|
إيماناً بالمرأة
أحمد زيدان
الحوار المتمدن-العدد: 2360 - 2008 / 8 / 1 - 04:16
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
إذا أمعنا النظر في الجانب التاريخي، و كما الحال في آوربا و دول العالم المتقدم، عندما خطى في دروب المساواة الكاملة بين الرجل و المرأة فيما تلى ثوراته الصناعية و عصره التنويري الذهبي، وصل لما وصل عليه الآن من رقي و رفعة، و ليكن مثالاً شاهداً على أن لا تقدم لمجتمع يتأخر له جناح عن جناح في آفاق تحليقه نحو المجد... لا تقدم لمجتمع يضطهد نصفه الآخر و يعامله على أسس عصور التخلف الأولى، بل و قد أصل للقول بأنها ليست قضية حقوق المرأة وحدها تلك التي تصارعها مجتمعاتنا الشرقية المتحفظة قضية المرأة وحدها، و لكنها قضيتنا جميعاً رجالاً و نساءاً، لأن النساء شريكات للرجال في صنع الحضارة، و ليكن - أيضاً - التاريخ المصري شاهداً أنه مع عصور تكريم المرأة و مساواتها بالرجل كان لنا الشموخ و الحضارة، أما مع عصور تهميش دورها و إغفاله، فلم نر إلا التراجع و الرجعية – كما هو حالنا الآن. فكان عصر التنوير المصري ذلك الذي تلى رفاعة الطهطاوي، قاسم أمين، و محمد عبده، و غيرهم، ثم بزوغ نجم رموز و طلائع الحركة النسائية و التي على سبيل المثال لا الحصر شاركت بدور لا يمكن إغفاله في المقاومة الوطنية على مدى تاريخنا الحديث من أمثال صفية زغلول و هدى شعراوي، ثم قيادة الأخيرة لثورة على طريق المساواة بمشاركة سيزا نبراوي، نبوية موسى و غيرهن، و لاسيما أديبات ما بعد عصر "المرأة الجديدة،" من أمثال سهير القلماوي، بنت الشاطئ، لطيفة الزيات، مي زيادة، و غيرهن من الرائدات و اللائي أثبتن عدالة قضية المرأة.
و إذا نظرنا للجانب اللغوي، فإن كلمة "Feminism" الإنجليزية، قد يخطئها البعض بمعنى شائع لا صلة له بواقعها، أما الكلمة فبريئة من إعتقادات هؤلاء، و هي لا تعني في قاموس أكسفورد البريطاني إلا معنى واحد واضح، و هو المساواة الكاملة بين الجنسين.
هذا و على الجانب الفلسفي، قد نستدل على أنه مع تطور صوت العقل بالتدرج، إبتدأ الإنسان منذ قرن أو أكثر، في العدول عن سلوك القوة العدوانية الغاشمة، و مع تساقط نظريات "نيتشة" المتطرفة التي تدعو للقوة، و مع تصاعد نظريات العقلانية، و تقدم عصر العلم التجريبي، لجأ الإنسان إلى العدول عن القوة، ليحل محلها العقل، لأننا نعيش عصر "البقاء للأذكى." و كان من هنا ضرورية التعامل المدني بين فئات المجتمع بالعقل و ليس بالقوة المجردة، بالمنطق و ليس بالقوامة الجسدية... إنه عصر العقل، هذا الذي تفتحنا فيه على قضية المرأة و مناصرتها في حقوقها المشروعة، و إتاحة الفرصة كاملة أمامها للتميز مثل الرجل تماماً.
و إذا نظرنا للجانب الديني، فسنلحظ مساواة كاملة تدعو لها كافة الأديان، و لا سيما الإسلام الذي ساوى المرأو بالرجل بعد أساليب الإحتقار و الوضاعة التي كانت تعامل بهما المرأة من جانب رجال العرب أيام الجاهلية، و الذين كانوا لا يفتؤا أن يعتبروها إلا ماكينة للجنس، خادمة، جارية، أو مؤودة في مجتمعات سيطرت عليه عادات الجزيرة العربية القبلية الجرداء. و لكن جاء الإسلام لتكريمها بحقوقها و التي سلبت منها قهراً و عدواناً - ليس لشئ إلا لأنها امتلكت ما يشتهيه الرجل، و كانت "الغواية الأولى التي يجب حجبها أو قتلها في المهد." - فأعطاها حق الميراث، التحكم في أمولها بالبيع، الشراء، التوكيل، الإيجار، أو التعاقد، و أعطاها أيضاً مساواة كاملة من حيث الحقوق و الواجبات، وأوصى بها رسول الإسلام خيراً، سواء بالأحاديث عن الأم أو عن الزوجة، بل و كرمها القرآن بوضع سورة كاملة بإسمها، و ذهب أكثر من ذلك ببعيد لحد مساواتها الكاملة غير المنقوصة حتى في أرفع منصب سياسي، حينما سرد في بلاغة إلهية متكاملة وقائع مملكة سبأ و ملكتها بلقيس، و كيف وصل شعبها تحت قيادتها لخير و رخاء كبيرين، و بهذا السرد - الذي لا يخلو من بعد إجتماعي - أقر الإسلام بإمكانية تولي المرأة حكم شعبها، فكان القرآن أولاً و مؤكداً بهذا - و منذ الوهلة الأولى - عن حقوق المرأة الإجتماعية و القانونية الكاملة؛ لأن حقوق الرجال كانت و مازالت محفوظة منذ التاريخ الأول في كل الشعوب و الحضارات لقوة الرجل الجثمانية عن المرأة، فضلاً عن استكانتها له غصباً و قهراً. و قد أصيب عندما أقول أن الإسلام لم يمنع حاكمية المرأة، و بهذا أعطاها مساواة في الحكم مثل الرجل تماماً، و هو أكبر دليل على عدم انحياز الإسلام لجنس عن آخر، و لكن تظل بعض الصراعات الحالية و التي تطورت بسبب تطور العصر، و التي يجب أن تحسم من وجهة نظري؛ للوصول للمساواة المنشودة، و منها حقوق المرأة و حريتها الشخصية في تكامل جسدها و استقلاله (حرية الإنجاب، الإجهاض، و منع الحمل.. إلخ)، حرية نزوعها الجنسي و التعبير عنه، مساواة زواجها بالرجل من حيث الحقوق و الواجبات، و حقوقها المدنية من جانب الدولة و القانون لمنع العنف، المضايقات الجنسية، الإغتصاب، و الختان و تغليظ عقوباتهم، إلى حقوقها في العمل من مساواتها بمرتبات الرجل "مرتب واحد لعمل واحد،" إجازات الوضع، تكافؤ الفرص... و حتى آخر الإمتيازات التي يتمتع الرجل بها عنها.
و إذا جئنا للجانب الجنسي الذي يتناساه كثيرون، و هو أن الجنس البشري هو الوحيد من بين كافة الحيوانات العليا الذي يمارس الجماع بين الذكر و الأنثى وجهاً لوجه، و هذا دليل إلهي آخر لا يقبل التأويل على ضرورية المساواة في كل شئ آخر، إذا كنا متساوين جنسياً بهذا التكامل المقدس الفريد.
و ثمة رسالة للمرأة، بشكل عام، و لهؤلاء النساء اللائي لا يؤمن بأنفسهن و لا بمطلب المساواة العادل بشكل خاص، و قد قابلت منهن الكثيرات: حرري نفسك من تبعات الرجل التقليدية! حرري نفسك من كل أشكال الجهل و الشذوذ الفكري! و لا تقنعي بخطوط المجتمع الحمراء! فهي خطوط لم ينزل الله بها من سلطان، فالنساء حولك أثبتن أحقيتهن في كل مكان في العالم سواء كانوا فلاسفة، مفكرات، سياسيات، ناشطات، صانعات قرار، و حاملات لمشعل مصائر شعوب بأكملها، حرري نفسك، فأنت الأولى بهذا المطلب، و بهذه القضية، و لكنها و كما ذكرت قضية المجتمع بأكمله.
#أحمد_زيدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سجلي الآن.. كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت با
...
-
سجلي الان وبسرعة بخطوات سهلة وبسيطة في المنزل.. خطوات التسجي
...
-
-بطاقة حمراء لإسرائيل-.. محتج يكبل نفسه بعارضة مرمى في مبارا
...
-
النسوية في المغرب: القضاء على العنف ضد النساء أولوية؟
-
الشرطة الألمانية تطلق النار على امرأة تحمل سكيناً في كولوني
...
-
مستشفى أميركي يفصل ممرضة مسلمة والسبب صادم!
-
مستشفى أميركي يفصل ممرضة مسلمة نددت بـ-الإبادة الجماعية- في
...
-
شرطة تكساس تعثر على جثة امرأة في فم تمساح
-
باحثة أميركية: أعراض أمراض القلب تستمر لدى النساء لفترة أطول
...
-
أغلب الضحايا ذكور.. شهادات مخيفة لضحايا العنف الجنسي الروسي
...
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|