أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - صالح العراقي - العصيان المدني الحوار لغة العصيان الحلقه الثانيه















المزيد.....

العصيان المدني الحوار لغة العصيان الحلقه الثانيه


صالح العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 2459 - 2008 / 11 / 8 - 04:45
المحور: المجتمع المدني
    


"إن العصيان هو حوار مع الخصم من خلال أنشطةالمقاومة والمحاكمات... كما أنه حوار مع المواطنين"
من كتاب "حلقات العصيان المدني

أحسن ما يوصف به العصيان المدني أنه عبارة عن حوار. حوار مع الخصم من خلال أنشطة المقاومة والمحاكمات، كما أنه حوار مع المواطنين من خلال تحفيزهم للمشاركة في أنشطة المقاومة. وعادة ما تبدأ المقاومة بشكل تدريجي، فتبدأ حملة المقاومة مثلاً بالمفاوضات ثم تُصَعَّدْ تدريجياً (أو تبتكر أساليب أخرى) إذا لم تنجح المفاوضة في لفت انتباه الخصم وإقناعه بضرورة الحوار. وقد شبه غاندي هذه العملية بارتقاء درجات السلم، ففي مسيرة الملح الشهيرة عندما كسر الهنود قانون الاستعمار البريطاني وبدأوا يستخلصون الملح من البحر سأل أحد الصحفيين غاندي ماذا سيفعل لو لم تستجب السلطات لذلك.. فأجاب: "عندئذ سأُصُعِّدْ الحملة". وذلك حتى يستمر الحوار بين المقاومة والنظام.
ومن الضروري أن يستمر هذا الحوار وألا يتوقف وألا يتم تجاهله، وأن يستهدف جر المجتمع كله من مسئولين ومواطنين إلى حوار مكثف، ذلك أن استمرار الحوار يعني استمرار الحركة في تحقيق أهدافها وازدياد قوتها، وفي توقف الحوار تعزيز لموقف النظام وازدياد قوته. وعلى الحركة ونشطائها أن يعوا أن عدم التهيب من السلطة يجب ألا يؤدي إلى قطع الحوار الذي قد ينشأ نتيجة الحماس في دفع المقاومة إلى الأمام بشكل غير مدروس. أما إذا كان الخصم هو البادئ في قطع الحوار - لأسباب تكتيكية - فسيزيد ذلك من إمكانية خلق حوار مباشر بين مجموعة النشطاء من جهة وبين المواطنين من جهة أخرى. وهذا التطور هو الشائع في مثل هذه المواقف.
إن استجابة الخصم جزء ضروري في عملية المقاومة بغض النظر عما إذا كانت هذه الاستجابة سلبية أو إيجابية، جزئية أو كلية.

العصيان المدني والعمل المباشر
وبحسب استجابة الخصم تكون طبيعة النشاط. فقد يكون من الضروري أحياناً أن يأخذ العصيان المدني صورة العمل المباشر الرمزي، ومن الأمثلة على الفعل المباشر الرمزي ما قامت به حركة السلام في السويد عندما قامت بإعاقة جدية لتصدير السلاح في عام 1983، حيث تمكنت مجموعة من النشطاء – رغم ضعفها التنظيمي - من تعطيل سفينة محملة بالسلاح لمدة ساعة، مرسلة برسالة رمزية بضرورة وقف تصدير السلاح كليةً، وفي نفس الوقت فقد حققت هدفها بشكل رمزي ومنعت تصدير السلاح فعلاً في هذا النشاط.
وعندما تقوم حركة ما بإيواء مجموعة من المشردين ممن لا مأوى لهم فإنها بذلك تسلط الضوء على قضية المشردين، وفي نفس الوقت تحقق هدفاً من أهدافها ألا وهو إيجاد مأوى لهؤلاء المشردين.
وعندما ينام عدد من النشطاء على شريط سكة حديد معترضين سير قطار محمل بأغذية فاسدة، فهم إنما يمنعون ذلك بأجسادهم، كما يعبرون عن ضرر هذه الأغذية وعن رفضهم لها.
وتجب الإشارة هنا إلى أن العمل المباشر لا يحظر الاستعمال الرمزي للقوة. فلقد قامت مجموعة من النشطاء المسيحيين بربط أنفسهم بالسلاسل، ومن ثم ربطوا هذه السلاسل بأبواب قواعد عسكرية معروفة في بريطانيا. وهم لا يعنون بذلك أن يحققوا هدفاً باستخدام قوة السلاسل؛ وإنما يريدون أن تصل رسائلهم إلى الرأي العام البريطاني والعالمي.
وهنا يبرز سؤال مهم عن أخلاقيات حركة العصيان المدني ومبرراته.

أخلاقيات حركة العصيان المدني
يجب أن يمثل العصيان المدني حافزاً أخلاقياً للمواطنين ليكون جديراً بثقتهم. وتبدو هذه الثقة مستحيلة إذا هددت حركة المقاومة باستعمال العنف، مما يخلق عند الناس حالة ذهنية من الهلع تحول بينهم وبين الاستجابة للحافز الأخلاقي، وبهذا يصبح العصيان مصدراً للخوف بدلاً من الثقة. فالعصيان إذا ما كان مصحوباً بالعنف فانه يعزز قوة الخصم.
إن إدخال عنصر القوة الجسدية في المقاومة – خاصة في البداية مع ضعف الحركة - يؤدي إلى عزل الكثيرين من النشطاء عن المقاومة – خاصة الذين لا يمتلكون قوة جسدية. وبذلك تصبح حركة العصيان المدني قائمة على مجموعة مختارة بمواصفات محددة، وهو ما يضعف الحركة أمام قوة الطرف الآخر. ومشاركة المجموعات النسائية في أعمال العصيان المدني خير مؤيد لوجهة النظر هذه.
ويجب الانتباه إلى أن العصيان المدني لا يكون مؤثراً أو فعالاً إلا بمبررات أخلاقيةً نابعة من عدالة القضية التي قام من أجلها. فمثلاً حين يتعارض القانون المدني مع القيم الأخلاقية والدينية للمجتمع، أو يقوم النظام بمنع الحقوق الدستورية للمواطنين مثل حق التجمع السلمي أو حرية الاعتقاد الديني، أو فرض ضرائب على أفراد المجتمع واستخدامها في حروب ظالمة أو سرقتها لصالح الحزب الحاكم؛ يجد العصيان المدني مبررات قوية لقيامه بأنشطته. فتحقيق العدل يفوق الالتزام بأي قانون جائر.
إن مسئولية الفرد تجاه مجتمعه ومطالبته بحقه الطبيعي في تلبية نداء الضمير يؤكد على وجوب مقاومة النظم الديكتاتورية وعدم السماح لها بالتحكم في تصرفاتنا وسلوكنا، أو أن تملي علينا ما الذي يمكننا أو لا يمكننا عمله.

الممكن وغير الممكن
إننا عادةً ما نسمح للنظام بالتحكم في تصرفاتنا وسلوكنا من خلال مانتصوره ممكناً أو غير ممكن، غير أنه من خلال أنشطتنا فقط تتأكد لدينا إمكانية الفعل أو استحالته. ففي مفاوضات نزع السلاح مثلاً من المنطقي والطبيعي أن تكون السلطة أو الحكومة وحدها هي القادرة على تحديد أي الأسلحة تنزع وأيها يدمر، ولكن عندما يقوم عمال مصانع الأسلحة من نشطاء العصيان المدني بإبطال فعالية هذه الأسلحة أو نزعها بأنفسهم تتغير حينها قناعاتنا حول من بإمكانه أيضاً أن يقوم بالعمل الذي ترفض الحكومة القيام به. فأشياء تبدو لأول وهلة أنها مستحيلة لكنها تحدث، وأمور تبدو في يد النظام وحده، لكن مجموعة بسيطة تستطيع أن تثبت عكس ذلك.
ولهذا لكي تصح تصوراتنا عن الإمكانية الحقيقية لفعل ما فلابد من إخضاعه للتجربة وهي وحدها الحكم الذي يقرر الإمكانية من عدمها. ولا ينبغي أن نكتفي بانهزام الإرادة والتسليم لإيهامات الخصم بأن كل شيء في قبضته وأننا يجب ألا نتخطى الخطوط الحمراء التي وضعها.
وبالمثل فإن رؤيتنا التقليدية لما هو صحيح وما هو خطأ تتحكم بسلوكنا إلى حد كبير، فطاعة القانون مثلاً وعدم تخريب الممتلكات مبدآن أخلاقيان متجذران في ثقافة المجتمع، ولكن حين يقوم نشطاء البيئة في أوروبا بتفكيك الآلات المضرة بالبيئة والتي يحميها القانون، سيكون من المعقد جداً أن نفهم هذا التعارض بين القضيتين. ما هو الصواب وما هو الخطأ؟ وعندما تقوم حركة العصيان المدني بالدعوة إلى الامتناع عن دفع الضرائب، فإنها لا تدعو لعمل غير أخلاقي - رغم أن ظاهره قد يبدو كذلك، فقد يكون الهدف من وراء هذا الامتناع هو إيقاف عمليات الرشاوى والفساد التي تتم تحت مظلة "الضرائب".
قد يتحدث الكثيرون عن أخلاقيات العصيان المدني، لكن هذه الأخلاقيات تختلف بحسب النظرة إلى ما هو ممكن وغير ممكن، وما هو صواب أو خطأ، والمطلوب هو إخضاع هذه الأعراف والقناعات للتجربة بالحوار مع الخصم ومن ثم كل المجتمع عن طريق أنشطة واستراتيجيات العصيان المدني.



#صالح_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصيان المدني.. مقاومة أم احتجاج-الحلقة الأولى


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - صالح العراقي - العصيان المدني الحوار لغة العصيان الحلقه الثانيه