هاوار كاكه يى
الحوار المتمدن-العدد: 2334 - 2008 / 7 / 6 - 10:42
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
أثار الكاتب الفلسطيني جورج كتن موضوعا جديرا بالبحث والتناول لدى شريحة المثقفين الكورد والأمازيغ، ومن يهمه قضايا الانسان وحقوق الأقليات والقوميات.
الكاتب جورج شكري كتن من المهتمين بالقضية الكوردية، له العديد من المقالات بهذا الصدد المنشورة في الصحافة العربية والمواقع الالكترونية.
في حوار أجراه معه سعيد بلغربي والمنشور في موقع "الحوار المتمدن" بتاريخ 14 آب 2007، تناول مسألة هامة في منطقة الشرق الأوسط، تطرق فيه الى وضع الأمازيغ والكورد والعلاقة مع القومية العربية، مقيّما الموضوع بجرأة وشفافية، قلما نراه في كتابات المثقفين العرب.
ان جوهر الحوار يكمن في الدفاع عن حقوق القوميات المتعايشة مع العرب، سواء في المغرب العربي، او في مشرقه، والحفاظ على هويتها القومية والثقافية وموروثها اللغوي والفكري المتميز، والتصدي لمحاولات التهميش والتذويب أو الاقصاء، وتفريغ مرتكزاتها الأساسية من فحواها وصهرها في بوتقة الهوية السائدة.
وينتقد فيه ايضا التيار القومي الآيديولوجي (العربي) الرافض للواقع والتركيب السكاني _ الاثني _ او المذهبي للبلدان العربية على أساس تعدد القوميات والأطياف.
الأمر الذي يؤدي دوما الى تهديد الأمن الاجتماعي والى احتدام الصراعات داخل تلك المجتمعات، وتعرضها الى المزيد من الهزات وشيوع حالة الافتراق وعدم التجانس والتفكك والدمار.
ان مسألة القوميات لا تحل عبر القوة او الاقصاء، وانما تحسم عبر الحوار البناء واحترام الآخر، والاعتراف الدستوري بحقوق كافة المكونات الاثنية والمذهبية بمشاركتهم الفعالة في الحياة السياسية والاقتصادية والتنموية.
وعليه اختار الكاتب وضع الأمازيغ في المغرب العربي، ووضع الكورد في المشرق (نموذجا) للاستدلال والمقارنة، وربطه بالواقع المر والحالة المزرية التي يتعرضان اليه من انكار للوجود وتشويه للحقائق ازاءهما عبر العقود المنصرمة.
كما ان الأمازيغ شعب عريق، موطنه الأصلي هو (تامازغا) يمتد من شمال أفريقيا من واحة سيوا غرب مصر حتى جزر الكناري على المحيط الأطلسي مرورا بدول: مالي، النيجر وموريتانيا، لا يعتبرون أنفسهم من الأقليات في الشمال الأفريقي، كذا الأكراد وحركتها التحررية لا تقبل أيضا تسميتها ب (الأقلية) لأنهم أمة تمتلك كافة المقومات الضرورية: من لغة (هندو – أوربية) من الفصيلة الآرية – الميدية المعروفة، وأرض واقتصاد وتاريخ مشترك، اي انهم أمة قائمة بذاتها تقيم في وطنها كردستان منذ آلاف السنين، تبلغ مساحتها 450 ألف كيلو متر مربع، وهي بذلك تبلغ ضعف مساحة انكلترا وألمانيا، والبالغ عدد سكانها 40 مليون نسمة على أقل تقدير موزعون اليوم في تركيا وايران والعراق وسوريا ولبنان وروسيا وفي أقطار أخرى، ويمكن تحديد خارطة كوردستان بالشكل التقريبي التالي:
تبدأ من الشمال بجبال آرارات في تركيا باتجاه مباشر نحو الجنوب من جبال زاكروس وبشتكوه في ايران، ومن هناك الى الشمال الغربي لمدينة الموصل في العراق، ومنها الى ميناء الاسكندرونة على البحر المتوسط.
تشكل كوردستان وحدة جغرافية – اثنولوجية متصلة جغرافيا لكنها مجزأة سياسيا منذ الحرب العالمية الأولى، تقع بين خطي العرض 34 – 40 درجة شمالا، وبين خطي الطول 38 – 48 درجة شرقا.
ان تسمية هاتين المكونتين الاثنيتين ب (الأقلية) أمر غير مقبول تاريخيا وحاضرا وكما يراه الكاتب ايضا لأرتباطها أصلا بمفاهيم (دونية) في تصنيف المواطنة، وتتناقض مع مبادىء حقوق الانسان او الدساتير المتمدنة وحتى الأعراف الوضعية، ولربما يقترب المفهوم من معنى (الجالية) قدمت من بلدان أخرى!
وبالرجوع الى طروحات الحركة الأمازيغية مثلا، فان المغرب شعب بأكثريته أمازيغ يتوزع بين: أمازيغ يحافظون على لغتهم (الأم) وعروبيون - ليسوا عربا – فقدوا هويتهم اللغوية بمرور الزمن، واحتفظوا بالتقاليد والقيم الأمازيغية ويتكلمون الدارجة، وهي مزيج من الأمازيغية والعربية، ومن هؤلاء عرب من أصول شرقية.
بتوصيفة جدلية يورد الكاتب كتن، رابطة علاقة وأوجه شبه في عدد من الثوابت والشواهد الملموسة بين الحركتين (الأمازيغية والكوردية): اللغة التي جرى الحفاظ عليها، وتداولها شفهيا عبر الأزمنة ثم تدوينها لاحقا، وكذلك التنكر القومي (العروبي) لكلتيهما، ومحاولات تذويبهما في العروبة تحت ذرائع واهية لا تستند الى الحقائق الموضوعية او التاريخية، واقصاء دورهما في صلب الحركة التحررية والوطنية في المشرق والمغرب، لا بل استمرار اضطهادهما في آن واحد، مما ولّد ردود أفعال معاكسة عنيفة وبروز حركات سياسية مسلحة ذات نزعة استقلالية، مما مكّن الحركتان من تحقيق بعض المكاسب والحقوق عبر سيل من الدماء، كما تجلى ذلك في العراق والجزائر وموريتانيا، كما ساهمت الحركتان وبشكل فعال في اطار التغيير الديمقراطي العلماني في بلدانهم مع قناعتهما بالحوار والتعايش السلمي وصولا الى العدالة الاجتماعية والمساواة.
وفي محور آخر، يجيب الكاتب على تساؤل مطروح: هل الخطاب الأمازيغي يصل الى النخب الكوردية؟
يقول الأستاذ كتن: إجمالا التواصل بين الحركتين يكاد معدوماً، رغم ثورة الاتصالات التي قرّبت المسافات، فهو يرى في الحد الأدنى، تنشيط التواصل بنشر قائمة بالمواقع الكوردية على الأنترنيت واخرى للمواقع الأمازيغية كي يتسنى للفاعلين في الوسطين – كخطوة أولى – ترتيب لقاءات ومداولات بين الطرفين لتبادل المعلومات والتجارب والخيارات بهدف الوصول الى مواقف وفعاليات مشتركة، وايجاد أرضية للصداقة والتفاهم.
ان الحوار بين النخب سيفضي الى آفاق رحبة أمام شعوب المنطقة كبيرها وصغيرها لتدارس أوضاعها ومشكلاتها وايجاد الحلول المناسبة لها.
وفلسفة الحوار بات ممكنا، رغم أجواء التردي والتوتر للرد على التحديات الداخلية والخارجية التي تتعرض لها الشعوب، والعنف والسلفية والعنصرية هي أخطر أخلاقيات السياسة التي تستشري كالداء في جسد المجتمعات الحديثة، وبالمقابل ان الرجوع الى المنطق والحكمة في حسم القضايا والعقد والاعتراف بالواقع الديموكرافي والجيوسياسي ضمانة سليمة للتصدي واحتواء آثار الهجمة المدمرة التي تستهدف الانسان والقيم الحضارية.
لقد حان الوقت بأن تصحو وتبادر النخب الثقافية والفكرية – وحتى السياسية – في هذه المنطقة الساخنة والاستراتيجية من كوكبنا بفتح حوار فيما بينها، وتبادل زيارات متواصلة لأقامة صلات متينة مباشرة بين المكونات الرئيسية لمجتمعاتها، بغية التعرف على الحقائق وتقريب وجهات النظر حيال قضاياها المصيرية وتعايشها الاختياري الحر، على غرار مؤتمر الحوار العربي – الكوردي الذي أقيم في القاهرة عام 1998، الذي حضره عدد من الشخصيات العربية والمصرية والكوردية والمسيحية البارزة بينها د. سعد الدين ابراهيم، رئيس مركز ابن خلدون و د. أحمد حمروش، رئيس اللجنة المصرية للتضامن والسيد جلال طالباني، والراحلين، سامي عبد الرحمن وعمر بوتاني وعزيز محمد.
ويرجع فكرة هذا الحوار الى الرئيس مسعود بارزاني، عندما قدّم مذكرة عام 1989 تم نشرها في لندن، ولقيت الفكرة قبولا لدى معظم المثقفين العرب في حينه، وفي عام 1996 جدد الرئيس البارزاني الدعوة ثانية أثناء زيارته لدمشق، وفي عام 1997، تبنت اللجنة المصرية للتضامن الدعوة ونظمتها فيما بعد.
ودعوة الاستاذ كتن الكريمة، موجهة بالذات الى المثقفين الكورد داخل كوردستان وخارجها، عسى أن تستجيب النخبة لها وتبادر الى اقامة حوار مع النخب الأمازيغية أولا، ومع الآخرين من الأقباط والبلوش والشركس والمندائيين والدروز والمسيحيين والتركمان، وبذا تدشن لمرحلة جديدة في حياة شعوب المنطقة لرسم خارطة طريق السلام، ونبذ ثقافة العداء والاستعلاء والافتراق والنهوض بالمنطقة ودعم الاستقرار والتنمية فيها.
في عام 2007 أجرى الكاتب والصحفي نزار جاف، حوارا مسهبا مع الشاعرة الأمازيغية المعروفة مليكة موزان، نشر في صحيفة كوردستان تايمس الالكترونية بتاريخ 22/10/2007، كما تمت ترجمته ونشره باللغة الكوردية في صحيفة كوردستان ريبورت بمدينة أربيل في حينه.
كانت بادرة طيبة وجريئة للوقوف على الهموم والاهتمامات المشتركة، وحسبنا ان صوت الكلمة أعمق وأجمل البوادر الانسانية لكسر "أقفال الصمت"، وما ينفع الناس، سيمكث في الأرض طويلا.
E-mail: [email protected]
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟