أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم - جان دانيال - إحساس غريب بالحاجة إلى ماركس















المزيد.....

إحساس غريب بالحاجة إلى ماركس


جان دانيال

الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 09:22
المحور: ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم
    


عن النوفيل أوبسيرفاتور (عدد خاص)
ماركس [ كارل ] فيلسوف واقتصادي ومنظر للاشتراكية الألمانية ( تريف 1818 ـ لندن 1883 ) وقد اكتشف من خلال استلهامه الديالكتيك الهيجلي ، مع نقده في نفس الآن لفلسفة التاريخ الهيجلية ، نقد الدين لدى فيورباخ والمذهب الاشتراكي لدى سان سيمون والاقتصاد لدى آدم سميث ، وبذلك بلور المادية التاريخية بشكل تدريجي ، أي النظرية العلمية لأي علم اجتماعي. هذا هو التعريف البيوغرافي الذي نجده في قاموس لاروس الصغير ، وهو تعريف جيد وممتاز يمكن أن يشكل موضوع تعليق ، لكنه أداة جيدة لتكوين فكرة أولية عن ماركس ، وفضلا عن ذلك فهو دليلنا في هذا العدد الخاص ( يقصد العدد الخاص من مجلة النوفيل أوبسيرفاتور ) .

بعد ذلك نلتحق بريمون آرون ” مراحل الفكر السوسيولوجي ” 1976 : ” إن ماركس هو أولا وقبل كل شيء سوسيولوجي واقتصادي النظام الرأسمالي ، لقد كانت لديه نظرية عن هذا النظام وعن المصير الذي يخبئه للناس وعن المستقبل الذي سيصير إليه. وبوصفه سوسيولوجيا ـ اقتصاديا لما كان يسميه الرأسمالية ، فإنه لم يكن لديه أي تمثل دقيق ومحدد عما سيكون عليه النظام الاشتراكي “.

آرون أيضا يقول : ” إن ماركس لم يكن يفضل عدم فهم الحاضر عن التنبؤ بمستقبل إرادة العمل [...] إذن فقد كان نبيا ورجلا عمليا وعالما في نفس الآن ” .

آرون أخيرا يقول : ” فكر ماركس هو تأويل لخاصية التناقض والصراع في المجتمع الرأسمالي[...] وأعماله هي مجهود بذل لبيان أن سمة الصراع لا تقبل الانفصال عن البنية العميقة للنظام الرأسمالي وعن مآل الحركة التاريخية في نفس الآن“.

لماذا هذه الاستشهادات ؟ … لأنها تفسر راهنية ماركس وتبرر نصوصه باعتبارها حاضرا ؛ ففي قلب الفكر الماركسي أو المتمركس نجد الرأسمالية وتاريخها وطريقة اشتغالها وتناقضاتها وصراع الطبقات الناجم عنها وكذا المستقبل الذي تفرزه.

بيد أنه ، وفي فرنسا في الشهور الأخيرة ، ظهر رجل ، وليس أي رجل ، ليبين لنا أن كل مآسي اليسار راجعة إلى عدم فهم هذا الأخير أن الرأسمالية انتصرت على الاشتراكية ، وبعبارة أخرى ، لم يفهم بعد أن ماركس مات . هذا الرجل هو ميشال روكار الذي كان يعلن في شبابه على الملأ كل خمس سنوات ، وعلى صفحات أسبوعية نعرفها جيد ، لا موت ماركس وإنما موت الرأسمالية . إن ميشال روكار يمكنه أن يجيب محقا بأنه كيفما كان الحال فقد فهم أن أصدقاءه في اليسار يرفضون الاعتراف بذلك.

فهل يؤدي انتصار الرأسمالية إلى انهزام ماركس واندحاره ؟ .. ليس على كل المستويات بطبيعة الحال ؛ فنقد المجتمع الصناعي الذي أحدث ميلاده ثورة في بريطانيا يظل أداة عمل في أيدي المؤرخين والسوسيولوجيين والاقتصاديين أيضا ، ويمكننا أن نقول إنه بدون فلسفة ماركس في الاستلاب ، لم يكن بالإمكان إلا نسبيا تصور أعمال مثل أعمال فيرناند بروديل وميشال فوكو وبيير بورديو. غير أن تنوع الموضوعات المعالجة هنا يجعلنا نقف بما يكفي على استمرار بعض المساهمات الإضافية للفكر الماركسي حتى يصبح من الممكن تركيز كل شيء على الرأسمالية ، على الأقل في المقام الأول.

من خلال الإعلان بصورة مدوية عن انتصار الرأسمالية ، فإن ميشال روكار يستدعي ، دون أن يصرح بذلك ، حالات الاشتراكية السويدية ، الألمانية والإسبانية ؛ فقد قطع الثلاثة في الستينيات علاقتهم بالماركسية وبجعل وسائل الإنتاج مشتركة بين الجميع وبديكتاتورية البروليتاريا . لقد تصرف الاشتراكيون الفرنسيون بدون شك ، لكن انطلاقا من سنة 1983 فقط ، كما لو أنهم يصطفون في صف ردة أحزاب استوكهولم وبون ومدريد ، لكنهم رفضوا أن ينظروا لهذه الردة وأن ينظموا بيداغوجيتها ، وبذلك جعلوا أنفسهم عرضة للاتهام بالخيانة بدل أن يعتبروا مطالبين جريئين بالتكيف مع الحداثة ، وهم يستمرون اليوم في دفع ثمن حنينهم البدائي.

في سنة 1989 ، ومع سقوط جدار برلين وتوحيد الألمانيتين، حدث شيء عظيم من الناحية السياسية ، لكنه عملاق من الناحية الإيديولوجية ؛ فقد استسلم وطن الاشتراكية وإمبراطورية المذهب الجماعي ودرع البروليتاريين والعالم الثالث في أرض عراء وبدون قتال . لقد سلم الاتحاد السوفييتي أسلحته في خضم المعركة بدون زهو و لا سعادة . ولقد تكرس في ذلك اليوم ، لا انتصار القوة الأمريكية الكبرى فقط ، وإنما تكرس أيضا المفهوم الغربي والرأسمالي للديمقراطية . لقد تم إعلان إفلاس مثال المذهب الجماعي البروليتاري والمساواتي في وجه العالم ، وكانت الرأسمالية موضوع استفتاء كوني وانخراط من طرف الجميع على مستوى البسيطة، بل إن البعض ذهبت بهم الحمية العمياء إلى حد إعلان نهاية صراع الطبقات، أي نهاية التاريخ من زاوية النظر الماركسية.

غير أن ما تجاهل السيد ميشال روكار التذكير به ، كما هو الشأن لدى معلقين آخرين هم أمريكيون بالمناسبة ، هو أن الولايات المتحدة كانت قبلا في سنة 1989 ، وفي فترة تكريس سموها ، قد غرقت في تناقضات الرأسمالية التي سبق أن وصفها ماركس ، ولم يتم إنقاذها من الغرق إلا بفضل الموت المتسارع لنظام سوفييتي يحتضر. وبعبارة أخرى ، إذا كان إفلاس الاتحاد السوفييتي قد استطاع الإشارة إلى نوع معين من موت الماركسية ، فإن انتصار الولايات المتحدة لا يؤدي بالضرورة إلى موت ماركس.

بيد أنه إذا ما ظللنا في مجال صلاحية الرأسمالية المعلن عنها على غرار الديمقراطية التي هي ” أقل الأنظمة رداءة باستثناء كل الأنظمة الأخرى ” ، وإذا ما قدرنا أنه يتوجب تفضيل مثال الحرية على مثال المساواة ، وأن قيم التنافسية تنتصر على قيم التضامن ، وأن الرأسمالية أخيرا نظام يضبط أموره بذاته بطريقة معجزة ، ويصحح انحرافاته بكفاءة عالية ، فإنه يتوجب علينا الانتباه إذ ذاك جيدا للأحداث التي ترج الأمم في صراعها ضد العولمة وضد تعسف الإمبراطورية الأمريكية.

ودونما حاجة للجوء إلى تحليل نفسي واجتماعي للحركات البديلة للعولمة ولدلالاتها على مستوى البسيطة ، نستطيع أن نلاحظ قبلا أن الفضائح غير المسبوقة التي لطخت منذ عهد قريب وشوهت ودنست التطهرية المفترضة لدى كبار المقاولين الأمريكيين، قد طرحت من جديد مسألة تناقضات الرأسمالية بدل أن تطرح مسألة انتصارها النهائي.

استشهاد من البيان الشيوعي : ” إن تاريخ كل المجتمعات إلى أيامنا هاته هو تاريخ صراع بين الطبقات ، أناس أحرار وأناس عبيد ، أرستقراطيون وعوام ، بارونات وأقنان ، أسيد وموالي ، وبكلمة واحدة : مضطهَدون ومضطهِدون كانوا دائما في حال مجابهة ، وقد انخرطوا في صراع لا هوادة فيه ، صراع مقنع أحيانا وسافر أحيانا أخرى ، كان ينتهي في كل مرة إما بتغيير ثوري للمجتمع بأكمله أو بدمار مختلف الطبقات المتصارعة“.

بيد أنه ، وحسب كامو ، فإن الإيمان بالتقدم واستنتاجات رينان تبدو اليوم مذهلة ومروعة ، إن صراع الطبقات يوجد اليوم بصيغ مخالفة ، إنه يظهر من جديد وينتشر ويتغير ، لكن مع اختلاف جدير بالاعتبار لأن العبد والعامي والقن والمولى ، وبكلمة واحدة لأن المضطهدين والمسحوقين لم يعودوا يؤمنون بمجتمع ” تختفي فيه الصراعات الطبقية ويتمركز فيه الإنتاج بين أيدي أفراد شركاء وتفقد فيه السلطة العمومية سمتها السياسية [....] وأن المجتمع البورجوازي القديم بطبقاته وصراعاته الطبقية سيخلي المكان لشراكة يكون فيها الازدهار الحر لكل فرد شرطا للازدهار الحر للجميع“. لم يعد هناك أي شخص من بين ” المستغَلين” يرغب في الانخراط في هذه النزعة المسيحية المتعلقة بالتقدم، وفي هذه النبوية التي أضحت دينية حيث يلتحق ” ما بعد ” لدى الملحدين بـ ” الآخرة ” لدى المؤمنين. ألبير كامو يقول : ” ماركس هو في نفس الآن نبي بورجوازي وثوري [ ...] والتمسح العلمي لدى ماركس هو ذو أصل بورجوازي ؛ فالتقدم ومستقبل العلم وعبادة التقنية والإنتاج ، كلها أساطير بورجوازية تشكلت على هيئة عقيدة في القرن 19 ، وسيشار إلى أن ” البيان الشيوعي ” ظهر في نفس السنة التي ظهر فيها كتاب رينان ” مستقبل العلم “ “.

والطامة تتمثل في أن انتصار الرأسمالية لم يلغ تناقضاتها أبدا، وأن ماركس ضمن البقاء بعد الماركسية ، لكن الاقتصاد الذي كان بروميثيوسيا هو أبعد ما يكون عن أن يشكل المحدد الوحيد للسلوكات ، وذلك على النقيض مما افترضه ماركس ، و لا يبقى في الغالب الأعم كدواء لداء فقدان الأمل الاجتماعي أو البؤس الاقتصادي ، غير الاحتماء بالفوضى والفردانية ، النزعة العدمية أو الدين.

* جان دانيال كاتب ومؤسس مجلة ” النوفيل أوبسيرفاتور ” ،آخر كتاب ظهر له هو ” السجن اليهودي ” أوديل جاكوب 2003.





#جان_دانيال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- ثورة أكتوبر .. منجزات مذهلة تتحدى النسيان / حميد الحلاوي
- بمناسبة مرور(91) عاما على ثورة اكتوبر ((الاشتراكية)) الروسية / حميد الحريزي
- الرفيق غورباتشوف / ميسون البياتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم - جان دانيال - إحساس غريب بالحاجة إلى ماركس