أنفاس النفیسی بین النتانة والأوهام

ابراهیم ملازاده

الحوار المتمدن-العدد: 722 - 2004 / 1 / 23 - 04:40
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

كنت قد قرأت للنفیسی كتابا فی الثمانینات، حول الاصول الشرعیة والمشاركة السیاسیة. وكنت اعتقد جازما بأنه أنسان واقعی أكثر مما یجب لأنه كان یرد علی السلفیین المنعزلین للعمل السیاسی ?وبالادلة الشرعیة. ولكن فی بلا حدود قطعت اوهامه كل الحدود. إنه لیست أوهام فقط وإنما إنزلاق خطیر في تهویل بسطاء الناس من العرب وغیرهم، وتخویفهم من قوة الیهود ومن یسمیهم هو بحلفاء الیهود.
إن العقلیة التی یفكر بها النفیسی والمختنقین في أوهامه، هي العقلیة التي تعیش في غیاهب التاریخ ومراحله المظلمة. وهی نفسها التی تعطي الأجیال جرعات فكرة المؤامرة، وإن الأمة بخیر وسلام لولا هذه المؤارة الدنیئة التي لا تدع مجتمعاتنا في حالها لكي تتطور وتری طریقها نحو النور.
فها هو یصور لنا مخططات الیهود في العراق الموجودة فی ربوع خیاله الواسعة التی تعطي للیهود المقدرة الخارقة التی تخترق الحدود وتشتری لیس فقط الأراضی بل الضمائر أیضا، والعراق قاب قوسین أو أدنی من أن تلحق بدولة إسرائیل. وكأن العراقیون لیس لهم هم إلا أن یبیعوا ألأرض والضمیر، وإنا لله وإنا إلیه راجعون.
أما الكورد، فی مخیلة النفیسی، هم نفسهم، كما وصفهم العالم العربی البرسوي بأبناء الجن، حیث عندما أرسل بعض الجواری الی أحد الخلفاء ألأمویین عن طریق الجبال قام الجن بمهاجمة القافلة التی تقل الجواری واستولوا علی الجواری وجلبوهن إلی الجبال لكی یتزاوجوا معهن، فحدث ما حدث واصبح للجبال أهل من أبناء المخلوقین الإنس والجن. فهم ألأكراد من نسل الجن والجواری. لذلك هذا المخلوق العجیب الجبلی الغیر حضاری الذی "لیس له مشروع" ولا عقل ولا مستقبل "یشری ویباع" وهكذا بكل بساطة في أعین الباحث العربی الكبیر ألنفیسي. وهو یمن علی الكورد بأن "العرب أنصفوهم اكثر من الاخرین" وكأنه لم یسمع بعملیاة الأبادة الجماعیة التي حدثت تحت أعین وبصر العرب من قبل نظام عربي وتحت أسماء عربیة بعضها مقدسة ككلمة الأنفال، حیث عملیات الأنفال ضد هؤلاء الجن والزاحفین من جبال من المریخ الی ربوع الشمال الحبیب المستكرد.
إلی متی هذه المغالطات التی لا تخدم سوی أعداء العرب، وما اكثر اعداءهم من الداخل حیث جاهل واحد من داخل العشیرة اكبر واخطر بكثیر من اعداء كثیرین خارج العشیرة. فهم أی العرب، لیس لهم عدو أعدی من أنفسهم، فأوهامهم تطال الجمیع. أقسمكم بالله لو كان للیهود هذا الحبیب مثل الطالبانی فی الشمال الحبیب، اوصل حال الكورد الی ما وصل الیه؟ الیست إسرائیل التی شاركت بكل ثقلها للقبض علی أوجالان؟ الیست إسرائیل التی أمدت تركیا الكمالیة بكل ما لدیها من سلاح وخبرات مخابراتیة لأنهاء تمرد أتراك الجبال؟ الیس الأسد الذي صرح قبل أن یذهب إلی تركیا بعدم قبوله لأقامة فدرالیة تعزل الشمال الحبیب العربی عن وسطه وجنوبه وذلك بالتقرب الی أسرائیل. لو كان "الطالبانی الحبوبة لإسرائیل" لماذا لم یفتح الأسد الأبواب علی مصراعیه لحبوبة اسرائیل لعله یفیده أو یتقرب به لهذا أو ذاك؟ ألیس ?ول بریمر الذی عارض الفدرالیة القومیة جهارا نهارا، وأید فدرالیة المحافظات؟ لو كان "الاقرب الی الأمریكان هم الكورد" حسب ما تفضل به الاستاذ النفیسی لكان حسابات الكورد مختلفة تماما عما هو علیه الان! أنتم حقا تحسدون هذا الشعب المسكین الذی لیس له صدیق سوی الجبال. وذلك كما یعلم جمیع الذین عاشروا الكورد لیس لقسوته او لأنه یغدر او خطر علی الاخرین، وانما لان العیون جمیعا علی ثروات ارضه من نفط ومیاه وموارد طبیعیة اخری. واللعبة مكشوفة من قبل ومن بعد، لأنه هو نفسه احمد منصور الذي امتنع یوما ما أن یجمع المساعدات لضحایا حلبجة، یاتی الیوم ببلا حدوده وفارسه المخنوق فی الاوهام النفیسي، لكی یكون یدا واحدا علی الكورد، لیس بالغازات السامة هذه المرة بل بالانفس المسمومة التی تشوه الانسان الكوردی، ووجوده، وتشكك في كل شییء تمت بصلة خیر لهذا الشعب. أنظروا الی ما قاله احمد منصور في تلفزیون الرأي والرأی الاخر وفی خاتمة بلا حدوده "فمن یفكر بعاطفته لا یفهم ما قاله النفیسی". وإن كل ما قاله النفیسی بحق الكورد، محظ إفتراء، بل ضرب مشاعرهم في الصمیم. إنه حقا خطة مدروسة من قبل الجزیرة والمتحالفین معها لاستنهاض همم العرب لیست ضد إسرائیل وانما ضد الكورد، وخطرهم القادم، وهذا لا یخدم العرب من قریب او بعید. 
ونسی النفیسي او تناسی بأن الكورد من أشد المتمسكین بتدینهم، ولا تجد قریة كوردیة  البتة خال من مسجد،  وهناك أحزاب اسلامیة في طول كوردستان وعرضه. الاتحاد الاسلامی الكوردستانی، الجماعة الاسلامیة، الحركة الاسلامیة، وأشدهم وأقربهم الی روح النفیسی ولیس الی فكره علی ما اعتقد "لانه لا یفعل بل یقول فقط" هم أنصار الإسلام، المعروف بطالبان الكوردیة. فهذه كلها مشاریع یا أستاذ، بل مشاریع اسلامیة ولیست لصالح الیهود بل لصالحكم انتم كما كان مشروع صلاح?الدین في الماضي لصالحكم حیث نجاكم من الحملات الصلیبیة المتتالیة. أو لم تسمع بارزانی وطالبانی دعوتهما ودفاعهما عن اهل السنة وعدم رضائهما  عن تهمیشهما إن حدث ذلك. اتق الله یا نفیسی، و?اخرج  من ابراجك العالیة واذهب الی كوردستان لتتعلم العلم علی ایدی علماءه الاجلاء. 

ملاحظة: المكتوب بین هذه الإشارات ".."  من أحادیث الاستاذ النفیسي.         

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل