أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - جليلة السيد احمد - الدساتير العقدية .. الحالة البحرينية















المزيد.....



الدساتير العقدية .. الحالة البحرينية


جليلة السيد احمد

الحوار المتمدن-العدد: 752 - 2004 / 2 / 22 - 03:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


ورقة من إعدادالمحاميةجليلة السيد احمد
 
يرتبط أسلوب أو آلية وضع الدساتير ارتباطاً وثيقاً بفكرة السيادة في الدولة. فعندما يعتبر الحاكم نفسه هو صاحب السيادة المطلقة في الدولة و انه ليس لشعبه أي دور في الحكم فانه يتم اللجوء إلى وضع الدستور بأسلوب المنحة . و عندما  يكون للشعب حق المشاركة في الحكم فان يتم اللجوء إلى وضع الدستور بأسلوب العقد . أما عندما يكون الشعب هو مصدر السلطات جميعاً وهو صاحب السيادة في الدولة فانه يتم وضع الدستور أما بطريق الجمعية التأسيسية أي عن طريق مجلس منتخب من قبل الشعب يتولى وحده إصدار الدستور او بطريق الاستفتاء الدستوري أي عندما يعرض نص الدستور ذاته على الشعب للتصويت عليه[1] .
 
إصدار دستور 1973 :
وبالرجوع إلى دستور دولة البحرين لعام 1973 نجد انه قد صدر بأسلوب العقد أي بناء على اتفاق بين الشعب و الحاكم نتيجة لتوافق إرادتهما على قبوله وذلك على النحو التالي :
 
بتاريخ 14/8/1971 أعلن استقلال دولة البحرين عندما انتهت معاهدة 1861 مع بريطانيا. وقد جاءت في إعلان الاستقلال " .... وهذه المبادئ الأساسية التي تؤمن بها البحرين تتلخص في ضرورة وضع دستور حديث يقوم على مبدأ فصل السلطات وتوزيع الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية ويوفر للمواطنين الحقوق والحريات السياسية والمدنية ، ... وهذا كله مع عدم المساس بحقوق المواطنين الدستورية المتعلقة بمبدأ تمثيلهم في مجلس وطني نيابي ينتخب انتخاباً صحيحاً على أساس الكثافة السكانية ..."  
 
 و بتاريخ 20/6/1972 صدر المرسوم بقانون رقم 12/1972 بإنشاء مجلس تأسيسي لإعداد دستور للدولة وقد جاء في ديباجته أن مسألة وضع دستور للبلاد تأتي من الرغبة في إرساء الحكم في البلاد على أسس قويمة من الديمقراطية والعدل ، وفي ظل نظام دستوري ، برلماني ، يوطد حكم الشورى ويتفق مع ظروف البلاد وتراثها العربي والإسلامي" و انه لتحقيق ذلك الغرض ينشأ مجلس تأسيسي لوضع مشروع دستور للبلاد يتألف من 22 عضواً منتخباً بالاقتراع العام السري المباشر و ما لا يزيد على 10 أعضاء معينين بمرسوم و الوزراء بحكم مناصبهم. وبذلك فقد تشكل المجلس التأسيسي الذي أنيط به وضع مشروع الدستور من 42 عضواً ، اثنان وعشرون عضواً منهم منتخبون من قبل الشعب ، وثمانية معينون بموجب مرسوم أميري ، والباقي وعددهم اثني عشر فهم الوزراء وذلك بحكم مناصبهم . و نلاحظ انه على الرغم من أن المرسوم قد أجاز للأمير تعيين عشرة أعضاء فإن الأمير الراحل لم يعين إلا ثمانية مما ترتب عليه أن الأغلبية في المجلس التأسيسي كانت للمنتخبين.
 
وقد انعقدت الجلسة الأولى للمجلس التأسيسي في يوم 16/12/1972 وسبقتها جلسة افتتاحية ألقى فيها الأمير خطابا ساميا جاء فيه "باسمه تعالى ، وعلى بركة من لدنه ، أفتتح المجلس التأسيسي المنوط به إعداد دستور للبلاد 000 وأني لأحمد الله تعالى أن أنجز الوعد الذي قطعته لشعبي بالعمل معه على وضع دستور يتفق ورغباته ويتيح المجال واسعاً أمام الجميع للمشاركة في تحمل تبعات المسئولية في هذا الوطن الغالي وإرساء قواعده على أسس سليمة وثابتة ".
 
بتاريخ 9/6/1973 أقر المجلس التأسيسي دستور دولة البحرين ورفعه للأمير فصدق عليه الأمير وأصدره بتاريخ 6/ 12 /1973 وتم نشره في الجريدة الرسمية وقد جاء في ديباجة دستور 1973:
 
"نحن عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين .... إذ نتطلع بإيمان وعزم إلى مستقبل قائم على الشورى والعدل ، حافل بالمشاركة في مسئوليات الحكم والإدارة ،  كافل للحرية والمساواة ، وموطدٍ للإخاء والتضامن الاجتماعي، وبعد الاطلاع على المرسوم بقانون بإنشاء المجلس التأسيسي ، وبناء على ما قرره المجلس التأسيسي ، صدقنا على هذا الدستور وأصدرناه."
 
 
إذاً فدستور 1973 صدر بأسلوب العقد بناءاً على اتفاق بين الشعب و الحاكم و هو ما يترتب عليه عدم جواز انفراد أي منهما بإلغائه أو تعديله إلا بالطريقة المنصوص عليها في المادة        104 منه أي بموافقة ثلثي أعضاء المجلس الوطني و تصديق الأمير[2].
 
إن أعباء الحكم في دستور 1973 مسئولية يجب أن يتقاسمها الشعب مع الأمير وحكومته و لكن الواقع أن الأمير وحكومته لم يكونا مستعدين للتخلي للشعب عن أي جزء من سلطاتهم المطلقة. وعليه و قبل أن يمضي وقت طويل على بدء عمل المجلس الوطني طرحت الحكومة سريعا مشروع قانون تدابير أمن الدولة الذي يعطي وزير الداخلية سلطة اعتقال أي مواطن دون محاكمة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. وقد لاقي مشروع قانون الحكومة هذا (الذي تعارف على تسميته بقانون أمن الدولة) رفضا قاطعا من قبل كافة نواب الشعب وهو ما دعا الأمير إلى حل المجلس الوطني في عام 1975.
 
حل المجلس الوطني وتعطيل العمل بأحكام دستور 1973 المتعلقة بالسلطة التشريعية :
بتاريخ 26/8/1975 أصدر الأمير المرسوم الأميري رقم (14) لسنة 1975 بحل المجلس الوطني[3] . وفي ذات اليوم صدر الأمر الأميري رقم (4) لسنة 1975 والذي نص على:
(1)    تأجيل انتخاب أعضاء المجلس الوطني إلى أن يصدر قانون انتخاب جديد.
(2)    وقف العمل بنص المادة (65) من الدستور وغيرها من المواد التي تتعارض مع تأجيل الانتخابات.
(3) تولي الأمير مع  مجلس الوزراء السلطة التشريعية.
  
و قد ترتب على إصدار هذا الأمر الأميري أن استعاد الأمير وحكومته سلطة حكم البلاد بشكل مطلق كما كانت عليه الحال قبل وضع الدستور. لقد كان كل ما تضمنه هذا الأمر الأميري مخالف للدستور وبالذات المادة (108) منه والتي تنص على أنه "لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء قيام الأحكام العرفية وذلك في الحدود التي يبينها القانون . ولا يجوز بأي حال تعطيل انعقاد المجلس الوطني في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه ".   
 
و الحقيقة إن تعطيل العمل بدستور 1973 لم يقتصر على تعطيل العمل بأحكام الدستور المتعلقة بالسلطة التشريعية بل تم تعطيل الكثير من أحكام الدستور المتعلقة بالمؤسسات الدستورية مثل النيابة العامة والمحكمة الدستورية و ديوان الرقابة المالية. كل ذلك لكي لا يتسنى مراقبة أعمال السلطة الحاكمة أو القوانين التي تصدرها بعد أن استحوذ الأمير وحكومته على السلطة التشريعية بالكامل. ولعله من المفارقات أن القوانين التي كانت تصدر بعد حل المجلس الوطني من قبل الأمير والحكومة استمرت تحوي في ديباجتها عبارة "بعد الاطلاع على الدستور" و الحال انه ليس في الدستور ما يخولهما الاستيلاء على السلطة التشريعية أو سلب صلاحياتها.
 
و قد استمرت الحالة السياسية والدستورية التي آلت إليها البلاد نتيجة حل المجلس الوطني وتعطيل الحياة النيابية لما يزيد على ربع قرن حكمت فيها البلاد بسياط قانون أمن الدولة حيث ضيقت الحريات و ملأت المعتقلات و استشهد العديد تحت وطأة التعذيب في السجون و ابعد الكثيرين عن الوطن. و قد تكررت طوال تلك الفترة المطالبات الشعبية بعودة الحياة النيابية ، واتخذت هذه المطالبات شكل العرائض في بداية العقد التاسع من القرن الماضي حيث رفعت للأمير في البداية عريضة تم التوقيع عليها من قبل مجموعة من الشخصيات والأفراد وعرفت لاحقاً بعريضة النخبة ، ثم أعقبتها عريضة وقع عليها عدد كبير من المواطنين وسميت بالعريضة الشعبية. و تركزت المطالب الشعبية على ضرورة عودة الحياة النيابية و احترام الحقوق و الحريات و إلغاء القوانين و المحاكم الاستثنائية وقد تحولت تلك المطالبات نظرا لتجاهلها من قبل السلطة إلى مظاهرات واجهتها السلطة بالقوة مما ترتب عليه استشهاد العشرات برصاص قوات الأمن أو تحت التعذيب في جهاز أمن الدولة.
 
 
 
ميثاق العمل الوطني:
 
وفي مارس من عام 1999 تولى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم بعد وفاة والده ، ومنذ ذلك الحين بدأت تصدر إشارات من الحكم تتعلق بضرورة التغيير و الإصلاح حيث طرحت السلطة فكرة وضع ميثاق للعمل الوطني للمرحلة المقبلة ليكون معبرا للعودة للحياة النيابية و لتفعيل دستور 1973 بل و لزيادة نسبة المشاركة الشعبية في الحكم عما كانت عليه في دستور 1973. و عليه صدر بتاريخ 22/11/2000 الأمر الأميري رقم (36) لسنة 2000 بتشكيل اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني. وقد ضمت اللجنة 44 عضواً برئاسة وزير العدل والشئون الإسلامية. واشتملت هذه اللجنة المعين أعضاؤها جميعاً من قبل الأمير على عدد من الوزراء والموظفين الحكوميين وأعضاء من مجلس الشورى[4] فضلاً عن أعضاء بعض الجمعيات المهنية والأهلية وبعض أساتذة الجامعات.
 
و على إثر انتهاء تلك اللجنة من إعداد مشروع ميثاق العمل الوطني ، اصدر الأمير  أمره الأميري رقم (8) لسنة 2001 بتاريخ 23/1/2001 لدعوة المواطنين للاستفتاء على مشروع ميثاق العمل الوطني.
 
و الحق إن العديد من الأوساط والقطاعات المعبرة عن الرأي العام البحريني قد تلقت فكرة الاستفتاء على ميثاق للعمل الوطني بالكثير من الحذر والخوف من أن تكون هذه الفكرة محاولة للالتفاف على دستور 1973 الذي توافق عليه شعب البحرين مع الأمير . و قد أكدت تلك الأوساط التي تمثلت في العديد من الشخصيات السياسية والوطنية والدينية والجمعيات المهنية و التنظيمات العمالية على حاكمية الدستور وعلى الثوابت الدستورية بما فيها طبيعته العقدية باعتبارها الأساس الذي يحكم أية تعديلات مقبلة على الدستور ، فجاء رد الحكم ممثلاً في الأمير و ولي العهد و وزير العدل حينئذ بصفته رئيس لجنة إعداد مشروع الميثاق مؤكداً الالتزام بالثوابت التي رسمها الدستور وبأن الميثاق لا يلغي الدستور وإنما هو مقدمة لتفعيله وان السلطة التشريعية ستكون قصرا على المجلس المنتخب أما المجلس المعين فانه سيكون للمشورة فقط.[5]
 
و على ضوء تعهدات وتصريحات رموز الحكم سالفة الذكر تم بتاريخ 14/2/2001 إقرار ميثاق العمل الوطني شعبيا بأغلبية ساحقة. وينبغي في هذا الصدد أن نشير إلى البعض يعتبر الاستفتاء على الميثاق بمثابة الاستفتاء الدستوري والحال أنه استفتاء سياسي فقط وليس دستوري و يمكن إيجاز الفرق بينهما في التالي:
 
الاستفتاء الدستوري : هو ذلك الذي يجرى لمعرفة رأي الشعب في مشروع معين للدستور تم وضعه بواسطة مجلس نيابي منتخب من الشعب ، أو لجنة فنية ، بحيث لا يصبح هذا المشروع دستوراً نافذاً ، إلا بعد موافقة الشعب عليه[6].
 
الاستفتاء السياسي : وهو الاستفتاء الذي يقدمه الحكام لشعوبهم على انه استفتاء دستوري في حين ان السيادة الشعبية لا يكون لها أي دور ايجابي بل مجرد دور سلبي ، فهي لا تقرر، وانما تقتصر على الموافقة في ظروف يكون من الصعب عليها ان تفعل غير ذلك.
 
وبذلك فان الاستفتاء السياسي يعتبر الطريق الطبيعي لانشاء دساتير الحكم المطلق ، اذ يتم اجراؤه في العادة لانتزاع تأييد الشعب لتغيير معين او للحصول على توقيع الشعب على بياض لوضع دستور في المستقبل [7].
 
ان مشاركة الشعب في مثل هذه الاستفتاءات نظرا لما تحيطها من ظروف خاصة تجعل سيادة الشعب مجرد مظهر صوري لاخفاء السلطة الحقيقية وهي سلطة الحاكم ، التي تلجأ لاسلوب الاستفتاء السياسي لاضفاء واجهة مظهرية فقط ، من المشروعية و الديمقراطية ، على النظام .
 
ومع القناعة التامة بان التصويت على الميثاق لا يعتبر باي مقياس إستفتاءاً دستورياً ، إلا انه لو سايرنا من يدعون بأنه كذلك ، فان التصويت على الميثاق تم في ظروف سياسية خاصة جداً . وقد تمثلت تلك الظروف في إستحكام الازمة السياسية وما صاحبها من تردي للاوضاع المعيشية لقطاع عريض من المواطنين مما ولد رغبة و عزم شديدين لدى الجميع ، حكومة وشعب ، في الخروج من عنق الزجاجة كما يطلق عليه البعض . وقد بدأت بشائر الخروج من عنق الزجاجة بالافراج من المعتقلين السياسين والسماح بعودة المعارضة للوطن و موضوع تفعيل حقوق المرأة السياسية والوعود بالغاء قانون ومحكمة امن الدولة والمكرمات المالية . و عليه فان المواطن البحريني لم يكن له من خيار سوي التصويت بـ "نعم" لان التصويت بـ "لا" مؤداه استمرار الأزمة ، إن لم نقل تفاقمها .
 
ويرى فقهاء القانون ان اسلوب وضع الدساتير بالاستفتاء السياسي هو "اسلوب تنشأ به الدساتير في ظل انظمة للحكم تسمح للشعب ظاهريا بالاشتراك في مباشرة السلطة التأسيسية والمساهمة في وضع الوثيقة الدستورية ، إلا انها تحول من حيث الواقع دون جعل هذا الاشتراك جدياً"[8] .
 
ويرى الفقهاء كذلك بان "الدستور في مثل هذه الظروف ورغم عرضه على الشعب في استفتاء عام، يكون في جوهره من وضع الحاكم وحده"[9] .
 
وذهب البعض الاخر من الفقهاء الى الجزم بان تلك "الصورة التي ينفرد فيها الحكم – سواء بنفسه او عن طريق لجنة حكومية يعينها – بوضع مشروع الدستور ، لا نستطيع مطلقاً اعتبارها احدى الوسائل الديمقراطية في وضع الدستور وان الاستفتاء الدستوري يقتصر فقط على الحالة التي يتم فيها وضع مشروع الدستور بواسطة مجلس ينتخبه الشعب لهذا الغرض ثم يعرض هذا المشروع بعد ذلك على الشعب لاستفتائه فيه"[10].
 
 
 
 
إصدار دستور 2002 :
 
صدر المرسوم رقم (5) لسنة 2001 بتشكيل لجنة تعديل بعض أحكام الدســــتور بتاريخ 28/2/2001 ، أي بعد أقل من أسبوعين من إعلان نتيجة الاستفتاء الشعبي على الميثاق . وجاء نصه على النحو الآتي :
"نحن حمد بن عيسى آل خليفة أمير دولة البحرين
بعد الإطلاع على الدستور ،
و على ميثاق العمل الوطني ،
وعلى الأمر الأميري رقم (17) لسنة 2001 بالتصديق على ميثاق العمل الوطني، وبما أننا منذ تبوأنا مهام الحكم ، أخذنا على أنفسنا أن نحفظ الأمانة التي عهد الله تعالى بها إلينا ، ونتطلب بها الخير لأمتنا ونتوخى أن نسلك بها السبل التي تفضي إلى علو شأنها و ارتقائها بين الأمم المتمدينة ، وبما أن الشعب أجمع على التوجهات الدستورية التي تضمنها ميثاق العمل الوطني ، وأجاز لنا بإرادة شعبية إجراء بعض التعديلات على دستور البلاد ، وبما أنه من أعز أمانينا أن تحيا البلاد حياة دستورية ترضاها ،
رسمنا بالآتي :
المادة الأولى : تشكل لجنة لإعداد مشروع تعديل بعض أحكام الدستور بما يتفق مع التوجهات الدستورية التي تضمنها ميثاق العمل الوطني " .
 ........
المادة الرابعة : يرفع رئيس اللجنة مشروع تعديل بعض أحكام الدستور المقترح الينا مشفوعاً بمذكرة تفسيرية للمشروع مرفقاً معها كافة الدراسات والآراء القانونية المختلفة التي أبديت بشأن صياغة المشروع ... " .
 
     ونلاحظ على هذا المرسوم أنه استند في إصداره على كل من الدستور ، والمقصود به بالطبع دستور 1973 ، وميثاق العمل الوطني . وعلى الرغم من أن دستور 1973 حدد الكيفية التي يتم بها تعديله وذلك وفقاً لما ورد في المادة (104) منه ، وليس في أحكام هذه الفقرة ما ينص على تشكيل لجنة كاللجنة التي نص عليها هذا المرسوم ، إلا إننا نرى أنه بإمكان الأمير أن يشكل ، حسبما يرتئي ، لجنة تعينه على صياغة مشروع لتعديل الدستور ، ولكن ما تضعه هذه اللجنة لا يعدو كونه مجرد اقتراح لابد من عرضه على المجلس الوطني ليقول رأيه فيه بالإيجاب أو بالرفض ، فالكلمة الأخيرة في أي تعديل دستوري هي لأعضاء المجلس الوطني ثم للأمير.
 
لقد جاء هذا المرسوم مخالفا مخالفة صريحة لميثاق العمل الوطني وذلك لسببين : الأول أنه ليس في نصوص الميثاق ما يقضي ، صراحة أو ضمناً ، بإجازة الأمير بإجراء تعديلات على الدستور على نحو ما قرره ذلك المرسوم . أما السبب الثاني فهو أن شعب البحرين عندما وافق على ميثاق العمل الوطني فإنه وافق ، في استفتاء سياسي ، على وثيقة تضمنت توجهات ومبادئ ترسم ملامح التعديل الدستوري ، ولم يوافق على تعديل الدستور دون الالتزام بالإجراءات المنصوص عليها فيه لإجراء التعديل .
 
لقد وضع دستور 2002 بطريق المنحة لأن السلطة التي أسبغت صفة الدستور على النص هي سلطة الأمير وحده . وأما عن إشارة دستور 2002 في ديباجته إلى أنه قد صدر تنفيذاً للإرادة الشعبية وأن الشعب قد عهد للأمير بتعديل دستور 1973 ـ وهو ما لا نقر به ـ فإنها مسألة لا تنال من الناحية القانونية من كون دستور 2002 دستور منحة ، ذلك أن نص دستور 2002 ذاته لم يكن ناتجاً إلا عن إرادة الأمير وحده وأما إقرار مبادئ الميثاق من قبل شعب البحرين فإنه لا يعدو كونه استشعاراً للتوجهات الشعبية فيما يتعلق بمشروع التحديث و الإصلاح السياسي المطروح من قبل السلطة الحاكمة[11]للخروج من الأزمة الدستورية و السياسية التي كانت تشهدها البلاد.
 
دستور 2002 تراجع في الديمقراطية بترسيخ حكم الفرد:
بالنظر إلى أسلوب وضع دستور 2002 و ما أحدثه من تغييرات على دستور 1973 لا نستطيع إلا أن نصل إلى نتيجة مؤكدة هي أن دستور 2002 قد وسع صلاحيات الحاكم بتضييق دور المؤسسات و على رأسها المجلس التشريعي المنتخب فبعد أن كان دستور 1973 دستورا عقديا وضع الملك دستور 2002 كدستور منحة بإرادته المنفردة بما يشكل تراجعا في الديمقراطية بلا شك.
زيادة سلطات الملك:
لقد منح الملك لنفسه في دستور 2002 سلطة ممارسة سلطاته مباشرة في حين أن دستور 1973 ينص على أن تكون ممارسة الأمير لسلطاته بواسطة وزرائه الذين يسألون أمامه و يخضعون لمسائلة المجلس الوطني ورقابته. و نلاحظ انه على الرغم من إعطاء الملك نفسه سلطة ممارسة الحكم مباشرة فانه أبقى على حصانته الدستورية التي تنص على أن ذاته مصونة لا تمس و بالتالي فهو بالرغم من ممارسته لسلطاته مباشرة فانه لا يسأل أمام المجلس الوطني.
 
وفقا لدستور 1973 فان الأوامر[12] التي يصدرها الأمير في دستور 1973 تقتصر على أمرين هما (1) أمر تعيين و إعفاء رئيس الوزراء و (2) أمر تعيين نائب للأمير في حالة غيابه[13].
أما في دستور 2002 فقد أعطى الملك لنفسه سلطة إصدار 12 نوعا من الأوامر الملكية تشـمل: (1) تعيين وإعفاء رئيس الوزراء (2) تعيين أعضاء مجلس الشورى (3) تعيين القضاة (4) إنشاء ومنح واسترداد الرتب والألقاب (5) تنظيم الديوان الملكي[14] (6) تعيين نائب للملك عند غيابه[15] (7) الدعوة لاجتماع المجلس الوطني[16] (8) مد الفصل التشريعي لمدة سنتين[17] (9) دعوة مجلس النواب و مجلس الشورى للانعقاد[18] (10) إعلان فض أدوار انعقاد المجلسين[19] (11) تأجيل اجتماع المجلس الوطني لمدة شهرين[20] (12) تعيين قضاة المحكمة الدستورية.[21]
 
تقليص صلاحيات نواب الشعب المنتخبين:
إن السلطة التشريعية في دستور 1973 يمارسها المجلس الوطني كغرفة واحدة تضم 40 عضواً منتخباً بالاقتراع السري المباشر و 14 وزيراً بحكم مناصبهم و قد تحولت السلطة التشريعية في دستور 2002 إلى مجلس ثنائي التكوين يضم غرفتين مجلس النواب وله 40 عضواً منتخباً بالاقتراع السري المباشر ومجلس الشورى المكون من أربعين عضواً يعينهم الملك. وقد ساوى دستور 2002 بين المجلسين المذكورين في المهام التشريعية وخص مجلس النواب بمهمة الرقابة على أداء السلطة التنفيذية. ومؤدى هذا التغيير أن الناخبين في البحرين كانوا ينتخبون 74% من أعضاء المجلس التشريعي فأصبحوا ينتخبون 50% منهم بما حاصله أن دستور 2002 انتقص من حقوق الناخب المكتسبة التي قررها دستور 1973. و لم ينشأ هذا الانتقاص من استحداث نظام المجلسين بالذات وإنما من إشراك مجلس الشورى ـ حال كون جميع أعضائه معينين ـ في العملية التشريعية وذلك خلافاً لصريح نصوص ميثاق العمل الوطني الذي نص على انفراد مجلس النواب بالمهام التشريعية و خلافا لتعهدات رموز الحكم التي سبقت التصويت على الميثاق.
و علاوة على ذلك فقد احتوى دستور 2002 على الكثير من التغييرات الجذرية التي انتقصت من صلاحيات المجلس المنتخب و منها ما يلي:
1.  كان تحديد الدوائر الانتخابية بقانون يصدره المجلس الوطني حسب نص المادة 43 من دستور 1973 و قد حذف هذا النص من دستور 2002 ليتم تحديد الدوائر الانتخابية بمرسوم.
2.  أباح الدستور الجديد ازدواج الجنسية خلافاً للمادة 17 من دستور 1973.  وحذفت من دستور 2002 العبارة التي تشترط أن يكون النائب مواطناً بصفة أصلية ، فأصبح من حق أي متجنس من الآلاف اللذين جنسوا بالمخالفة للقانون بأوامر أميرية أو ملكية منذ تسعينيات القرن الماضي حق التصويت فور تجنيسهم ، مما أثر تأثيراً بالغاً على مجمل العملية الانتخابية و مصداقية نتائج الانتخابات.
3.  أصبحت مسألة إعلان الأحكام العرفية والسلامة الوطنية تتم بمرسوم من الملك و رئيس حكومته ، بينما نص دستور 1973 على أنها لا تعلن إلا بقانون تقره السلطة التشريعية[22].
4.  استحدث دستور 2002 للملك سلطة الاستفتاء من دون ضوابط أو حد أدنى للمشاركين في الاستفتاء ، مما يضعف الديمقراطية البرلمانية ويعطي الحكم القدرة للالتفاف على البرلمان بإجراء استفتاءات تكون نتائجها ملزمة للشعب مهما كان عدد المشاركين فيها[23].
5.  أصبح للملك حل مجلس النواب بمرسوم غير مسبب ، بينما كان دستور 1973 يشترط تسبيب مرسوم الحل ، ولا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى[24] .
6.  أصبحت للملك صلاحية الأمر بعدم إجراء الانتخابات من خلال مد الفصـل التشريعـي لمدة سنتين ، ولم يكن ذلك من صلاحياته طبقاً للدستور 1973 حيث كانت المادة 40 من دستور 1973 لا تجيز مد الفصل التشريعي إلا لضرورة في حالة الحرب وذلك بموجب قانون يقره المجلس الوطني بأغلبية ثلثي أعضاءه[25].
7.  اشترطت المادة 65 من دستور 2002 أن يكون توجيه الاستجواب للوزراء من خمسة نواب على الأقل في حين كانت المادة 67 من دستور 1973 تعطى لأي عضو من أعضاء المجلس الوطني المنتخبين حق توجيه الاستجواب ليس للوزراء فحسب ولكن لرئيس مجلس الوزراء كذلك وهو ما ألغاه دستور 2002.
8.  المادة 66 من دستور 2002 وتقابلها المادة 68 من دستور 1973 تشترط  للتصويت على الثقة في الوزراء أغلبية ثلثين وكانت الأغلبية المطلوبة في دستور 1973 هي نصف زائداً واحد.
9.  أعطت المادة 81 من دستور 2002 مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة الأولوية دائماً في المناقشة أمام المجلس و جعلت صياغة مشاريع القوانين حكرا على الحكومة حتى لو كان مقترح المشروع صادر من النواب.
10.لا ترفع القوانين من المجلسين إلى الملك وإنما إلى الحكومة مما يجعل السلطة التشريعية في وضع أضعف من الحكومة وبشكل دائم[26].
11.أدخلت المادة 87 في دستور 2002 كمادة جديدة تجيز للحكومة طلب نظر مشاريع القوانين المنظمة للموضوعات الاقتصادية أو المالية بصفة عاجلة بآجال قصيرة لا تجاوز مدتها 15 يوماً لكل مجلس فإن اختلفا كان للمجلس الوطني 15 يوماً أخرى للتصويت فإن لم يبت المجلس الوطني في مشروع الحكومة خلال تلك المدة "جاز للملك إصداره  بمرسوم له قوة القانون" وهو ما يعني تقليص صلاحيات السلطة التشريعية بدرجة كبيرة في هذه الموضوعات ذات الأهمية.
12.اشترطت المادة  109 من دستور 2002 وتقابلها المادة 90 من دستور 1973 لجواز إدخال أي تعديل على مشروع الحكومة لقانون الميزانية أن توافق الحكومة على التعديل وشرط موافقة الحكومة هذا لم يكن منصوص عليه في دستور 1973.
13.ألغت المادة 116 من دستور 2002 وتقابلها المادة 97 من دستور 1973 إلحاق ديوان الرقابة المالية بالمجلس الوطني حيث الحق الآن بالملك.
لقد اقر شعب البحرين ميثاق العمل الوطني على أساس انه بداية لمشروع الملك للإصلاح السياسي الشامل المبني على أساس "تحقيق نهج ديمقراطي يرسى هيكلاً متوازناً يؤكد الشراكة السياسية الدستورية بين الشعب والحكومة ، والفصل بين السلطات الثلاث ..... و إدخال تحديث في دستور البلاد بالاستفادة من التجارب الديمقراطية لمختلف الشعوب في توسيع دائرة المشاركة الشعبية في أعباء الحكم والإدارة  ....... و أن تطور الممارسة الديمقراطية ينبغي ألا يقف عند حدود معينة ، طالماً أن هنالك مساحات ارحب لهذه الممارسة يمكن ارتيادها من اجل فتح آفاق أوسع لمزيد من الديمقراطية .... ومن اجل مزيد من المشاركة الشعبية في الشؤون العامة ....... وأسوة بالديمقراطيات العريقة ، بات من صالح دولة البحرين أن تتكون السلطة التشريعية من مجلسين ، مجلس منتخب انتخاباً حراً مباشراً يتولى المهام التشريعية إلى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة "[27].
 
بناء على نصوص الميثاق و تعهدات رموز الحكم التي سبقت الاستفتاء عليه فان رأي الشعب في الميثاق كان مبني على أساس ما بشر به الميثاق من زيادة في نسبة المشاركة الشعبية في الحكم من خلال مجلس تشريعي منتخب بالكامل بعد أن كان نسبة المنتخبين فيه لا تزيد على 75% و على أساس أن ينحصر التعديل المنظور على الدستور في مسألتين فقط هما (1) الأخذ بنظام المجلسين ليكون للمجلس المنتخب وحده سلطة التشريع والرقابة و أما المجلس المعين فيكون للمشورة فقط و (2) تغيير مسمي الدولة لتكون مملكة بدل إمارة.
 
لقد صور الحكم إقرار الميثاق على انه ضوء اخضر للملك لصنع ما يشاء بدستور 1973 فبدل أن يكون التعديل على الدستور باتجاه مزيد من الديمقراطية وضع الملك دستور المنحة ليكرس حكم الفرد من خلال ما خص به الملك نفسه و حكومته من سلطات بما في ذلك ممارسته سلطاته بصورة مباشرة مع الإبقاء على حصانته ضد أية مساءلة برلمانية أو غيرها.
الممارسات على ارض الواقع : إضعاف لدور المؤسسات بتغليب حكم الفرد:
لجأ الحكم إلى استباق برلمان دستور 2002 بان اصدر بمراسيم كافة القوانين المتعلقة بالحقوق السياسية مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية و قانون مجلسي الشورى والنواب و قوانين اللوائح الداخلية للمجلسين. ونظرا لكون آليات برلمان دستور 2002 قاصرة عن تمرير أي تعديل على أي قانون لا يوافق عليه الملك و الحكومة مما يعني إفراغ ذلك البرلمان من القدرة على ممارسة أي دور تشريعي حقيقي في تلك المواضيع الهامة التي تحكم عمله ، بما يحمله ذلك من تغليب لسلطة الأفراد (أي الملك و حكومته) على سلطة المؤسسة التشريعية.
لقد بلغ عدد المراسيم بقوانين التي صدرت خلال الفترة من صدور دســـــتور 2002 في 14/2/2002 حتى تاريخ انعقاد أول جلسات المجلس الوطني الذي أنشأه ذلك الدســتور في 14/12/2002 اثنان وخمسون مرسوما بقانون. و بالإضافة إلى القوانين المتعلقة بالحقوق السياسية كان من أهم ما أصدره الملك وحكومته من المراسيم بقوانين التالي:
1.     قانون ديوان الرقابة المالية.
2.     قانون تنظيم المناقصات والمشتريات الحكومية.
3.     قانون الميزانية العامة.
4.     قانون إنشاء المحكمة الدستورية.
5.     قانون السلطة القضائية.
6.     قانون الإجراءات الجنائية.
7.     قانون بتفسير بعض أحكام قانون العفو الشامل عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني.
8.     قانون النقابات العمالية.
9.     قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر.
و كصمام أمان إضافي لتلك المراسيم اعتبرت المادة (121) من دستور 2002 جميع المراسيم الصادرة والمعمول بها قبل انعقاد المجلسين الحاليين صحيحة ونافذة بغرض تحصينها حتى لو تعارضت مع الدستور.
لقد حملت لنا الأيام التي سبقت الانتخابات النيابية الأولى تحت ظل دستور 2002 بعض الأمثلة على أن الاتجاه لإضعاف المؤسسات (حتى تلك وليدة دستور 2002) و تغليب حكم الفرد هو نهج مقرر وثابت ولا أدل على ذلك من أن ملاحظات الجمعيات السياسية على بعض أحكام المرسوم بقانون بشأن مجلسي الشورى والنواب و على الأخص المادة (22) منه التي تحظر مشاركة الجمعيات في أي دعاية انتخابية لأي مرشح تم التعامل معها من قبل الملك مباشرة حيث أمر بتعديل القانون وقد تم تنفيذ أمره فورا.[28]
و يضاف إلى ذلك سياسة المكرمات التي جعلت إرادة الحاكم بديلا للمؤسسات الدستورية التشريعية و للقوانين بل و حولت بعض الخدمات العامة التي هي بالأصل حقوق للمواطنين ، يتوجب أن ينظمها القانون و أن تراقب مدى التزام الحكومة بتنفيذها المؤسسات الدستورية ، إلى مكرمات يتفضل بها الحاكم على المواطن وقتما و حسبما يشاء. لقد حولت سياسة المكرمات حقوق المواطنين إلى افضال ينعم بها عليهم الملك ، كما خلقت ثقافة لاستجداء المكرمات والمساعدات من الملك إمعانا في نشر قناعة بان لا حاكم إلا الحاكم الذي يعيد الحقوق و يفرج الكربات و يقضي الحاجات.
و قد تنوعت تلك المكرمات وتعددت و لكن مصدرها بقي في كل الأحوال أموال الشعب ، فشملت تلك المكرمات الملكية:
(1)    مكرمة براتب إضافي لموظفي الدولة.
(2)   مكرمة بخفض الكهرباء وأقساط الإسكان للأسر المحتاجة.
(3)   مكرمة بإقامة حفلات الزواج الجماعي لألفي زوج وزوجة من المواطنين.
(4)   مكرمة ملكية بدعم مالي العاطلين.
(5)    مكرمة بتخفيض الرسوم الجامعيـة.
(6)   مكرمة إعفاء الأسر المتوفى عائلها من باقي أقساط الإسكان.
(7)   مكرمة ملكية للأرامل.
(8)   مكرمة ملكية بتلبية الاحتياجات الرمضانية لعشرة آلاف أسرة.
(9)    مكرمة تخصيص ملكية مجمع السيف التجاري وهبة نسبة 30% من أسهمه إلى الأســر المحتاجة.
(10)         مكرمة ببناء مجمع تجاري جديد في منطقة سترة لذوي الدخل المحدود.
(11)   مكرمة الشروع في وضع وتنفيذ خطة وطنية كبرى للإسكان تستفيد منها أكثر من 50 ألف أسرة بحرينية وتشتمل على إنشاء أربع مدن جديدة.
(12)         مكرمة بتخفيض التعرفة الجمركية على كافة السلع إلى 5% فقط ابتداء من مطلع عام 2002.
(13)         مكرمة ملكية بصرف مكافأة شهرية لخريجي الطب.
(14)        مكرمة بتخفيض وتمليك وإلغاء نصف الأقساط الوحدات والقروض الإسكانية.
(15)         مكرمة بمضاعفة عدد المعفيين من رسوم الجامعة.
(16)         مكرمة بمنح الجنسية لجميع أبناء دار الفتيان[29].
و لنا هنا أن نتساءل : في دولة القانون والمؤسسات التي يقول الحكم انه يريدها للبحرين أو ليس إيجاد نظام شامل ، متكامل و فعال للضمان أو التأمين الاجتماعي أجدى واكرم للمواطن من نظام المكرمات؟
لقد مثل حل البرلمان وليد دستور 1973 العقدي جرحا عميقا في جسد هذا الوطن لم يندمل بعد، ولكن الجرح الجديد المتمثل في فرض دستور المنحة عام 2002 اعمق و اخطر. فحل البرلمان و استيلاء الأمير و حكومته على كافة السلطات عام 1975 كان في ظاهره و باطنه عمل غير مشروع و مخالف للدستور ، أما دستور 2002 فكلنا يعلم كيف سخرت آلة الحكم الإعلامية و جندت كل طاقات السلطة إلى إظهار ذلك الدستور للمواطنين وللعالم على انه دستور عقدي مبناه التفويض الذي منحه الشعب للأمير بتعديل الدستور عندما اقر الشعب ميثاق العمل الوطني كما تزعم السلطة.
فالحكم كان في 1975 وهو كذلك الآن ، غير متقبل للتخلي عن سلطاته و لسوف يستثمر الحكم كل حالة عدم حزم أو وضوح في إظهار عدم القبول بدستور 2002 ليتفادى الاعتراف بوجود أزمة دستورية في البلاد و ليتفادى الجلوس على طاولة الحوار الجاد مع القوى السياسية الفاعلة للبحث عن مخرج لتلك الأزمة وهو أمر لا  يجب أن يغيب عن أذهاننا. ومن هنا تأتي أهمية الثوابت التالية عند بحث أي مخرج للأزمة الدستورية التي افرزها دستور 2002:
1.  التأكيد بوضوح على عدم قبول دستور 2002 أو الإقرار بما تحاول السلطة أن تلبسه إياه من إقرار شعبي مزعوم و ذلك في إطار عمل سلمي متصاعد لحين استرداد حقوق المواطنين المكتسبة كافة.
2.  التمسك بوجوب ألا ينطوي أي مخرج للأزمة الدستورية على الاعتراف بدستور 2002 أو بأية أوضاع قائمة ترتبت عليه بالمخالفة لدستور 1973 أو التفافا على مكتسباته بما في ذلك طبيعته العقدية.
3.  التمسك بوجوب أن يكون أي مخرج للأزمة الدستورية مبني على أساس التوافق بين الشعب و الحكم بما يحفظ للشعب حقوقه المكتسبة بموجب دستور 1973 و ميثاق العمل الوطني مقروءا على ضوء تعهدات رموز الحكم التي سبقت الاستفتاء عليه.
4.  التمسك بأن يكون أي تعديل للدستور تعديلا تقدمياً يرفع نسبة المشاركة الشعبية في الحكم عن تلك المقررة في دستور 1973.
تم بعون الله
المنامة – 3/2/2004
 
 
 


 
مؤلف د. إبراهيم شيحا "القانون الدستوري و النظم السياسية " ص 31 .  كذلك مؤلف د. عبدالغني بسيوني عبدالله "النظم السياسية والقانون الدستوري " طبعة 1993 ص 442 .[1]
[2]  تنص المادة (104) من دستور 1973 على انه يشترط لتعديل أي حكم من أحكام هذا الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، وأن يصدق الأمير على التعديل.
[3]  لم يحتوي مرسوم حل المجلس الوطني على أسباب الحل كما تستوجب ذلك المادة (65) من الدستور فقد جاء المرسوم مقتضبا  حيث اقتصر نصه على " نحن عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين ، بعد الاطلاع على المادة (65) من الدستور والأسباب الواردة في كتاب استقالة الوزارة السابقة وجواب تأليف الوزارة القائمة والمتعلقة بالتعاون بين المجلس الوطني والحكومة ، وبناء على ما عرضه علينا رئيس مجلس الوزراء ، وبعد موافقة مجلس الوزراء ، رسمنا بما يلي :
( مادة أولى) يحل المجلس الوطني .
(مادة ثانية) على رئيس مجلس الوزراء تنفيذ مرسومنا هذا ويعمل به ابتداء من اليوم 26/12/1975 وينشر في الجريدة الرسمية ".
اما المادة 65 من الدستور فقد نصت على انه "للأمير أن يحل المجلس الوطني بمرسوم تبين فيه أسباب الحل . ولا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى . وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل . فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد."
 
 
[4]  مجلس الشورى حينذاك لم يكن سوى هيئة استشارية أنشأها الأمير و حكومته لاستشارته  فيما تنوي الحكومة إصداره من تشريعات وغيرها.
[5]  أنظر في ذلك تصريحات سمو ولي العهد المنشورة في الصحافة المحلية بتاريخ 27/1/2001 و 5/2/2001.
 مؤلف د. عبد الغني بسيوني عبد الله "النظم السياسية والقانون الدستوري " طبعت 1993 ص 453 .  [6]
 المصدر السابق ص 454 .[7]
 د. رمزي الشاعر ، القانون الدستوري ، الطبعة الثانية 1981 ، ص117 .[8]
 د.عبد الفتاح احمد في مؤلف الدكتور عبدالغني بسيوني المشار اليه اعلاه ص 456 .[9]
 د.محمد حسين عبدالعال في مؤلف الدكتور عبدالغني بسيوني المشار اليه اعلاه ص 456 .[10]
 مقال الأستاذ محمد الفيلي في جريدة القبس الكويتية ، العدد10318 .[11]
[12]  إن الأوامر الأميرية أو الملكية هي تلك التي يصدرها الحاكم بإرادته المنفردة و بتوقيعه وحده أما المراسيم الأميرية آو الملكية فهي تلك التي يصدرها الأمير أو الملك مع رئيس حكومته بالإضافة إلى أحد الوزراء أو بدونه.
[13]  راجع المادتين 33 و 34 من دستور 1973.
[14]  راجع المادة 33 من دستور 2002.
[15]  راجع المادة 34 من دستور 2002.
[16]  راجع المادة 42 من دستور 2002.
[17]  راجع المادة 58 من دستور 2002.
[18]  راجع المادة 75 من دستور 2002.
[19]  راجع المادة 76 من دستور 2002.
[20]  راجع المادة 90 من دستور 2002.
[21]  راجع المادة 106 من دستور 2002.
 
[22]  المادة (36) من دستور 2002.
[23]  المادة (43) من دستور 2002.
[24]  المادة (64) من دستور  و يقابلها المادة (65) من دستور 1973.
[25]  المادتان (58 و 64) من دستور 2002.
[26]  المادة (83) من دستور 2002.
[27]  نصوص من ميثاق العمل الوطني.
[28]  بتاريخ 3/7/2002 صدر المرسوم بقانون رقم (15)  لعام 2002 بشان مجلسي الشورى والنواب و قد أمر جلالة الملك بتعديله في 13/9/2002 و قد تم بالفعل تعديله في 15/9/2002 بموجب المرسوم بقانون رقم  (30) لعام 2002.
[29]  المصدر هو موقع الحكومة على شبكة (الإنترنت) www.bahraintoday.net



#جليلة_السيد_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح
- الجامعات الأميركية تنحاز لفلسطين.. بين الاحتجاج والتمرد والن ...
- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - جليلة السيد احمد - الدساتير العقدية .. الحالة البحرينية