أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير زعبيه - كان هذا هو الموجز














المزيد.....

كان هذا هو الموجز


بشير زعبيه

الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 04:13
المحور: الادب والفن
    


محشورا هناك ..
هو والمذياع..في الزاوية نفسها يستلقي عبد الدائم على ظهره.. عيناه تبحلقان نحو نقطة وهمية ما بين الأرض والسقف..
" كان هذا هو الموجز " ..
بحركة مباغتة وآلية معا يرفع نصفه الأعلى باتجاه المذياع مقربا في الوقت نفسه الجهاز نحو احدى أذنيه صانعا وضعا معتادا يكون فيه رأسه منحنيا الى الأمام..الركبتان تسندان الرأس والمذياع معا حتى لكأنك ترى من بعيد أن المذياع هو رأس عبد الدائم ..
مشدودا .. وحين :
- أسكتيه والاّ ..
كان محتفظا بالوضعية نفسها فلا تعرف ان كانت قذيفة السخط هذه موجهة الى زوجته تحديدا, أم الى طفله أم ضد الحالة العامة من الضجيج التي يصنعها عويل الطفل وصراخ أمه الناهي , والتشويش الصادر عن المذياع والذي يجعل عبدالدائم يلصق تماما أذنه على واجهة الجهاز مشيحا بوجهه جانبا بينما وبخبرة ظاهرة يحرك في نعومة مؤشر الالتقاط محاولا سماع ما تهيأ له أنه يبدو شيئا هاما .. لكن :
- قلت أخمدي هذا الصوت ..
غير أن حوار الصراخ بين الزوجة والطفل يطغى .. وعندما يحس عبدالدائم أن موجة ساخنة قد سرت فجأة تحت جلده ثم دفعت دما يغلي من أسفل القدمين الى الرأس مباشرة ينتفض مندفعا باتجاه الزوجة..
وكمن يحمل ثقلا بكلتا اليدين يرفع عبدالدائم المذياع الى أعلى ثم يهوي به على رأس الزوجة قبل أن تستوعب هي الحدث .
حتى قبل لحظات لم يكن عبدالدائم يملك تقديرا دقيقا لما حدث منذ مشهد الدم المتفجر من رأس زوجته..لكن وجوده الآن في مركز الشرطة والاشارة المكررة اليه وسط الهرج المحيط أعطاه أول تقييم بأن ذلك الذي حدث قد خرج عن نطاق البيت .. تماما مثلما أحس ضابط الشرطة المسؤول أن الأمر قد بدأ يخرج عن نطاق المركز عندما حشد هائج من أقارب الزوجة الدخول عنوة حيث يوجد عبدالدائم, فيما وضع نفر من من عناصر الشرطة المسلحين أنفسهم حاجزا أما الحشد..لكن هذا الحاجز الوقائي الثابت سرعان مايأخذ بالضرورة وضع المتحرك ثم المتصدي بعنف لمن انفلت من الحشد محاولا الاقتحام..
يدفع احتداد المواجهة المعلن الى تشكل حشود متفرقة من الفضوليين والمارة سرعان ما تلتحم تلقائيا وتتجمع خلف الحشد المقموع , ويدفع التوتر الناجم عن التطور المباغت للحالة حاجز الشرطة الى اطلاق النار في الهواء تحذيرا وهو ما جعل الحالة فعلا تخرج عن نطاق العادي , وتتسرب فيما بعد خبرا ملفتا في احدى الاذاعات المجاورة لا يستبعد وقوع مظاهرات مناوئة ثم صدامات عنيفة عندما تستنكر الاذاعة المحلية النبأ وتصفه بأنه افتراء يفضح نوايا سيئة وسلوكا معاديا , الأمر الذي فسرته الاذاعة المجاورة تهجما على البلاد وشعبها وهددت بالكشف عن معلومات مهمة ..
كل هذا التطور لم يتسنى لعبدالدائم متابعته وحالت مدة التوقيف التي فصلته عن المذياع دون المامه بالأسباب وبالسياق الذي أدى الى ما يسمعه الآن من اتهامات متبادلة ذهبت الى حد تحذير كل طرف من أن الطرف الآخر يخطط لعمل ما يستهدف الاستقرار والأمن في بلاده .. لم يكن عبدالدائم وحده من غابت عنه الأسباب الحقيقية لهذه التطورات اذ صار بوسع المتابع أن يسمع كل يوم ما يمكن أن يشكل بذاته أحد تلك الأسباب..وحين ناولته زوجته كأس الشاي هذه المرة كان عبدالدائم محشورا هناك .. في الزاوية نفسها ..هو والمذياع .. والجرح الذي اخذ في الالتئام وصار ندبا سطحيا في رأس زوجته انفتح وأصبح هوة عميقة في العلاقات بين البلدين التين تعلن احدى اذاعتيهما عن بيان قريب بعد تسريب مقصود لمعلومات تفيد اعتزام أحد الطرفين الاستعانة بقوة خارجية تحسبا لعدوان مبيت يعد له الطرف الآخر .. في هذه اللحظة يتراجع عبدالدائم عن رشفة شاي هيأ لها شفتيه وباليد التي كانت تحمل كأس الشاي يأخذ في ادارة مؤشر المذياع ببطء وتحسب فيما اليد الأخرى تثبت الجهاز على الركبتين اللتين تسندان الرأس أو الذقن تحديدا ..
- "كان هذا هو الموجز " ...
ينشد ليقاع الجملة وبحركته المألوفة يلصق احدى أذنيه بواجهة المذياع محاولا رصد التفاصيل التي تصف فيها اذاعة ثالثة ما يحدث الآن بأنه "توتر خطير في ... وأن حشودا ..."
لكن الصراخ المنبعث من ركن ما في البيت يقطع السياق الذي شد عبدالدائم , وجعله :
- أسكتيه ..
ثم وهو يشدد حصار الكفين على المذياع ويزداد التصاقا بكله وبالجهاز معا :
- أسكتيه .. والاّ ...

( تمت)



#بشير_زعبيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كم يلزم من الوقت ليتغيروا ؟!
- أنظر حولك وتفاءل !
- أبعد من اختلاف .. أقرب الى فتنة
- 2700 ليتر من المياه لصناعة قميص واحد !! ..حروب تخفي الحروب
- دائرة
- من ضرب العراق بايران الى ضرب العراق بالعراق..
- الصديق الذي قتلته -النشرة-
- قصة قصيرة :الأجندة
- قصة قصيرة


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير زعبيه - كان هذا هو الموجز