أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جان عثمان - رد مفتوح لرسالة حسين عجيب














المزيد.....

رد مفتوح لرسالة حسين عجيب


أحمد جان عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 758 - 2004 / 2 / 28 - 07:00
المحور: الادب والفن
    


أخي الكبير حسين
سوريا... تلك البلاد التي أحببناها.
كتبت "سوريا" بالألف الممدودة تضامناً مع رغبة أحد الأصدقاء الشعراء لأنه لا يحب كتابتها بالتاء المربوطة. أظن أن هذه التاء المربوطة هي السبب الجوهري لما آل إليه الواقع السوري اليوم. رغم ذلك، وبغض النظر عن التدهور السياسي والاقتصادي والثقافي الذي لا مثيل له والذي أصاب الحياة السورية في الحقبة الراهنة فإن السوريين لم ينزلقوا، كما هي الحال في بلدان أخرى، في وحل الجريمة المنظمة من سرقةٍ لمال الناس، وسطوٍ على البنوك، وتعاطٍ واسع النطاق للمخدرات، وقتل جماعي لسبب اقتصادي، أو سياسي إذا ما استثنينا فترة جماعة الإخوان المسلمين في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات. بعضهم يبرر هذه الظاهرة بأن الأمن مستتب في سورية (هنا كتبت بالتاء المربوطة لأنها "سوريتهم" هم...)، فهم لا يقصدون سوى الأمن المخابراتي! أما أنا فأرى أن السبب في ذلك يعود إلى طباع السوريين، التي لم يفقدوها بعد كلياً، وثقافتهم التي توارثوها منذ عشرات القرون. هكذا نتمنى أنا وأنت والآخرون أن تبقى سوريا ممدودة بألفها العظيمة بشمم وإباء!

العنف ليس ثقافة سوريّة. فالعقليّات الإيديولوجية، كالقومية والإسلاموية والشيوعية... إلخ، التي تتغذّى من دماء "الحقيقة" المدّعاةِ حيازتُها، ولا يمكنها التنفّس إلا بهواء الإقصاء، لا تستطيع الانتشار والسيطرة في الحياة السياسية السوريّة. لذا، لا يقوى أنصار هذه العقليات على القيام بمحاولة الاستيلاء على السلطة السياسية إلا بطرق غير شرعية، إن لم نقل عصاباتية، كعصيان عسكري ولا أستخدم عبارة الانقلاب السياسي، وابتكار جهاز سياسي غاية في الطرافة كـ"مجلس قيادة الثورة". هكذا تتحول اللا شرعية إلى ثورة، ويتصدّر أحد الجنرالات الأكثر بلطجيّة مجلسهم المزعوم كزعيم، فيختزل الثورة كلها في شخصه، كما يغدو شخصه والوطن شيئاً واحداً حيث يتمّ ربط الوطن بالتاء اللعينة. هذه التاء هي التي تبثّ الخوف، الذي تتكلم عنه كثيراً أيها الصديق، والذي يحول دون إبداء السوريين ما قلته في هذه الفقرة من بديهيات يعلمها الجميع في سوريا... تلك البلاد التي أحببناها.

إذن، لهم سوريتهم ولنا سوريانا يا صديقي حسين. فالخوف، الذي تبثّ فينا تاؤهم اللعينة، يضطرنا نخرج أمام البرابرة، إن قدموا، حاملين الورود، حتى تهوي التماثيل الشامخة وتتحطم سلسلة التاء المربوطة. نعترف، مع الأسف، أننا لا نخاف البرابرة أكثر من الزعيم ومجلسه المزعوم وأجهزته المخابراتية، ولكن، نعرف جيداً كيف ندافع عن سوريانا... تلك البلاد التي أحببناها. فهي لن تسقط كما يسقط "الوطن"، الذي توحّد مع شخص الزعيم، تحت دبابات الغزاة وورود السوريين. نتحالف مع البرابرة ضد التاء المربوطة، آلية القمع هذه، التي جعلت منا، كما تقول، "أشخاصاً عابسين، مهمومين، نافذي الصبر ومتصنعين". وفي الخطوة التالية، نعرف كيف نتحالف مع ألفنا الممدودة، تمثال حريتنا، في وجه البرابرة. ثق بالسوريين أيها الصديق، فهم ليسوا، كما تقول، يتصفون بالهشاشة وفقدان الثقة والقسوة والجفاف العاطفي المزمن، كما أنهم قادرون على التعاطف والتفاهم.

اعذرني إذا فكرت، الآن، بعقلية "النَّحْنُ والهُمْ". فبعض الشعوب تعيسة الحظ، كالسوريين، يهوون في حقبة من تاريخهم في هاوية العقليات كهذه. فهي حرب أهلية باردة لا بد من خوضها حتى نتسلّق، مرة أخرى، على ألفنا الممدودة لكي نصعد من هذه الهاوية. أما هم فلا يستطيعون فعل أي شيء تجاهنا سوى أن يجعلوا منا إما لاجئين وإما سجناء راي... هذا المصطلح الذي ابتكروه والذي ستستغربه، بالتأكيد، الأجيال القادمة في سوريا... تلك البلاد التي أحببناها.

...كثيراً ما أوى الطير إلى قلبي
في وحشةٍ متأخرة من الليل
وكانت عيناه، أحياناً، حالما تهدأ أفكاري
تغمضانِ بسرعةٍ لا تمنحه متّسعاً من الوقت
يقول فيه:
كان النهار أشدَّ جمالاً
يا للهول
تتكسر أجراسُ خطاك في تخوم البلاد
وصدى لشمسِ نافذةٍ يصدأ فيها نهدا امرأة
يتردّد من حولك دون انقطاع:
سوريا...
الأبعد منفى!



#أحمد_جان_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرعيّة العزلة ومشروعيّة الحلم
- الحريـــة والقيـــد
- يا لنا من ضحايا الرقم 3
- حوار الهوية والاختلاف


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جان عثمان - رد مفتوح لرسالة حسين عجيب