أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالامير المجر - ((اعترافات رجل لا يستحي)) .. سليم مطر يتوهج ناصعاً بتراب (الشاكرية) ويقلّب أيام رحلته المضنية بمحراث فيلسوف!!















المزيد.....

((اعترافات رجل لا يستحي)) .. سليم مطر يتوهج ناصعاً بتراب (الشاكرية) ويقلّب أيام رحلته المضنية بمحراث فيلسوف!!


عبدالامير المجر

الحوار المتمدن-العدد: 2426 - 2008 / 10 / 6 - 06:08
المحور: الادب والفن
    


اعترف مقدماً انني لم اقرأ عملاً أدبياً عراقيا شدني بتفاصيله واحتوتني حيثياته حد الذوبان بينها كهذه الرواية.. وانني اذ اقول هذا، ليس بقصد المجاملة او تحت تأثير دهشتي بها، بل اعترافاً بحقيقة فرضت نفسها عليّ، ووجدت نفسي ملزماً اخلاقيا بالاعتراف بها على الرغم من ان لي وجهة (فكرية) تتعارض مع وجهة المؤلف، ربما يعرفها هو!
.. اعترافات رجل لايستحي.. سيرة روائية عراقية.. هو عنوان العمل الذي سنتناوله في هذه السطور، يسرد فيه المفكر والأديب سليم مطر رحلة (سليم مطر) منذ الطفولة وصولاً الى مرحلة النضج الفكري الذي دعته اخيراً، ان يعيد قراءة رحلة حياته بطريقة تداخلت وتكاملت فيها عناصر عدة، لتمنحها زخماً فلسفياً وفكرياً وأدبياً بعد ان توهجت الذاكرة بمفردات دقيقة سلط عليها (المفكر) اضواءه ليعيد قراءتها ذاتياً ثم عامل تلك الوقائع بسماد الوعي الذي اكتسبه لاحقاً ليستعرض تاريخ حياته التي اتصلت بحلقاتها من (الشاكرية) احد أحياء بغداد المسحوقة قبل ثورة (14) تموز (1958) مروراً بمرحلة القلق السياسي الذي عاشته البلاد، وعاشه الكاتب نفسه، وصولاً الى قراره هجرة البلاد العام (1978) والأحداث التي عايشها في اوروبا قبل استقراره في جنيف، التي شهدت استقراره الاجتماعي والنفسي ايضاً، ومن ثم تألقه مفكرا ومبدعاً ومن هناك، من تلك المرحلة التي وقف فيها متأملاً بعد سلسلة من التجارب القاسية دوّن تاريخ حياته التي تتجاوز في الكتاب البعد الشخصاني، وان كان طاغياً على مستوى سرد الأحداث الى تاريخ بلد وشعب، وقوى سياسية ربما، وقف متأملاً بعد ان هدأت اعماقه تماماً وتجاوز عواصف وانفعالات وشطحات لتستقر عند رؤى عميقة اعادت انتاج ذات الكاتب بصفته صاحب التجربة ومحورها الرئيس، ومن ثم قراءة الفعل الجمعي الذي رصده بعين اخرى وعالجه بعقل اخر ورؤية اخرى ليعكسه بصورة اخرى! ليعطينا خلاصة رائعة تزاحم بين سطورها الوجع العراقي في تفاصيله الدقيقة، والمهملة وحتى المنسية، مع الكفاح والأمل والاحتدامات الدقيقة للنفس البشرية وهي تواجه مصائر متعددة وواقع يضج بالمتناقضات التي قد لايلتقطها الانسان او يستشعر اهميتها وتأثيرها في صيرورته الا بعد ان يقرأ الواقع قراءة شاملة مشفوعة بوعي عالٍ وبعقلية متحررة وقبل هذا بروح عالية ونفس قوية، تتعالى على الصغائر، ومن هذه الصغائر (الحياء) الذي جاء في العنوان اشبه بالتورية، التي أراد القول من خلالها ان ما سأقوله في هذا العمل، لايخدش الحياء، بل ينزهه بالاعتراف الذي يضيء مواطن الظلام في النفوس.
يذهب علم الاجتماع الحديث الى قراءة ادب الشعوب ليعرفها بعيداً عن الاستبيانات والأدوات الأكاديمية الاخرى، لأن الأدب وحده القادر على الغوص الى الاعماق ووحده من يحتفي بدقائق الامور ورواية سليم مطر هذه هي النموذج الامثل الذي يعكس ارهاصات النفس والمجتمع في بيئة مأزومة ومحاصرة بكل اسباب الانسحاق والبؤس والضياع ايضاً، ولعلنا من خلال الرواية هذه ايضاً نقرأ سليم مطر الانسان ونقرأ ايضاً (المبررات) الذاتية للكاتب التي دفعته باتجاه تبني فكرة (الامة العراقية) وقيام مشروعه الأخير، (مجلة ميزوبوتاميا-بلاد ما بين النهرين) التي يصدرها منذ نحو خمس سنوات من جنيف لتكريس مشروعه (الثقافي) اضافة لنتاجاته الادبية والفكرية الاخرى المتمثلة بروايته (امرأة القارورة) وكتابه الشهير (الذات الجريحة) وكذلك كتابه (جدل الهويات)..
واعترف هنا ايضاً، بأن روايته هذه من النوع الذي يصعب عرضه بل يستحيل.. انها من النوع الذي يقرأ لانها لا تعطي خلاصات او مقولات معينة تأتي على خلفية سرد تفاصيل بل هي بمجملها خلاصات لرحيق الذاكرة الممتزج بالروح والعقل لذلك فهي تتسرب الى دواخل القارئ وتجعله متماهياً مع صورها، بعد ان تسرقه من وقته ومن المحيطين به كما حصل معي!
تبدأ الرواية بالفصل الأول (الأجنبي الأبدي) والذي يعترف فيه باحساسه بـ(أجنبيته) في بغداد التي انبتته فيها قسراً ظروف عائلته (الجنوبية) وعمل والده، الرجل المكتظ بالمتناقضات التي من بينها القسوة والطيبة والدبلوماسية الشعبوية المدهشة! ثم حياة الطفولة البائسة والحرمانات التي لاتنتهي والعمل مع الوالد في حانوت غريب وعجيب، والذي سيعيد (سليم مطر) قراءة يوميايته -الحانوت- ليكتشف انه كان (منتدى) غريباً وعجيباً ايضاً علّمه اشياء سيقرأها (المفكر) فيما بعد قراءة جديدة ليقدمها كتجرجة مدهشة تستحق التوقف بين ايامها او سطورها طويلاً!.. اما الفصل الثاني (هنا ترقد الشاكرية بلادنا العابرة) وفيه رأيت الشاكرية وكأنها تشخص امامي ببؤسها، وبحياة اناسها المنفيين في زاوية مهملة من (بغداد).. بعدها نقرأ (أبي -مطر وحانوته العجيب!) وهذا الفصل لم أقرأ في الفنتازيا شيئاً يشبه تفاصيله الواقعية التي يسردها الكاتب بلغة سلسلة عذبة وممتلئة وقد نجح في خلق مناخ شعري ظل مهيمناً على العمل منذ الاسطر الاولى حتى النهاية، فهو بوصفه الشاعري يختزل الكثير من الكلام، ليترك الصور تتدفق بطريقة مبهرة لدرجة اني لم اشعر وكأني اقرأ بل اتجول بين تلك الثنايا مع البطل في يومياته الضاجة هناك..
احد عشر فصلاً، تمتد ليروي فيها حكايته مع امه ويستعيد ايام السينما او (سينمات طفولتي.. جناتي المفقودة) وعلاقاته العاطفية التي تقف فيها فتاتان كعلامتين فارقتين، ثم حكايته مع الايمان والبحث الابدي عن امرأة وبلاد، ويروي محنة اصابته بالسرطان حتى شفائه ثم يفرد فصلاً لولده باسم الذي يسرد حكايته معه، بلغة موحية ومشبعة تفيض منها مشاعر الابوة التي تشرك القارئ وتجعله متماهياً مع الكاتب بأحاسيسه التي تبدو وكأنها نابعة من اعماق صوفي، يرتل تلميذه اسرار المحبة، والمحبة هي اخر الفصول التي يختم سليم مطر بها روايته بفصل عنوانه (درب المحبة الذي لاينتهي) وفيه يدلق خلاصة تجربته في الحياة التي يقول ان الذي جعله سعيداً فيها هو تغلب الحب في داخله على كل اشكال الكراهية، لتكون آخر كلماته في الرواية.. (واذا كانت محبة الله هي درب الانسان من اجل بلوغ جنان السماء فان محبة الذات والناس والحياة هي درب الانسان من اجل بلوغ جنان الأرض)..
اعيد القول ان كل ما كتبته لايعكس الصورة الرائعة التي فاضت بها صفحات الرواية وانما هي محاولة متواضعة للاشارة اليها لا أكثر..
اعترافات رجل لايستحي.. لو كتبها كاتب شهير مثل كونديرا او سولنجستين، لضجت بها وسائل الاعلام، ولطبعت بمختلف اللغات وانا هنا لا أقلل من شهرة ومكانة سليم مطر، بل أود ان الفت النظر الى اهمية العمل، الذي جاء بنوع جديد على الأدب العراقي بل العربي، واجزم ان رواية (الخبز الحافي) للروائي المغربي محمد شكري التي نالت شهرة واسعة، ليس فيها من التدفق الوجداني والرؤية الواضحة والصراحة الممتزجة بنضج التجربة والوعي العميق، الذي انطوت عليه هذه الرواية.
فهي سيرة فكرية بلغة اديب، وعمل ادبي نضحه عقل مفكر.. انها حقاً تدخل القارئ في انسيابات سحرية تجعله يضحك مع مشاهد الألم ويبكي مع مشاهد الضحك التي يتركها قلم الروائي خلفه وهو يتجول في عالم غادره وظل متشبثاً فيه او انه ماثل في قرارة روحه التي طفحت بكل شيء في لحظات تجلٍ جديرة بأن يقال عنها الكثير..
الرواية صدرت عن مركز دراسات الأمة العراقية.. ميزوبوتاميا/ جنيف -بغداد/ دار الكلمة الحرة - بيروت، وقد جاءت بـ(155) صفحة من القطع فوق المتوسط.



#عبدالامير_المجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالامير المجر - ((اعترافات رجل لا يستحي)) .. سليم مطر يتوهج ناصعاً بتراب (الشاكرية) ويقلّب أيام رحلته المضنية بمحراث فيلسوف!!