أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين رشيد - فرحة في الوقت الضائع















المزيد.....

فرحة في الوقت الضائع


حسين رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2332 - 2008 / 7 / 4 - 10:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يستطع رؤية حال ابنته الوحيدة, وهي تتلوى من الألم ,وتذبل مثل وردة جورية تتساقط أوراقها الواحدة تلوى الأخرى. ألم يعتصره , وحيرة مرسومة على وجهه من اين يأتي بمصاريف العلاج والدواء ؟
اذ كان يخرج باكرا يبحث عن عمل لكنه كان يعود( بخفي حنين) يجلس امام ابنته ويجهش بالبكاء لوقوفه عاجزا عن تقيدم شيء لها , بعض الأيام يأتيه عمل في البناء يسد به بعض الاحتياجات , حتى ضاقت به كل السبل والطرق, وها هو الشهر الخامس. لم يدفع أيجار البيت الساكن فيه, حالة ابنته تسوء يوما بعد آخر, الشتاء يطرق الأبواب, بمطره وبرده القارص 0
طرق عدة أبواب لغرض المساعدة ,لكن ما كان يأتي منها لا يكفي ولا يسد حاجة يوم أو يومين ,برودة الشتاء تنهش بعظام ابنته وما من غطاء كاف حتى قدم له أحد الجيران مدفأة نفطية مستعملة, بالنسبة له لايهم , المهم مصدر حراري يدفئ ابنته لتصادفه مشكلة أخرى , النفط وثمنه وكيفية الحصول عليه في بلد النفط يا لسخرية القدر. صباح آخر يخرج به بحثا عن عمل انظم الى مجموعة عمال جالسين في الساحة التي اعتادوا الجلوس فيها وانتظر العمل , جاء أحد المقاولين طالبا بعض العمال ليكون هو من بينهم, صعدوا الى السيارة والفرحة مرسومة على وجهه متخيلا صورته وهو يحمل( جلكان النفط) وكيف ستسر به زوجته وابنته, أثناء ذلك كان الجو غائما وما ان وصلوا الى مكان العمل حتى بدأت السماء تمطر بغزارة ساعتها طلب منهم المقاول تأجيل العمل الى يوم آخر كان كلام المقاول كطلقة نارية أخترقت قلبه واحرقت حلمه الملون بالحصول على النفط ,رفع رأسه الى السماء وتمتم بكلمات ونظرة عتب بعين دامعة 000
زوجته وابنته بانتظاره عله يعود محملا بالنفط خاصة بعد ان اخذ الجو يزداد برودة , لكنه كباقي الأيام عاد( بخفي حنين) , ما ان جلس , حتى طرق الباب, وإذا بصاحب الدار يطالب بالإيجار أو إلاخلاء, لم يكن لديه ما يقوله سمع كل الكلام القاسي والجارح والتهديد برمي أغراضه في الشارع ,امهله عدة ايام لذلك .
دخل الدار وهو يردد أي أغراض التي ترميها, البيت خال حتى من غطاء يقينا برد الشتاء000
ألم وجوع برد قارس, يعبث بالبنت ذات الأربعة عشر ربيعا, كره حياته وكل شي من حوله, وهو يتفرج على ابنته من غير حول ولا قوة 00
صباح اليوم التالي خرج عله يجد عملا جلس بين العمال الذين يتبادلون مشاكلهم وكل واحد منهم يهون على الثاني, ليطرق أحدهم على مسامعه, ان شخصا قد باع إحدى كليتيه لقاء مبلغ مالي مرتفع , وحل به كل مشاكله, وآخر اعتاد ان يبيع دمه لمن يحتاج , ظلت الفكرة تراود ذهنه ,تجول بخاطره وخياله.
فترة صمت وشرود ذهني قد يكون هذا السبيل الوحيد والسريع الذي يخرجني من كل مشاكلي وأستطيع به معالجة ابنتي ظل سارحا كيف يعد النقود وكيف سيعطي صاحب الدار حقه ويجلب الهدايا والحلويات والملابس لزوجته وابنته. حتى جاءته صيحة من أحد العمال يعلمه بأنهم ذاهبون الى بيوتهم لان ما من عمل اليوم رد عليه اذهب انت وأنا لدي عمل هام أود القيام به… استفسر من صاحبه الذي حكى له عن بيع الكلية وأين وكم الثمن جمع كافة المعلومات الخاصة كان قراره الذي اتخذه ببيع أحد الكليتين نهائيا ولا رجعة عنه, حتى انه لم يأخذ رأي زوجته لعلمه بمعارضتها الأمر00
رغم ان كل أبواب الشر كانت مشرعة أمامه من ان يقتل ويسلب لكنه كان ضد كل أعمال الشر والقتل يدخل المستشفى الخاص مستفسرا من موظف الاستعلامات عن كيفية بيع الكلية ليأخذه بدوره الى الطبيب المختص الذي شرح له كل شيء ومخاطره المستقبلية على صحته وحياته وما الى ذلك لكنه كان مصرا0 الأمر الذي دفع بالطبيب ان يجري التحاليل والفحوصات وكلها مطابقة وسليمة جرى الاتفاق مع أحد ذوي المرضى على المبلغ ودفع له كاملا ليدخل غرفة العمليات مستلقيا على السديه , فوقه الأضواء الساطعة , الى جانبه أدوات الجراحة سكاكين ومقاص وشفرات. رائحة التعقيم ( الديتول ) أغلقت حاسة الشم عنده, ما ان هم طبيب التخدير بزرق الإبرة حتى صرخ بوجهه لا لا لا اتركني لا أريد ان أبيع الكلية لقد غيرت رأئي خذوا نقودكم , ودعوني ارحل 0
انقضى النهار بطوله وزوجته على أمل ان يعود اليوم ومعه النفط لانه قد تأخر عن موعد وصوله, اذن قد وجد عمل.
الطبيب يسأله؛ لماذا فعلت ذلك, وما الذي دفعك الى التفكير بهذا الأمر؟ شرح له حاله وحال ابنته المريضة الراقدة على الفراش, وكل شيء بالتفصيل. أثناء ذلك جاءت الممرضة الى الطبيب لتعلمه ان فتاة بحالة خطرة في ردهة الطوارئ, خرج الطبيب مسرعا وتبعه كانت الفتاة إحدى ضحايا التفجيرات وقد تعرضت الى جراح بليغة أفقدتها كمية من الدماء كان أهلها بقربها طلب الطبيب أخباره بنوعية دمها وأذا كان هناك متبرع, نوعية دم الفتاة نادرة وغير متوفرة في المستشفى, المتوفر لا يناسبه لترتسم ملامح الخوف والحزن على ذويها الكل يبحث عن متبرع, كان يرى ويشاهد البنت وكيف تتألم وتنزف, هي بعمر ابنته المريضة. ليذهب الى الطبيب ويخبره انه يريد التبرع بدمه الى الفتاة, على وجه السرعة بدؤوا بسحب الدم ليسأله الطبيب: عن نوعية دمه..
قائلا: لا اعلم أي نوع لكنكم قد أخذتم تحليلا قبل قليل. الطبيب يطلب نتيجة التحليل التي أتت مطابقة مع دم الفتاة وتجري العملية ويوقف النزف ويساهم بإنقاذها في نفس الوقت تذكر ابنته وكيف سيعود من غير نفط ذوو , الفتاة قدموا له الشكر والعرفان ليحكي لهم الطبيب حكايته ومعاناته وابنته المريضة , ليقدم والد الفتاة مبلغ مائة ألف دينار كهدية له ألا انه رفضه.
قائلا لا اخذ ثمن دمي الذي أنقذ شخصا بحاجة له, وبعد إلحاح عليها ارتضى ان يأخذ ثمن (النفط) فقط والبالغ خمسة عشر الف دينار, وعشرة الآلف أخرى لجلب الطعام والدواء, قدم له الطبيب بطانية وبلغه ان عليه ان يأتي غدا حتى يعمل في المستشفى فرح كثيرا, قائلا في داخله يبدو ان الحياة ستضحك لي. بدأت رحلة البحث عن النفط وبعد عناء وجهد , وجد بائع النفط ليشتري منه, تعجب لرؤية حال (صفيحة النحاس ) وهي مرصعة من كل جانب مستفسرا منه عن السبب ليرد عليه بعصبية (هذا الموجود ) ارتضى بحال (الصفيحة النفطية ) المساء خيم على المدينة, الجو يبرد اكثر, وصل البيت لتستقبله زوجته القلقة, ما الذي أخرك الى هذا الوقت دعيني ادخل واشرح لك فيما بعد جلس قرب ابنته وأعطاها بعض الحلوى ولعبة , وألام تقوم بإشعال المدفأة وتعد الطعام, شرح لها كل شي لترد عليه معاتبة, لماذا كنت ستفعل ذلك وعيناها تغرقان بالدموع..
رد عليها: لم يكن أمامي أي خيار آخر, لقد يأست من كل شي ولم اعد احتمل رؤية البنت بهذه الحالة, لكن لا تضيعي الفرحة فغدا استلم عملي وسالبي كل الاحتياجات. البنت تخلد الى النوم ليبدأ بمغازلة زوجته التي نساها ولم يضاجعها منذ فترة ليستلقي بحضنها ويريح جسده المتعب ويسقي جسدها الذي صحرته الهموم0
حتى أخذهما النوم العميق وحلمه بتسلم العمل وحلم زوجته بارتداء ملابس أنيقة وبعض الحلي, وتركا المدفأة مشتعلة0
صديقه الذي اعتاد المرور به كل صباح, ليصطحبه بالذهاب الى ساحة العمال (المسطر) 0طرق الباب, لا أحد يرد, كرر الطرق مرة اخرى , ما من احد يرد , صاح بصوته , لا أحد حاول مرارا لكن دون جدوى استعلم من الجيران إذا كانوا قد ذهبوا الى مكان ما, لكنهم أكدوا له انهم بالأمس كانوا موجودين , لم يبق أمامه سوى كسر الباب وفعلا كسر الباب ودخل ليجد الثلاثة أمواتا وجثثهم ملتصقة ببعضها البعض بسب المدفأة وما كانت تبعث من غاز خانق ومميت , لتموت معهم معاناتهم وأحلامهم الصغيرة ….






#حسين_رشيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-
- بخيوط من ذهب وحرير أسود.. الكعبة ترتدي كسوتها الجديدة مع بدا ...
- رافائيل غروسي يكشف معلومات مهمّة عن البرنامج النووي الإيراني ...
- ترامب يضغط لوقف حرب غزة ونتنياهو يرى فرصة لاتفاقات سلام جديد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين رشيد - فرحة في الوقت الضائع