أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيهم اليوسف - بحري الدّلال ينهض من قبره....!














المزيد.....

بحري الدّلال ينهض من قبره....!


أيهم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 05:42
المحور: الادب والفن
    


جلس الجدّ على أرض الغرفة ، ومن حوله أحفاده الصغار يشكلون حلقة صغيرة , كي يحكي لهم قصة من بقايا الذكريات التي ما تزال عالقة في ذاكرته .
- كان يا ما كان , كان هناك - يا صغار - في زمان غير بعيد ، رجل يدعى ( بحري الدلال ) يقصده الناس من أجل بيع أغراضهم المنزلية المستعملة ، و كذلك يقصده من يودّ أن يشتري تلك البضاعة لقاء أجر بسيط، عن سمسرته , و إذا ضاع أحد الصغار ، في أحد أحياء المدينة ، و تاه في شوارع المدينة و أيس الأهل من أن يجدوا له أثراً هنا و هناك ، حيث يجتمع الأطفال و يلعبون , كانوا يقصدون العم ( بحري الدلال ) , سرعان ما ينطلق على دراجته النارية ، متأبطاً مكبر صوته اليدوي ، دون أن يساوم أحداً على الأجر الذي سيتقاضاه لقاء تجواله بدراجته النارية ذات الصوت المرتفع المعروف في أحياء المدينة، برفقة أحدهم من ذوي الطفل الضائع معه ، ليمشطا شوارع المدينة ، و لينادي عبر مكبر الصوت الذي يلازمه على الدوام :

يا أولاد الحلال ، يا أهل الخير , رحم الله والديكم , من منكم وجد طفل في (...... ) من عمره , مرتدياً ( .......... ) لونه (........ ) , على من وجده أن يجلبه إلى الجامع , و له الأجر و الثواب عند الله .

فيستغرب الصغار من هذا الرجل المتأهب على الدوام ، و الذي يشغل نهاره بالكامل في البحث عن أحدهم إذا ضاع ..........!

- إنها حكاية عادية جداً يا جدي .

- أعرف , و لكن ما رأيكم أن أخبركم بأني قد استعنت في أحد الأيام ببحري الدلال ، في البحث عن أبيكم حين ضاع ، وخلت إلى حين أنه يمازحني كما كان بعض الصبية يدّعي الضياع ، مقلداًالأطفال الذين كانوا يضيعون ......!


تعالت ضحكات الصغار ، و هم يسترجعون بعجلة الزمان إلى الوراء ، و يرسمون في مخيلاتهم صورة والدهم ،و هو صغير ضائع في شوارع المدينة ، تنهمر الدموع على كلتا وجنتيه....!

- أما الآن يا صغاري فقد أصبحت وسائل البحث عن الأطفال الضائعين أسهل بكثير مما كانت عليه في الماضي ...

قاطعه أحد الصغار:

- نعم , أتذكّر ذلك تماماً ، عندما كان هنالك من يجوبون الشوارع بحثاً عن أحدهم , و حين اقتربت من الحشد الذي تجمهر حولهم ، علمت أن الضائع حينها لم يكن صغيراً ، إنما كانت صورته التي يحملونها ، تدل على أنه بعمرك يا جدي, و كان شيخاً ملتحياً مثلك ....!

تعالت الضّحكات من جديد ،و ارتمى الصغار على ظهورهم ضحكا ً , ضاحكين من الرواية التي سردها صاحبهم , و ما أن استدرك الجدّ أنه أمام موقف أصعب من أن يلهي خلاله صغاره كعادته ، لينصتوا إلى قصته ، مترقبين النهاية المشوقة ، و ينصرفوا إلى اللعب من جديد , إلا أن الحكاية أخذت منحى ً آخر ، بعيداً عما كان يرسمه لهم , خاصة بعد أن تجرأ أحد الصغار و قال لجده :

- ألم تقل يا جدي بأن أدوات البحث عن الأطفال الضائعين قد تطورت في هذه الأيام......؟ .

أجل ، تيقّن الجدّ أنه أمام موقف محرج ، و عليه أن يجد لنفسه منفذاً من هذه المشكلة ، و بشكل يستطيع فيه أن يستوعب الصغار الفكرة .

- نعم يا صغار ، قد تطورت جداً وسائل البحث عن الأطفال الضائعين في شوارع المدينة , و لكن ثمّة وسائل جديدة قد أوجدتها آلة التطور في إخفاء قامات شامخة , منها قامة ذلك الشيخ الجليل , و الآن ثمة قامة أخرى طالما افتخرت بها المدينة ، ها نحن نلهث باحثين عنها ، ولكن دون مكبر صوت .

- و لما يفعلون ذلك يا جدي ؟ .

- ألم أقل لكم بأنهم ابتدعوا آلة جديدة ؟ .

- و هل بحري الدلال كان قادراً على العثور على مثل هذين الشخصيتين , إذ كان حاضراً في وقتنا هذا يا جدي .

- كلا يا صغيري ...... !، لقد صار لزاماً على كل منا أن يتحول إلى بحري الدلال .

- و كيف يا جدي ....؟

- يجب أن نبحث جميعاً عن الرجل الذي حدثتكم عنه .

- و من هو يا جدي ؟ .
- ألم أخبركم بأنه صديق الشيخ الذي كان يبحث عنه ذلك الجمع الغفير الذي رآه أخوكم .

- و هل كان صديقه ذاك مع الذين كانوا يبحثون عنه .

- نعم , لقد كان في مقدمة هؤلاء ، يتأبط ذراع أحد أنجاله ، وهم يشيعون جنازته إلى مثواه الطاهر والأخير......... !.

- إذاً علينا أن نبحث عنه جميعاً .

- بكل تأكيد يا صغيري.

- و لكن يا جدي , ثمّة سؤال بقي عالقاً في مخيلتي :
ماهي تلك الآلة التي تطورت و التي تسببت في فقدنا لمثل هذين الرجلين؟ .

و هكذا بقي الجد المسكين , ما أن كان يسد ّباباً من أبواب حكايته , حتى و يفتح الصغار باباً آخر في وجهه , إلى أن غفا و استدركه النوم , و لا يزال الصغار ينقبون جيوبه عن حكايا أخرى من التي عدلتها و طورتها الآلة التي لم يفصح الجدّ عن اسمها .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيهم اليوسف - بحري الدّلال ينهض من قبره....!