أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علي عبد العال - عبد الرحمن القصاب في ذكرى رحيله الثامنة... وطني عراقي بالأصل.. سياسي محنك بالفطرة















المزيد.....

عبد الرحمن القصاب في ذكرى رحيله الثامنة... وطني عراقي بالأصل.. سياسي محنك بالفطرة


علي عبد العال

الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 08:08
المحور: سيرة ذاتية
    


تحلُ في هذه الأيام الذكرى الثامنة لرحيل واحد من أكثر الشخصيات السياسية العراقية المثيرة للاهتمام في تاريخ العراق السياسي المعاصر؛ "عبد الرحمن القصاب" الذي توفي في العاصمة السورية دمشق 9/9/2001 أثر سكتة دماغية باغتته في أحد شوارع دمشق. هذا السياسي المخضرم الذي لم يغفله الخصوم السياسيون ولا "الأعداء" الطبقيون من الذكر كشخصٍ مميزٍ خاض الكثير من الأحداث المفصلية في تاريخ الصراع السياسي في العراق والذي برزت شهرته الواسعة في أحداث الموصل عام 1959 إبان حقبة الجمهورية الأولى في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم.
أُطلقت على المواطن الشيوعي العراقي عبد الرحمن القصاب الكثير من الأوصاف والنعوت من قبل الخصوم والأعداء، وكذلك من قبل المحبين والرفاق والأصدقاء. فأطلق الخصوم السياسيون من البعثيين المناوئين للحزب الشيوعي العراقي الذي ينتمي إليه السياسي الوطني عبد الرحمن القصاب لقب "جزار الموصل". بينما أطلق عليه المحبين والذين يمثلون القاعدة الجماهيرية الواسعة من العمال والفلاحين والمثقفين لقب "متصرف ـ محافظ ـ الموصل" وهذا ما أتى على ذكره المؤرخ الشهير "حنا بطاطو" في كتابه ذائع الصيت "تاريخ العراق المعاصر". وقد أنصف هذا المؤرخ الفذ تاريخ عبد الرحمن القصاب كسياسي عراقي محنك وقائد شعبي في مدينة الموصل في تلك الفترة المضطربة من تاريخ العراق المعاصر عندما أجلى الغبار عن أحداث تلك الحقبة التي أراد حزب البعث تصوير أحداثها بطريقة مزيفة وبعيدة الواقع لدوافع سياسية معروفة تهدف إلى تشويه تاريخ خصومه الطبقيين من الشيوعيين العراقيين وغيرهم من الوطنيين المخلصين الذين ناصروا الزعيم الوطني قائد الجمهورية الأولى في العراق عبد الكريم قاسم.

رجالٌ تصنعهم الأحداث.. رجالٌ يصنعون الأحداث

عبد الرحمن القصاب شخصية سياسية عراقية أصيلة؛ هو واحد من الذين يصنعون الأحداث وليس من الأشخاص الذين تصنعهم الأحداث. قرأ هذا الرجل، وهو أبن الموصل الحدباء، خارطة السياسة العالمية والسياسة المحلية في المنطقة بشكلٍ صحيح تؤكد على صحته الأحداث الراهنة التي يمر بها العراق هذه الأيام ومنذ تكوين الدولة العراقية الحديثة. وقد أختار الوقوف ضد الاستعمار بكل أشكاله وتكويناته المباشرة وغير المباشرة. وأيضا أختار الوقوف إلى جانب شعبه وقضاياه الوطنية والوقوف إلى جانب الطبقة المسحوقة من المجتمع عندما أختار أن يكون عضوا في الحزب الشيوعي العراقي، ومعروف للقاصي والداني كم كان يكلف مثل هذا الموقف الوطني الشجاع من ثمن باهظ في تلك الحقبة السياسية المتوترة من تاريخ العراق؛ كانت الرقبة هي الثمن الأول لمن يختار منازعة الاستعمار وأعوانه من الرجعية وقوى الاستبداد والطغيان التي تحكم البلاد نيابة عن المستعمر الأصلي، فالرأس المطلوب تُقطع عنقه دون تردد.
دخل عبد الرحمن القصاب تاريخ العراق السياسي الحديث من أوسع الأبواب عندما كان، وهو الشخص المجرد، والعضو البسيط في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، عندما تصدى لأول محاولة محلية رجعية لإعادة عقارب التاريخ إلى الوراء. وتصدى لأعداء الجمهورية الفتية التي حررت العراق من ربقة الاستعمار الانكليزي. ودافع بشراسة عن هذه الجمهورية التي عصفت بعهد الملكية المتعفن الذي كان يهيمن على رقاب العراقيين. وهو أبن الموصل، إحدى أكبر القلاع الحضارية والثقافية والاقتصادية في العراق على مر التاريخ.
بحساب التاريخ البسيط يتحتم علينا وضع المقدار الحقيقي من الشجاعة التي يتحلى بها المرء لكي يخوض هذا المضمار الكبير والخطير كالذي خاضه المواطن العراقي الشجاع عبد الرحمن القصاب في تأسيس "عدالة" طبقية واجتماعية في الموصل كانت هي الهدف في جميع ربوع العراق. لا نتحدث عن أقليات عرقية وطائفية كما نفعل الآن، وإنما كانت مرحلة تأسيس لعراق حديث معاصر ينهض ويجري ويتساوق مع جميع الشعوب والأمم نحو مستقبله المشرق الإنساني والحضاري والثقافي. كان أقل هاجس لأي سياسي عراقي شريف هو الرقي بمستوى شعبه وبمستوى بلده وبمستوى المواطن الذي يمثل هذا البلد بشكل حقيقي. بهذا المعيار يمكن لنا القول أن عبد الرحمن القصاب كان واحدا من الذين وعوا جسامة هذه المهمة التاريخية ونذر نفسه لتحقيقها على طوال مشاور حياته النضالي الصعب النزيه.


ذكريات شخصية خاصة وعامة

كوني سياسي عراقي، لي جذور شيوعية أعتز بها كثير الاعتزاز، وكوني أحد الجنود الذين حاربوا النظام الدكتاتوري كنظام سلطوي يقع في خانة الخطأ كونه يعتمد على مبدأ قمع الحريات الشخصية والسياسية، كان التاريخ يجب أن يجمعني مع شخصية سياسية لها ذات التوجهات العامة وإن كان اللقاء سيحدث في السماء.
فعلا كان الأمر أقرب إلى السماء؛ حيث كنا على ذرى الجبال الشامخة، جبال كردستان العراقية العظيمة. ولأول مرة التقيت بهذه الشخصية السياسية العراقية المثيرة للجدل. كنتُ أشعر وكأنني أعيش التاريخ حيا. هو رجلٌ طويل القامة حسن الشكل، أنيق المظهر، يتمتع بشموخ طبيعي تهبه الطبيعة لقلائل من الرجال. بالنظر للفضول الذي كان يميزني عن الرفاق فأنني حرصت على متابعة الحياة اليومية لهذا الرجل الذي أعرف جيدا أنه دخل التاريخ السياسي في العراق. بطل أحداث الموصل، عبد الرحمن القصاب وليس غيره. أكبر صحفي أجنبي لا يستطيع اللقاء به في الوديان والجبال النائية، لكنني على مقربة منه، بحكم الرفقة والتضحيات والمحبة الحقيقية قبل كل شيء. لم أجد هنالك من يمنع زيارتي له بشكل جدي، لكن كان يجب توفر بعض المسوغات للزيارة. قلت له بعد ترحيبه المتواضع:
ـ إذن عبد الرحمن القصاب في الجبال أخيرا؟
قال:
ـ الجبال خير مكان للثوار؛ بل ربما للإنسان.
كان يمسك بإبرة صغيرة ناعمة يروف بها قطعة قماش تبينتُ أنها تعود له. سروال أو ملبس داخلي، لا أتذكر جيدا. هو يضع نظارات طبية سميكة فوق عينيه، لكنه يرى من فوقها بشكل أوضح عندما يتعلق الأمر بالمشهد الخارجي.
قلتُ:
ـ نحن في قاطع "كوستا" لا نأكل سوى البرغل كوجبة أساسية في غضون الأسبوع. بينما انتم في قاطع "ناوزنك" تأكلون الجبنة في الفطور والرز في الغداء مع المرق، وفي العشاء لديكم المعلبات والخبز والطحينية.
قال:
ـ المقاتل عندما يختار أن يكون مقاتلا حقيقيا يجب أن يشبع بطنه أولا؛ أما الباقي من سلاح وملابس وتموين فالحزب يتكفل فيه.
قلتُ له:
ـ أنت تصلح لتبني وزارة الاقتصاد في أي حكومة عراقية شريفة إذا تسنت الظروف الطبيعية؟
قال :
ـ لا ظروف طبيعية تحكم الوضع السياسي في العراق؛ الظروف السياسية استثنائية إلى أمد غير منظور.

**

في سورية بعد بضعة أعوام

"الشاغور"


"الشاغور" حي شعبي يقع في بطن العاصمة السورية دمشق؛ حي شعبي فقير ومهمل تعيش فيه الفئات المسحوقة من المجتمع. بناءٌ للبيوت القديمة، والبناء الجديد غير المنظم وغيرالقانوني في أغلبه، انعدام المواصفات الطبيعية للعيش، حيٌ فقير بجميع المقاييس البسيطة للعيش البشري. حذفت الأقدار السياسي العراقي المخضرم عبد الرحمن القصاب لكي يقطن في هذا الحي الشعبي الفقير وبين ناسه الفقراء والبسطاء الذي لا يخلو من مخاطر اجتماعية يفرزها الفقر والفاقة كالسرقة والقتل والنصب والاحتيال.
الأصعب من ذلك كله كان يسكن في بيتٍ أشبه بـ "الخان" بيت حقير بكل ما تحمله الكلمة من معنى. من ناحية البناء والتكوين العام والشروط الصحية. إنه أمر مفزع، بل وشديد الإفزاع من الناحية الإنسانية. بيت قبيح البناء قديم ومتهرئ فيه الكثير من الغرف الوسخة تؤجر من قبل أشخاص معدمين طارئين على العاصمة، يبدو المبيت على الأرصفة أرحم لهم من المبيت في هذا المكان. فيه دورة مياه واحدة يستخدمها الجميع. دورة مياه مزرية لا قبل للبشر دخولها لقذارتها الفاضحة، هي خلاصة حقيقية لقذارة وبؤس هذا المكان والساكنين فيه وعنوان مالكيه من الهمج البشري الذي يقتات على ضعف الآخرين وعوزهم وتشردهم في الحياة من غير مأوى أو ملاذ. وصف تلك المنطقة اللابشرية واللاإنسانية يحتاج إلى عمل روائي كامل قائم بحد ذاته. أما وصف ذلك البيت ـ الخان ـ فهو الآخر يحتاج إلى عملٍ روائي يكتبه تشالرز دكينز على غرار رواية أوليفر تويست. مع كل ذلك وجدتني أجلس في حضرة الرفيق عبد الرحمن القصاب في هذا المكان البائس المزري الذي لا يليق حتى أن يكون حظيرة للحيوانات الداجنة من خرفان ودجاج وما أشبه ذلك.
كنتُ قد علمتُ بأخبار "أبو أحمد ـ عبد الرحمن القصاب" وقراره السياسي بمغادرة ساحة القتال في كردستان ومن ثم المجيء إلى سورية. لكنني لا أقف على بعض التفاصيل الدقيقة بهذا الخصوص. الأهم من ذلك أنني كنتُ، وبشكل شخصي تقريبا، أود الاطلاع على وضع هذا الرجل الذي يمثل بالنسبة لي، وللكثير من أمثالي من المواطنين العراقيين والرفاق الحزبيين الشيوعيين، والأنصار من البيشمركة، محطة هامة من التاريخ السياسي المعاصر للعراق الحديث. تطوع أحد الرفاق من المخلصين والأوفياء لتاريخ الحزب لترتيب لقاء خاص مع الرفيق القيادي عبد الرحمن القصاب. لم يتم الأمر بسهولة إذ كان الراحل يرفض اللقاء بأي وسيلة إعلامية أو أي صحفي حرصا منه على مسيرة الحزب وعمله على الرغم من جميع الأسباب التي له فيها رؤية خاصة أو رأي مختلف، وتلك هي شروط العمل الحزبي الواجب أتباعها في العمل الحزبي الجاد كثيمة عراقية لها نكهتها المميزة والخاصة في الحياة السياسية العراقية. إذا كان الرفاق القادة يُعذبون وتُنتزع أطرافهم بل وتُتنزع عيونهم وهم يجلدون ويصيرون أكثر جلادة من جلاديهم ولا ينطقون أخبار الحزب السرية وخلاياه وتنظيماته. هكذا ببساطة بدا عبد الرحمن القصاب، تلك الشخصية الرهيبة التي دوخت الانكليز ورجال المخابرات في العصر الملكي، بدا رجلا وقورا هادئا يمسك بالخيوط بين أنامله كما يمسك الإبرة التي كان يروف بها أطراف بنطاله المهترئ في وقتٍ سابق. نظر إلي بحكمة وبعض الحنان الأبوي يشع من خلف نظاراته الطبية. كان طويلا يتمتع بهيبة فطرية تميز القادة الحقيقيين. قال:
ـ سبق وأن التقينا؛ لا أتذكر جيدا متى وأين.
قلتُ:
ـ في كردستان.. قاطع قرة داغ.. ناوزنك..
قال:
ـ آ.. نعم.. أنا كنتُ هناك..
قلتُ:
ـ أنت كنتَ المسؤول الأول هناك.
قال:
ـ لم أكن المسؤول الأول، كان هناك في الحزب مَنْ هم أكبر مني بالمسؤولية.
قلتُ بشيء من الحذر:
ـ الرفيق العزيز أبو أحمد، أنا لا أرضى على هذا المكان الذي تعيش فيه؛ إنه لا يليق بك ولا يليق بأي إنسان. الحزب لديه إمكانيات لكي تجعلك تعيش في مكان أفضل من هذا بكثير. أستطيع فتح قناة للحوار بينك وبين قيادة الحزب في دمشق. هل ترخصني بفتح مثل هذه القناة؟
قال:
ـ لا أشعر بالجدوى؛ لكن، وللتاريخ، أفعلْ ما يمليه عليك ضميرك.
خرجنا إلى الهواء الطلق وأنا أشعر بالغثيان الحقيقي من جو الغرفة الموبوء, تركنا عبد الرحمن القصاب ينام في غرفةٍ رثةٍ ومزرية يأنف من سكنها أرخص أنواع البشر. في الشارع قال لي الرفيق الذي اصطحبني إلى هذا المكان الغريب والعجيب:
ـ إنه يعمل بذلك الفرن كأجير؛ كان باب دكان صغير مغلقا. في هذا المكان يعمل القائد الشيوعي العراقي عبد الرحمن القصاب. لا يريد ولا يطلب من أي أحد أي نوع من المساعدة المادية. كانت أجرته ثمانمائة ليرة سورية في الشهر، يدفع منها النصف للإيجار الشهري والباقي يقتات عليه.

الرفيق عبد الحسين شعبان

قليلٌ من الرجال يشبهون الدكتور عبد الحسين شعبان من ناحبة الشهامة العراقية الأصيلة؛ وهو شخص حي، ولا أحب مدح الأحياء إلا بما يستحقون. أخبرْ مواقف هذا الرجل بما يفعله. وكان يمثل مسؤولية الحزب الشيوعي العراقي في منظمة دمشق للشؤون الخارجية بقيادة الرفيق فخري كريم. الرفيق عبد الحسين شعبان كان أدرى بالوسط الحزبي الشيوعي في الشام من القيادة الحزبية بسبب من قربه من القاعدة وتفاعله معها بشكل يومي. لذلك عمل وأجرى محاولات للم الشمل بين القاعدة وجماهير الحزب المتسربلة بين الكفاح المسلح في كردستان والأعضاء الذين لا يمتلكون الخيار الواضح. وضعت الأقدار الدكتور عبد الحسين شعبان في تلك المرحلة، بين سنوات 1986 و 1988 بموقع المسؤولية الحزبية والوطنية العراقية. ولم يقّصر الرجل بتحمل مثل هذه المسؤولية في خدمة العراقيين في الشام سواء أن كانوا من الشيوعيين أم من مختلف الأحزاب المعارضة الأخرى.
كنتُ أشعر بالنقمة الحقيقية جراء اطلاعي المباشر على وضع شخصية سياسية من العيار الثقيل كعبد الرحمن القصاب والأوضاع المزرية التي يحيا فيها، وأخبرت الدكتور عبد الحسين شعبان بتلك التفاصيل. قلت له بالحرف الواحد بعد شرح ظروف مكان وعيش الرفيق عبد الرحمن القصاب:
ـ من حق عبد الرحمن القصاب أن يختلف مع الحزب، لكن ليس من حق الحزب أن يهمل عبد الرحمن القصاب.
قال عبد الحسين شعبان:
ـ "علي؛ أجلس معك الآن، في المقهى أو في أي مكان آخر.. أنا مستعد للحوار مع الرفيق عبد الرحمن القصاب أبو أحمد وقت ما يشاء وفي أي مكانٍ يشاء. أعتبر تلك دعوة من الحزب إذا أردت. إنه شخص عزيز علينا جميعا".
قلتُ:
ـ شكرا لك.

أخبرتُ الرفيق عبد الرحمن القصاب بهذه الدعوة التي كانت تحمل الطابع الرسمي والشخصي معا. كان الدكتور عبد الحسين شعبان يجازف بالكثير في موقعه الحزبي المحدود، لينطلق إلى أوسع قاعدة شعبية من جماهير الحزب المخذولة بسبب سياسة قيادة الحزب المتهورة آنذاك والنتائج غير المحمودة التي آلت إليها سياسة الحزب "الثورية" التي لم تكن في وضعها الصحيح بحساب التاريخ السياسي العراقي المعاصر.
قبل الراحل عبد الرحمن القصاب الدعوة على مضض، وقال ليكن المكان عاما قدر الإمكان. وكان اللقاء مع الدكتور عبد الحسين شعبان في مقهى الروضة في دمشق ونلك هي المرة الأولى التي يقبل فيها الراحل عبد الرحمن القصاب "التنازل" لمقابلة أحد مسئولي الحزب الشيوعي العراقي في العاصمة السورية دمشق لما له من المواقف الوطنية والسياسية التي ربما تعارضت في ذلك الوقت مع سياسية الحزب المعلنة.

اللقاء في مقهى الروضة بين عبد الرحمن القصاب والدكتور عبد الحسين شعبان



في مقهى الروضة الواقع في بداية سوق الصالحية الشهير في دمشق؛ والذي يمثل ملتقى يومي للساسة العراقيين المعارضين للدكتاتورية الحاكمة في العراق، فضلا عن الفنانين والأدباء العراقيين المعارضين للسلطة، وافق عبد الرحمن القصاب اللقاء بـ "ممثل الحزب الشيوعي للعلاقات الخارجية" الدكتور عبد الحسين شعبان. كان أبو أحمد قد أحضر معه ورقة صغيرة تشبه في حجمها وشكلها أوراق العمل السري للحزب الشيوعي في العراق أبان العهد الملكي. استطعت ملاحظة الرقم "8" كآخر نقطة في هذه القصاصة. كان يحدوني الأمل بأن ينجح الدكتور عبد الحسين شعبان بإقناع الرفيق "الشيخ" عبد الرحمن القصاب إلى الانتقال إلى سكنٍ يليق به كرفيق قديم له شأن كبير في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي والحركة الوطنية العراقية برمتها. وكنتُ أعتبر هذا الشرط كأول شرط للتفاوض. وكم كنتُ جاهلا بتلك الشروط.
عرض الدكتور عبد الحسين شعبان بيتا مؤثثا فخما يستطيع الرفيق عبد الرحمن القصاب الانتقال إليه من هذه الجلسة في المقهى مباشرة.
رفض عبد الرحمن القصاب هذه البادرة وهو يقدم تلك الورقة الصغيرة ذات النقاط الثمان على ممثل الحزب الشيوعي للعلاقات الخارجية.
قال عبد الحسين شعبان:
ـ من جهتي أنا أوافق على هذه النقاط؛ لكن يا أبو أحمد أنت كبير وأرجوك أن تترك المكان الذي أنت تسكن فيه لأنه لا يليق بك.
قال عبد الرحمن القصاب:
ـ لا أترك هذا المكان على الإطلاق؛ إنه مكان الشعب الحقيقي المسحوق، وأنا أتحمل كامل المسؤولية للعيش في هذا المكان.

لستُ أتذكر الآن بالتحديد ما هي تلك النقاط التي سجلها الرفيق الراحل عبد الرحمن القصاب في تلك القصاصة الصغيرة. وربما يعرف الدكتور عبد الحسين شعبان فحوى هذه الورقة الصغيرة، لكن الواقع يدل على إنها تحمل رؤية هذا السياسي المخضرم الذي احتل موقعه في تاريخ العراق السياسي عن جدارة وشرف. ويبقى مثار الاهتمام والدراسة على مدى أجيال قادمة لما وضعه من بصمة عراقية خالصة على صفحات التاريخ السياسي المعاصر للعراق الحديث.
هذا الرجل الوطني في ذمة التاريخ الآن؛ من الواجب علينا تذكره والإفادة من تاريخه وحكمته وحنكته السياسية الوطنية. ومن نافل القول التذكير بالعبء الكبير الذي يقع على عاتق وسائل الإعلام التي يديرها الحزب الشيوعي العراقي بالتذكير بتلك الشخصيات الفذة التي لعبت دورا بارزا بتاريخ الحزب الخاص وتاريخ العراق السياسي المعاصر العام.



#علي_عبد_العال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علي عبد العال - عبد الرحمن القصاب في ذكرى رحيله الثامنة... وطني عراقي بالأصل.. سياسي محنك بالفطرة