أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رفعت فكري سعيد - وأخيرا تحقق الحلم بميلاد جديد للحرية- الشعب الأمريكي يتجاوز إنتماءاته العنصرية!!!















المزيد.....

وأخيرا تحقق الحلم بميلاد جديد للحرية- الشعب الأمريكي يتجاوز إنتماءاته العنصرية!!!


رفعت فكري سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2472 - 2008 / 11 / 21 - 09:33
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


كلما ارتقت الشعوب في مدارج العظمة والتقدم كلما تجاوزت الانتماءات العنصرية الضيقة مثل الانتماء للدين أو الجنس أو اللون أو العقيدة أو اللغة , وكلما هوت الشعوب في مدارك الهوان والانحطاط كلما انحازت لهذه الانتماءات الضيقة , والشعب الأمريكي العظيم الذي انتخب باراك حسين أوباما كأول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية أثبت للعالم أجمع أنه من الشعوب الناضجة الراقية التي تجاوزت مدارك التخلف والانحطاط وارتقت فوق مدارج الرقي والتحضر .
لقد كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية حدثاً تاريخياً كونياً بكل المقاييس , وهي تعد بمثابة نقطة تحول في تاريخ البشرية , صحيح أن بعض الظروف خدمت أوباما مثل شيخوخة جون ماكين ومرضه، وكذلك أن معظم الأمريكيين استاءوا من الحزب الجمهوري بسبب سياسة الرئيس بوش , ولكن كل هذا لا يمنع أن الشعب الأمريكي انتصر على عنصريته البغيضة, فلقد ضرب الأمريكيون النموذج الأروع في الشجاعة والديمقراطية والتسامح واحترام حقوق الإنسان وقبول الآخر حيث نزعوا الثوب العنصري عنهم وانتخبوا أفرو-أمريكياً رئيساً لبلادهم , فالرئيس المنتخب هو الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية وهو رجل أسود البشرة له جذور إسلامية حيث أنه ابن رجل كيني مسلم وقد انتُخب رئيساً لبلد غالبيته – 87 %- من اللون الأبيض , ومعظم أفراده يدينون بالمسيحية, والحدث المهم فيما جرى ليس أن باراك أوباما أصبح رئيساً للولايات المتحدة وإنما الأهم أن الشعب الأمريكي ذاته قد تغير بدرجة مدهشة واستطاع أن يتغلب على نفسه وأن يتجاوز مشاكله وأن يستوعب ما كان يرفضه من قبل وأن يهضم ماكانت معدته تلفظه منذ سنوات قليلة !!
وبالقطع لا يمكن أن نتحدث عن فوز الرجل الأسود باراك أوباما دون أن نذكر القس الأسود مارتن لوثر كينج الذي ولد في 15 /1/1929 وأُغتيل في 14 /4/1968 ذلك الرجل الذي كرس حياته للنضال من أجل استرداد حقوق السود المسلوبة , فمنذ 45 سنة وبالتحديد في 28/8/1963 القى المناضل الكبير مارتن لوثر كينج خطابه السياسي الشهير ( عندي حُلم ) في واشنطن العاصمة أمام حشد كبير من الأمريكيين ليعلن أن حياة الزنجي ما زالت مشلولة بقيود العزلة , وأغلال التمييز , مازال الزنجي يعاني في أنحاء مجتمعه , ومازال يعتبر نفسه منفياً في أرضه, وأضاف كينج في خطابه إننا جئنا إلى عاصمة وطننا لنصرف الصك الذي ورثنا إياه بناة جمهوريتنا عبر الكلمات الرائعة للدستور وإعلان الاستقلال , كان الصك يتضمن وعداً بضمان الحقوق الراسخة في الحياة , حق الحرية والسعي للسعادة , ومن الواضح اليوم – والكلام لكينج – أن أمريكا قد قصرت في دفع هذا الصك المستحق بسبب نظرتها إلى ألوان مواطنيها وبدلاً من القيام بهذا الواجب المقدس أعطت مواطنيها الزنوج صكاً سيئاً كُتب عليه : الرصيد غير كاف لكننا رفضنا أن نصدق أن بنك العدالة مفلس .. وفي خطابه أكد كينج أن الوطن الأمريكي لن ينعم بالهدوء حتى يحصل الزنجي على كل حقوقه الوطنية وستستمر رياح الثورة في هز أسس الدولة حتى اليوم الذي تتحقق فيه العدالة للجميع , ورفض مارتن لوثر كينج استخدام أي أعمال عنف فقال " للحصول على حقوقنا المشروعة لا يجب أن نتورط في أعمال خاطئة , دعونا لا نحاول إرضاء عطشنا للحرية بالشرب من كأس القسوة والكراهية , لا يجب أن نسمح لاحتجاجنا الخلاق أن يتدهور إلى العنف الجسدي ... لدي حُلم أنه في يوم من الأيام ستنهض هذه الأمة لتعيش معنى عقيدتها الحقيقي , نؤمن بهذه الحقيقة أن كل الرجال خُلقوا متساوين .. لدي حُلم أنه في يوم من الأيام سيكون أبناء العبيد وأبناء مُلاك العبيد السابقين قادرين على الجلوس معاً على مائدة إخاء ... لدي حُلم أن أطفالي الأربعة سوف يعيشون في يوم من الأيام في دولة لن تعاملهم بلون جلدهم لكن بمحتويات شخصياتهم .....بالإيمان سنُخرج من جبل اليأس نواة أمل .... بالإيمان سنحول التنافر في أمتنا إلى سيمفونية أخُوة جميلة .... ولتكن أمريكا أمة حقيقية .. ولتكون كذلك لندع الحرية تصدح".
كان هذا هو فحوى خطاب القس الدكتور مارتن لوثر كينج , والذي حصل على جائزة نوبل العالمية نتيجة نضاله السلمي, ومما لا شك فيه أن نجاح أوباما هو تحقيق للحلم الذي كان يحلم به كينج, ولا يمكن أن نعرف قيمة دخول رجل أسود للبيت الأبيض قبل أن نعرف كيف كان البيض يعاملون السود , لقد كان السود يعانون منذ عدة قرون من ممارسات التفرقة العنصرية والجوع والعنف, وكان لا ينظر إليهم فقط كعبيد يفعلون ما يؤمرون إنما كأداة تُستغل أجسادهم وأرواحهم لخدمة السيد الأبيض وعلى الرغم من مرور حوالي قرن من الزمان منذ أن تحرر العبيد على يد إبراهام لنكولن إلا أنه لم يكن مسموحاً للزنزج بشراء ممتلكات خاصة , ولم يكن يُسمح لهم أن يتواجدوا في الأماكن التي يوجد فيها البيض , وقبل ستينيات القرن الماضي كانت المطاعم التي يرتادها البيض مكتوب على مدخلها " ممنوع الدخول للسود واليهود والكلاب " وكان سائقوا الأتوبيسات يطالبون الزنوج بدفع أجرة الركوب عند الباب الأمامي ثم يأمرونهم بالهبوط ليركبوا من الباب الخلفي , وكان بعض السائقين يستغلون الفرصة ويقودون سياراتهم تاركين الركاب الزنوج واقفين , وكان على الزنجي أن يخلي مكانه في أتوبيسات النقل العام للأبيض , وها قد جاء اليوم الذي يظهر فيه الشاب الأسود باراك أوباما الذي لا يقاتل فقط من أجل مقعد في الأوتوبيس ولا من أجل مكان في الجامعة وإنما من أجل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض ثم يصل إليه ليس اغتصاباً ولا بالقوة ولا بالعنف وإنما بكامل اختيار الناخبين الأمريكيين وهم في منتهى اليقظة !!!
لقد نضج المجتمع الأمريكي وتغير من تلقاء ذاته دون ضغوط خارجية, وفي نضجه احترم الانسان وتجاوز الانتماءات العنصرية المتعصبة ولم يعد منشغلاً بعقبات اللون أو الدين أو الجنس أو العرق أو اللغة كما تفعل بعض الشعوب الأخرى ولا سيما شعوب منطقتنا العربية !!!
والتجربة الأمريكية لا تخلو من دلالات حضارية بالغة الأهمية يمكننا أن نتعلم منها بعض الدروس والعبر إذا أردنا أن نتعلم :-
أولاً:- لابد من الاعتراف بوجود المرض , فالإنكار لا يفيد , وكل محاولات اللف والدوران والتعتيم على التمييز ضد الأقليات سواء في مصر أو العالم العربي لن يفيد القضية في شئ, ولا سبيل للعلاج دون الإقرار بالمرض وبعيداً عن أخذ المسكنات المؤقتة.
ثانياً:- لابد من النضال , وعلى الأقليات أن تدرك أن الحقوق تُنتزع ولا تُمنح , والأقلية هنا مطالبة أن تناضل وتخاطب ضمير الأغلبية لتحقيق المساواة , وتشارك بإيجابية في صنع القرار في مجتمعها , وبدون النضال ستظل الأقليات مقهورة , فلا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كنت منحنياً !!
ثالثاً:- العنف لا يمكن أن يحقق شيئاً, فلا بديل عن النضال السلمي اللاعنفي حتى لا تخسر الأقليات قوتها الأخلاقية , وأحداث التاريخ تؤكد أن النضال اللاعنفي الذي دعا إليه غاندي ومارتن لوثر كينج , وغيرهما , أتى بنتائج إيجابية وفعالة ومؤثرة.
رابعاً:-النتائج لن تكون إيجابية بنسبة 100% , فسيظل هناك العنصريون , وسيبقى هناك المتعصبون , ولكنهم لن يكونوا الأغلبية, فأمريكا اليوم لا يزال بها عنصريون ومتعصبون ولعل محاولة اغتيال أوباما تؤكد هذا, ولكن الأغلبية قد تحررت من عنصريتها, ياترى من هم الفئة الغالبة في البلدان العربية اليوم , المتعصبون أم المعتدلون؟!!!
خامساً:- التغيير في ذهنية الشعوب يحتاج وقتاً وجهداً, ويكون أمر التغيير صعباً عندما يكون متعلقاً بالموروث الثقافي والموروث الديني , ولهذا فالتغيير في منطقتنا العربية قد يحتاج لعدة عقود , وقد لا يرى الجيل الحالي ثمار نضاله , ولكننا نأمل أن يقطف حفدتنا ثمار نضالنا !!!!!!!
سادساً:- يمكن لأي أقلية مهما كان عددها أن تُحدث تأثيراً وتغييراً في أي مجتمع, فالسود في المجتمع الأمريكي لا يمثلون أكثر من 13% من مجموع الشعب الأمريكي ولكنهم على الرغم من ضآلة حجمهم لم يستسلموا ولم ييأسوا , فالعدد لا يهم لكن المهم هو ضرورة النضال دون كلل أو ملل.
وأخيراً ..لقد غضب بعض المسيحيين لفوز أوباما على اعتبار أنه من خلفية إسلامية , وهلل بعض المسلمين لفوزه لنفس السبب ظناً منهم أنه حتماً سينحاز للقضايا العربية والإسلامية ولا سيما القضية الفلسطينية, وللفريقين أود أن أقول كفاكم تعصباً , وكفاكم تقسيماً للبشر وفقاً للإنتماءات الضيقة ولا سيما الانتماء الديني, فباراك أوباما هو مواطن أمريكي من الدرجة الأولى وهو ينتمي للحزب الديمقراطي وهو حزب ليبرالي , وهو لن ينحاز إلا لقضايا بلده ومصلحة ناخبيه , هذا فضلاً عن أن أمريكا دولة مؤسسات تُحكم بنظام ديمقراطي حقيقي, فأوباما ليس هو المهدي المنتظر كما يتصور البعض أو كما يريده البعض الآخر, لذا على العرب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم دون أن ينتظروا مخلصاً من الخارج, وذلك حتى لا يطول انتظارهم كثيراً !!!!
والآن وبعد نجاح باراك حسين أوباما كرئيس لأكبر دولة في العالم, هل آن الأوان لأن يكف العرب عن سب أمريكا واتهامها بالعنصرية ؟!!! لقد أعطت أمريكا القدوة والمثال في نبذ التفرقة العنصرية والتمييز ضد السود وتجاوز الانتماءات الضيقة , فمتى سيتعلم العرب الدرس؟!!!!!!!!!



#رفعت_فكري_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهي نقابة للأطباء أم دار للأفتاء؟!!
- حرية الاعتقاد ليست عنصرية !!
- عقدنا ينفرط بسبب التعصب الأعمى ورفض الآخر
- ?!!!!!! (المعتدون على الكنائس أهم مختلون ( عقليا ) أم مختلون ...
- الإساءة لكافة الأديان أمر مرفوض داخليا وخارجيا


المزيد.....




- أحذية كانت ترتديها جثث قبل اختفائها.. شاهد ما عُثر عليه في م ...
- -بينهم ناصف ساويرس وحمد بن جاسم-.. المليارديرات الأغنى في 7 ...
- صحة غزة: جميع سكان القطاع يشربون مياها غير آمنة (صور)
- تقرير استخباراتي أمريكي: بوتين لم يأمر بقتل المعارض الروسي ن ...
- مسؤول أمريكي يحذر من اجتياح رفح: إسرائيل دمرت خان يونس بحثا ...
- شاهد: احتفالات صاخبة في هولندا بعيد ميلاد الملك فيليم ألكسند ...
- مليارات الزيزان تستعد لغزو الولايات المتحدة الأمريكية
- -تحالف أسطول الحرية- يكشف عن تدخل إسرائيلي يعطل وصول سفن الم ...
- انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريط ...
- بوغدانوف يبحث مع مبعوثي -بريكس- الوضع في غزة وقضايا المنطقة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رفعت فكري سعيد - وأخيرا تحقق الحلم بميلاد جديد للحرية- الشعب الأمريكي يتجاوز إنتماءاته العنصرية!!!