حامد حجر
الحوار المتمدن-العدد: 2403 - 2008 / 9 / 13 - 02:47
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
لقد تأخرت الجامعة العربية جداً في إلتقاط القفاز لحل قضية الهامش في دارفور ، وتصرفت مصر وفقاً لإرادة المتنفذين من الأمنجية الذين يسيطرون علي القرار في وزارة الخارجية من أمثال علي الكرتي ومصطفي عثمان ونافع إبراهيم ، وتبدو بأن الجامعة تتصرف الآن وهي مدفوعة برغبة نظام المؤتمر الوطني لمد طوق نجاة للرئيس المجرم الذي أرتكب فظائع وأعمال حرب في دارفور ، مما أدي إلي إتهامه من قبل المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لأهاي .
مصر ورغم عضوية قواتها في ( اليونيميد ) ، وترحيب حركة العدل وحركة التحرير بها ، إلا إنها في وقت سابق إستسلمت لطلب النظام في الخرطوم للتضييق علي ثوار حركة العدل والمساوأة السودانية وخاصة أمينها السياسي السيد أحمد تقوت لسان الذي طلب إليه مغادرة الأراضي المصرية بعد عملية الهجوم علي أمدرمان فيما عرف بــ ( الزراع الطويل ) تلك العملية التي نالت من هيبة الدولة السودانية الهشة ، وردت الحركة الصاع صاعين في عقر دار الرئيس البشير الذي يقتل الدارفوريين بدمٍ بارد كل يوم .
بالنسبة لثوار دارفور ، فإنهم ليسوا في عجلة من أمرهم لحلحلة قضية دارفور قبل أن يمثل المجرمون أمام العدالة الدولية ، وأنهم قد تعلموا من التجارب السابقة مع الطغمة الحاكمة في الخرطوم بانهم لا يعيرون أية أهمية للإتفاقات التي يبرمونها لأنهم يتعاملون معها حسب ظرفها التكتيكي ، بمعني إحناء الرأس للعاصفة ، ومن ثم الإنقضاض علي العهد الذي وقعوه بالسرعة نفسها التي أبرموا فيها علي ديباجة الإتفاق .
الثوار اليوم هم الأقوي من ناحية رجحان كفة المقدرة القتالية ، التي هي الرافعة لإجبار النظام علي الجلوس للتفاوض بشروط الثوار ، ومشروع وحدة ثوار الهامش جارٍ الان علي قدمٍ وساقَ لأتمامها حتي يتفرغ كل الثوار إلي الأهتمام بالقضية والعدو المعروف في الخرطوم وهو حزب المؤتمر الوطني الحاكم .
المبادرة العربية المستعجلة لقطع الطريق أما العدالة الدولية في هذا الظرف ، إنما هي إسفين لإحداث المزيد من الإنشقاقات وسط الثوار ، وذلك من خلال ما يصار إليه من خبث وخداع في أروقة ودهاليز قاعات المؤتمر ، لأن الجامعة العربية تريد وبأي ثمن الإلتفاف علي قضية الهامش في دارفور ، قبل أن ينطق القضاة في لأهاي بأسم الرئيس ( العربي ) المجرم عمر حسن أحمد البشير .
إن الجامعة لعربية لم تبدي حرصاً علي قضية دارفور بنفس درجة الإهتمام بقضايا أقل أهمية منها كما هو الحال في لبنان ، وبالتالي هنالك أكثر من معيار للجامعة للنظر من خلالها إلي قضايا الدول التي تنتسب إلي هذه المنظمة الأقليمية ، الأمر الذي يُبررَ توجس الدارفوريين من المبادرة العربية الحالية التي ترعاها سورية صديقة النظام في الخرطوم ، والفكرة نبعت في الأصل في دمشق التي لها أكبر مصلحة لعدم قيام المحكمة الدولية ، لسبب واحد هو أن النظام السوري هو أيضاً متهم في قضية إغتيال رئيس وزراء لبنان بهاء الدين الحريري ، وقد أشارت عائلة الحرير بإصبع الإتهام إلي المخابرات السورية ، وبالتالي تنوي سورية إلي عدم إحداث سابقة ( لأهاي ) حتي تنجو هي أيضاً في حال تمت طلب الإتهام إلي رئيسها بشار الأسد .
ليس علي ثوار دارفور أن يقدموا مواقف مجانية وعلي حساب قضيتهم في ما يسمي بمؤتمر الدوحة ، لكن ولعلاقات عامة تستطيع وفد مصغر من حركتي تحرير السودان وحركة العدل والمساوأة السودانية إستطلاع ( أجندة ) المؤتمر وشرح موقفها من إشكالية الثقة في هذا النظام والطلب إليها تأجيل المبادرة العربية إلي ما بعد مثول المجرمين إلي العدالة الدولية ، إذ أن ليس من العدل الجلوس مع قتلة ومجرمين من اجل تصفية قضيتنا .
يجب علي ثوار دارفور أن أن لا يستعجلوا للمبادرة العربية قبل منتصف شهر أكتوبر ، وإنما يجب أن ينكبوا إلي مشروع الوحدة بين فصائل التحرير الجاري الآن وكذلك إكمال ما يشاع من عودة المنشقين من حركة العدل والمساوأة السودانية جناح الدكتور إبراهيم أزرق إلي كنف الحركة الأم .
وخاصةٍ أنه جاء في الأنباء ما يفيد الضرورة من مسعي الجامعة العربية بأن ( وحدد إجتماع مجلس الجامعة العربية مهام اللجنة في رعاية محادثات سلام حول دارفور بالتعاون مع الوسيط الدولي المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. وستقوم اللجنة العربية بتنسيق الموقف العربي والدولي لتحسين الأوضاع في دارفور. كما ناقش التحرك بشأن الأزمة بين الحكومة والمحكمة الجنائية الدولية ويأمل الوزراء العرب إقناع مجلس الأمن بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي ، بإصدار قرار بتأجيل إجراءات المحكمة الجنائية الدولية وإعطاء القضاء السوداني الحق في محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور باعتباره صاحب "الأهلية الأصلية" . وإعتمد الوزراء قرارا يشدد على أهلية القضاء السوداني واستقلاليته وكونه صاحب الولاية الأصلية في احقاق العدالة، ورفض أي محاولات لتسييس مبادئ العدالة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ).
إذن جُل إهتمام الجامعة العربية منصَبة في تخليص النظام السوداني من ورطتها ، وليس أرواح الدارفوريين التي بلغت الثلاثمائة ألف قتيل ومليوني نازح ولاجيئ ، تريد الجامعة العربية أن نسلم ما تبقي من رقاب الدارفوريين إلي قضاة حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يترأسه الرئيس البشير، بل تريد الجامعة العربية أن يعتزر ثوار الهامش في السودان لوزير العدل حزب المؤتمر الوطني عبد الباسط سبدارات! ، حقاً إن الذي بيننا كأفارقة وبين الجامعة العربية لمختلف .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟