أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد أحمد المدهون - قصة إذاعة منكوبة... إلى متى يا جلادي؟!















المزيد.....

قصة إذاعة منكوبة... إلى متى يا جلادي؟!


محمد أحمد المدهون

الحوار المتمدن-العدد: 2363 - 2008 / 8 / 4 - 05:14
المحور: الصحافة والاعلام
    


كان أحد الزملاء قد تحدث في اليوم التالي، من استجواب الزميل عماد عيد مدير مكتب وكالة معاً الإخبارية في قطاع غزة من قبل وزارة الداخلية في الحكومة المقالة، مع مدير الوكالة الزميل ناصر اللحام، لينسقَ معه من أجل مداخلة سيُدلي بها في نشرة الأخبار القادمة حول ما حدث مع مدير مكتب الوكالة في غزة، حينها تفاجأ ناصر، وقال هل لا زلتم تعملون رغم كل ما يحدث، ولم تغلق إذاعتكم حتى اللحظة؟!.. لا أدري إن كان ناصر يقصدها، أم أنه قالها على سبيل المزاح.. لكنه استشرف المستقبل المُر لإذاعتنا قبل أيامٍ من وقوع المصيبة.

وكنت قبل يومين، قد استضفت الأستاذ فهمي الزعارير، الناطق باسم حركة فتح، على الهواء مباشرةً في برنامج "الرأي العام"، وكان موضوع الحلقة هو تفجيرات غزة وما تلاها من حملة اعتقالاتٍ ومداهمة، فسألته من بين ما سألته عن حرية العمل الإعلامي والصحفي في الضفة الغربية، وقد ضربت مثلاً بالحرية التي نحظى بها في غزة، والتي كنت أعتقد أنها أوسع بكثير، وتسبق مثيلتها في الضفة الغربية بمساحاتٍ شاسعة، قائلاً له إننا نستضيفك ونستضيف قادة فتح، ويتحدثون بحرية، ويدلون بموقف حركتهم بلا أدنى مواربة، ولم يتعرضْ لنا أحد البتة!

لكن الصورةَ الوردية التي كنتُ قد رسمتها في مخيلتي، كانت مجرد خيال! هذا ما لم استوعبه إلا متأخراً.

أقدمت أمس شرطة الحكومة المقالة، وبأمرٍ من وزارة الداخلية، على إغلاق إذاعتنا ووقف بثها وطردنا منها ومنعنا حتى من الدخول إليها، والسبب: هو أننا نبث الأكاذيب والإشاعات، ونعمل على بلبلة الشارع الفلسطيني، مستغلين الحرية التي منحونا إياها! (حرية العمل الإعلامي حق، وليست منَّة.. يا هؤلاء!)

هي جريمة جديدة، بحق الإعلاميين والصحفيين، تسجل كنقطة سوداء في رداءٍ كله سواد في سواد.. قد لا يلحظها البعض؛ فإغلاق إذاعة يهون أمام سيل الدم غير المتوقف!

وهي جريمة جديدة.. في حق إذاعة اُغتصبت وانتهكت أكثر من مرة، لأنها اعتقدت أنها تعيش في مجتمعٍ حضاريٍ يتقبل إعلاماً حراً، ويستطيع الاستماع للرأي والرأي الآخر.. فاقتحمها حرس رشيد أبو شباك في الأول من نوفمبر عام 2006، وأصابوا ستةً من الزملاء العاملين فيها، وكسروا أثاثها، وأطلقوا النار حتى على أجهزة الهاتف، وبعد ذلك انسحبوا وكأن شيئاً لم يحدث.. والسبب هو بثنا لخبرٍ لم يرق لهم، ولم يتقاطع مع مزاجهم الذي كان معكراً على ما يبدو يومها... حجم الخسائر كان فقط 40 ألف دولار!، ويعلم الله كيف استطعنا تدبر المبلغ المالي لافتتاح الإذاعة، فبدا وكأنه بهذه الفعلة انتهى حلم إذاعة صوت الشعب.

لكن حركة فتح استنكرت ما حدث، وأدانته بلهجة شديدة، على الرغم من أن فاعليها فتحاويون. وقام جهاز الأمن الوقائي الذي يعمل من اقتحموا الإذاعة كعناصر فيه بتعويض مالي للخسائر التي أحدثتها تلك الهجمة البربرية!

بعد 7 أشهرٍ ونصف، وبعد أن استطاعت الإذاعة بالكاد أن تقف على قدميها من جديد، أقدمت حماس على حسمها العسكري في قطاع غزة، وقام مسلحوها يومها بالدخول إلى البرج الذي تقع فيه الإذاعة، وهو بالمناسبة مقابل مقر السرايا، أي أن البرج كان ذا موقعٍ أمنيٍ هام، وأجزم أن سطحه كان ثكنةً عسكريةً لمسلحي فتح أو حماس. مسلحو حماس اقتحموا الإذاعة، على الرغم من اليافطة المعلقة على شقة الإذاعة، والتي يفهم قارئها –إلا إن كان جاهلاً لا يقرأ ولا يكتب- أنها إذاعة، وإذاعة الشعب.. أي ليست مؤسسةً إعلاميةً لفتح، ولا يمكن أن يختبئ فيها مسلحون فتحاويون، أو أن يُخزنَ فيها ذخائر وقاذفات وأسلحة.. وتركوا الباب موارباً بعد ذلك، ليسمحوا لبعض اللصوص بالدخول إليها وسرقة أثاثها بالكامل، كما فعلوا مع المقار الأمنية والمؤسسات التي تم "تحريرها" من "الانقلابيين" كما قالت حماس!

الخسائر قدرت بما يفوق الـ 90 ألف دولار، وطالبت الجبهة الشعبية الحكومة المقالة وحركة حماس بتعويضٍ لما تسببت بفعله، لكن لا حياةَ لمن تنادي!

بعد 5 أشهرٍ ونصف.. تم افتتاح الإذاعة من جديد، بإمكانياتٍ محدودة للغاية، واستطاعت أن تتدبر أمر الأجهزة اللازمة للبث، وعادت مرةً أخرى لتصدح على أثير مذياع الغزيِّين، متغنيةً بقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "إنني عدتُ من الموت لأحيا، لأغني.. إنني مندوب جرحٍ لا يُساوم... علمتني ضربة الجلاد أمشي على جرحي، ثم أمشي وأقاوم"!

لكن ضربة الجلاد، عادت وعاجلت الإذاعة مرةً أخرى، بعد 8 أشهر فقط من عودة بثها! فأقدمت شرطة الحكومة المقالة على فعلتها صباح أمس، لأننا نبث الأكاذيب والإشاعات!

- أما الأكاذيب والإشاعات التي يتحدثون عنها، فهي مواقف حركة فتح، التي كانت تدلي بها عبر ناطقيها على الأثير، تماماً كما يقوم ناطقو حماس وقياداتها بفعل ذلك.. - الأكاذيب والإشاعات هي مناشدات مختار عائلة المغني وأحد وجهاء عائلة حلس التي أطلقوها عبر الأثير، يطالبون بوقف ما يحدث في حيهم...
- الأكاذيب والإشاعات هي الأغنية الوطنية الفتحاوية، التي كان يسمعها الجمهور وقد سمع قبلها أو بعدها أغنيةً وطنيةً جبهاوية أو حمساوية أو جهادية.. في سابقةٍ لم تُقدم عليها أي إذاعة محلية على امتداد الوطن!

هذا ناهيكم عن التشويش المتعمد على أثيرنا، من قبل جيش الحرب الصهيوني الذي كان يبث بياناتها التحريضية ضد المقاومة باختراقه لموجتنا. ناهيكم أيضاً، عن التشويش المتعمد، الذي انطوى تحت عنوان "التنافس اللاشريف" مع أحد أصحاب الإذاعات المحلية الأخرى.

هكذا إذن.. لم يكتب لنا منذ افتتاحنا للإذاعة أن يمرَّ علينا عامٌ كامل، دون أن تُنهب وتُسرق إذاعتنا، دون أن تُقتحم وتُكسَّر أجهزتُها ومعداتها، دون أن يُطلق الرصاصُ على أقدام العاملين فيها..

نحن فدائيون بحق.. لست أنا من أقيِّم نفسي وزملائي، لكننا فعلاً مررنا بما لم يمرر به أحد غيرنا من الزملاء في الإذاعات الأخرى.. وعاودنا مرةً أخرى.. وعملنا تطوعاً وبالمجَّان، مراعين حال إذاعتنا وصعوبة الظروف التي تمرُّ بها؛ لأن الدافع الوطني في سويداء قلب كل واحدٍ منا حتَّم علينا أن نحكي.. أن نصرخ.. أن نقول بعالي صوتنا: كفى! ، كفى للمهزلة التي تحدث في وطننا..

في النهاية، وجب عليَّ أن أسجل عدة نقاط:

1- أتوجه بالشكر لإذاعة صوت القدس، هذا الصوت الحر، الذي لا يخشى في قول الحقيقة لومة لائم.. والتي قامت بواجبها، واستنكرت ما حدث لزملائها في إذاعة صوت الشعب.

2- أتوجه بالشكر للتجمع الإعلامي، الذي أدان هذه الفعلة واستنكرها.

3- أتوجه بالشكر للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي طالبت الجميع بضبط النفس واختلاق الأعذار لمن اعتدوا على إذاعتنا.. حفاظاً على العلاقات الوطنية مع الأشقاء الذين توقعت أن يعودوا عن خطئهم في قادم الأيام، وأن يكون ما حدث مجرد خطأ وقعوا فيه بسبب حالة الإرباك والطوارئ التي يمرون بها، وسيعترفون بهذا الخطأ وسيعتذرون عنه عمَّا قريب.

4- أتوجه بالشكر للجبهة الديمقراطية التي أدانت واستنكرت أيضاً.

5- أتوجه بالعتب، والعتب الشديد جداً، للزملاء في إذاعة صوت الأقصى، الذين أوردوا بيان وزارة الداخلية المتعلق بإغلاق الإذاعة، وكأنه حقيقة مُسلَّمة، دون أي إشارةٍ لبيان الإذاعة الذي رد على اتهامات الداخلية المردودة عليها أصلاً.
وأتمنى من الزملاء أن يراعوا شرف المهنة وقدسيتها، وأن يضعوها فوق أي اعتبارٍ آخر، وألا يكونوا جزءاً وسبباً في حالة الانقسام والفتنة في كلِ من الضفة والقطاع.
وأتمنى عليهم أيضاً، ألا تصل بهم الأمور إلى ارتكاب الخطايا، فيطالبوا بقطع رؤوسنا وألسنتنا، كما طالبوا بذلك مع زملاء آخرين كانوا يوماً ما يعملون في إذاعتي الشباب والحرية، اللتان أصبحتا أثراً بعد عين.

6- أتوجه لنواب حركة حماس في المجلس التشريعي، الذين زارونا ضيوفاً مكرمين، قبل شهرٍ من الآن، وقدموا لنا رسالةَ شكرٍ على دورنا الوطني والطليعي الذي نقوم به من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، أن يوضحوا "لا قانونية" الفعل الذي أقدمت عليه سلطتهم التنفيذية، ممثلةً بشرطة الحكومة المقالة، التي زارتنا معتديةً طاردةً لنا من بيتنا ومؤسستنا يوم أمس، وأن يدعوها إلى التراجع عن ذلك وتقديم الاعتذار عليه.

7- هذه أجندة لذكريات إذاعة منكوبة كشعبها تماماً:
*مارس 2006: افتتحت الإذاعة للمرة الأولى، وانطلق أثيرها على الموجة 106.5 أف أم، قبل أن يتم تغيير الموجة إلى 106؛ بسبب قرب الموجة القديمة من موجة إذاعة صوت الأقصى.

*الأول من نوفمبر 2006: اقتحام الإذاعة من قبل عناصر جهاز الوقائي، وإطلاق النار على أقدام 6 زملاء، بالإضافة إلى تخريب الأثاث والأجهزة والمعدات.

* الرابع عشر من يونيو 2007: مسلحو حماس يقتحمون الإذاعة، ويتسببون في سرقتها من قبل بعض اللصوص فيما بعد.

* الأول من ديسمبر 2007: عودة البث من جديد.

* الثاني من أغسطس 2008: إغلاق الإذاعة وطرد من فيها وإيقاف بثها من قبل شرطة حكومة حماس.


8- زميلي في إذاعة صوت الشعب.. زميلي الإعلامي أياً كان انتماؤك وتوجهك السياسي والفكري والديني.. اسمعني جيداً: "أنت إن نطقت مت، وإن سكت مت، فقلها ومُت".. وإن مُت فـ"لا تمت قبل أن تكون نداً".

نهايةً.. حتماً سنعود.. لأن ضربة الجلاد علمتنا أن نمشي، ثم نمشي، ونمشي على جرحنا ونقاوم..



#محمد_أحمد_المدهون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى د. وليم نصَّار.. مع التحية والإكبار! (رداً على مقا ...


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد أحمد المدهون - قصة إذاعة منكوبة... إلى متى يا جلادي؟!