أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين مطر - مات درويش..أتحفونا بابداعكم ان كنتم مبدعين!














المزيد.....

مات درويش..أتحفونا بابداعكم ان كنتم مبدعين!


أمين مطر

الحوار المتمدن-العدد: 2374 - 2008 / 8 / 15 - 05:11
المحور: الادب والفن
    


اليوم وقد ووريَ جثمان الشاعر الانساني الكبير محمود درويش الثرى، فان كثيرا من الصعاليك قد اصبحوا أكثر صعلكة، وتقزموا أكثر بحيث لا يمكن رؤيتهم سوى بالمجهر حالهم حال الميكروبات متناهية الصغر.

باعوا محمود درويش حيا، وباعوه ميتا، كانوا يعلمون جيدا ان التطاول على القامات العالية تثير حولهم زوبعة، ولكنها سرعان ماتهدأ وتخبو حالها حال زوبعة في فنجان هو أصغر كثيرا من الفنجان الذي كان يحن درويش ان يشرب به قهوة من يد أمه.

اتهموا محمود درويش بالوقوف بوجه مهارتهم الشعرية، وبلاغتهم النثرية، لان درويش وحسب رأيهم لا يريد قامة شعرية أخرى على الساحة الفلسطينية إلا هو، وبالتالي فلا بد له من محاربة المواهب الشابة والكهلة أيضا، حتى لا تزاحمه ساحة الشعر الفلسطيني، دون أن ينتبهوا ان محمود درويش قد وصل الى مرحلة اصبح فيها العالم والانسانية ساحته الكبرى التي وللاسف لم نبصر خيرا بأحد لكي يزاحمه موقعه، وكنا نرجو ونأمل أن يكون هناك أكثر من منارة شعرية وأدبية تنير سماء العالم لتقف الى جانب درويش، ولو توافرت الساحة الفلسطينية على أرباع وأنصاف الحالة الدرويشية وليس مثلها، لما فجعنا بغياب درويش على هذا النحو المؤلم حتى الموت، رغم ان درويش ولتواضعه الشديد أراد مرة أن يذكر لمن سأله أسماء عشرة شعراء فلسطينين كبار.

تطاولوا عليه، وتجاوزا عليه، لان لا سلطة لدرويش الا هذا الحب الجارف الذي تابعه العالم، وهذا التأبين العظيم الذي كرسه - بعد أن كرسته قامته الشعرية الباسقة - كأهم شخصية على امتداد كل التاريخ الفلسطيني، بينما نرى البعض منهم وقد توقف عن الكتابة أو كتب بأمور لا علاقة لها بالواقع المعاش ومآسيه وجرائمه اليومية، خوفا من بطش أبو سفيان، أو "أنبياء" غزة الجدد، وقد سمعنا بالامس أحدهم وهو يفاخر بانجازات امارته، وأكاد أجزم بان أحد أكثر انجازاتهم اجراما اضافة الى جرائمهم اليومية هو القضاء على قلب درويش وحياته، والتاريخ لن يرحمهم أبدا.

شبهوه بالصنم، خاصة ذاك "الشعرور" الغزاوي الذي ما فتأ يتطاول على قامة درويش، متهما اياه بانه أصبح جزءا من المؤسسة الفاسدة التي ابتليُ بها الشعب الفلسطيني، دون ان يذكر للاخرين ان درويش قد غادر المؤسسة طوعا وهو في موقع قيادي يحلم الكثيرون ومنهم هذا الشعرور بأن يصبح سكرتيرا له او مديرا لمكتبه ولا أريد أن أقول ما دون ذلك.

بمناسبة الحديث عن هذا "الشعرور" الغزاوي، كنت قد سألت شاعرا غزاويا وروائيا غزاويا عن اسمه فلم يعرفوه، وأجابوا بجزم وتوكيد بأن لا شاعرا غزاويا بهذا الاسم، بينما يأتي الي وأنا في العاصمة الماليزية كوالا لمبور شخص ماليزي يسألني عن جوانب شخصية في حياة درويش بوصفي فلسطينيا، لا بوصفي أحد أصدقاء الشاعر الكبير وياليتني كنت، فأنا لم تتح لي الفرصة إلا مرة واحدة لحضور أمسية من أمسياته الشعرية الرائعة، وأستطيع اليوم أن اذكر ودرويش في حضرة الغياب اني الصديق المحبب لقلب درويش، سهرنا سوية، وتنادمنا سوية، حال الكثيرين الذين نبتوا هذه الايام كالفطر وهم من أحبَ محمود درويش ميتا، ليقولوا لقد كان منا وكان لنا. كان هذا الشاب الماليزي يستعد لتقديم رسالة الماجستير في الأدب العربي الحديث وكان لمحمود درويش وروائعه الانسانية الحصة الأكبر في تلك الرسالة.

نعم كان لدرويش أخطاء، كما كان لغيره، فهو انسان، ولانه انسان أخطأ، بينما الأصنام لا تخطأ كما صوره بعضهم، فدرويش أخطأ حين حضر مهرجان المربد في عهد الطاغية النافق صدام حسين، ودرويش أخطأ حين تسلم جائزة من ديكتاتور عربي في نفس الوقت الذي يموت فيه المعارضون من مثقفي وأحرار ذلك البلد في السجون، وقبل ذلك كان على درويش أن يوضح لنا الى أي مدى وصل الجفاء بينه وبين الراحل ناجي العلي بعد تلك المكالمة الشهيرة، على الرغم من ان العلي هو من بدأ الخطأ بحق محمود درويش الذي لم يفعل شيئا ولو بسيطا يستحق على أساسه أن يوصفه ناجي العلي بخيبتنا الكبيرة.

لقد ساهم محمود درويش بقصائده الأقوى من الرصاص، وكلماته البليغة، وقدرته على سرد الوقائع بطريقة آخاذة ومحببة، حتى بات الأميين يحفظون أشعاره، ساهم بشكل كبير جدا في تشكل الوعي الفلسطيني والذاكرة الفلسطينية، كما ساهم بشكل كبير في تجييش الدعم العالمي لعدالة القضية الفلسطينية ومؤازرة الشعب الفلسطيني في محنته، من خلال الطرح الانساني النبيل الذي عبر عنه في الخطاب الذي كتبه لياسر عرفات والذي ألقاه في الامم االمتحدة، وصياغته لاعلان الاستقلال في المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في الجزائر عام 1988، وكان العالم كله حينها يراقب ويريد أن يعرف أي نوع من الدول يريده الفلسطينيون لأنفسهم.

كان درويش الوجه المشرق الذي ساعدنا كثيرا على التعريف الجميل والانساني والعادل لقضيتنا، فمن لنا من بعدك يا درويش، وأغلب مثقفينا يُباعون ويُشترون في بازارات رخيصة، وأغلب ساستنا تجار ومقاولون وانقلابيون..من لنا من بعدك يا درويش.

هاهو درويش الآن في حضرة الغياب، مات فارس الكلمة وسيدها.. مات واقفا كزيتون فلسطين، وليمون فلسطين، وبرتقال فلسطين، بعد أن أدى أكثر بكثير مما عليه...هاهي العقبة التي كانت تقف بوجه مواهبكم وبلاغتكم يا أشباه الشعراء والأدباء والمثقفين، كما تدعون قد زالت، وها نحن ننتظر حتى تتحفونا ببلاغتكم وشعركم وابداعكم ان كنتم حقا مبدعين..أما أنت أيها الكبير فنم قرير العين في مثواك المطل على القدس، ولك يا سيدة الشاعر فلسطين كل العزاء، فأنت وللأسف قد أصبحت الأن يتيمة، وفقط ولأن شاعرك الكبير كان متفائلا على الدوام، فاني أقول رغم كل السواد والظلام الذي يتلبسك بسبب المقاولين وتجار الأوطان من جهة، والأنبياء الكذبة من جهة أخرى، فان مازال فيك وبك مايستحق الحياة، لأن هناك الكثيرين من أبناءك يحبون الحياة اذا ما استطاعوا اليها سبيلا.



#أمين_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللجوء الفلسطيني الى اسرائيل!!
- حتى تكون فلسطينيا حقا!!
- سمير القنطار..أين البطولة فيما فعلت؟
- عمر البشير...حبة جديدة تسقط من العقد الديكتاتوري العربي
- أبدا لم يكن الحكيم حكيما..
- لا لحق العودة..نعم للتعويض واعادة التوطين


المزيد.....




- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين مطر - مات درويش..أتحفونا بابداعكم ان كنتم مبدعين!