لأنني يساري، فأنا فلسطيني

انطونيو سافيو

الحوار المتمدن-العدد: 145 - 2002 / 5 / 29 - 07:02
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

هل يمكن أن تكون يسارياً أو تقدمياً وتعتبر نفسك غير معني بما يجري في فلسطين؟
سؤال لم تعد الإجابة عنه صعبة أو تحتاج الى تأمل وتبرير.
فأي نظرة الى المفاهيم أو المعادلات التي يعتبر اليسار نفسه معنياً بها، تجعل القضية الفلسطينية على رأس أولوياته:
فهي قضية تحرر وطني من احتلال أجنبي ومن استعمار وعنصرية.
وهي قضية نضال في سبيل عدالة اجتماعية وسياسية.
وهي قضية دفاع عن حقوق ثقافية وإقتصادية.
وهي رفض لتهميش مجتمع كامل بنسائه ورجاله.
ويضاف الى كل ذلك، أن السياسات الاسرائيلية تقودها منذ فترة حكومة على رأسها يميني متطرف يرتبط اسمه بأسماء المجازر وجرائم الحرب، مدعوم من الولايات المتحدة، رأس اليمين العالمي، ومن قوى يمينية على مستوى المعمورة.
من واجبي كيساري اليوم إذن، اعتبار القضية الفلسطينية قضيتي، تماماً كما كانت القضية الجزائرية قضيتي، والقضية الفييتنامية قضيتي والقضية الجنوب أفريقية قضيتي، لكونها عادلة، ولكون أعدائها من الفاشيين والعنصريين.
قد يتساءل البعض عن الإسلاميين الفلسطينيين وعن القدرة على تأييدهم من منطلق يساري. على ذلك أجيب بأن موقفي كيساري واضح إيديولوجياً من هؤلاء الإسلاميين ومن كل القوى الدينية. أما موقفي من نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، فهو اعتباره جزءاً من النضال الوطني الفلسطيني الذي تشارك فيه مختلف قوى الشعب الفلسطيني. ومشكلتي هي فقط مع عملياتهم ضد المدنيين داخل إسرائيل (أكانت هذه العمليات انتحارية أم تفجيرية أم كمائنية)، وبالتالي ليس مع سائر عملياتهم ونشاطاتهم المقاومة.
لقد شهدت جميع حروب التحرير في العالم أخطاء في العمل وفي أساليب النضال، تماماً كما يجري في فلسطين اليوم. والحوار بين أولوية الأخلاق وأولوية السياسة كان دائماً حاضراً. وأنا، برغم ميلي الأخلاقي الحاسم، أتفهم التراجع عن أولوية المبدأ الأخلاقي إن كان يخدم هدفاً سياسياً بحجم التحرر الفلسطيني. لكني لا أرى لا الأخلاق ولا السياسة مخدومتين في العمليات الانتحارية ضد المدنيين الاسرائيليين.
ومع ذلك، لا أريد من قولي هذا أن يبدو وقوعاً في فخ الدعاية المعتبرة أن هذه العمليات أعطت ذريعة لشارون لتنفيذ عدوانه، فأنا مقتنع بعدم حاجته الى مبررات لأن أهدافه السياسية واضحة ومعلنة، وهي القضاء على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وقادرة على الاستمرار. لكني أرى أن هذه العمليات سهّلت عليه مهامه إذ وحّدت من حوله أكثر الإسرائيليين وجعلت الرهان على تناقضات داخلية في إسرائيل أضعف، كما جعلت بعض الجمهور غير المسيس في العالم يرتبك في مواقفه تجاهها...
باختصار، فلسطين اليوم قضية إنسانية. وهي أيضاً قضية يسارية أممية. ومن واجبنا جميعاً كيساريين أن نضعها في كل برامجنا السياسية والنضالية في أي مكان في العالم بوصفها منطلقاً للتنسيق بين أحزابنا وتجمعاتنا التواقة الى التحالف العالمي المضاد للقهر والتهميش والاستعمار بكل أشكاله...

 صحافي أرجنتيني مقيم في إيطاليا، وعضو اللجنة الإعلامية <<للمنتدى الاجتماعي العالمي>>.

... 
©2002 جريدة السفير

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل