قبل الولوج في غياهب هذه المقالة أريد أن أوضح أمراً مهماً قد يظنه البعض من القراء بأنه تافه لا حاجة لبيانه وقد يعتقده البعض الأخر بأن له حاجة ولو على سبيل السرد الكلامي لا أكثر ولا أقل.
أنا لا أجرح أحداً من رفاقنا في الحزب الديموقراطي التقدمي الكوردي في سورية والأطراف الأخرى التي شاركت في إدارة الطاولة المستديرة والتي دعا إليه منتدى جمال الأتاسي في 11/1/2004/ والذي عقد في العاصمة دمشق بمشاركة من بعض المثقفين الكورد والعرب وحفنة من المهتمين بشؤون السياسة في سورية.
كل ما هنالك بأنني أحاول أن أوضح للأطراف الذين عقدوا هذه الندوة بعض الأمور التي ليسوا بجاهلين بها بل قد يكونون أكثر مني معرفة وعلماً بها وأسرد لهم بعضاً من أراء الشارع الكوردي ورؤاهم المختلفة حول القضية الكوردية في سورية والتي هي محور الطاولة المستديرة فأرجو مرة أخرى أن لا يفهمون قصدي الصادق في معناه ومضمونه بأنه مسبة أو شتيمة.
مقدمة فلسفية للسياسة لا بد منها:
قبل البحث في أي موضوع لا بد أن يطرح سؤال أبقي في الذهن أم وجد طريقة إلى اللغة ؟
هل هذا الموضوع ( التوغل فيه, مناقشة, دراسة ,محاولة كشف أسبابه ونتائجه الخ ... ) من الأمور الصعبة أم السهلة .
فإذا وجد الإنسان صعوبة ازوًّر عنه – باستثناء القليل من الناس يحبون تجشم المشاق- وإذا وجد سهولة أقبل عليه ومال إليه.
ونحن لابد لنا من السؤال : هل السياسة في سورية مسألة صعبة أم سهلة ؟ هل دراستها من الأمور الممكنة لكل كوردي وعربي أم ممتنعة على السواد وممكنة بالنسبة إلى الخاصة وبالتالي هل الخاصة من عليهم فقط تعاطي السياسة أم من واجب الكافة أن تنحو هذا النحو وتتجه هذا الاتجاه.
ومهما يكن رأينا فمن المسلمات أن من يضطلع بمهمة مجتمعة ويريد التصدي لها بنجاحات أكثر وإخفاقات أقل لا بد له من دراسة السياسة أو في الأقل دراسة أسسها العامة وأخذ لمحة عنها ثم اختيار أي من المدارس السياسية يتفق مع الهدف الطبقي والاجتماعي العامل له والمساعد للوصول إليه.
نقول أن من واجب الطليعة التي على عاتقها تقع مهمة تطوير المجتمع والفكر أن تقبل على السياسة دراسة وبحثاً ونقاشاً واجتهاداً وتعمقاً لمن قدر واستطاع وبعد ذلك أن تسعى إلى ممارسة التطبيق العملي الذي هو محك الحقيقة في وضع الخطة عامة وخاصة لأن العلاقة بين العام والخاص من المسلمات ولأنه بدون الكشف عن العام لا يمكن الكشف عن الخاص وبدون الكشف عن الخاص لا يمكن الكشف عن العام.
السياسة ليست صعبة إلا لمن يود البحث فيها بعيداً عن الأرض بعيداً عن العلم بعيداً عن المجتمع وإلا إذا وقع المرء في تيار الاعتقاد الذي ساد وهو انه ليس كل إنسان بقادر على درس السياسة وفهمها والهدف من نشر مثل هذا الاعتقاد أبعاد أكبر عدد ممكن من البشر عن درس السياسة كي يظل الناس خاضعين لأوهام الغيبة والسياسة المثالية على اختلاف مدارسها.
ولهذا فليس غريباً أن نسمع من ممثلي الغيبية السياسية من يقول : مالكم والسياسة والتصدي لأسرار الكون والمجتمع والفكر ويكفي أن تتسلحوا بالأيمان وأن تتركوا القضايا الأخرى التي لا يدرك كنهها إلا الله دون التصدي لها ( كما حصل معي في بداية مشواري ككاتب صغير أستقرء بعد أحداث وأمور السياسة الكوردية).
ولهذا فليس غريباً أن يرفض التقدميون ( وأقصد هنا العالم المتقدم وليس رفاق حزب الديموقراطي التقدمي) أن يرفضوا مثل هذه الآراء والأفكار التجهيلية وان يقوموا بتبسيط السياسة وجعلها في متناول الجماهير بأساليب وطرق شتى وهذه مهمة أساسية تقع على عاتق كل من عمل ويعمل على تطوير المجتمع إذ كيف يمكن أن يساعد الإنسان على تطوير المجتمع بصورة واعية وهو لا يعالج بشكل كاف الأسس التي يقوم عليها المجتمع ولا يبحث في الكون والمجتمع والفكر لا يمتلك ناصية القوانين الموضوعية العامة يجهل الشيء الذي يعمل على تطويره ويبذل نشاطه فيه؟
من هذه الزاوية وإذا اقتنعنا بضرورة القيام بدورنا في المجتمع بصورة أفضل لم نجد السياسة صعبة ولا معقدة بل أن التوغل في شعابها سهل إلى أقصى الحدود وإن جعل دراستها من الواجبات الملقاة على عاتقنا وطريق فرض علينا.
ومن ناحية طبقية نجد أن المستثمرين السياسيين يحاولون جهدهم إبعاد الناس عن دراسة السياسة وممارستها وبخاصة السياسة المادية علمية كانت أم غير علمية محافظة منهم على نظام الاستثمار السياسي الذي يسعون لإبقائه إلى الأبد ولهذا نجد جميع الطبقات السياسية الرجعية من سادة العبيد في عهد العبودية إلى الإقطاعيين في عهد الإقطاعية إلى الرأسماليين في عهد الرأسمالية يحاربون السياسة المادية بكل قواهم وبمختلف الأساليب وحتى أنهم القائلون بعجز ما يسمونهم بالعامة عن الفهم لا يتورعون عن استخدام بعض الجهلة ضد السياسيين أو باحثين في السياسة المادية لإسكاتهم واخفات أصواتهم ومنع سريان أفكارهم إلى الجماهير كي لا تصبح هذه الأفكار قوة مادية إذا ما تغلغلت في الجماهير والأفكار لا تصبح قوة مادية إلا إذا اعتنقها الجماهير ونفذتها وجعلتها واقعاً حياً متفاعلاً.
دراستنا للسياسة تساعدنا في عملية القضاء على نظم التأخر ومخلفاتها وقوانينها وإيديولوجيتها وفي بناء المجتمع الجديد الخالي من استثمار الإنسان للإنسان.
نعتقد أن الجواب على السؤال هل السياسة صعبة أم لا قد ورد في الأسطر السابق ذكرها إذ لو سلمنا بأنها صعبة فأن واجبنا جعلها سهلة أمام المهام الملقاة على عاتقنا من جهة الإسهام الواعي إيديولوجياً وعملياً في تطوير المجتمع هذا مع العلم بأنها ليست صعبة إلا إذا أخذت وفق المفاهيم القديمة إذا كانت منفصلة عن الحياة وإذا كانت تبحث في الغيبيات فقط وتترك شؤون المجتمع إذا كانت تبحث في مختلف الظواهر بصورة مجردة ومنفصلة عن التجربة عن التطبيق الذي هو محك الحقيقة.
سجالات عقيمة:
ثمة أشياء وأمور كثيرة على المرء مراعاتها في حديثه مع الناس سواء كان هذا الحديث في السياسة أو الدين أو الجنس أو أي نقاش يدور بين أكثر من شخص لأنه بتلك الضوابط يخرج بالنقاش بأروع صورة وأبها جمالية أما أن يكون الكلام مجرد ( شلف ) فهذا الذي يدفع أمثالي من نقد ولو على سبيل التذكير هؤلاء السياسيين والمثقفين الذين حولوا أنفسهم في يوم وليلة إلى ممثلين وحيدين للشعب الكوردي في سوريا يقررون مصيره ويصوتون بالنيابة عنه في أمور باتت واضحة للجاهل قبل العاقل بأنها تهم عامة الناس وليست الفئة السياسية منه فقط ولا بد لنا من التدخل وقت اللزوم لتصحيح بعد الأخطاء التي ترتكب وتقال وتحريك بعض المواقف التي ظلت أكثر من سنين مملة وعالقة لا تأبه التغيير والحراك.
يقول الأستاذ مشعل التمو في كتابه آراء ومواقف الصادر عن منتدى جلادت بدرخان وفي الصفحة 11 و12
( أن قضية الشعب الكوردي ليست قضية مهجرين وإنما قضية سياسية لشعب يعيش على أرضه التاريخية ومن حقه اختيار الشكل المناسب من أشكال التعايش مع الشعوب التي يتعايش معها إذ رغم محاولات الصهر والإذابة والإبادة فأنه لم يفقد خصائصه القومية وسيظل يحن إلى تحقيق هويته الثقافية وإحياء تراثه الخاص به على أساس الإتحاد الاختياري الحر جنباً إلى جنب مع الشعوب العربية والإيرانية والتركية وهو ما يلتقي مع الموقف الديموقراطي تجاه الشعب الكوردي من جانب الشعوب الأنفة الذكر ).
آثرت أن أنطلق من هذا المقطع من مقالة للأستاذ مشعل التمو لكي أبدء الحديث عن الحقوق الكوردية والتي تقع في ذمة الحكومة السورية قبل الخوض في السجالات التي جرت على هوامش الندوة السابقة الذكر. الشعب الكوردي في سورية يشكل حوالي 11 بالمائة من مجمل السكان في سورية وهذا على هوى ما تظنه الأحزاب والشخصيات الكوردية والمتخصصة في هذا المجال دون أن يكون لهذا الكم من السكان أية حقوق إنسانية ولاحظ معنى كلمة الإنسانية ولا أقول الثقافية أو السياسية لأن الشعب الكوردي في سورية يفتقر وبسياسة مدروسة من قبل الدولة إلى تجريد الإنسان الكوردي من الشعور الإنساني وتهميشه قصداً على هوامش الحياة الإجتماعية والإنسانية من خلال جملة من المواقف والممارسات اللاإنسانية بحق هذا الجزء الأساسي من التكوينة السكانية السورية المزركشة ولا داعي لأن أسرد أي منها فيكفي أن تقف في طابور المخبز الآلي في القامشلي وترى بأم عينيك ما هي هذه التجاوزات أو أن تذهب إلى أي دائرة حكومية ويعرف الموظف بأنك كوردي طبعاً من تقاسيم وجهك المألوفة لديهم وترك التعرقل الذي تتخبط فيه معاملتك قد يكون الكلام صحيحاً إذا قال أحدهم بأن هذه التجاوزات يحظى بها العربي أيضاً أقول كلا م صح ولكن العربي أكتوى بنار الكوردي في المنطقة الكوردية أيضاً والظلم هنا مضاعف على الكوردي في حين هو مفرد على العربي.
القضية الكوردية في سورية وأقول هنا قضية لأن المسألة لا تعطي حق الأكراد في سورية والبلاغة هنا للغة العربية وليست لي لأن المسألة لابد أن يكون لها حل بسيط ولكن القضية غالياً ما تكون معقدة تحتاج إلى الكثير من الروية والتفكير لمجرد التفكير في حل عقدها وتحريرها لتصبح سهلة المنال ولأن موضوعنا هو القضية الكوردية التي وضعت على الطاولة المستديرة لابد لنا من تقديم توضيحات بهذا الخصوص.
للتتقدمي كحزب رأي حر به وهو يستطيع أن يعمل بكل ما أوتي من قوة في سبيل تحقيق أهداف حزبه وبالشكل الذي يستطيع ويريده هو وليس سواه وهو يملك كل الحرية في إدارة ندوات باسم حزبه مع أي أطراف عربية يرد ولكن عليه أيضاً احترام آراء الأطراف الكوردية الأخرى التي أيضاً تناضل في سبيل حل القضية المعقدة والذي ليس من حقه أن يلخص القضية الكوردية بقضية مواطنين جردوا من هوياتهم السورية وليس حزام عربي تم بموجبه انتزاع ملكية الأراضي للآلاف من المواطنين الكورد لأنه له الحق في هذا الرأي الذي نسمعه منذ أكثر من أربعين عاماً فالقضية الكوردية قضية معيشية وقضية أخلاقية وقضية بيئية وقبل كل شيء قضية إنسانية تعيق حياتهم كبشر أولاً قبل أن ينالوا الحقوق السياسية والثقافية.
هل فكر أعضاء حزب التقدمي يوماً بحال هؤلاء الأجانب الذين حرموا من هوياتهم الوطنية السورية هل فكروا بسؤال مهم من سيعيل عائلاتهم حين يساقون إلى خدمة العلم ؟
هل حضر لهم التقدمي قوائم بأسمائهم ليساعدوهم بقدر استطاعتهم ليبدأو حياة المواطنة ؟
هل بنى التقدمي مدارس وجهز الكوادر التدريسية لتعليم اللغة الكوردية في حال حصولهم على الحقوق الثقافية؟
بالتأكيد لا فأن معظم رفاق التقدمي لا يجيدون الكوردية قراءة وكتابة وان وجد كم قليل فهذا الكم لا يتعدى سوى هواة في اللغة الكوردية وليس بعيد بأنهم لازالوا أميين في اللغة العربية أيضاً فالأجدر أن يعلموا أنفسهم ويستعدوا لمهمة كهذه قبل أن يحصروا حقوق الأكراد بهذا الشكل.
ثمة سؤال أخر هل التنظيمات الكوردية في سورية ( لأنني أسقطت عنها صفة الحركة في مقالة سابقة وهي تفتقر إلى هذه الصفة ) هل هي متوحدة في الرؤى والأفكار وآلية العمل؟
وهل هناك ممثل وحيد للشعب الكوردي لتنتقل إليه السلطة بعد أن تمنحه الحكومة حقوقه السياسية؟
هل من مجيب؟
ليس من حقك كحزب أن تحرم طرق النضال الكثيرة من اجل الحقوق المشروعة للشعب الكوردي في سورية وان تلخصها كلها في الطريق الذي تسلكه وكما لك الحق في اختيار الطريقة التي تحب وترضاها لنفسك ليس من حقك أن تتهم غيرك بأنه مشبوه عندا يطالب بالانفصال حتى ولو كان على خطأ فإن أنت اتهمت غيرك بالشبهات سيتهمك غيرك بها أيضاً يا سيدي وبدا ذلك واضحاً من ردة فعل حزب يكيتي الكوردي في سورية ونشر مقالة في نشرتهم الشهرية ذي الرقم /105/ عدد كانون الثاني /2004/ باسم ( هل يستنجد النظام بحميد درويش؟ أم أن حميد يستنجد بالبعث لمواجهة المد النضالي الكوردي ) وكيفما تدين تدان يا سيدي.
كل تلك أسئلة يطرحها الشارع الكوردي وعلى قادة التقدمي الإجابة عنها لأن البطولة لا تكمن في طرح أسئلة بدون تحضير أجوبة لها وهل يعقل أن يكون الشارع بعيداً عن أرائه وإلى متى يساق باسمه ويعلى عليه ويقرر مصيره دون مراعاة مطالبه وحقوق الحقيقية وليست الوهمية كما يطلبها التقدمي.
على التقدمي أن يرجع إلى شارعه الكوردي ويرى الهموم بأم عينيه قبل أن يطرح القضية الكوردية على مثقفين عرب وهو لازال بعيداً كل البعد الحياة الهامشية للشعب الكوردي سوى انه يتغنى بجوقة من طيفه وما يدور حوله من شخصيات كرتونية تنفخ في قربته المقطوعة حيث سيصل الطبال بعد نهاية العرس.
كفى إذلالاً للقضية الكوردية بهذا الشكل الذي تقدمونه إلى الأخر العربي ويكفيكم أن تتحدثوا باسمكم كحزب وان تقدموا لائحة بمطالبكم كحزب ولا تعزفوا على الوتر الخاطئ لأن العزف الخاطئ ينتج لحناً نشازاً.
أما الجهل ا لذي ينقط من ممثل حزب البعث الحاكم وهو يدلي بإفادته أمام الحضور وهو تعليقه بأن السكان الكورد هجروا من تركية أثناء تطبيق قانون الإصلاح الزراعي عام1958 كان الأجدر به أن يقول قانون التخريب الزراعي وليس الإصلاح فلا إصلاح في تخريب دور وبيوت فوق رؤوس أصحابها ولا يسمى إصلاح من ينتزع منه أرضه ولن أناقش هذه المسألة معك يا سيد ناصر لأنك حتماً لا تعي ما تقول في هذا الصدد.
أما الذي أقدمت عليه وقلت في مداخلتك بان عدد الأكراد البدون كما تصفهم لا يتجاوز ثمانين ألفاً فأنت تذكرني بأحد مساعدي صدام وحسبما أذكر كان عزة الدوري قال الأنفال ما كانوا 182 ألفاً من الأكراد بل كانوا 150 ألفاً ( أعتقد الأرقام ليست دقيقة ولكن على سبيل المثال ) فهل يعقل أن يكون هناك ثمانون ألفاً من سكان الدولة بدون هوية ونرى الدول الأخرى لا ترضى أن يبق مواطن أجنبي تعرفه عز المعرفة بأنه مهاجر بدون أن يحصل على هوية ذلك البلد ثم أن الرقم المذكور بعيد كل البعد عن الصحة فعدد الأكراد الأجانب في عام 1962 يتجاوز /120/ ألفاً وذلك حسب التعداد السكاني لسوريا(( حيث في عام 1960 كان سكان سورية /4.8/ مليون وإذا أخذت نسبة التزايد السكاني حيث يعتبر النمو السكاني كبيراً ويقدر بنحو 33.1 بالألف ويعد ارتفاع معدل الولادات عاملاً مهماً رئيسياً في هذا النمو وهي نسبة عالية يسهم الدين والعادات في ارتفاعها وتدني نسبة الوفيات نتيجة للعناية الصحية والتطور الاجتماعي والاقتصادي للسكان بحسب كتاب الجغرافية العامة للثالث الثانوي الأدبي الصفحة /149/ )) لحصلت على عدد اكبر من ربع مليون كوردي محروم من الجنسية.
أما ما عزفت نشازاً على وتر الحدود التي تشترك سوريا مع تركية بها وقدرتها بحوالي 600-700 كم وذكرت بأنك أبن المنطقة وتدعي بأن الأكراد يتدفقون من تركية إلى سورية نتيجة الضغوط التي يعانون منها في تركية وحكومة البعث لا تجنس الأجانب الكورد لكي لا تتغير التركيبة السكانية .
إن أحوال الكورد في كوردستان تركية هم بخير بألف مرة من حالنا هنا ولو كان بالإمكان لفر الكثيرون إلى تركية للعيش فيها وناهيك عن ذلك وكما تقول بأنك ابن المنطقة فانا ادعوك لزيارة القامشلي وتتقدم أنت لتجتاز الحدود السورية التركية فإن كنت شجاعاً أن تتقدم بمسافة عشرة أمتار من الحدود فإن لم يمزق جسمك بالأسلاك الشائكة ستقتل بفعل التيار الكهربائي الذي يسير فيها أو تلقى حتفك من جراء انفجار لغم أرضي بك أو في النهاية تكون مسرحاً ومرمى لوابل من نيران الحرس التركي الذي يفصل كل مخفر لهم عن الأخر مائة متر فقط فكيف يتنقل الناس ويهاجرون من تركية إلى سورية بسهولة ويسر ونحن نرى بأم أعيننا بان الطير يكاد يقتل عند اجتيازه الحدود لولا انه يطير على مسافة مرتفعة.
والشيء الأخر الذي أود ذكره لك بأن الأكراد في الجزيرة بدأوا يهاجرون من المنطقة بحثاً عن المعيشة في الداخل فتكاد تخلو محافظة سورية من أكراد يعملون في الباطون والأسمنت وحراس مداجن أو مشاتل ومزارع وناهيك عن هجرة الألأف من الشباب الكورد إلى أوربا هرباً من جور الحياة ومصاعبها الكثيرة وأنت تأتي وتتدعي بان الكورد يهاجرون من تركية طلباً للعيش والأمان في سورية ولماذا بالتحديد الكورد ألا يهاجر غيرهم من العرب في لواء الإسكندرون أم حالهم أفضل من حال الأكراد أو لا تشترك بحدود معهم يجوز!!!.
أما السيد طارق يتساءل لماذا يكون الأكراد أحزاب كوردية بحتة الجواب بسيط وسهل لأنهم أكراد ومن حقهم أن يؤسسوا أحزاباً قومية باسمهم طالما لا يعترف بهم كأكراد في أحزاب أخرى كالبعث والشيوعي والقومي الاجتماعي وغيرها وهذه مسألة إثبات وجود وذات وليست مسألة تطرف وانحياز.
الذي أعجبني في كل الندوة بان جميع الأطراف متفقة على أن حل القضية الكوردية في سورية متعلق بالديموقراطية العامة في البلاد وإنهاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية الجائرة وضرورة وإطلاق الحريات العامة في البلاد وهذا أمر نتفق عليه جميعاً بدون نقاش.
في النهاية لا يسعني سوى أن اشكر كل من يناقش القضية الكوردية في سورية مع المثقفين العرب ولكن بموضوعية وعقلانية دون انحياز ولامبالاة كلامية ودون الدقة في العبارات وتزوير الوقائع و تشويه الحقائق وتعتيمها ونرحب كمثقفين بكل طاولات مستديرة تتناول القضية الكوردية بكل أبعادها وجوانبها المختلفة.
هوامش وماحقات:
1- الديموقراطي العدد /454/ أوائل كانون الثاني /2004/
2- نشرة يكيتي العدد 105 كانون الثاني /2004/
3- آراء ومواقف مشعل التمو.
4- الأمير نيقولا ماكيافيلي تعريب محمد لطفي جمعة.
5- الفلسفة المثالية والمادية