أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي ربيعة - قراءة متأنية في العملية الانتخابية للمجالس البلدية - البحرين















المزيد.....

قراءة متأنية في العملية الانتخابية للمجالس البلدية - البحرين


علي ربيعة

الحوار المتمدن-العدد: 142 - 2002 / 5 / 26 - 17:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    



هدأ الغبار بعد المعركة الانتخابية حامية الوطيس الا أن آثار هذه المعركة ستظل لعقد من الزمن أو يزيد لاصقة بتاريخنا السياسي و صابغة اياه بتلك الألوان التى طغت على الساحة السياسية.
كنا نتوقع و منذ الاعلان عن قانون البلدية أن تكون معركة انتخابات البلدية معركة سياسية مبنية على الوحدة الوطنية و البرامج الانتخابية فاذا بها و منذ صدور قانون الانتخاب تنحرف عن مسارها الطبيعي. لفد جاء قانون الانتخاب ليكرس مبدأ التوزيع الطائفي في الدوائر الانتخابية و كذلك التوزيع الغير عادل في التمثيل بما يتعارض و مبادئ العدالة و المساواة و الحفاظ على الوحدة الوطنية التي نص عليها دستور البلاد.
و اذا كان قانون الانتخاب قد جاء بهذه الخروقات الدستورية و هو ما قد تتداركه السلطة التنفيذية و تتحاشاه في صياغة قانون الانتخابات البرلمانية أو ما سيقوم به البرلمان القادم من تعديلات فأن ما قامت به الجمعيات الدينية من تجاوزات و خروقات يفوق بكثير ما قامت به السلطة التنفيذية .
لا شك أن الخطاب الديني - سنيا كان أم شيعيا -هو الخطاب المؤثر في ساحتنا السياسية في الوقت الراهن و ذلك نتيجة طبيعية لانحسار التيار الوطني الديمقراطي بأطيافه المختلفة نتيجة عوامل كثيرة سنأتي لمعالجتها في موضوع آخر. أنه الخطاب الذي هيمن على الساحة السياسية و انفرد بها لعقود من الزمن و ظل صوته مقروء ومسموعا في المساجد و المآتم و التلفزيون و المذياع و من خلال الأنشطة الاجتماعية و الثقافية.
أن انتخابات البلدية قد عكست مدى خطورة هذا الخطاب في صياغة وتوجيه عقول الجماهير و تسخيرها بعد ذلك لخدمة الجمعيات الدينية . لكن يبقى الأخطر من ذلك اقدام بعض الرموز الدينية على استخدام الفتاوى الدينية ضد التيارات الوطنية و اعتبار كل ما هو وطني لاديني. بل أن بعضهم تمادى في هذه الفتاوى فحرم دخول الوطنيين المساجد و المآتم كما أفتى دينيا بعدم جواز التصويت لصالح الوطنيين الذين حكم عليهم ظلما و بهتانا بالكفر و أن يعطى الصوت الانتخابي للمؤمن التقي الورع .
و جاءت التزكية من تلك الرموز الدينية و من بعض الجمعيات السياسية الدينية لبعض المرشحين لتقلب الموازين الانتخابية رأسا على عقب فأجبرت بعض المرشحين طوعا أو كرها على الانسحاب و من لم ينسحب و أصر على مواصلة المعركة الغير متكافئة فقد مني بالخسارة الفادحة.
و بالاضافة الى أساليب التكفير فأن بعض الجمعيات الدينية السنية و الشيعية في المحرق و القرى دأبت على نشر الدعاية المغرضة ضد المرشحين الوطنيين والليبراليين المستقلين بأن هذا المرشح لا يؤدي فرض الصلاة و أنه لم تصادف رؤيته في المسجد أو في المأتم و بالتالي فلا يجوز انتخابه.
و كانت مفاجأة كبيرة لشعب البحرين دخول الجمعيات الخيرية المحسوبة على تيار معين على الخط الانتخابي و مشاركتها في عملية التزكية و ذلك باصدار اعلان مكتوب يعبر عن دعم هذه الجمعيات و تزكيتها لبعض المرشحين مما يتعارض و يتنافى مع أنشطة الجمعية بوصفها جمعية خيرية.
كما أن بعض الرموز الدينية و أثناء الادلاء بصوتهم تعمدوا الاعلان جهارا عن تأييدهم لذلك المرشح و مباركته . و قد أحدث مثل هذا الاعلان و التبريك الأثر السلبي على نتائج أحدى المرشحات من المذهب السني و هي محسوبة على التيار الوطني حيث بدل الناخبون الشيعة قناعاتهم تجاه هذه المرشحة التي أيدوا نزولها في المنطقة و بدأو بالتصويت لصالح منافسها الشيعي و طبقوا القاعدة القائلة قلوبنا معك و سيوفنا عليك.
و في العديد من الدوائر الانتخابية اكتضت الباصات بالناخبين من كبار السن وذلك بعد أن تم تلقينهم جميعا باختيار مرشح واحد الأمر الذي يتعارض و حرية الاختيار و يعد اهانة و تسفيها لعقول البشر. و في أحد مراكز الاقتراع فوجئ المشرفون بنسيان بعض الناخبين الطاعنين في السن اسم المرشح الذي جاؤوا للتصويت من أجله فما كان من هؤلاء المشرفين الا تلاوة الأسماء عليهم و ترديدها في محاولة لتذكيرهم بالاسم الذي تم تلقينهم به و هم في طريقم الى صناديق الاقتراع.
لقد أراد الوطنيون من هذه الانتخابات معركة سياسية ترفع من مستوى الوطن و تعلي من شأنه و تقدمه للعالم على أنه شعب يأخذ بأسباب الرقي و التقدم فحرص التقدميون و الليبراليون على صياغة برامج للبلدية متكاملة تعكس مشاكل المجتمع ولا تقل عن مثيلاتها في العالم المتحضر ولم يكن يخطر ببالهم أن المعركة سوف لن تكون بين برامج انتخابية و انما ستكون معركتهم ضد أسلحة و أدوات لم تخطر على بالهم قط. لم يدر في خلد الليبراليين و التقدميين أن الطائفية و المذهبية و التكفير ستكون في يوم من الأيام هي السلاح المتقدم على سلاح البرامج البلدية
لهذه الجمعيات و أنها هي الأكثر قدرة على حسم المعركة الانتخابية ضد المرأة و قوى التقدم في المجتمع. وفي ظل عدم الالتزام بقواعد اللعبة الانتخابية نتيجة استخدام الأسلحة الغير المشروعة و فرض المعركة الغير المتكافئة فأننا كنا نتوقع من قادة الجمعيات الدينية السياسية أن تقدم اعتذارا عما بدر منها من تجاوزات و خروقات لا أن تهنئ نفسها على حصد المقاعد الانتخابية.
مع مجيء حركة الهيئة التنفيذية العليا في عام 1954 ولدت الوحدة الوطنية المتراصة على يد رجالات الهيئة ( وطنيين ديمقراطيين واسلاميين متنورين أمثال السيد علي السيد ابراهيم كمال الدين ) و تم بذلك و لأول مرة في تاريخ البحرين الحديث القضاء على الطائفية السياسية التي برع الانجليز في استخدامها تطبيقا لمبدئهم القائل "فرق تسد".
و جاءت حركة مارس 65 العمالية المطلبية (بقيادة الوطنيين الديمقراطيين) و حركة 1972 (بقيادة الوطنيين الديمقراطيين) و آخرها لجنة العريضة الشعبية بمشاركة الوطنيين , جاءت هذه كلها لتزيد من هذا التلاحم بين الطائفتين و تعزز الوحدة الوطنية. لكن ما شاهدناه على الطبيعة خلال الحملة الانتخابية لمجالس البلدية هو بداية العد التنازلي لكل ماحققته تضحيات الأجيال السابقة والحاضرة و هو عودة الى المربع رقم واحد. أن المعركة الانتخابية التي خاضها البعض هي بداية الصراع من أجل تفتيت الحركة الوطنية و بناء الطائفية السياسية على أنقاضها .فما حدث في الدائرة الرابعة التابعة للمحافظة الوسطى هو صراع طائفي مكشوف من أجل انجاح مرشح الطائفة و هو بداية لزرع الفتنة الطائفية .هناك في مجتمعنا من له مصلحة في البناء الطائفي فهو يعتبر وجوده كرمز ديني مرتبط ارتباطا وثيقا بالدفاع عن الطائفة و تعزيز كيانها و لذا فهو دائما يردد عبارات مثل مصلحة الطائفة و مستقبل الطائفة و يعتبر الفوز في انتخابات البلدية جزء من استحقاقات الطائفة و ثمنا لنضالاتها و تضحياتها. أنها باختصار شديد تختصر الوطن في الجمعية السياسية و تختصر الجمعية في قيادتها و رموزها. أنها ترى في الوحدة الوطنية و التلاحم الوطني اضعافا لوجودها و تعارضا مع مصالحها و لذا فأن معاركها الانتخابية ليست من أجل انتصار الوطن و تنمية الديمقراطية بل هي من أجل انتصار الجمعية المذهبية أو الطائفية أو العنصرية.
أن هذه التجربة - رغم السلبيات و التجاوزات الخطيرة التى تخللتها - غنية جدا لأنها كشفت لنا و تحن لازلنا في مرحلة الانفتاح السياسي كيف تفكر الجمعيات السياسية الدينية ورموز التيار الديني تجاه الأطراف الأخرى من غير المنتمين لهذه التيارات و كيف أنهم يرفضون قيم التسامح و التعايش مع الآخرين و أنهم زورا و بهتانا يعتبرون الوطنيين و التقدميين لا دينيين لأنهم علمانيين . لقد غابت عن ذاكرتهم في غمرة الفرحة بالانتصار أن جميع الحكومات في الوطن العربي حكومات علمانية و أن العلمانية في القاموس السياسي ليست رديفا للكفر و الالحاد . كنا
نتطلع الى تنفيذ الحد الأدنى من اتفاق التنسيق في الدوائر الانتخابية فاذا بنا نفاجأ بأنهم مصرون على الاستيلاء على جميع الدوائر و أنهم لم يعودوا ينظرون الى الأطراف الأخرى كشركاء و على قدم المساواة في بناء الوطن و حل مشكلاته و انما ينظرون اليهم كأعداء تجب ازاحتهم من الساحة السياسية . لقد تم لهم إقصاء الآخر و الانفراد بالعمل البلدي و هم يحاولون ويسعون جادين للهيمنة على مؤسسات المجتمع المدني من أجل إكمال سيطرتهم على مجمل العمل النقابي و المهني و السياسي. و ما حدث في الانتخابات البلدية و ما يحدث من زحف منظم لتسييس
الجمعيات الأهلية و النقابية هو عنوان المرحلة القادمة.
لقد راهنت الجمعيات السياسية الليبرالية على التحالف و التنسيق بين الجمعيات السياسية بمختلف أطيافها و ألوانها و كان رهانها خاسرا و مخيبا للآمال . لقد تحطمت آمال و أحلام القوى الديمقراطية في أول تجربة انتخابية و عليها إعادة النظر في علاقتها مع هذه الجمعيات مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة التحالف الاستراتيجي مع جميع فصائل القوى الديمقراطية و الليبرالية من أجل خلق التكتل الواسع القادر على إصلاح ميزان القوى
 






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقتل عشرات الفلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة رغم ال ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنرد -بضربات قاتلة- إذا هاجمتنا إسرائيل ...
- فيديو - حاملتا طائرات صينيتان تختتمان تدريبات قتالية في بحر ...
- بسبب زهران ممداني.. ترامب يهدد بقطع التمويل عن مدينة نيويورك ...
- موجات الحرّ تهدّد العالم.. من هم الأكثر عرضةً للخطر وما هي س ...
- بينما يناقش البرلمان قانون الإيجار.. -أمن الدولة- تمدد حبس أ ...
- كيف يمكنك البقاء بأمان خلال موجات الحر؟
- صيف لاهب يضرب جنوب أوروبا والملاحة عبر الراين في أزمة
- فرنسا: مناقشة إصلاح نظام السمعي البصري العمومي من قبل نواب ا ...
- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي ربيعة - قراءة متأنية في العملية الانتخابية للمجالس البلدية - البحرين