عارف علي محمد العمري
الحوار المتمدن-العدد: 2468 - 2008 / 11 / 17 - 08:06
المحور:
مقابلات و حوارات
ثمة برهة من الوقت, ومدة ليست بالطويلة, قررت أن ابتعد عن المعترك السياسي ولو لفترة وجيزة, ليس انهزام وإنما استراحة محارب كما يقال, لأرقب خلالها المقدمات, وانتظر النتائج, لأكون ( شاهداَ على عصر الديمقراطية في اليمن ) ومرت الأيام سريعاً , لاشيء يشجع على التفاؤل, ويبشر بالمستقبل, فمنذ أن خرجت الجموع الكبيرة, والحشود الغفيرة, إلى ميدان السبعين في قلب العاصمة صنعاء مناشدة رئيس الجمهورية – حفظة الله - بالعدول عن قراره التاريخي, بعدم ترشيح نفسه لانتخابات رئاسية قادمة , مروراً بالحظات الحاسمة التي أعلن فيها فخامته للجميع بأنه معهم على سفينة الوطن ليوصلها إلى بر الأمان, وحتى اليوم وأنا ارقب ولا أرى إلا مايدمي القلب, ويبكي العين, ويسر الحاسد, ويشمت الحاقد.
• سفينة الوطن التي وعد الرئيس بالاستمرار في قيادتها, تواجه اليوم الكثير من التحديات, وتصارع موجات من الفساد والرشوة والمحسوبية , وتصارع رياح عاتية من الفوضى, موجات كفيله بان تغرقها قبل أن تصل إلى شاطئ الأمان .
• إن حالة الاحتقان التي تشهدها الساحة اليمنية, وحالة الانسداد السياسي الحاصل في البلاد, والسياسات الخاطئة في التهام ما تبقى من هامش ديمقراطي, واستمرار أسلوب إدارة البلاد بافتعال الأزمات المنظمة التي لا تحسب فيها إلا مصالح ( الأقوياء ) , وإصرار الحكومة على المضي في الانتخابات, وحيدة دون معارض شرعي لها, وتكشير أنيابها أمام أطياف العمل السياسي, والعض على السلطة بالنواجذ لمنع التداول السلمي لها , والإصرار على إفراغ العملية الديمقراطية من مضمونها الجوهري, كلها عوامل قد تؤدي إلى غرق سفينة الوطن قبل وصولها إلى شاطئ الأمان.
• إن الأزمة التي باتت تهدد حاضر البلاد ومستقبلها, والاستئثار الشامل بالسلطة وتركيزها في قبيلة أو مجموعة محددة أو حزب بمفرده, والاستحواذ على الثروة النفطية والسمكية وعائدات الضرائب , وتحويل القروض والمساعدات إلى حسابات أشخاص في بنوك العالم الخارجية, وإطلاق العنان لقوى الفساد لتعبث بالوطن وخيراته كيفما تشاء, وحماية مصالحها على حساب مصالح الشعب, بالإضافة إلى تردي الأوضاع المعيشة للمواطنين, وتفاقم أزمات الفقر والبطالة وتدهور الخدمات العامة من صحة وتعليم وطرق وغيرها , كلهـــــا عوامل تنذر بكارثة لا تحمد عقباها .
• إن إفساح المجال أمام الإعلام الرسمي بهدف التشويه للآخرين , ونعتهم با أبشع النعوت, واسوا الأوصاف, وشتمهم بأقذع الشتائم , ووصف شركاء الوحدة ب ( أذناب ) ( ومأجورين ) ( ومرتزقة ) ( وانفصاليين) ( ومأزومين ) واتساع مفردات البذاءة والحديث في بعض الصحف عن الشيوعيون يدرسون الإسلام في الجنوب, والسماح لمصطلحات العنصرية بالظهور, كلها أمارات شؤم تنذر بغرق السفينة .
• إن قمع الاعتصامات , ومنع الاحتجاجات في الماضي, أدى إلى ظهور تكتلات وحركات منسجمة في ما بينها في الحاضر, اتسمت هذه الحركات باتحادها المطلبي غير المسبوق بين مختلف الفئات السياسية, التي خاضت صراعاً مريراً فيما بينها قبل الوحدة المباركة , بدء بـــ ( اللقاء المشترك ) ومروراً بــ ( جميعات المتقاعدين ) بالإضافة إلى ( جمعيات العاطلين عن العمل ) وغيرها , التي تنادي جميعها بإصلاح مسار الوحدة اليمنية , والاعتراف بالقضية الجنوبية كحل للازمة السياسية الراهنة , إن الاستمرار في قمع مثل هذه التكتلات التي تمثل أروع مناظر الديمقراطية, سيؤدي إلى صوملة اليمن , والقضاء على حضورها الديمقراطي المزعوم, وليعلم الجميع حكومة ومعارضة بأنه لا وحدة مع ديكتاتورية .... ولا تشطير مع ديمقراطية ..
• فك الارتباط بالديمقراطية , وعدم الاعتراف بالأخر, وعدم احترام أبجديات الحوار البناء, والتراجع عن الشرعية الدستورية التي لا يستفيد من تراجعها إلا أصحاب المشاريع الصغيرة , وتهميش رئي الشعب , وتكميم أفواه أبناءه , واستجهال المطالب الشرعية, وإفساح المجال أمام أصحاب الوسطات وعتاولة الفساد, وإغلاق كل المجالات أمام القاعدة العريضة من أبناء الشعب , بالإضافة إلى فتح أبواب التعليم العالي أمام أولاد ( البشوات ) واغلاقة أمام أولاد ( الشغالات ) كلها عوامل تقود للمجهول وتدخل اليمن نفق مظلم اشد ظلاماً من النفق الذي عناه الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر – طيب الله ثراه -
• وأخيراً أنادي الجميع من باب النصيحة , حكومة ومعارضة , إلى تغليب المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة, وجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار, والعمل لليمن من اجل اليمن بكل إخلاص بعيداً عن المهاترات الحزبية, والحسابات الضيقة, والارتفاع فوق الأنانيات, والاحقاديات , إذا أردنا لليمن المنعة والقوة والمجد والسؤدد, مالـــــــــم فسيفيق الشعب يوماً على غرق سفينة الوطن , وحينها سيندم الجميع ولات حين مندم .
#عارف_علي_محمد_العمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟