محمد العنيبي
الحوار المتمدن-العدد: 2474 - 2008 / 11 / 23 - 04:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
بين بيان المؤتمر الوطني الثامن وبين قيادة محافظة وديعة، مابين سماء الملكية البرلمانية وأرض المحيط الملكي، الدي توسعت مبادراته لتغطي على مجمل المؤسسات في العهد الجديد..(فضلا على استئثاره بصياغة وصناعة القرار السياسيي) . انها -حسب المهتمين بالشأن السياسي - مفارقة الزمن الاتحادي ، بيان تطايرت منه شرارات الملكية البرلمانية كخيار ضروري للديموقراطية ، وقيادة هطل منها صقيع ثلج رجل يجيد الانتظار مثل الراضي .
لقد نجح الاتحاد الاشتراكي في تحويل الديموقراطية إلى مسطرة قابلة للصرف في إعرابنا الحزبي ، وانتصر في الخروج من عنق الزجاجة التنظيمية التي كادت تحوله إلى شظايا متناثرة في جنبات الحقل الحزبي ، ولكنه فشل في إثبات أنه- فعلا- لازال الابن البكر لليسار المغربي، بعدما باتت الأجيال الجديدة لا تأبه بشواهد الميلاد في السياسة ، وخصوصا شهادة الميلاد اليسارية التي طالما ولا زال رفاق الراضي يلوحون بها .فالنخبة الاتحادية تواطأت في مؤتمرها الثامن ضد أي سؤال يشير إلى مدى مصداقية يسار لم يعمل، وهو في الحكومة ، إلا على تنفيد برنامج يقتفي أثر الليبيرالية الجديدة ، برنامج لم يتقدم خطوات ملموسة في تضييق دائرة التبعية ، برنامج لم يقلص - حتى -من حدة الملف الاجتماعي /القنبلة التي تهدد المغرب الجديد .. واكتفت من خلال شعار الملكية البرلمانية وفي ضوء المطالب الإصلاحية الدستورية ، بإعادة بعض الاعتبار-من زاوية المطارحة النظرية- لمشكلة الحكومة والبرلمان كمؤسستين في ضل الدستور الحالي، غير مسؤولتين إلا على شرعنة وتزكية خيارات وبرامج تحدد خارجهما .فلم يحدد مؤتمرالصخيرات في وثائقه الجديدة للمغاربة أي برنامج اقتصادي اجتماعي، سيدافع عنه ويحاول تنفيده في حالة تخيل أن الملكية البرلمانية ستمطر بها السماء المغربية استجابة للدعوة الاتحادية .
لنتدكر - لعل الدكرى تنفع اليساريين في الاتحاد الاشتراكي وفي التقدم والاشتراكية - أن حكومة التناوب التوافقي الدي قيل للشعبويين أنها مشروع لم يكتمل ، وأن الحكومتين اللتيين شارك فيهما الاتحاديون جميعها استمرار لخيار واحد عناوينه : إعطاء الأسبقية للتوازنات المالية ، استكمال مشروع الخوصصة لقطاعات دولتية استراتيجية ، توقيع اتفاقيات تجارية دولية تشرع الأبواب للرأسمال الأجنبي على حساب أي حدر يراعي مصالح المغرب الاقتصادية ، بل إن العقلنة للاقتصاد التي بشر بها الاتحاديون من خالفهم من الشعبويين والمتحاملين متبنين الفكرة القديمة / الجديدة (الانعكاسية الأحادية ) ، الاقتصاد سيفرز عقلانية تسع باقي الحقول تلقائيا، لم يتم التقدم فيها ، لينعكس خيرها على الفقراء والكادحين وباقي الفئات المتضررة ، بل وجد اليساريون المندمجون في الحكم أنفسهم في موقع المواجهة مع الحركات الاحتجاجية التي أشرت حركيتها في العقد الأخير على مزيد من التدهور لوضعياتها الاجتماعية .
ولعل مأزق اليساريين الاندماجيين أنهم سوقوا ميدانيا -وهم في الحكومة - في زمن الجزر اليساري للحداثة كمرادف لليبيرالية الجديدة في مستواها الاقتصادي والاجتماعي ، وكأن الحداثة بضمونها الاجتماعي ممنوعة من الصرف في التربة المغربية، ولا وجود لها إلا في ظل سياسات عامة تنثر البطالة والفقر والبؤس في جنبات الهوامش والجحيم ، وأمسوا مكبلين بمنطق نكسب ثقة مركز القرار أولا ثم نصلح ثانيا ، والحصيلة أن الاتحاديين ورفاق العلوي مطالبين بالإجابة عن سؤال علاقة الانتساب لليسار مع اللهث وراء خطوات اللبيرالية الجديدة ..هل هوالمساهمة في تدشين مسلسل إصلاحات هي مقدمة لليبرالية السياسية ؟ (الديموقراطية ركن من أركانها )...ومطالبين بتطارح حصيلة الهزائم المؤلمة التي حصدها الاتحاد ، أولها بتر واحدة من أقوى الأدرع الاتحادية ، حيث فك الاتحاد الارتباط مع الكونفدرالية الديموقراطية للشغل .وآخرها المشاركة في حكومة تميزت بتوسع دائرة الوزراء التكنوقراط فيها ،وبولادتها في حضن انتخابات هجرها 70 في المئة من المغاربة .
ولعل السياق المؤطر لهده المحاولة ، يدفع إلى الظن أن الاتحاد الاشتراكي أجل في مؤتمره التداول في السياسة في حقيقتها كانسجام مع خطاب ومع تعهدات شكلت ميثاق تعاقد ضمني بين الاتحاد وأعضائه ومحيطه -على الأقل- مضطرا للاحتماء بالخيمة المغربية الشهيرة: كم حاجة قضيناها بتركها (للزمن ) . فلم نلمس ولو اللمسات الاتحادية التي وشمها قادة الاتحاد السابقون جرأة في تصريف أنصاف الحلول التي لفت الانتباه إليها الشهيد المهدي بن بركة . فلم تغدو السياسة لديه إلا اتباع خطوات ما يفيض عن مركز القرار ، هل هي مرحلة استبداد الأعيان الدين جرفتهم الانتخابات طيلة الحقب السابقة إلى القيادة الاتحادية بمفاصل القرار الاتحادي ؟
ربما لم يبق لليساريين المغاربة إلا أن يتمنوا أن لا يجيء يوم يضطرون فيه لإقامة صلاة الجنازة أو للوقوف دقائق صمت ترحما على يسارية حزب تسجل الأحداث الموشومة في الجسد السياسي المغربي أنه كان يتغنى بالقوات الشعبية ..
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟