أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ‏مهند عبدالحميد - شروط إعادة بناء المؤسسة الفلسطينية















المزيد.....

شروط إعادة بناء المؤسسة الفلسطينية


‏مهند عبدالحميد

الحوار المتمدن-العدد: 147 - 2002 / 5 / 31 - 06:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


يعتقد البعض أن الإصلاح وإعادة البناء في الواقع الفلسطيني سيؤديان إلى الانهيار، تماما كما حدث في الاتحاد السوفيتي إبان محاولة تطبيق "البيروسترويكا" أو إعادة البناء . ويرى شلومو بن عامي، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أن الأطر الفلسطينية لا تستطيع إصلاح حالها، ودعا إلى انتداب دولي للإشراف على الإصلاح الديمقراطي والاستقرار الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية. وكلا الاعتقادين لا ينفيان حاجة المجتمع الفلسطيني والسلطة الوطنية للإصلاح واعادة البناء . وإذا كان لابد من ابتكار وتخيل بدائل للوضع المأزوم، فان اخطر شيء نواجهه الآن هو النظر الى الذات (كبقعة معتمة) وانتظار الأجوبة الجاهزة من الآخر، والتسليم بالتبعية الذهنية الأشد خطرا من التبعية الاقتصادية والسياسية0

ان فقدان القدرة على التغيير الذاتي، يعني فقدان الأمل بالتغيير الأهم وهو الخلاص من الاحتلال العسكري، وثمة تلازم بين التغييرين فقد كانت مهمة إعادة بناء وتنظيم المجتمع على أ سس جديدة واعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، أكثر ضرورة وإلحاحية منذ اليوم الأول لتولي السلطة الوطنية الحكم ومنذ تراجع الاحتلال الإسرائيلي عن المدن والمخيمات0 وكان احتياج المجتمع الفلسطيني للتغيير كبيرا بعد انكشاف الخداع الإسرائيلي أثناء وبعد المرحلة الانتقالية، ومنذ اندلاع الانتفاضة. وتعاظم الاحتياج الفلسطيني لاعادة البناء والتغيير الآن وبعد الاجتياح العسكري الإسرائيلي للمدن والمخيمات الفلسطينية الذي لم يتوقف إلا ليبدأ من جديد.

في مرحلة منظمة التحرير وقبل بناء السلطة الوطنية، جرت تحولات هائلة وتغير كل شيء، لكن المؤسسات الوطنية بقيت على حالها. وبعد سنوات من بناء السلطة تغيرت أمور كثيرة ولم يتم إدخال أي تعديل إيجابي على وضع السلطة، بل لقد أجل تغيير أبسط الأشياء وأكثرها تعقيدا إلي مرحلة الحل الدائم. وكانت سياسة التأجيل تنطوي على خطأ فادح، لأن التأجيل كان يعني انتظار الشعب الفلسطيني للحل السياسي دون المشاركة في تحقيقه، ويعني افتقاد المفاوض الفلسطيني لأهم الأسلحة الضاغطة على حكومة الاحتلال . وبالمثل أدى تأجيل الإصلاح في إطار مؤسسات المنظمة الى نتائج وخيمة ليس أقلها تشوه البنية وتحولها الى جهاز بيروقراطي منفصل عن الشعب والمجتمع. لم تكن الأسباب التي دفعت الى تأجيل الإصلاح والتغيير مقنعة، فهناك العديد من الأسباب المخفية، بعضها موضوعي وله علاقة وثيقة بالكبح والقمع الخارجي وبمستوى تطور التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الفلسطينية. والآخر ذاتي ويتصل بطبيعة القوى السائدة وتفاعلاتها مع المعارضة والمجتمع المدني والثقافة السائدة.

المؤسسة الفلسطينية بشكل عام ضعيفة وبدائية ولم تكن في يوم من الأيام بمستوى اللياقة النضالية العالية للشعب الفلسطيني. وغالبا ما تخلفت المؤسسة عن الحركة النضالية الجماهيرية. وأهم دليل على ذلك الانتفاضتان العفويتان الأولى والثانية اللتان تجاوزتا تنظيمات الحركة الوطنية، ولم يتمكن أي تنظيم من إدراك الانتفاضتين بشكل مسبق، وكان التلاقي بين العفوية والوعي يأتي إما متأخرا واما مقلوبا حيث يلتحق الوعي الممثل بـ"التنظيمات" بالعفوية وببعض مفاهيمها الخاطئة. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تخلفت المؤسسة الفلسطينية عن الواقع وظل تطورها بطيئا ومثقلا بالشوائب والتشوهات؟

أولا: الإنكار الإسرائيلي لوجود الشعب الفلسطيني ومحاولة إقصائه. فقد طرد الشعب الفلسطيني من وطنه وحطمت بنيته الاقتصادية الاجتماعية وتمت ملاحقته في كل الأماكن التي حاولت فيها الحركة الوطنية إدارة الحياة السياسية، وإنشاء المؤسسات أو همشت وانعزلت عن المجتمع في الخارج أما في الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد كبحت سلطات الاحتلال التطور الاقتصادي الاجتماعي الثقافي، وانعكس هذا الكبح المنهجي المتواصل طول الوقت على تركيبة المؤسسة، وأدى ذلك الى عدم تبلور المجتمع المدني وفي ظل غياب الصناعة والتحديث بقيت الطبقات الاجتماعية هلامية وأصبحت البنية الاجتماعية السائدة هي البنية العشائرية - الما قبل رأسمالية- وعلاقاتها التي تنتمي للقديم الغابر وكذلك ثقافتها المحافظة.

ثانيا: النمو المشوه للمؤسسة المجتمعية والسياسية0 وعنصر التشوه الأساسي هو التمويل الخارجي فلا توجد مؤسسة ذات شأن تعتمد على تمويل المجتمع0 لا توجد جامعة واحدة أو منظمة سياسية أو مؤسسة مجتمع مدني رئيسية أو منظمة أهلية، أو غير حكومية تعتمد على إمكاناتها الخاصة0 والاستثناءات القليلة التي تتمتع بهامش استقلالي تنحصر ببعض الجمعيات التعاونية والخيرية0 ان عدم الاعتماد على الذات يمس وظائف المؤسسات ويحولها الى مشاريع استثمارية خاصة بمجموعات وأفراد منتفعين ولا يهمها تقديم وظائف حيوية للمجتمع الا من باب الدعاية، بل يهمها إرضاء الممول الخارجي، ويرتهن مصيرها الى حد كبير بمستوى تدفق الدعم أو انحساره، وأدى البناء المشوه للمؤسسات الى إضعاف المجتمع المدني واضعاف دوره كمعارضة اجتماعية0

ثالثا: تراجع التنظيمات الوطنية واليسارية عن دورها الاجتماعي الثوري وذلك بعد أن توقفت عن إنتاج الفكر السياسي الناقد والوعي المطلوب وجعلت التنظيم هدفا ومرجعية وتوقفت عن استيعاب المثقفين، وأخيرا بدأت تتوافق مع البنية الاجتماعية العشائرية وتساعد في تكريسها0 وقد أدى تراجع التنظيمات الوطنية الى انتكاسة في الاستقطاب السياسي الوطني الديمقراطي والعمل الديمقراطي داخل المؤسسات وضمور الطبقة الوسطى، لمصلحة التنافس العصبوي الذي يهدد بالانقسام والتفكك. ولم يؤد هذا الواقع للحركة الوطنية إلى أي فعل سياسي موحد يجمع أكثرية الشعب مع حركته الوطنية في مواجهة الاحتلال، وينتج أشكالا متنوعة من المقاومة والنضال المتناغم مع التأييد والتضامن في الخارج ومع كل مؤيد ومتعاطف مع القضية الفلسطينية بشكل عام.

رابعا: الميوعة الاجتماعية. منذ نشأتها وقعت السلطة الوطنية في إغراء الدخول الى البنية العشائرية القائمة من أجل تعزيز نفوذها، وقامت بتعيين المجالس المحلية والبلدية على مقاس البنية العشائرية بشكل أساسي، وأخذت بالاعتبار الألوان السياسية داخل البنية العشائرية. ووثقت علاقاتها بأصحاب المصالح الضيقة. غير أن الخطأ الأكبر، تجلى بسياسة التعيين التي ملأت المؤسسة الناشئة بموظفين استنادا للكوتة السياسية والجهوية والعشائرية، وليس بدافع الحاجة أو استنادا لمعايير مهنية. ووفقا لهذه السياسة أصبح موظفون بسطاء كوادر عليا ورؤساء، وحمل عدد كبير من أعضاء المجلس التشريعي في كل يوم قوائم للتعيين والترفيع والمساعدات من أجل اعتمادها بعيدا عن حاجة المؤسسة وبمعزل عن أي معايير مهنية. وحذا حذوهم الوزراء وقادة التنظيمات والمؤسسات. وشيئا فشيئا أصبح انتماء الموظف ليس لمؤسسته، بل للجهة التي تؤمن له الترفيع والمساعدة والامتيازات. ولم يؤد هذا النوع من البناء المؤسسي الى خراب المؤسسات وحسب، بل أدى الى أيضا الى الشعور بالإحباط واليأس والعدمية من قبل فئات الشعب المطلة على هذا الوضع المأساوي. وبدلا من بناء المؤسسات التي تساهم في تجاوز مخلفات الاحتلال، وتدعم عملية توحيد المجتمع وتماسكه، جرى تقويض مشاريع المؤسسات من قبل بعض المسؤولين الذين تعاملوا مع المؤسسة التي يقودونها باعتبارها ملكية خاصة. وبدلا من محاولة تأهيل وتشغيل الموظفين، حاول هذا النوع من المسؤولين الاستفادة من هذه المؤسسة أكبر قدر ممكن بأسرع وقت ممكن، دون محاسبة أو مساءلة من داخل السلطة أو خارجها0 وتكرست ثقافة البطالة المدفوعة الأجر لجيش الموظفين المتزايد دون عمل أو إنتاج، وأصبحت الوظيفة حقا مكتسبا بلا مقابل، وبهذا فقد أضيف الى الكادر البيروقراطي التاريخي جيل جديد من البيروقراطيين والبيروقراطيات صغار السن المفتقدين لأهم قيمة إنسانية وهي قيمة العمل المنتج، ليس بذنبهم ولكن بذنب المؤسسة والوزراء وكافة المسؤولين.

وبعد ذلك يمكن القول ان العقبات الموضوعية الجدية لا تستطيع وحدها جعل المؤسسة الفلسطينية بهذا المستوى الشائك. ان سياسية بناء المؤسسة والممارسة العملية للمسؤولين والثقافة العشائرية السائدة هي التي جعلت العقبات الموضوعية فاعلة ومؤثرة جدا في إحباط بناء مؤسسة مجتمعية منتجة وما دام الخلل الأساسي موجودا في العامل الذاتي والداخلي فان عملية التغيير واعادة البناء ممكنة0 ولكن إذا كانت الديمقراطية غير ممكنة دون قوى ديمقراطية، فان إعادة بناء المؤسسة لا يكون بأيدي الذين لسان حالهم يقول (على خرابك نحيا).

*كاتب وصحافي فلسطيني يقيم في رام الله.



#‏مهند_عبدالحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -لم أستطع حمايتها-: أب يبكي طفلته التي ماتت خلال المحاولة ال ...
- على وقع قمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بالجامعات.. النواب ال ...
- الصين تتيح للمستخدمين إمكانية للوصول السحابي إلى كمبيوتر كمي ...
- -الخامس من نوعه-.. التلسكوب الفضائي الروسي يكمل مسحا آخر للس ...
- الجيش الروسي يستخدم منظومات جديدة تحسّن عمل الدرونات
- Honor تعلن عن هاتف مميز لهواة التصوير
- الأمن الروسي يعتقل أحد سكان بريموريه بعد الاشتباه بضلوعه بال ...
- ??مباشر: الولايات المتحدة تكمل 50 في المائة من بناء الرصيف ا ...
- عشرات النواب الديمقراطيين يضغطون على بايدن لمنع إسرائيل من ا ...
- أوامر بفض اعتصام جامعة كاليفورنيا المؤيد لفلسطين ورقعة الحرا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ‏مهند عبدالحميد - شروط إعادة بناء المؤسسة الفلسطينية