أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الامير المجر - ( اغماض العينين ) .. حين يحدق لؤي حمزة عباس عميقاً ويتألم!














المزيد.....

( اغماض العينين ) .. حين يحدق لؤي حمزة عباس عميقاً ويتألم!


عبد الامير المجر

الحوار المتمدن-العدد: 2470 - 2008 / 11 / 19 - 07:53
المحور: الادب والفن
    


تكمن قيمة الادب الحقيقي، في كونه يمنحك القدرة على ان ترى، مالم تكن قد رأيته، على الرغم من انه كان بين عينيك! ولعل قصة “تشيخوف” الشهيرة “الحصان” عبرت عن ذلك بطريقة منحت كاتبها ما يستحقه من مجد، ومثلها كان الكثير الذي شكل جزءاً من ضمير الانسانية وذاكرتها الحية.
لقد شغلني السؤال عن جدوى الكتابة عما نعيشه من مأساة، لاسيما في ذروة الجرائم التي ارتكبت ضد الابرياء تحت عنوان "العنف الطائفي"! لأن الواقع بما يعكسه من قسوة ووحشية، يبقى اكبر من ان تعبر عنه الكتابة، لذلك، كنت ومازلت اعتقد ان رواية او عملاً ادبياً او فنياً عراقياً، يستطيع ان يعبر عن كل هذا، يبقى عصياً على الكتابة، لاسيما وان ما يحدث تتناقله وسائل الاعلام المختلفة يومياً بالصوت والصورة معاً!
.. اغماض العينين.. مجموعة قصصية، صدرت مؤخراً للقاص لؤي حمزة عباس، تجولت باحداثها بين يوميات واقعنا المثقل بالمآسي، لتعرض ازمة الانسان وهو يعيش لحظات الخوف والترقب من موت محدّق به، بقدر ما يحاول الامساك بالحياة، فيغدو منشطراً، يتعذب بصمت، لم تستطع وسائل "الرصد الاعلامي" ان تمسكه بدقة، لتترك مهمة ذلك للأديب الحاذق، او هكذا بدت امامي هذه المجموعة، وهي تسبر اغوار ابطالها المأزومين، لتعكس اسقاطات الواقع الثقيلة على نفوسهم.
لقد كتب القاص مقدمة بعنوان “منطق الطير” استعار فيها واحدة من حكايات "فريد الدين العطار" عن رجل بجبال الصين مشغول بتحطيم الاحجار كانت عيناه تذرفان الدموع على الثرى، تتساقط دموعه على الأرض بغزارة ثم تتحول الى حجارة!.. ما يوحد فعل الرجل -بقصد الرجل المشغول بتحطيم الحجارة- والكلام للؤي، مع افعال الكتابة في نفسي هو الألم الذي ينتجه كل منهما..
لقد استوقفتني في هذه المجموعة، التي كتبت قصصها في البصرة بين العامين (2003-2007) كما يذكر المؤلف، هو انها أرّخت للزمن النفسي، ولم تؤرخ لوقائع بعينها، فالقاص، اقتنص من لحظات الفعل الوحشي، ما يتركه من اثر في نفوس الناس، أو الابطال في القصة ليطلقه من دون اطار زمني محدد، ليكون هذا الفعل شاهداً على زمانه.. فالموظف، قاطع التذاكر في المستوصف الصحي، في قصة "اغماض العينين" التي حصدت جائزة موقع “كيكا” الالكتروني، يتحول الى وعاء من مشاهدات يومية لمجريات جريمة تتكرر، وتعتمل في داخله، فيغدو خارج ذاته، بقدر ما يكون مأسوراً لمشاهداته التي تجعله يسير على دراجته، مغمض العينين، ليترك الصور تتدفق من اعماقه، امام المتلقي الذي يرى وقائع الجريمة التي حصلت امامه، في الساحة الواسعة، والمتمثلة، بجلب رجال ملثمين، لرجل معصوب العينين، ينزلونه من السيارة، ويطلقون الرصاصات الثلاث على رأسه، مشهد وحشي ومألوف ايضاً! لكنه هنا، مشهد الذات المعذبة المسلوبة، او الذات الجمعية، التي وقعت تحت هول العاصفة..
كانت جمل القصص مكثفة وموحية، وقد نسجت بطريقة فنية منحتها جاذبية، ففي قصة “قطرة دم لاكتشاف الجسد” يشتغل القاص على استنطاق الجسد عبر مواقف متعددة، فالجسد هنا، يمثل بؤرة او محور لحالات انسانية يعيشها البطل خلال مراحل عمره، لكنه يحتفظ بمشهد قاسٍ للأجساد المتساقطة بفعل الرصاص الذي اخترقها او العصي التي انهالت عليها، فيما هي محتفلة بمناسبة عيد العمال، مشهد بعيد، عالق في بقايا ذاكرة الطفولة، يعيد في عيني البطل صورة الجسد في لذائذه ومكابداته ايضاً.. اكثر من قصة من قصص المجموعة، استفادت في وقائعها من تجربة شخصية عاشها القاص، لاسيما في قصة "قرب المدرسة الانكليزية" وكلها نهلت من فنتازيا الواقع ومأساويته وسوداويته ،.. لقد ظلت الثيمة المركزية لهذه المجموعة واحدة، او ان هناك مايمكن تسميته بـ"وحدة موضوع" جمعتها عبر سبعة عشر نصا، تستحق ان يتوقف عندها النقاد بالدراسة التي تستحقها، لاسيما وانها كتبت بطريقة جديدة، اعتمدت الغموض الشفاف، غير الممتنع عن الفهم، وباسلوب فني مشوق، يعكس قدرة على الخلق، ودراية باساليب القص الحديث، البعيد عن المباشرة والمعميات معاً.
.. اغماض العينين.. صدرت عن دار ازمنة في عمان، وجاءت بـ(108) صفحات من القطع المتوسط، وهي الاصدار السابع للقاص.



#عبد_الامير_المجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر العراقي والانتخابات الفرنسية!!
- قصة قصيرة بيت القملة
- كركوك.. المأزق الوطني واشكالية الحل الأقليمي
- لمناسبة مرور عام على رحيله .. نجيب محفوظ في ابداعه ومواقفه ا ...
- العقل الاميركي بعيون عراقية-رهان القوة في مواجهة حلم السلام ...


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الامير المجر - ( اغماض العينين ) .. حين يحدق لؤي حمزة عباس عميقاً ويتألم!