أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الهادي خليفي - ظاهرة المناشدة في البلدان العربية















المزيد.....

ظاهرة المناشدة في البلدان العربية


الهادي خليفي

الحوار المتمدن-العدد: 2472 - 2008 / 11 / 21 - 09:32
المحور: المجتمع المدني
    


من البدع العجيبة والغريبة التي انفردت بها الانظمة العربية ما عرف في السنوات الاخيرة بظاهرة "المناشدة" اذ امتدت من اليمن الى تونس فالى الجزائر والحبل على الجرار.فما هي المناشدة ؟وكيف تتحمل مختلف مكونات المجتمعات العربية مسؤولية تفشيها؟
المناشدة كظاهرة في تعريفها او توصيفها هي مناداة شعب متشبث في اغلبيته بحاكمه ومطالبته له بالاستمرار في السلطة باعتباره الوحيد القادر على الحفاظ على سلامة الوطن وضمان تحقيق تواصل تنميته وهي في حقيقتها غير ذلك اذ هي عمل مسبق النية والتخطيط يقوم على تكثيف الدعاية بغية الايهام والمخادعة بان شعبا ما تحرك تلقائيا من اجل الضغط على شخص رئيس مبدع ومحبوب يزعم انه يرغب في التنحي عن السلطة لسبب موضوعي او ذاتي لثنيه عن ذلك العزم .ولان القانون لا يتجه الى محاسبة النوايا اذا لم تقترن بما يفيد تحويلها الى فعل ولان المسؤولية لا يتحملها الا من مارس فعلا اواتى سلوكا او قولا مخالفا لقواعد النص التشريعي الموضوع مسبقا فاننا سنحاول تتبع مظاهر الخطا في فعل "المناشدة" استنادا الى القانون لان في الكشف عن تلك المظاهر جلاء للحقيقة وبالتالي الوصول الى ازاحة زيف الدعاية والايهام والخداع .
تبدا المناشدة بدعوة صريحة لرئيس الجمهورية للترشح الى انتخابات قادمة وعادة ما ترتبط هذه الدعوة بظروف موضوعية تجعل الترشح من جديد لذلك الشخص امرا غير مستساغ اما نظرا لطول مدة حكمه وثقل ذلك على الشعب المغلوب على امره او لانتهاء الولايات التي يتيحها له القانون وهي تبدا من بعض الافراد وفي اغلب الحالات يكون هؤلاء الافراد من ذوي الصفات المعتبرة في مجتمعاتهم فتنطلق مثلا من رؤساء غرف الاعراف والتجارة اورؤساء المجالس المعينة وغيرهم من الذين استفادوا من السلطة القائمة وعطاياها فلا يعقل والحال تلك ان تصدر عن مواطن عادي ربما يعاني البطالة او العوز وما اشد وطئهما في بلدان المناشدات وانما هؤلاء يتم لاحقا دفعهم الى ركوب الموجة ليعطوها رونق الجماهيرية اوالشعبية. ان الافراد عندما يقدمون على مثل هذا العمل بصفتهم المستقلة انما يستنون سنة جديدة تقضي بامكانية ممارسة العمل السياسي خارج المؤسسات وهم يقيمون دليلا و يبرهنون على ان الفوضى هي المحرك الاساسي للعمل السياسي في بلدانهم وليس القانون الذي يضع الاطر المحددة للحياة السياسية ويفترض ان كل ممارسة تاتي من خارجها هي مخالفة تستوجب المسائلة ،ولان ذلك لا يتم تتنامى الحركة المسبقة التخطيط لتنتقل الى مكونات المجتمع المدني ولان هذه المكونات متعددة فسنبدا بدور الاحزاب .
ان الاحزاب ليست الا مجموعات من المواطنين اتفقوا على افكار ورؤى موحدة يسعون الى تطبيقها عند بلوغهم السلطة بالطرق المشروعة وهي الغاية الاساسية والطبيعية للاحزاب واذا كان هذا تعريف الاحزاب فمن واجبها ان تهب الى مقاومة فكر وفعل المناشدة باعتبارهما دعوة الى الالتواء على واقع الديمقراطية وتشريع لتابيد احتكار السلطة والى حرمان هذه الاحزاب من حقها في التداول السلمي علي الحكم وحتى الحزب الذي ينتمي اليه الشخص "الرئيس"المناشد عليه واجب اخلاقي ووطني يتمثل في جعل اولويتة المصلحة الوطنية وتقديمها عما عداها ولا يكون ذلك الا بالحفاظ على النظام الجمهوري والديمقراطية ولوتطلب ذلك التضحية بمن له فضل عليه وجميل ففي الديمقراطيات الحقيقية الاولوية دائما للمؤسسات على حساب الاشخاص.
ان ما يؤكد فعلا ان المناشدات ليست فعلا تلقائيا كما يراد لها ان تبدو ان بعض الاحزاب لا تدينها كممارسة بل وتذهب لتبريرها بالانخراط فيها مخالفا لكل الاعراف وللمنطق والمعقول بالمناشدة مع المناشدين رغم انها تشترك في تصنيف ذاتها في ادبياتها في بالمستقلة او الديمقراطية او الحرة او غير ذلك من الشعارات ومثل ذلك ما قام به حزب "حركة الديمقراطيين الاشتراكيين" في تونس اذ ناشد مؤخرا مع المناشدين بترشيح الرئيس الحالي الى فترة رئاسية جديدة واعلنه مرشحا له مؤكدا عرفا اصبح جاريا عنده منذ انتخابات 1999 يقضي بان يكون مرشح الحزب الحاكم مرشحه.ان مثل هذه الاحزاب لا يمكنها ابدا ان تزيف الحقيقة التي تقول ان كل حاكم في البلدان العربية يحيط نفسه بديكور براق من الاحزاب والجمعيات ووسائل الاعلام لا هم لها الا خدمته وتعبيد الطريق امامه لمواصلة الحكم .
اما الجمعيات الاهلية فلها نصيبها من المسؤولية في تفشي وباء المناشدات اذ ان الجمعيات الاهلية يميز القانون في بعض البلدان العربية بينها وبين الاحزاب فيحصر نشاطها في الاعمال الرياضية والخيرية والاسعافية والفنية والعلمية وغير ذلك من الانشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ... ويحظر عليها ممارسة العمل السياسي ولان المناشدة ليست الا شكلا من اشكال تعاطي السياسة فعلى الجمعيات التزاما بالقانون واحتراما لاختصاصاتها وتاكيدا لاستقلالها عن السلطات السياسية والاحزاب ان لا تنخرط فيها لما في ذلك من مخالفة للقانون وتعريض لها للمسائلة – وان كانت لا تتم –
ان تبجّح بعض الانظمة بان عدد الجمعيات في بلدانها يتجاوز 8الاف جمعية وان هذا العدد على ضخامته متجانس ومتوافق ومنسجم في مناشدة نفس الشخص لا يدل الا على ان التعدد والاختلاف لم يتحققا رغم ارتفاع عدد الجمعيات فالعبرة ليست بالعدد بل في اختلاف وجهات النظر والرؤى وانعكاس ذلك في مختلف طرق التعبير ووسائله فان غاب ذلك فلا تعددية حقيقية ولا دليل قبول بالفكر المخالف ..
اما النقابات ففي جميع البلدان التي عرفت المناشدة لم تقف من الظاهرة موقف الرافض او المندد استنادا الى مبادئها الديمقراطية واهدافها التي منها الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان واكتفت في احسن الاحوال بالصمت واللامبالاة وكان الاعتداء على ارادة الناس لا يعنيها وهي التي اصبحت في السنوات الاخيرة تجد عبئا في الدفاع عن مصالح قواعدها العمالية وتفضل العمل المريح شريكا "تابعا للحكومات" على الالتزام المضني بقضايا الطبقات الكادحة.
اخيرا ناتي الى دور وسائل الاعلام فباستثناء نزر يسير من الاقلام الشريفة تتنافس باقي الاقلام واغلبها في ذلك ماجور حول نقل التجمعات الحزبية والاهلية في القرى والمدن الى القراء والمشاهدين والمستمعين عبر الوسائل المكتوبة والمرئية والمسموعة وتعد التقارير عن انجازات "السيد المناشد"بما يجعلها اقرب الى المعجزات ويصورها عصية عن سواه من الناس..ان سيطرة الشخص "المناشد" في الظهور التلفزيوني خاصة والاعلامي عامة يؤكد الانطباع الذي يفيد ان واقع الاعلام في انظمتنا بعيد عن نقل الحقائق اوالتعبير عن اراء الناس ومشاغلهم بقدر اهتمامه بالترويج لشخص الحاكم ولسياساته وسلطته بغض النظر عن مدى نجاعتها او نجاحها في تحقيق مصلحة عموم الشعب والوطن
ان ماساة الشعوب التي عرفت ظاهرة "المناشدة" هي ماساة اناس سلبت اراداتهم الحرة بعدما زيفت اصواتهم باعتماد الحيلة والخدعة والاستخفاف بالعقول والضحك على الذقون وعن طريق التعتيم الاعلامي والترهيب والترغيب ربما عزاء هؤلاء الوحيد ان هناك من هم اكثر منهم غفلة واكثر حمقا ..انهم اولائك الذين تحولوا الى الات بشرية تشتغل لتؤدي الادوار المطلوبة منها حتى وان كان ذلك العمل المطلوب هو السير حثيثا باوطانهم الى غياهب القرون الوسطى غير عابئين حتما باشعال الحروب الاهلية مع من سيقفون امام قافلتهم السوداء.



#الهادي_خليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المسؤول عن ضعف المجتمع المدني في تونس


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الهادي خليفي - ظاهرة المناشدة في البلدان العربية