد يسين، الديموقراطية وحوار الثقافات : تحليل للأزمة وتفكيك للخطاب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2007 ص 32.

[2]http://www.hrea.org/lists2/display.php?language_id=1&id=4556

[3] جاك دونللي، حقوق الإنسان العالمية بين النظرية والتطبيق، ترجمة مبارك على عثمان، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2006. ص 11.

[4]http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1184649214692&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout

[5] جاك دونللي، مرجع سابق، ص 76.

[6] المرجع السابق، ص 82.

[7]http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1184649214692&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout





#صابر_أحمد_عبدالباقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد ...
- إسرائيل: -الأونروا- شجرة مسمومة وفاسدة جذورها -حماس-
- لجنة مراجعة أداء الأونروا ترصد -مشكلات-.. وإسرائيل تصدر بيان ...
- مراجعة: لا أدلة بعد على صلة موظفين في أونروا بالإرهاب
- البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل المهاجرين إلى رواندا
- ماذا نعرف عن القانون -المثير للجدل- الذي أقره برلمان بريطاني ...
- أهالي المحتجزين الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو ويلت ...
- بريطانيا: ريشي سوناك يتعهد بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا في ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صابر أحمد عبدالباقي - حقوق الإنسان بين العالمية والنسبية الثقافية