أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إياد السراج - قليـل من الملـح















المزيد.....

قليـل من الملـح


إياد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 149 - 2002 / 6 / 3 - 06:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


رأته في حالة من الاستغراق العميق، فأشفقت عليه من أفكاره. تجرأت بتقديم فنجان قهوته المفضل وجلست بجواره صامتة حتى انتبه لها وابتسم.. بادرته السؤال عما يشغله، فقال ببطء "أفكر في قضية ما يسمونه إصلاح ولا أدري إن كان ملهاة لامتصاص غضب الناس أو الضحك على الأمريكان أو أنها وسيلة أمريكية لإضاعة الوقت".

فقالت بصوت هادئ "كلنا نريد الإصلاح وأرجو أن تكون السلطة جادة هذه المرة".

فتذكر كيف كان مساعد النائب العام يستجوبه حول رسالة وجهها إلى الرئيس عرفات يطالب فيها باحترام القانون ومواجهة الفساد والتوقف عن التعذيب واحترام المبدأ الديمقراطي في الفصل بين السلطات.. وكيف دخل عليهما فجأة النائب العام الذي التقط على الفور محضر التحقيق وعيونه تلتهم سطوره وتتبدل ملامح وجهه وألوانه مع كل كلمة، حتى صاح فجأة في مساعده "ولماذا تسأله عن هذه الرسالة.. وتسجل إجاباته أيضاً.. عليك أن تواجهه بالتهمة الأخرى"... وعلى الفور قام المساعد من مقعده كمن لدغه ثعبان وأحضر مغلفاً ادعى أنهم وجدوه في أحد أدراج مكتبه ثم وجه إليه تهمة الاتجار بالحشيش!!.

وتذكر كيف لم يستطع تمالك نفسه من الضحك برغم ما كان فيه من ألم جسدي ونفسي بسبب الضرب والمعاملة السيئة، فلم يكن للمكتب الذي ذكره مساعد النائب العام أدراج - وقد أعترف له مؤخراً أحد الضباط العاملين في مكافحة المخدرات بأن النيابة قد طلبت منه ذلك الحشيش لاستعماله في القضية - وتذكر كيف قال للنائب العام يومها "يا أستاذ إن ما تفعلونه سيضر بالسلطة الفلسطينية أولاً وبسمعة الشعب الفلسطيني الذي سيستغل أعدائه هذه المهزلة ليقولوا أنه لا يستطيع حكم نفسه بالقانون.. وأرجوك يا أستاذ أن تعود إلى القيادة وتوضح لها أخطار ما تقومون به من اختراقات للقانون بدلاً من هذه الفصول المسرحية".

وتذكر أيضاً كيف ارتفع صوت النائب العام وهو يصيح بكل ثقة "نحن دولة القانون.. ولا يهمنا سوى كلمة الحق.. وسنقدمك إلى المحاكمة العادلة لتقول كلمتها فيك"!!

وقال "تذكرت ما فعلوه بي"، فوضعت يدها على يده وهي تقول بحنان بالغ وتأثر واضح "لقد أثرت عليك كثيراً تلك الحادثة المؤلمة وللأسف فإنهم لم يمتلكوا شجاعة الاعتذار".

فرد قائلاً "لم أكن الوحيد الذي تعرض لتهجم السلطة، فقد تعرض راجي الصوراني وخضر شقيرات وعبد الستار قاسم وعبد الجواد صالح لفنون متعددة من الإهانة والشتم والسب والضرب والاعتقال بل وإطلاق الرصاص، وتعرض أصحاب بيان العشرين من أعضاء المجلس التشريعي إلى مثل ذلك.. وكنا جميعاً ندافع عن القانون والعدالة وعن حقوق الناس التي كانت تعتقل وتعذب - وتقتل أحياناً - دون وجه حق، وكان عجز المجلس التشريعي سبباً أن يقدم حيدر عبد الشافي استقالته منه وقد اكتشف أن هذا المجلس لم يكن سوى جزءاً من المسرحية، فما الذي جدّ إذن؟ ما هذه الدعوى إلى الإصلاح التي تأتي من قيادة السلطة ذاتها ومن المجلس التشريعي؟ أليس كل ذلك هو ما كانت قيادات المجتمع المدني تصرخ مطالبة به وباحترام حقوق الإنسان والفصل بين السلطات واحترام القضاء؟، فكيف نعرف الحقيقة إن كانت هذه الدعوة للإصلاح هي صحوة مفاجئة للضمير؟ أم أنها وصول البصيرة على قطار الهزيمة؟".

فقالت "إن معظم الناس يحتاجون إلي قليل من الملح حتى يستطيعوا ابتلاع هذه الوجبة التي تبدو لهم غريبة الطعم، ويا للمفارقة الساخرة أن يطالب شارون أحد زعماء التوجه العنصري في إسرائيل، وجورج بوش الذي يهادن العسكرية الباكستانية والروسية وغيرها من الدول البوليسية بالإصلاح الديمقراطي!".

فرد قائلاً "ألم يكن من الأشرف للسلطة أن تستجيب للناس بدل أن تضع نفسها اليوم في موقف وكأنها تستجيب فقط لما تطلبه أمريكا".

فقالت "دعنا نتمنى أن يكون ذلك كله بداية لاستعادة مصداقية السلطة التي فقدتها داخلياً وخارجياً، وأعتقد أن إثبات جدية السلطة يكون بتعيين رئيساً للوزراء، ووزارة جديدة تماماً تمثل الوعي العميق بالديمقراطية وبالقانون وباستراتيجية السلام".

فقال "إن الأهم هو أن يكون هناك نظام بعد الفوضى وأن تبدي السلطة احتراماً للقانون والقضاء المستقل بوضع أشخاص يمتلكون الأهلية المهنية والشجاعة أيضاً في مناصب القضاء والنيابة العامة، وأن تلتزم السلطة باحترام حرية النشر والتعبير دون ملاحقة أو إهانة ودون إغلاق للصحف أو مطاردة للصحفيين والكتاب أو أعضاء المجلس التشريعي أو نشطاء حقوق الإنسان".

فقالت "إني أتمنى أن تقوم السلطة بإثبات جديتها لو قامت بمعاقبة ضباطها ومسؤوليها الذين قاموا بانتهاك القانون واستباحة كرامة المواطن وأرض الوطن، وحين تضرب لنا السلطة بقياداتها المثل في احترام النظام العام".

فقال "وماذا عن نوايا أمريكا من وراء كل ذلك؟".

فقالت "إن هناك الكثير من الأسئلة حول النوايا الأمريكية بالأساس وحتى إذا أصبحت السلطة على المقاس، فهل تستطيع أمريكا الضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال وترجمة "رؤية جورج بوش في إقامة دولة فلسطينية" إلى "حقيقة"؟".

وقال "هناك أسئلة أيضاً فيما يتعلق بالإصلاح ذاته، فهل ستصر أمريكا على السلطة أن تبقي على المحاكم العسكرية المناهضة لأبسط حقوق الإنسان حتى يستمر استعمالها ضد من تسميهم أمريكا بالإرهابيين ونسميهم في فلسطين بالمناضلين؟".

وبدا عليها الاستغراق في التفكير حتى تمتمت قائلة "ليس أمامنا سوى خيار إعطاء هذه الفرصة الأخيرة للسلطة، وعلينا أن نصبر ونرى وإن غداً لناظره قريب".

*مدير مركز غزة للصحة النفسية، وناشط في مجال حقوق الإنسان. وقد سبق له أن اعتقل من قبل السلطة الفلسطينية بسبب انتقادات كان قد وجهها، وحاولت النيابة العامة توجيه تهمة الاتجار بالحشيش!!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مـآدب الجيـاع..!!


المزيد.....




- شي جينبينغ يقول إن الصين -لا يمكن إيقافها- مع بدء عرض عسكري ...
- نائب عباس: نقدر عاليًا دور السعودية وفرنسا في حشد الدعم الدو ...
- -ميتا- ستمنع روبوتات الدردشة من التحدث مع المراهقين حول الان ...
- تعرف على السلاح الصيني الجديد للسيطرة العسكرية في البحر
- كيف انتشرت نظريات المؤامرة حول صحة ترامب؟
- ترامب لرئيس الصين: -بلغ تحياتي لبوتين وكيم في العرض العسكري ...
- لماذا زارت ابنة كيم جونغ أون -الغامضة- الصين في أول زيارة عل ...
- لأول مرة.. العرض العسكري الصيني -الضخم- يجمع شي و بوتين وكيم ...
- -على العالم أن يختار بين السلام والحرب-.. أول تصريح لرئيس ال ...
- عشرات الشهداء وإسرائيل تحشد قواتها لاحتلال غزة


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إياد السراج - قليـل من الملـح