أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ياسين الورزادي - الفلسفة الماركسية : دراسة نقدية















المزيد.....



الفلسفة الماركسية : دراسة نقدية


ياسين الورزادي

الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 09:11
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


المخطط العام

* كارل ماركس المؤسس
*هل للحركة التاريخية إتجاه يمكن تحديده
*النظرية الماركسية
*المادية
*الديالكتيك
*التفسير المادي للتاريخ
*التحليل الماركسي للماركسية
*حركة الانسان تتجه نحو الله
*خاتمة
*المراجع


كارل ماركس المؤسس

كارل ماركس هو فيلسوف الشيوعية المعاصرة من أصل ألماني درس القانون في جامعة بينا بألمانيا ثم انصرف إلى الاقتصاد والفلسفة الاجتماعية اضطهد بسبب نشاطه الثوري فانتقل منها الى باريس حيث التقى بفريديرك انجلز وتعاونا معا على اصدار الوثيقة الشيوعية الاولى المودنة باسم البيان الشيوعي سنة 1848 وكان على صلة بالثورات التي اجتاحت ممالك أوربا الغربية والوسطى سنة 1948 وما بعدها وعلى اثر فشل هذه الثورات هاجر إلى انجلترا حيث أقام بها حتى وفاته وهناك أصدر كتابه الاول رأس المال سنة 1867 وأخرج صديقه انجلز بعد وفاته الجزئين الثاني والثالت من كتاب رأس المال كما أسس ماركس في سنة 1864 المؤتمر الاشتراكي المعاصر وكان على علم بالفلسفة الالمانية وبخاصة فلسفة هيغل الالماني وكان يحيط بالنظريات الاقتصادية المعاصرة وقد تمكن من المزج بين الجانبين لاخراج نظرية في تطوير المجتمع هي اساس ما يعرف بالنظرية الاشتراكية العلمية وقد أطلق عليها ماركس هذا الاسم تمييزا لها عن عن الافكار الاشتراكية الاخرى والتي سماها الاشتراكية المثالية

هل للحركة التاريخية اتجاه يمكن تحديده

تباينت مواقف المفكرين بشأن تفسير حركة التاريخ ولم يتفقوا على اتجاه واحد ، إن الساحة التاريخية زاخرة بمجموعة من الظواهر والاحداث تماما مثل الساحة الطبيعية وقد تمكن العلم من اكتشاف العلاقات القائمة بين الظواهر الفيزيائية ولا يزال يسعى لمزيد الاكتشافات بواسطة دقة أجهزته وأدواته ووسائله العلمية والتقنية
وهنا يمكننا أن نتسائل هل توجد علاقات تابثة –قوانين- بين الظواهر التاريخية ؟ وإذا كانت هل يمكن ادراكها ؟
ان الانسان الاعتيادي قد يفسر أحدات التاريخ بوصفها كومة متراكمة من الاحداث يفسرها على أساس الصدفة أو على أساس القضاء والقدر بمفهومه الجبري ولكن الى أي مدى يمكن ان تصدق هذه العفوية؟
ما من شك ان التاريخ مرتبط أساسا بالزمن أي بالتغير والحركة ، ولكن هل هذه الحركة عشوائية خاضعة لنزوات أفراد أو آلهة أو للصدفة العمياء ؟
إن القول بالصدفة أي نفي السبب نف الغاية عن الحادثة ...دليل على قصورنا وعجزنا عن البحث والايمان بالصدفة بهذا المعنى موقف غير علمي ولا عقلي وطالما لم نتعمق في فهم الاحداث وربط بعضها ببعض وطالما لم نتمكن من اكتشاف نظام لها فلا يجوز لنا علميا ان نقر بالصدفة بل علينا الاقرار بعجزنا
فالصدفة كما قال روجي جارودي في كتابه النظرية المادية في المعرفة هي أشياء وأحداث يتباعد الارتباط الدقيق فيما بينها أو يكون صعب البرهان الى حد نستطيع اعتباره غير موجود ونهمله

إن الحياة في جوهرها متغيرة ولكنها منظمة فالعقل البشري لا يتصور معلاولا بدون علة حتى الاضطراب هو في حد ذاته نظام غير معروف على حد تعبير برفسون
وقد أكد القران الكريم على وجود سنن للتاريخ من ذلك قوله تعالى : لكل أمة أجل فلا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون / سورة يونس
فكما أن الفرد يتحرك ويكون حيا ثم يموت كذلك الامة تكون حية ثم تموت *إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم* وإلى جانب ذلك هناك آيات كثيرة تحث الانسان على استقراء الوقائع التاريخية لاستخراج السنن التاريخية وقد أدرك المفكرون هذا المعنى فراحوا يضعون النظريات في تفسير التاريخ ولكنهم توصلوا الى نظريات مختلفة بسبب إختلاف الوقائع التي درسوها وتباين المنطلقات الفلسفية والايديولوجية لكل واحد منهم
فالمفكر المثالي الذي يقر بأسبقية الفكر على المادة لا يستطيع الاقرار بأن العوامل المادية هي المحرة للتاريخ كما أن المفكر المادي لا يسعه إلا أن ينكر الافكار كعوامل رئيسية في الحركة التاريخية معنى ذلك أن المنظور الفلسفي غالبا ما يسبق الاستقراء العلمي خاصة وأن التجرد نسبي والموضوعية التامة مستحيلة في دنيا الناس
فإذا أقررنا بوجود هذا الاختلاف في التفاسير فهل بإمكاننا اعتبار نظرية ما مطلقة الصدق ؟

لقد كان الاعتقاد السائد في القديم يتمثل في قدرة العقل على بلوغ الحقيقة النهائية وقد جائت العلوم الحديثة لتنزع عنا هذا الاعتقاد الوثوقي وتردنا الى عالم النسبية /كل شيء نسبي هذا هو المبدأ المطلق/كونت

النظرية الماركسية

هل الماركسية علم ام مذهب فلسفي ؟
يقول جورج بولتريز /لا تنفصل الفلسفة الماركسية عن العلوم ولكنها تتميز عنها ... يدرس كل علم جانبا من الطبيعة كما هي أما الفلسفة الماركسية فهي النظرة العامة للطبيعة كما هي فهي بهذا فلسفة علمية بالرغم من أنها لا تماثل العلوم /
ويقول أيضا /يجب التأكيد إذن بقوة على طابع الاشتراكية الماركسية السامي فهي ليست أسطورة ولا وحيا ولا نظاما بين سائر النظم بل هي علم / أصول الفلسفة الماركسية ج 1
يقول انجلز /كما أن داروين اكتشف قانون تطور العالم العضوي كذلك ماركس اكتشف قانون تطور التاريخ البشري /كلمة على قبر ماركس
ويلخص ستالين كل هذه المعاني في كلمة مختصرة / الماركسية هي العلم الذي يقوم بدراسة قوانين تطور الطبيعة والمجتمع/
اذا كانت الماركسية على هذه الدرجة من العلمية واذا كان الماركسيون لا يخشون الانتقاد كما قال ماوتسي تونغ فلنحاول التعرف عن الماركسية ما هو مذهبها وما هو منهجها وهل تستطيع فعلا ان تصمد امام الانتقاد
يبدوا أن أسلم طريقة للتعرف على الماركسية هو الرجوع الى نصوص النظرية ذاتها
الماركسية نظرة عامة الى الطبيعة والمجتمع
يقول انجلز ان المادية عبارة عن وجهة نظر عامة عن العالم تقوم على أساس فكرة محمددة عن العلاقة بين المادة والعقل وهي تنقسم الى جزئين – المادية الديالكتيكية نظرية حول الطبيعة
- المادية التاريخية نظرية في التاريخ الاجتماعي

المادية

ماذا تعني انها تعني ان جوهر الوجود هو المادة ان العالم المادي الذي تدركه حواسنا والذي ننتمي اليه نحن انفسنا هو الواقع الوحيد أما ادراكنا وفكرنا فهما ليسا سوى نتائج عضو مادي جسدي هو الدماغ ان المادة ليست من نتاج العقل بل ان العقل نفسه ليس سوى نتاج المادة الارقى / من كتب فيورباخ ونهاية الفلسة الكلاسيكية الالمانية
ويعرف لينين المادة بكونها موجودا مستقلا عن الشعور والادراك
فهي الواقع الموضوعي خارج الذهن
وترى المادية أن الواقع لم يخلقه اله او انسان وانما له وجود ذاتي وبالتالي تنفي المادية كل التصورات المثالية التي تقر بوجود روح خلقت العالم وبكلة أوضح تنكر المادية عالم الغيب وتقر في مقابل ذلك بامكانية معرفة العالم مادام خاضعا للحواس والتجربة وليس في العالم أشياء لا يمكن معرفتها وإنما فيه أشياء لا تزال مجهولة وهي ستنكشف وتصبح معروفة بوسائل العلم والعقل هذا على مستوى الطبيعة أما على مستوى المجتمع فماذا تعني المادية ؟
يلخص كارل ماركس المادية التاريخية في كتابه مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي /إن الناس أتناء الانتاج الاجتماعي لمعيشتهم يقيمون فيما بينهم علاقات معينة ضرورية مستقلة عن إرادتهم وتطابق علاقات الانتاج هذه درجة معينة من تطور قواهم المنتجة المادية ومجموع علاقات الانتاج هذه يؤلف البناء الاقتصادي للمجتمع أي الاساس الواقعي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي وسياسي وتطابقه كذلك أشكال معينة من الوعي الاجتماعي إن أسلوب الانتاج الحياة المادية يكيف تفاعل الحياة الاجتماعي والسياسي والفكري بصورة عامة فليس وعي الناس هو الذي يحدد معيشتهم بل على العكس من ذلك معيشتهم الاجتماعية هي التي تحدد وعيهم...
فان تغيير الاساس الاقتصادي يزعزع كل البناء الفوقي فكما لا يمكن الحكم على فرد ما وفقا للفكرة التي لديه عن نفسه كذلك لا يمكن الحكم على عهد انقلاب كهذا وفقا لوعيه فينبغي تفسير هذا الوعي بتناقضات الحياة المادية.../
من خلال هذا التفسير يتضح أن الظروف المادية هي التي تحدد وعي الناس وعقائدهم وأسلوبهم في الحكم وطريقتهم في التفكير وأخلاقية سلوكهم ذلك أن البنية التحتية أي قوى الانتاج وعلاقات الانتاج ... هي التي تحدد البنية الفوقية /الوعي – الفلسفة – الفنةن – الدين – الدولة .../
هده لمحة موجزة عن مدلول المادية
ولكن ليس هناك موضوع واحد من المذاهب المادية : فهناك المادية الآلية والمادية الجدلية وما يهمنا هو المادية الجدلية الديالكتيكية

الدياليكتيك

عن الجدل كان يعني في المنظور الكلاسيكي طريقة خاصة في البحث وأسلوبا من أساليب المناظرة التي تطرح فيها المتناقضات الفكرية ووجهات النظر المتعارضة بقصد أن تحاول كل واحدة منها أن تظهر ما في نقيضها من نقاط الضعف ومواطن الخطأ ... وهكدذا يقوم الصراع بين النفي والاتباث في ميدان البحث والجدل حتى ينتهي الى نتيجة تتقرر فيها وجهات النظر المتصارعة أو تنبثق عن الصراع الفكري بين المتناقضات وجهة نظر جديدة توفق بين الوجهات كلها
ولكن الجدل في الديالكتيك الجديد لم يعد منهجا في البحث وأسلوبا لتبادل الاراء بل أصبح طريقة لتفسير الواقع وقانونا كونيا عاما ينطبق على مختلف الحقائق وألوان الوجود فالتناقض ليس بين الاراء ووجهات النظر فحسب بل هو ثابت في صميم كل واقع وحقيقة فما من قضية الا وهي تنطوي في ذاتها على نقيضها ونفيها / باقر الصدر فلسفتنا
وقد أقام الفيلسوف هيجل منطقا كاملا على هذا الاساس وجعله تفسيرا شاملا للمجتمع والتاريخ والوجود عامة
فالديالكتيك أصبح قانونا للفكر والواقعى وإذا كان المنطق الارسطي يقوم على مبدأ عدم التناقض فان المنطق الجدلي يقوم على مبدأ التناقض ويعتبر التناقض أساسا قائما في كل موجود والمنهج الجدلي يتضمن ثلاث مراحل هي الاطروحة والطباق والتركيب أو بتعبير آخر الاثبات والنفي ونفي النفي وبحكم هدا المنهج يكون كل شئ مجتمعا مع نقيضه
الوجود موجود
الوجود ليس موجود
الوجود صيرورة
ومن سمات الديالكتيك
أ- الترابط
خلافا للميتافيزيقيا لا يعتبر الديالكتيك الطبيعة تراكما عرضيا للاشياء أو حوادث بعضها منفصل عن بعض بل يعتبر الطبيعة كلا واحدا ومتماسكا ترتبط فيه الاشياء والحوادث فيما بينها ارتباطا عضويا ويتعلق احدهما بالاخر ويكون بعضها شرطا لبعض فلا يمكن فهم أي شء الا في علاقته مع بقيى الاشياء
ب- الحركة والتغير
يقول انجلز ينبغي لنا الا ننظر الى العالم وكأنه أشياء ناجزة..../
ويقول ستالين إن الديالكتيك خلافا للميتافيزيقيا لا يعتبر الطبيعة حالة من سكون وجمود بل يعتبرها حالة حركة وتغير دائمين حالة تجدد وتطور لا ينقطعان ففيها دائما شئ يولد ويتطور وشيء ينحل ويضمحل / المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية
ج- تناقضات التطور
يقول لينين الديالكتيك بمعناه الدقيق هو دراسة التناقض في صميم وجوهر الاشياء ويقول ستالين ..إن كل أشياء الطبيعة وحوادثها تحوي تناقضات داخلية ... وفيها جميعها عناصر تضمحل أو تتطور هده المتناقضات هي المحتوى الداخلي المحول للتغيرات الكمية الى تغيرات كيفية
ج- قفزات التطور
التحول من الكم الى الكيف ان الديالكتيك خلافا للميتافيزياء لا يعتبر حركة التطور حركة نمو بسيطة لا تؤدي الىا لتغيرات الكمي فيها الى تغيرات كيفية بل يعتبرها تطورا ينتقل من تغيرات كمية ضئيلة وخفية الى تغيرات ظاهرة وأساسية أي الى تغيرات كيفية../

تلك هي اذن أهم مميزات المنطق الديالكتيكي فكيف تم تطبيقه على التاريخ ؟

التفسير المادي للتاريخ

يقول ماركس ليس وعي الناس هو الذي يحدد معيشتهم بل على العكس من ذلك معيشتهم الاجتماعية هي التي تحدد وعيهم ../ وهذا يعني أن شروط حياة المجتمع المادية هي التي تحدد في النهاية أفكار المجتمع وأخلاقه وأوضاعه السياسية بمعنى أن البناء التحتي يحدد البناء الفوقي
ولكن ماهي شروط حياة المجتمع المادية
- في البداية تنفي الماركسية أن يكون الوسط الجغرافي و هو شرط مادي هو المحدد لتطور المجتمعات فقد تعاقبت أنظمة اجتماعية متعددة على اوربا مثلا دون أن يحدث تغيير يذكر في الوسط الجغرافي لان التغير الجغرافي يحتاج الى ملايين السنين اذا استثنينا بعض التغيرات البسيطة والجزئية.
- كما تنفي الماركسية ان كون نمو السكان هو السبب الرئيسى اذ لو كان هو السبب لكان من الواجب ان ينشأ عن ازدياد كثافة السكان نوع من النظام الاجتماعي أعلى وأرقى وأكثر تقدما ولملاحظ في عصرنا أن البلاد التي كثافة سكانها قوية ليست بالضرورة أكثر البلاد تقدما وتحضرا مثل الهند والصين
وقد حددت الماركسية هده الشروط في أسلوب الانتاج
-أسلوب الانتاج يتألف من القوى املنتجة وعلاقات الانتاج
- القوى المنتجة تتكون من ادوات الانتاج والناس الذين يستعملون هذه الادوات في عملية الانتاج
- أما علاقات الانتاج وتعني علاقة الناس فيما بينهم أثناء سير الانتاج ذلك أن النس ينتجون بصفة جماعية الانتاج هو دائما ومهما تكن الظروف انتاج اجتماعي وهذه العلاقات يمكن أن تكون تعاون كما يمكن أن تكون علاقات سيطرة وخضوع واستغلال
يقول ماركس في الانتاج لا يؤثر الناس في الطبيعة فقط بل يؤثر بعضهم في البعض الاخر فهم لا ينتجون الا بالتعاون فيما بينهم على شكل معين وتبادل المنافع فيما بينهم فمن أجل أن ينتجوا يدخل بعضهم مع بعض في صلات وعلاقات معينة ولا يتم تأتيرهم في الطبيعة أي لا يتم الانتاج الا في حدود هذه الصلات والعلاقات الاجتماعية / العمل المأجور ورأس المال
ومن خاصيات الانتاج أنه في حالة تغير ونمو وبتغيره يتغير النظام الاجتماعي برمته أي سلئر البناء الفوقي فكل نمط في المعيشة يقابله نمط من التفكير
ومعنى ذلك ؟أن تاريخ تطور المجتمعات هو قبل كل شيء تاريخ تطور الانتاج
إن تطور الانتاج يبدأ دائما بتغير القوى المنتجة ثم تتغير بعد ذلك علاقات الانتاج حتى يقع بينها تلاؤم وإلا حصلت أزمة في الانتاج وتفكك في أسلوب الانتاج
فالقوى المنتجة هي أكثر عناصر الانتاج حركة وثورة وبالتالي هي العنصر الحاسم في تطور الانتاج
وبكلمة موجزة لنتعرض الى الخطوط الكبرى لتطور القوى المنتجة منذ القديم / الادوات الحجرية – القوس- السهام – استخدام الحيوانات – تربية المواشي شكل بدائي استعمال الادوات المعدنية كالفأس الحديدية والمحراث البدائي غرس النباتات الزراعية تطور الحرف وانفصالها عن الزراعة ثم الانتقال الى الآلة والصناعة ... وقد رافق هذا التطور في القوى المنتجة تطور في علاقات الانتاج وقد حددت الماركسية خمسة أنواع لعلاقات الانتاج / المشاعية البدائية – الرق – الاقطاع – الرأسمالية – الاشتراكية/

* المشاعية البدائية : ملكية جماعية لوسائل الانتاج ذلك هو أساس علاقات الانتاج وذلك يطابق من حيث الاساس طابع القوى المنتجة في هذا الدور فالادوات الحجرية وكذلك القوس والسهام التي ظهرت فيما بعد لم تكن تسمح للناس بأن يناضلوا منفردين ضد قوى الطبيعة والحيوانات المفترسة
ويقول ستالين ان الوفاء والاخلاص عند الانسان البدائي في هذه المرحلة ليسا نتيجة للطبيعة الفطرة بل كانت تعكس الاساس اقتصادي

* نظام الرق: ملكية سيد العبيد لوسائل الانتاج وللشغيل العبد الذي يستطيع بيعه وشرائه وحتى قتله – بداية تراكم الثروة بين أيدي ضئيلة من الناس – جعل الاكثرية خاضعة للأقلية
* نظام الاقطاع : ملكية النبيل الاقطاعي لوسائل الانتاج وللشغيل القن الذي يستطيع بيعه ولكن ليس له حق قتله والى جانب الملكية الاقطاعية هناك ملكية فردية للفلاح والحرفي القائمة على العمل الشخصي والاقتصاد الخاص وتتطلب هذه القوى المنتجة ابتكارا في العهمل وزيادة في المهارة والصراع الطبقي موجود بين من يملك وبين من لا يملك

* الرأسمالية : ملكية رأسمالية لوسائل الانتاج – هناك عمال مأجورون لا يستطيع الرأسمالي قتلهم ولا بيعهم ولكنه يملك أن يستغلهم وهم مضطرون للعمل عنده كي لا يموتوا جوعا –استعمال الالات في الفلاحة والصناعة
ولكن نمو القوى المنتجة نشأ عن نمو متزايد في الانتاج مما يجعل المزاحمة تزداد فالملاكون الصغار لا يستطيعون الصمود أمام الرأسماليين الكبار فتنخفض طاقتهم الشرائية ويتحولون الى بروليتاريا – أزمة تضخم في الانتاج – اتلاف المحاصيل وحرقها بينما الملايين يعانون آلام الفقر والحرمان
وهكذا فان علاقات الانتاج لم تعد ىمطابقة للقوى المنتجة –الصراع الطبقي – قيام ثورة لاحلال الملكية الاشتراكية محل الملكية الرأسمالية لوسائل الانتاج

* الاشتراكية : ملكية الدولة لوسائل الانتاج والقضاء على الملكية الفردية أما العلاقات فهي علاقات تعاون وتعاضد بين الناس
يوضح ماركس التفاعل القائم بين القوى المنتجة والعلاقات الاجتماعية يقول في كتابه بؤس الفلسفة / إن العلاقات الاجتماعية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالقوى المنتجة وعندما يحصل الناس على قوى منتجة جديدة يغسرون أسلوبهم في الانتاج ... فطاحونة الهواء تعي مجتمع الحاكم الاقطاعي والطاحنة البخارية تعطيك مجتمع الرأسمالي الصناعي/... فكل التاريخ منذ انحلال ملكية ارض المشاعية البدائية هو تاريخ صراع بين الطبقات طبقات مستثمرة وطبقات مستثمرة بين طبقات مسودة وطبقات سائدة في مختلف مراحل تطورها الاجتماعي / البيان الشيوعي

وبناء على هذه الملاحظات أي دراسة التاريخ من حيث تطور القوى المنتجة وعلاقات الانتاج ظنت الماركسية أنها امسكت بحقيقة العوامل المحركة للتاريخ وهي عوامل ليت مثالية وليست دينية ... وإنما هي شروط حياة المجتمع المادية ثم اعتقدت انه بإمكانها التنبؤ بكيفية تطور المجتمعات ما دامت قد اكتتشفت قانون تطورها منذ أقدم العصور فالعملية تتمثل في تطبيق هذد القوانين على كل المجتمعات كما هو الحال في العلوم التجريبية فالماركسية تقول انها علم والعلم حتمي ومن هنا كانت الماركسية تؤمن بالحتمية التاريخية بل ظنت انها اكتشفتها مستبعدة بذلك التعابير الفلسفية المجردة والاوهام الغيبة ولكن ماذا يحصل اذا الماركسية على محك النقد والتقييم ان ذلك ممكن ولكننا مع ذلك نريد نقدها بالتحيليل الماركسي نفسه أ بعبارة أوضح تطبيق التحيليل الماركسي على الماركسية

التحليل الماركسي للماركسية

سنقوم بهذا التحليل من جانبين :
- تطبيق المنهج الديالكتيكي على الماركسية
- تطبيق التفسير المادي على الماركسية

أ- الماركسية والديالكتيك :

تؤمن الماركسية بالديالكتيك كمنهاج وحيد يستطيع تفسير الظواهر الطبيعية والوقائع الاجتماعية والتاريخية ، ومعنى ذلك أن كل شيء يشتمل في ذاته على نقيضه ووجود التناقض هو السبب في الحركة وبدون وجود التناقض لا وجود لتطوره وقد ذكرت الماركسية أن المجتمع المشاعي البدائي لا يحتوي على تناقضات فهو لا ينطوي على صراع طبقي بل انه مجتمع يسوده الوفاء والاخلاص والتعاون…
وبما أنه لم يكن فيه تناقض فكيف تطور الى مجتمع الرق ؟
ماذا نقول هل أن الديالكتيك موجود طالما التناقض موجود وغير موجود عند انتهائه أو عدمه بمعنى أوضح هل ولد الديالكتيك مع وجود مجتمع الرق ولم يكن موجودا قبل ذلك ؟
وهنا يمكننا أن نفترض ثلات افتراضات :
- اما أن المجتمع المجتمع لم يوجد في التاريخ ومنذ البداية كان هناك تناقض
- وإما أنه وجد وبما أنه لا ينطوي على تناقض فلا وجود لقوة تحركه مادام التناقض هو المحرك للتاريخ أي فلا يزال على حاله لم يتطور
- واما أنه وجد بالفعل وتطور الى نظام اجتمعي آخر ولكن القوة المحركة له لم تكن تلك التي افترض ماركس
وقد وجدت الماركسية صعوبات كبيرة من أجل رفع هذا الالتباس أو التناقض في نظريتها ولذلك راح الماركسيون يفتعلون بعض الاسباب المنافية للماركسية لتفسير تطور المجتمع المشاعي الى مجتمع الرق فالبعض يقر بالحرب والبعض الآخر افتعل تناقضا بين صيادي البر وصيادي البحر…
ومهما يكن التفسير فهو منافي للماركسية نفسها التي تقول في البيان الشيوعي إن تاريخ كل مجتمع الى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات فهذا القول خاطىء من وجهة النظر الماركسية نفسها فأين الصراع الطبقي في لمجتمع المشاعي ؟ والمعلوم أن هذا المجتمع المشاعي دام آلاف السنين حسب الماركسيين
وهده مشكلة في تطبيق المنهاج الجدلي على التاريخ
يقول انجلز/ … وقد بلغ الصراع في الوقت الحاضر مرحلة أصبحت فيها الطبقة المضطهدة البروليتاريا لا تستطيع أن تتحرر من الطبقة التي تستغلها وتضطهدا البورجوازية دون أن تتحرر في الوقت نفسه والى الابد المجتمع بأسره من الاستغلال ومن الاضطهاد ومن صرا الطبقات…/
ولكن اذا انمحى هذا الصراع /التناقض/ فكيف سيتطور المجتمع ؟ هل يصببح الديالكتيك كذلك لاغيا ؟ وبذلك تسقط الماركسية فيما اتهمت به الميتافيزياء من نظرة سكونية للاشياء
ولكن بعض الماركسيين يقولون بأن المجتمع الشيوعي لن يكون ثابتا بل يتطور إلا أن التناقض لا يعود بين الطبقات ولكنه يتحول الى صراع بين الانسان والطبيعة .
وهنا يصح لنا أن نتسائل متى انتهى هذا الصراع بين الانسان والطبيعة ؟ إن تطور القوى المنتجة ووسائل الانتاج وتطور العلوم والتقنيات دليل على قدم الصراع واستمراره وكل مجتمع شهد الصراع ومن ثم فلا مبرر لان يصبح الصراع الوحيد أو التناقض الوحيد في المجتمع الشيوعي والبديل عن سائر التناقضات الأخرى وخاصة الطبقية .
وحتى لو افترضنا جدلا أن التناقض سيكون بي الانسان والطبيعة أفلا يمتمكن الانسان من التحكم في الطبيعة أكثر من قبل وفي هذه الحالة ستتطور العلوم والتقنيات ولا شك ستتطور تبعا لذلك القوى المنتجة وكما تقول الماركسية إن العلاقات الاجتماعية مرتبطة إرتباطا وثيق بالقوى المنتجة وعندما يحصل الناس على قوى منتجة جديدة يغيرون أسلوبهم الانتاجي وبتغيير أسلوب الانتاج أي بتغيير طرق اكتساب معيشتهم يغيرون كل علاقاتهم الانتاجية / بؤس الفلسفة
معنى ذلك تطور القوى المنتجة = تغير في العلاقات الانتاجية = تغير في أسلوب الانتاج = تغير في العلاقات الاجتماعية وسائر البناء الفوقي للمجتمع …
وهكذا يجد المجتمع الشيوعي نفسه مضطرا للدخول في مرحلة جديدة من التطور .
فكيف ستكون هذه المرحلة الجديدة ؟
إن هذا المجتمع سيكون بالضرورة حسب الديالكتيك نقيض المجتمع الشيوعي
وإذا نفينا هذا التطور فكيف نفسر تطور المجتمع المشاعي البدائي ؟ وما هو الضامن في عدم تحول المجتمع الشيوعي الى مجتمع طبقي؟
ولكن هنا تطرح مسألة أدق وأكثر خطورة وهي.
مسار تطور التاريخ :
إن هذا التطور ليس دائريا أو تكراريا فالتاريخ لا يعيد نفسه ولكن الحركة التاريخية وهي حركة تقدمية صاعدة وانتقال من الحالة الكيفية القديمة الى حالة كيفية جديدة وتطور ينتقل من البسيط الى المركب من الادنى الى الاعلى / ستالين
ومن هنا نستنتج أن التاريخ يتطور دائما وأبدا الى الأمام وليس تكرارا لوقائع سابقة كما أنه لا يتجه الى الوراء ولا يثبت في مكانه .
وبناء على هذا فإن أي تطور في التاريخ هو تطور تقدمي والى الامام فنظام الرق هو تقدمي بالاضفة الى المشاعية البدائية وهكذا فكل مرحلة لا حقة هي تقدمية بالنسبة لكل مرحلة سابقة …
- فكيف تقر الماركسية بأن تطور المجتمع المشاعي الى نظام الرق هو تقدمية ؟ ما هو المقياس هل يكون المقياس هو تطور قوى الانتاج ؟ بقطع النظر عن الجانب الاخلاقي / إن الماركسية تفسر أن ظهور الاستغلال والسرقة خطوة تقدمية …
- وبما أن التاريخ لا يعود الى الوراء فإن تحول المجتمع الرأسمالي الى المجتمع الاشتراكي ثم الشيوعي سوف لن يكون خطوة تقدمية لانه رجوع الى شكل قديم من علاقات الانتاج /علاقات اجتماعية/
ومن هنا يكون التقدم نحو المجتمع الشيوعي خطوة رجعية حسب الماركسية نفسها ومعنى هذا أن الماركسية رجعية وأن تفسيرها للتاريخ خاطىء
وهكذا اذا كان الانتقال من المشاعية الى الرق خطوة تقدمية فان خطوة الانتقال من الرأسمالية الى المشاعية خطوة رجعية
وهكذا يتبن أن الماركسية تنطوي على تناقضات داخلية وبالتالي يجب تجاوزها لانها تنطوي في داخلها على بذرة فنائها
كما أن الجدلية بالطريقة الماركسية تنتهي الى تجميد نفسها حين تضع المجتمع الشيوعي نهاية للتاريخ

ب- الماركسية والمادية :

لقد وضحت بعض الدراسات أن السبب الرئيس في تحول المجتمع المشاعي الى مجتمع الرق ليس تطور قوى الانتاج وعلاقات الانتاج بقدر ما كان السبب سياسيا / الحرب بين القبائل المختلفة /
كما تبين أن تبعية علاقات الانتاج للقوى المنتجة ليست ضرورية على نحو ما أقرته الماركسية بل إننا نلاحظ خلافا لذلك أن القوى المنتجة في انجلترا وفرنسا ولمانيا وأمريكا والعديد من الاقطار الصناعية الاوروبية قد استمرت في نموها لفترة تقارب الثلاتة قرون دون أن يتغير فيها النظام الاجتماعي وعلاقات الانتاج …ودون أن تحدث تلك التغيرات الكيفية الفجائية والطفرات النوعية من الحالة القديمة الى الحالة الجديدة وأيضا شهدنا عدد من الاقطار في الجانب الاخر كالمجر وروسيا وبولونيا لم تشهد التغيرات الكمية والضئيلة والخفية في قواها المنتجة وظروفها المادية ورغم ذلك شهدت التغيرات الكيفية الفجائية والسريعة أي الثورة والتغيير في علاقاتها المنتجة … هذده ليست أدلة خيالية وتجريدية حتى يتمكن أحد من الماركسيين أو غيرهم أن ينكرها أو يتجاهلها فهي ادلة ملموسة / جلال الدين الفارسي دروس في الماركسية
وينتج عن هذا منطقيا أن البناء الفوقي للمجتمع / الافكار والعقائد … / لن تكون محددة بأسلوب الانتاج وبمعنى انهيار الاسلوب أو الفلسفة المادية التي تقول بأن قوانين المادة هي التي تحدد أشكال الوعي ثم الاساس الثاني الذي يقول بأن الفكر نتاج المادة.
وفعلا فالفكر الماركسي يبقى عاجزا أمام العديد من الظواهر الاجتماعية والتاريخية فكيف يستطيع تفسير ظهور الاسلام وانتشاره ؟
كيف تفسر الماركسية التغيير الكيفي الذي حصل في البناء الفوقي للمجتمع دون أن يحصل مقابل ذلك تطور ظاهر في القوى المنتجة ؟ وكيف تفسر الحركات الاسلامية التي تحارب الرأسمالية والشيوعية على السواء ؟
تقول الماركسية أن أسلوب الانتاج هو الذي يحدد وعي الناس وليس العكس :
- وبما أن الفكر نتاج أرقى للمادة وبما أن كل نمط في العيش يطابقه نمط من التفكير
- وبما أن الفلسفة الماركسية نشأت في مجتمع رأسمالي
- وبما أن الفلسفة وليدة عصرها /ماركس
- وبما أن التطور يتم عبر تناقضات وقفزات
يمكن أن نستنتج ما يلي :
أن الفلسفة الماركسية إنما جائت للقضاء على تناقضات المجتمع الرأسمالي.
وبتحقيق المجتمع الاشتراكي / أسلوب- انتاج جديد / تصبح الماركسية التي نشأت في مجتمع رأسمالي دعوة رجعية لانها لم تتولد من أسلوب الانتاج في المجتمع الاشتراكي لان الافكار والفلسفات تتغير تبعا لتغير أسلوب الانتاج /البناء التحتي/ ومن ثم فإن المحافظة على أفكر وفلسفات نشأت في العصور السابقة يصبح اتجاها الى الوراء/ رجعية/ وذلك ما يتنافى مع اتجاه الحركة التاريخية التقدمية الصاعدة
ومعنى ذلك أن الدعوة الى الماركسية في غير النظام الرأسمالي دعوة رجعية وعلى المجتمع الاشتراكي أن يحقق الثورة ضد الماركسية اذا ما أراد أن يكون تقدميا ثوريا ومسايرا لتجاه الحركة التاريخية

ج- استنتاج وتقييم :

هكذا تبن أن الماركسية إما أن نعتبرها رجعية إذا اردنا أن نطبق المنهج الجدلي و إما نعدها مثالية إذا طبقنا عليها التفسير المادي وفي كلتا الحالتين تكون متناقضة مع نفسها
هذه هي الماركسية مشحونة بالتناقضات فهل يصح بعدئد اعتبارها علما أو حقيقة علمية لا تخشى الانتقاد ؟
إن نقطة القوة في الماركسية هي اهتمامها بالعوامل المادية وفعلا فقد بينت أثر هذه العوامل في حياة المجتمعات .
ولكن الخطأ الاساسي كان في هذه النقطة بالذات اعتبرت الانسان منطقة من مناطق الطبيعية لا يتميز عنها بعنصر مفارق للمادة /الروح/ ومن هنا كان تفسيرها الحتمي والمادي نافيا بذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرةدور الحرية الانسانية والارادة في تكييف حياة المجتمعات . لقد قال ماركس تلك المقولة المشهورة / ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي ولكن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم / ولكنه نسي أن الحرية حقيقة وأنه بإمكان الانسن تغيير وضعه متى تبنى نظرية ثورية تحرك ارادته إن العلاقات الاجتماعية ليست مستقلة عن اراة الناس كما ظن ماركس ولكنها تقبل بأن تؤثر فعلا في العديد من المجتمعات والاشخاص ولكن :
- لا يجوز اعتبارها دائما وفي كل حين العامل الرئيسي في تطور المجتمعات فيمكن أن تختلف العوامل بسبب الاشخاص والمجتمعات وقد يتحول العامل الرئيسي في مجتمع ما وفي مرحلة ما عامل ثانوي في مجتمع آخر..
- لا يجوز اعتبار الانسان مجرد موجود طبيعي بل انه يعلوا على ذاته وعلى الطبيعة فهو / طبيعة وحرية /
ان هذا الكلام يدل على التفاعل بين العقل والطبيعة بين الفكر والواقع ..ى ولكننا نعتقد أن الانسان ايجابي قادر على التغيير إذا صمم على ذلك وعمل على تحقيق مبادئه ولا يجوز أن يبقى تابعا للآآلة ولأسلوب الانتاج
يقول المفكر الفرنسي روجي جارودي / إن البشر لا يصلحون تاريخهم عشق وانما يصنعونه على الدوام في ظل شروط متحددة بالماضي ولكنهم يصنعون تاريخهم الذاتي والبنى تحدد البشر ولكن البشر يغيرون البنى ويخلقونها وكل شيء في هذا الجدل المأساوي يمر بالبشر وارادتهم وقراراتهم/

وقد أدرك محمد باقر الصدر هذا المعنى واستمده من القران يقول تعالى
ويقول باقر الصدر إن المحتوى الداخلي للانسان هو الاساس لحركة التغيير كما يقول / التناقض الاساسي الموجود هو داخل كيان الانسان / نفخة من روح الله وقبضة من تراب/ ولكن الماركسية لم تنظر إلا الى التناقض الظاهري / الطبقي/ التناقض لا يمكن حصره في صيغة واحدة
الانسان هو الذي يصنع الاستغلال هو الذي يفرز النظام الرأسمالي المستغل حينما يجد الالة البخارية والكهرباء ولكن الالة تعطيه امكانية هذا الاستغلال وهذا هو الفرق بيننا وبين المادة التاريخية :
المادية التاريخية اعتقدت بأن الآلة هي التي تصنع الاستغلال ولكنا لا نرى أن دور الآلة هو دور الصانع وإنما دورها هو الامكانية دور توفير الفرصة والقابلية وأما الصانع الذي يتصرف ايجابا او سلبا إنما هو الانسان وفقا لمثله الأعلى / مقدمات في التفسير الموضوعي
وقد يعتقد البعض أن القول بالشروط المادية ينافي الحرية أو أن الحرية تنكر الشروط المادية ولكن الطريقة الاسلم في نظرنا تقر بالتفاعل ولكن تعطى الاولوية للإرادة الانسانية وذلك ما يجب أن يكون أما إذا كنا أمام إنسان سلبي فإن ذلك لا يؤكد المادية بقدر ما يؤكد الحرية والارادة ذلك أن هناك من يتنازل عن حريته ويتفاعل مع الاحداث بسلبية المتلقي أو المتفرج ولكننا نخشى من التفسير المادي الذي يبرر السلبية ويجعل الانسان أسير الشروط وبالتالي غير مسؤول على توجيه حياته وتحقيق ذاته وبهذا المعنى تغدوا المادية تبريرا للسلبية وخضوعا لحتمية تاريخية مزيفة إذ أن الحتمية التاريخية الفعلية تنطوي على المركب المؤلف من الفكر / الحرية / والواقع / الطبيعة /

حركة الانسان تتجه نحو الله

الانسان هو الموجود الذي يعلو على نفسه بإستمرار فوجودنا يكشف لنا عما في الطبيعة والتاريخ من نقص وعدم اكتفاء والواقع أن الانسان كراكب الدراجة الذي لا بد له من أن يسقط لو لم يتحرك نحو الامام فلا بد لنا من أن نعلوا الانسان الى ماهو أسمى الانسان – إن الوجود البشري ليس مجرد انتقال من الحيوان الى الانسان وإنما هو إنتقال من الانسان إلى الله / زكريا ابراهيم مشكلة الانسان
لم تخل حضارة من الاعتقاد في فكرة الله رغم أن بعض العلمانيين ادعى أن الاعتقاد الديني دليل على طفولة الانسانية وقد اعتبر ماركس أن فكرة اله وهم انساني يدل على اغتراب الانسان وعدم تمكنه من التلائم مع واقعه
كذلك نادى نيتشه بخلق الانسان السامي بعد القضاء على الإله أو قال إن هذا الانسان الجديد هو الإله الجديد وقد ادعى سارتر كذلك أن الانسان مهمل متروك لنفسه وحريته ليتصرف في وجوده ويخلق قيمته وقال بأن الانسان ينزع نحو التعالي وفي صميمه رغبة عارمة في أن يصبح هو الله نفسه
ولكن هذه الصيحات عجزت عن تحقيق هذه الرغبة الموهومة وأمام هذا العجز عن تحقيق الكمال ارتطم الملحدون بهذا الفشل وانتهوا إلى القول بأن الانسان أمل ضئع لا جدوى منه وهو رغبة حالمة لا سبيل إلى تحقيقها فليس لوجوده أي مبرر فوجوده زائد عن الحاجة وحياته عبث
وحيث ينعدم الاله فكل شيء مباح

هذه المواقف هي الرجعية بحق
فالرجعية تعني في نظرنا كل ما يعوق مسيرة الانسان نحو ذلك الكائن المتعالي المطلق في وجوده الكامل في صفاته وأسمائه الله عز وجل
أما التقدمية فإنها ليست دليلا على تغير الزمان فحسب فذلك أمر مستقل عنا كما لا يمكن أن تقتصر على تطور في جانب واحد من جوانب الحياة /تطور القوى المنتجة تطور العلوم.../ وإنما المقياس الاساسي هو الانسان منظورا اليه في مختلف أبعاده بمعنى أن الانسان التقدمي هو الذي يؤمن بأنه ينبغي عليه العمل على اسعاد الانسان وجعله يقترب شيئا فشيئا من مثله الاعلى وكلما كان المثل الاعلى أسمى وأشمل وأكمل كان تحرك الانسان في اتجاهه أكثر تقدمية .
ألا ترى الى بعض المثل تتحول الى تماثيل واصنام او رموز بالية فهي غير قادرة على دفع الناس أو جذبهم في إتجاه تصاعدي وهذا ما يفسر تغير الافراد والمجتمعات تبعا لمثلهم ومبادئهم.
كما يجب الاعتقاد ايضا أن هذا الخط التصاعدي ليس بالضرورة سهما منطلقا وموجها الى الامام فهناك امكانية انتكاس الانسان أو المجتمع وهناك القدرة على المراجعة ودور الانسان هو السعي والكدح الى يوم لقاء الله
والنضال والجهاد معركة متواصلة بين القوى التي تريد أن تشد الانسان الى الارض وتحبسه في إطارها وبين المثل العليا التي تمثل أهداف وغايات السعي البشري والجهاد الانساني
فالانسان دائما يتحرك وكل شيء دائما في حركة أما الذي لا يتحرك أو يؤثر الجمود فهو السلبي الذي لا يتطلع الى ماوراء عينيه في الافق الاعلى

خاتمة :

إن علينا أن نعمل على تحقيق الحرية والعدل حتى نساهم فعليا في السير فعليا بالبشرية نحو هدفها السامي الله تعالى اما كل ما سوى ذلك أي كل مساهمة في حصر الانسان في دائرة ضيقة من الاهتمامات فإنه تعطيل للقوى الكامنة في الانسان وبهذا نتجاوز تلك المواقف المادية المغرقة في الارض والمثالية المنكرة للارض فكل هذه المواقف وإن ظهرت لنا متباينة فإنها تعني شيئا واحدا وهو الانحراف عن المسار الحقيقي للتاريخ فلا نريد كائنا لا يعلوا على التاريخ/المادية/ ولا نريد كائنا على هامش التاريخ/المثالية/

ملاحظة على هامش البحث

الاصل في الالتزام بفكرة او نظرية لا بد أن يقوم على تفكر /وعي وقناعة / والالتزام الفكري لا يعني الانغلاق والاعتقاد الدوغمائي بأن ما أمثله هو الحق المطلق دون سواه لأن موقفا كهذا يجعلني أعادي من ليس معي وإمنا هو إلتزام واع مبصر ومتفتح والتفتح لا يعني الانحلال والتميع والتقلب في المواقف ... ولكن بمعنى التبصر والاستفادة من الغير والنقد الذاتي ومراجعة المواقف إذا تبين زيفها أو بطلانها
إلا أن عددا كبيرا من الناس يتحمس لفكرته إلى حد إغماض عينيه عما سواه وإننا ندعوا هؤلاء إلى وضع معتقداتهم ونظرياتهم على محك النقد والتقييم فالفكر الانساني نسبي في جوهره...
كما أن عددا آخر لا يقبلون أن تهزم نظرياتهم ولذلك تراهم يتغاضون ويتعامون عن الحقيقة حتة وإن بدت لهم ناصعة ،يمنعهم من مراجعتها ، عجزهم وقصورهم أو تعسفهم ، فلا يجدون وسيلة لاستبقاء هذا الالتزام الزائف غير الانتقال الى درجة أرقى / العنف والسخرية والاستهزاء / ونحن نعلم أن العنف في هذا المجال أسلوب المفلسين فحين تعجز الحجة تتحرك اليد للضرب أو اللسان للشتم والاتهام وهكذا تختفي القناعة الواعية المبصرة
فالماركسية / لان موضوعنا الماركسية / ليست وحيا منزلا وإنما يجب على الماركسيين أن يتخلوا عن الماركسية عقيدة نهائية وتابثة ويعتبرونها مجرد فكرة بشرية تقبل الخطأ والصواب

المراجع:

- القرآن الكريم
- فلسفتنا ...محمد باقر الصدر
- إقتصادنا ...محمد باقر الصدر
- مقدمات في التفسير الموضوعي ...محمد باقر الصدر
- بؤس الفلسفة ...ماركس
- البيان الشيوعي... ماركس وانجلز
- مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي ... ماركس
- مدخل الى الماركسية ...هرمان دونكر
- أصول الفلسفة الماركسية ... جورج بولتريز








#ياسين_الورزادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية الحوار الديني والحضاري


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ياسين الورزادي - الفلسفة الماركسية : دراسة نقدية