أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبوبكر حسن خليفة - فن الحوار وجدلية موت الحق !!















المزيد.....

فن الحوار وجدلية موت الحق !!


أبوبكر حسن خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 09:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا جدال بين الناس أن الحقيقية هي المطلب الأساسي لهدف أي محاورة بين أثنين فأكثر . ولكي يكون الحوار هادفاً ينبغي له التجرد لهذا الهدف السامي بمصداقية ـ مطلقة ـ تزحزح رعونات النفس ومضغة الشرور عن بؤرة الاستشعار والقلب معاً . وهذا بالطبع لا يحدث بغتة أو في التو واللحظة الحاضرة عند طاولة الحوار , ولكنه مراس تربوي طويل يتشكل بموجب تربة حضارية مكتملة الأركان واعية بقيمة الفرد وحقوقه الأساسية المتمثلة في حق الحياة وضروبها ومتطلباتها المختلفة, وحق الحرية على أوسع أبوابها , وحق الثقافة المعرفية التي تستكشف مظاهر الأشياء وبداية السبل المفضية إلى الكنه والصيرورة والمآل . بعبارة أخري حقوقه المتمثلة في حق الحياة ومستلزماتها المتعددة التي من ألزمها حقه في التفكير وأن يكون حر الإرادة فيما يعتقد أو يقول أو يعمل . شريطة أن لا يتقول على نفس تلك الحقوق المكفولة بالقدر ذاته بالنسبة للآخرين .
بالطبع تحمل الفرد ـ العاقل ـ ومسئوليته لما ينتج عنه أمر بديهي وإلزامي بهذا الخصوص .
وتلك المصداقية ـ المطلقة ـ إن كانت هي شرط أساسي لإيجاد حوار سوي معافى طلبه الحقيقة المجردة عن الرتوش والخالية من التزييف والتلبيس والمأرب الخفية , فهي تحتاج إلى جانب ذلك المعلومة الصحيحة والعلم المسبق فيما يراد الحوار فيه ..., وتعتبر هذه المعلومة بمثابة الشحم الذي يحرك تروس عجلة الإنتاج فيسهل جني ثمار المحاورة بنفس اليقينية التي يجدها من يتذوق ثمرة ما , ومدى تأهيله للحكم على طعمها ! وتلك أيضاً بديهية , ( فالحكم على الشيء فرع عن تصوره ) . وهو الأمر الذي يقتضي بسطة في العلم وثقافة تحتوي على الاقتدار على تفكيك أي جملة أو معلومة وفق مصدرها ومقتضاها التاريخي أو الزمني حين وقوع الحدث ! وهي مسألة لا تتأتي لمن يكتفون بحفظ النصوص أياً كان مصدرها . لا من حيث تضارب النصوص فحسب , وإنما لتعدد المعنى في النص الواحد , أي قابلية النص لجدلية المعاني المتناقضة , ولكي أدلل على ما أقول سوف أكتفي بإيراد مثالين فقط . أحدهما نص ديني , والآخر نص وضعي على التوالي .., فالأول يمثله النص:( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ) والثاني يمثله نص: ( الوجود موجود ) . فالحديث الأول من صلى العصر حين دخول وقته كان مصيباً , وإن لم يلتزم بالمعنى الظاهر للأمر حيث أنه لم يدخل حيز المكان ( الشرط ) بني قريظة ؟! ومن لم يصلي العصر إلا في بني قريظة ـ كان ذلك بعد دخول وقت صلاة العشاء ـ كان مصيباً أيضاً , لالتزامه بحيز ( الشرط ) المكان ( بني قريظة ) بمنطوق النص ؟!! ونجد الأمر نفسه ينطبق على المثال الثاني وهو المقدمة الأساسية لجدل هيغل المبني على الأطروحة والطباق والتركيب أو ما يعرف بـ" الديالكتيك الهيغلي " وهو قوله : ( الوجود موجود ) فإن كان الوجود غير هذا الشيئ أو ذاك كان هذا الوجود غير محدود والوجود الغير محدود وجود مساوي للعدم وهو غير موجود , وإذا كان هذا الوجود يعني هذا الشيئ أو ذاك فهو موجود . فمن أكتفي بالوجود الأول قال: ( الوجود موجود ) قول غير صحيح ! ومن تجاوز القول الأول للمعنى الثاني كان بالنسبة له القول: ( الوجود موجود ) قول صحيح !!
يبدو لي (هنا) بدأت مسألة الحوار تتكثف بشكل تصاعدي ناحية معضلة الثنائية , والأخيرة قائم الوجود الآني عليها بشكل أساسي , وهو قول يفضي بنا إلى " جدلية موت الحق " عند خشبة مسرح الحياة المتصارعة والمتصاعدة وفق المشهد الوجودي المحتوم !
ولكن ما المقصود بـ" جدلية موت الحق " ؟؟!!
تزدهر الوجوديات بثنائيات مطردة ومتلاحقة وغير منقطعة , ولعل هذا الأمر يفسر سر ديناميكية الحياة , وتجددها واستمرارها وفق سيمفونية محددة 0 توحي إليك أنها تكرر ذاتها في ديمومة الأبد , ولكن في نفس الوقت تعطيك مساحة للحرية المطلقة في تفسير الأشياء ..., وتعدد المعنى هذا ناتج من أن الكون نتج من مطلق .. كامل .. أصيل .. مستقل .. والكون له ظل كما أن كل محتويات الكون لها ظل .. حتى الحرف والمعنى .. وهذا هو سر الثنائية المصاحب للوجوديات . فالانقسام هو حظ النفس من الوجود كما هو غيرها ..., وإذا كان الأمر هكذا لزم أن يكون الحق في نقطة التقاء الضد دين , ومكانه بين بين لذلك يؤتى بالموت "الحق" ويذبح بين الجنة وبين النار ؟! ولكن إذا كان هذا "الكبش" هو الموت فبأي شي يذبح ؟؟!!
ولعل من لوازم جدلية موت الموت قبل موت الخلق وجود السرمد لغير الذات القديمة ! والسـرمـد هـو بالطبع غير الخلـود وغير الأبد المذكـور في النصـوص .. لان الأبد زمـن نهايته العـدم في حـين السرمـد وجــود ينعدم عـنده العـدم !! وانتفاء المـوت للموجـودات يفضي إلى التعدد المنفي بالضرورة عـن الوجـود .., وإذا انتفى ذبح الموت لعدم وجود الموت في الخارج بانتفاء التعدد في السرمد .., لزم القول بقول الأستاذ محمود محمد طه( الجنة والنار ليست بخالدتين..) بمعنى الحياة فيهما ليست بسرمدية !
أما بخلاف ذلك فلا يكون غير الرؤى والأحلام .. قد رأيت في المنام أنَّ رأسي قد قطع ؟!
حينها تكون إجابة المعصوم : بأي عين رأيت ؟!
وهنا يتولد جدل الفكر المتنامي ليكشف عن ضعف المعنى الواحد للنص الوجودي والحق هو نتاج تزاوج المعاني المتناقضة 0
ولكن إذا رجعنا إلى هذه الجدلية , وجدنا جدل الحياة مبني على أن النقص أوضح من الكمال مثال الموت ؟ وهـو اليقين الذي لا يمــارى فيه أحـد.. في حين الأشياء الأخرى يتجاذبها النفي والإثبات .. والممكن دليل الواجب ؟! البعرة دليل البعير ! والمادة دليل الروح ؟! الحيز دليل المتحيز والإناء دليل ما به يثبت ما به ! والفيزيائي دليل الميتافيزيقا ؟! المكان والزمان هما اللذان يضعان التصور للإمكان واللازمان ! والفكر نتاج عضو مادي هو الدماغ ؟! مما أوقع رواد فلسفة "الوضعية المنطقية" في المقولة الشهيرة : " الوجود الغير محسوس غير موجود خارج الذهن" ؟! لذا صاح فر يدريك أنجلز الله مخلوق للفكر وليس خالق للفكر !! على خلفية جدل " الفكر نتاج عضو مادي وهو الدماغ " ؟!
ولكن كل هذا الفكر مبني على حافة العقل الموسومة بالديالكتيك الصراعي الذي يبحث عن درس التناقضات في ماهية الأشياء ذاتها 0
في الوقت نفسه أن جوهر العقل يفضي إلى كمال حياة الشعور وكمال حياة الفكر الذي تنتفي عنده هذه الثنائية وهذا الصراع بحيث يصبح الواجب يستدل به لا يستدل له ؟! ونفي النفي إثبات , والمسمى يسبق الاسم ..., وهذا هـو المـيزان القـسـط 0
يقودنا هذا الاستطراد لفكرة النزاع المستكن في جوف الكائن العاقل الذي يبحث عن الكمال والحقيقة المطلقة وفي الوقت نفسه تصده نفسه السفلى ورغائب الجسد عن هدفه المنشود .., والإشكالية التي تواجه طالبي الحقيقة المطلقة .., كونهم ينطلقون من ( التصور ) المفضي إلى عالم ( الصور ) وإن لم يشعر أحد بذلك ! في الوقت الذي تكون فيه الصورة أغلظ أنواع الشرك , وسوف تظل ..., ما دامت هي الوسيلة ـ الوحيدة ـ التي نستأنس بها في معرفة وعبادة الله !!
وفكرة طلب الحقيقة المطلقة دوما تنطمس برغبات الجسد , فكأن الأخير وضع برزخاً للحيلولة دون قيام الكمال المرتقب . مما يشير إلى وجود معضلة وجودية مقترنة بحياة الفرد العاقل المدرك لطبيعة وجوده والغاية من وجوده ومعطيات هذا الوجود . بالرغم من التركيب المعقد لتلك الطبيعة التي حوت التجانس المدهش في الحيز المادي الملموس ( الجسد ) والتناثر غير المحدود لقوة الحركة العاقلة التي يسخر بها هذا الوجود , وبالكيفية التي تضع وجودنا المحدود والغير محدود تحت مطرقة النقص والكمال دوماً وفي آن واحد معاً !
مما يسفر عنه إمكانية حدوث الممكن والمستحيل ( المتخيل ) الذي يرفع بدوره من إمكانية اجتماع النقيضين أو رفعهما على حد سواه !! وهو قول لن يكون إلا بعد تلاشي الثنائية المصاحبة للوجود منذ نشأة المعرفة وإلى الأبد المتخيل بتراكم تلك المعرفة الحادثة والناقصة دوماً ..., ومعروف أن تلاشي تلك الثنائية لا يكون إلا بعد " المعراج " الذي يرى فيه صاحبه ذاك الملاك الذي نصفه نار ونصفه الآخر ثلج ( فلا النار أذابت الثلج , ولا الثلج أطفأ النار ) ؟! وهو وعد تحقق فيما كان ( وفيما هو قائماً الآن !) , وفيما يمكن أن يأتي وأن يكون باستمرار!! ولم يتبقَ إلا سعينا إلى ذلك..., وهو سعي ليس موعودون قطعه فحسب , وإنما بتجاوزه إلى آفاق أرحب من التصور والممكن و ( المستحيل ) بمنطوق قوله تعالى " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه " .



#أبوبكر_حسن_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبوبكر حسن خليفة - فن الحوار وجدلية موت الحق !!