أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الكاتب - الاكراد وخيار اللادولة















المزيد.....

الاكراد وخيار اللادولة


مصطفى الكاتب

الحوار المتمدن-العدد: 2470 - 2008 / 11 / 19 - 08:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من السذاجة القول ان الاكراد تخلوا عن خيار الدولة الكردية ، ومن التعسف انكار حقهم في هذا الاختيار ، لكن الخطاب الذي تتبناه الاحزاب الكردية الرئيسية تجاه هذه القضية ينطوي على نوع من الاستهزاء بعقل المخاطب (بفتح الطاء) ، فالزعماء الاكراد يرددون باستمرار انهم اختاروا (وبقدر من التفضل والتنازل ) ان يكونوا جزءا من العراق بل وان يكونوا الطرف "الذي يحافظ على وحدة البلاد في مواجهة الانقسام السني- الشيعي" ، ومثل هذا الخطاب علاوة على ماينطوي عليه من اصطناع ، يتجاهل حقيقة ان الاكراد اختاروا البقاء في العراق لأنهم لايمتلكون خيارا اخرا ، وان مشروع الدولة الكردية وبفعل اصطدامه بعوائق تعزز استحالته في اللحظة الراهنة ليس خيارا بل انتحارا . ان مستوى الاستقلالية ، بل و "الدولنة" في الوضع الكردي الراهن هو بالضبط اقرب الصيغ لمشروع الدولة ، بل ان وجود الاكراد كجزء من العراق (مع كل هذا القدر من الامتيازات) هو الذي يحمي المشروع الكردي من اقليم متربص للانقلاب على كل المكاسب الكردية التي ضمنها الارتباط بالكيان العراقي لا الانسلاخ عنه . وعليه تبدو حجة الخطاب الذي تستخدمه الاحزاب الكردية ضعيفة بل ومناقضة للواقع ، فالانتماء للعراق هو الذي حمى الاكراد وليس العكس ، واي خطوة "غير متعقلة" بسلخ "الكيان الكردي الحالي" ستودي بهذا الكيان وستعود بالقضية الكردية الى مربعها الاول .
المشكلة ان الاكراد ، وهم مدركين لهذه الحقيقة ، اختاروا ان يكون مشروعهم للعراق هو مشروع "اللادولة" ، فطالما كان من غير الممكن اقامة الدولة الكردية ، فلابد ان لايكون ممكنا تمكين "الدولة العراقية" ، لقد اختار الاكراد بوعي او بلاوعي ان يجعلوا مشروع الدولة العراقية نقيضا لمشروع الدولة الكردية ، وبالتالي النظر لكل مايعزز قوة وفاعلية الدولة العراقية على انه تهديد للمشروع القومي الكردي ، الامر الذي يؤكد بطلان المحاججة بان "خيارهم" البقاء ضمن العراق هو خيار استراتيجي ، وهنا تكمن الازمة ، فمشروع بناء الدولة ، اي دولة ، لايمكن ان ينجح ان لم يكن ينظر اليه على انه خيار استراتيجي ، فالدول لاتقيمها تسويات تكتيكية ، وان فعلت ، فلاتحافظ عليها خيارات مواربة .
من هنا صار السلوك الكردي بعد 2003 متأسسا على منطق نقض الدولة وتعزيز حالة "اللادولنة" في العراق ، بل وابقاء الكيان العراقي رهينة لاستشرافات الاكراد لامكانية او لاامكانية "دولنة" الكيان الكردي ، فان كانت هناك استحالة في اعلان كردستان دولة مستقلة ، لابد ان تصطنع استحالة مقابلة لاعادة بناء الدولة العراقية . اللادولة الكردية هو موقف فرضه على الاكراد وضع اقليمي معقد ، واللادولة العراقية هو موقف اختاره الاكراد كرد فعل يعاقب العراق من حيث يتصور انه يوجه عقابه لذلك الوضع الاقليمي . للاسف تتصور الاحزاب الكردية ان حماية مكاسب المشروع القومي الكردي تتطلب كيانا عراقيا ضعيفا ، ولاينكر الخطاب السياسي الكردي ذلك من حيث استدعائه المتكرر للماضي الديكتاتوري البعثي كتبرير لرفض "تنمر الدولة" ، لكنه تبرير يسقط امام حقيقة ان الدولة العراقية التي يراد اعادة بنائها تأسست على عنصرين اساسيين : الاول هو تحميل النزوع القومي الشوفيني العربي لنظام البعث مسؤولية مأزق الكيان العراقي ، وهذا التحميل يتم تبنيه من قوى "عربية اساسية" تميل في خطابها الى تأميم الهوية العراقية بدلا من مصادرتها لصالح احدى المكونات القومية دون غيرها ، والثاني ان مشروع الدولة العراقية الجديدة اقيم على اساس شراكة المكونات وتفاعلها بل وتوافقها لانتاج معادلة وسطية تحمي الجميع بقدر ماتسهم في انتاج تلك "الهوية العراقية الجامعة" . غير ان السلوك الكردي رغم مايبديه خطابه المعلن من مقاربة متقبلة لهذا المشروع ، كان مبنيا على نقض له ليس فقط عبر جعل "القومية الكردية" مشروعا وحيدا في العلاقة مع بقية العراق (الذي يراد له في هذا المشروع ان يتخلى عن اولوية الفكرة القومية ) ، بل وايضا من حيث تحويل الشراكة الى صيغة تعطيل لامكانية انتاج الهوية العراقية الجامعة عبر تأكيد "التمايز" الكردي على انه الغاية النهائية .
لذلك يبدو السلوك الكردي محملا بازدواجية مفرطة تعطل اي مفعول للخطاب المنافق القائل بان البقاء ضمن العراق هو خيار استراتيجي ، الا اذا كان المقصود هو ان هدف هذا البقاء هو "تعطيل العراق" وادامة ازمته . وماتداعيات الازمة الحالية بين الاكراد ورئيس الوزراء الا تعبير اخر عن الازدواجية الكردية وعن ازمة الموقف الكردي ، فالحقيقة بعد كل شئ ان الاكراد لم يتخذوا اي خيار استراتيجي ، بل هم مصرين على التعاطي مع الشأن العراقي بمنطق الحسابات الانية والتكتيكية بانتظار انزياح بعض استحالات مشروع الدولة الكردية او بانتظار ان يغدو "التمايز الكردي" حقيقة غير قابلة للمسائلة على الاقل مقارنة بحالة اللايقينية التي يعيشها "العراق المتبقي" الذي ليس في نظر بعض القوى الكردية اكثر من رصيف يتم الوقوف عنده بانتظار الخطوة المقبلة . ولذلك لاتبدو تصريحات رئيس اقليم كردستان الاخيرة من حيث "تخوين من يتعامل مع الحكومة العراقية" بالضد من "المشروع القومي الكردي" ، الا انعكاسا لعلاقة غير متوازنة وفاقدة للاتجاه . فاذا كان التعامل مع "الحكومة الاتحادية " خيانة ، كيف يمكن تعريف الشراكة مع هذه الحكومة بل والتواجد بقوة في مؤسساتها ، واذا كانت هذه الحكومة هي التعبير البسيط عن امكانية تشكل هوية عراقية قادرة على احتواء الهويات الفرعية وتمثيلها ، كيف يكون الترويج الى معاداتها والتشكيك بها سلوكا هادفا لانجاح هذا المشروع .
مايجب ان تدركه الاحزاب الكردية هو ان لحظة اتخاذ الخيار الاستراتيجي الحقيقي تقترب طالما يمضي مشروع الدولة العراقية قدما ، فلايمكن لاي دولة ان تقبل انفصاما بنيويا في شخصيتها ، وان تبقي على نفسها مريضة وامكانيات العلاج تلوح امامها . على الاكراد ادراك ان التخلي عن "التطرف القومي" هو ضرورة لتجنب احياء التطرف المعاكس ، وان السعي لابقاء العراق مريضا او في حالة انفصام دائم لن ينقذهم من الهواجس التي اختاروا ان يحبسوا انفسهم فيها والتي قد تنتهي بهم الى ان يختنقوا من الجنوب ، كما هو حالهم مع شمالهم وشرقهم وغربهم ...



#مصطفى_الكاتب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الذي يريده الأكراد : ماوراء اجتماع دوكان واشياء اخرى


المزيد.....




- مشاركة لافتة لعارضة الأزياء السعودية أميرة الزهير في عرض بإي ...
- الجيش الإسرائيلي يستهدف مدخل مجمع الأركان العامة في دمشق.. م ...
- تداول فيديو منسوب لترامب بزعم أنه دعا لـ-ضم لبنان إلى سوريا- ...
- ضربة دمشق بعد ساعات قليلة فقط على تهديد وزير دفاع إسرائيل.. ...
- بعد سرقتها في زمن النازية.. فسيفساء بومبي تعود لتسترجع كتابة ...
- أقليات العراق - البحث عن ملاذ دائم في ألمانيا
- لقاء مرتقب بين ترامب ورئيس وزراء قطر.. أمل جديد للتوصل لهدنة ...
- تصريح صحفي حول القرار الحكومي بحل المجالس البلدية ومجالس الم ...
- الديون: سياق ومفاهيم
- وثائق قضائية: لندن وضعت خطة سرية لنقل آلاف الأفغان إلى بريطا ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الكاتب - الاكراد وخيار اللادولة