أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد المراكشي - -التدخل الأمني- بسيدي إفني.. ما لانهاية من الحسابات الخاطئة!!















المزيد.....

-التدخل الأمني- بسيدي إفني.. ما لانهاية من الحسابات الخاطئة!!


محمد المراكشي

الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:37
المحور: حقوق الانسان
    


- 1 -
المدينة هادئة، وكل شيء يبدو طبيعيا ليلة التدخل الأمني في سيدي إفني ..لم يعكر صفوها سوى أخبار قدوم قافلة لا منتهية من سيارات الأمن فجر السبت.. ليطرح السؤال الشبه فلسفي: هل يعقل أن يدبر مشكل اعتصام شباب لا يتجاوزون العشرات على صعيد ميناء المدينة بمثل هذه الأعداد الهائلة من رجال الأمن و القوات المساعدة و الدرك؟ !
- 2 -
منذ 30ماي2008 ومجموعة من شباب المدينة يقومون بتنفيذ اعتصامهم المفتوح على مدخل ميناء سيدي إفني ، ومطلبهم الوحيد هو تنفيذ الوعود التي قدمتها الجهات الرسمية المسؤولة مرات ومرات على مدى ثلاث سنوات عمر الاحتقان الذي يسكن المدينة وعقود من الانتظار ، متحررين من كل أشكال التنظيم الذي يقيد تحركاتهم بعيدين عن التأطير المدني وغيره في إشارة واضحة على محدودية سقف الاطارات على تحمل أعباء حركتهم من جهة، ولأن تدبير الاحتجاج المؤطر ربما وصل إلى مداه دون تحقيق نتائج من جهة أخرى..
هي مسؤولية الدولة إقليميا و محليا ووطنيا حين لم تأخذ بجدية مطالب الساكنة حين كانت بين يدي محاورين قادرين على التحول الى قوة اقتراحية مساعدة على إيجاد الحلول ، فتحول الأمر الى العفوية فيما يشبه المسار المعكوس لما تكون عليه كل الاحتجاجات في العالم، من العفوية الى التنظيم.. فالمسؤولون الاقليميون و المحليون أخطأوا استعمال تقنية الحساب في فشل ذريع لتسوية مشكل يمكن تلافيه دون تدخل أمني..
- 3 -
ترى ما الأسهل ، أن يأتي وزير أو وفد حكومي لا يتجاوز عدد أصابع اليد لعمل شيء ما على مستوى تنفيذ الوعود و تحقيق مطالب الناس لانتزاع مدينتهم و منطقتهم من التهميش الاقتصادي ، أم إنزال الآلاف المؤلفة من رجال الامن و الاجهزة لمحاولة اسكات الناس.؟ حسابيا العملية خاطئة حتى و إن اضطررنا الى تعداد مصاريف التنقل و التغذية !!
مطلب الشباب المعتصمين أمام لا مصداقية الوفود الاقليمية و الجهوية هو حضور جهات مركزية ، فلماذا استصعبت الدولة هذا الأمر و أغرقت المدينة بمن لا يأتي بأي حل ؟..
- 4 -
إن التدخل العنيف فجر يوم السبت 07 يونيو 2008 كان مقاربة خاطئة على طول الخط، و بالشكل الذي أتى به من مداهمة لبيوت الناس الآمنين وتحطيم أثاتهم و أبواب منازلهم و الاعتداء عليهم دون تمييز كان أكثر فداحة في الخطإ .. فما ذنب كل هؤلاء الذين خرجوا لشراء حليب صباحي و خبز لأبنائهم أو من كانوا يهمون بالذهاب الى أعمالهم ، أو حتى الذين فتحوا نوافذهم لاستنشاق نسيم الصباح المختلف يومها؟ ما ذنب كل هؤلاء و منهم من لم يكن على علم بمايجري أو بعلاقة بما يحدث بالميناء ،بل منهم من لم ير الميناء في حياته؟؟
هذا التدخل العنيف الغير مبرر مهما اختلفت تصريحات المسؤولين أتى بنتيجة عكسية تماما في مدينة معدل التضامن بين مواطنيها هو 100٪ ، ازدادت بسبب ممارسات القوات العمومية لتصل سقفا أعلى من ذلك بكثير ..
- 5 -
تم تقسيم المدينة أمنيا إلى ثلاث مناطق تدخل ، أولى في الميناء بؤرة التوتر و الثانية بحي كولومينا و الثالثة على مستوى المدينة .. إنها "حركة" المدينة بكاملها ستدفع الثمن من أول بيت الى آخر قفا.. ولكن زمن "الحركات "انتهى و الدولة في نهجها الجديد تتبنى شعارات التنمية المستدامة و الحداثة و الديمقراطية و حقوق الانسان وهي الأمور التي بينت من خلال ما وقع بسيدي إفني أننا على بعد سنوات ضوئية عنها .. ليس هناك ما يبرر نهائيا تعامل دولة مع مواطنيها وفق هذا المنطق ، ولعل اختلاط الجهات التي قررت التدخل و تعدد الاجهزة التي تناوبت على تخطيط الوصول الى ظهور المواطنين هو الذي أدى الى عملية حسابية خاطئة أخرى وفق معادلة مستحيلة عبارة عن تدخل أمني بما يشبه خطة عسكرية في مواجهة مدنيين !!
- 6 -
إن ما خاضته الدولة عبر أجهزتها الأمنية بسيدي إفني مغامرة أقرب الى المقامرة ، و الرهان على اسكات مواطنين أعياهم التهميش و البطالة و الفقر والأحلام المرجأة إلى حين.. و هو الأمر الذي لم يحصل بل كان التدخل شرارة لاشتعال الوضع من جديد و تأكيد تشبث ساكنة إفني و آيت باعمران بمطالبهم الخمسة التاريخية التي تحولت فيما يشبه السحر الى مبادئ راسخة من الصعب التخلي عنها.. مظاهرات ومواجهات ومسيرات سلمية وقوافل تضامنية لا تنتهي..
- 7 -
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.. قالها شاعر قديم ولازال تعبيره هذا سائرا، فالنظرة الى العجائز و الشيوخ المخضرمين تشي بجرح غير متوقع لا يندمل ، سيموتون – ربما – وفي قلوبهم غصة مما وقع .. هل فكر الذين تدخلوا أو وضعوا خطط التدخل الأمني في سيدي إفني في إحساس كل هؤلاء الذين طالتهم الاهانة و العصا في وطنهم بهذا الشكل الذي تركوه في مخابئ ذاكرتهم عن زمن المقاومة ضد الإسبان؟ هل فكروا في كل الدموع التي ذرفت من أعزة أهينوا على آخر العمر في احساسهم الأكيد بوطنيتهم؟؟ هل فكروا في امكانية جبر خبايا الذات الانسانية لهؤلاء التي لا تنسى؟؟
تلك عملية حسابية أخرى لم توضع بعين الاعتبار في خانة الحل ، لتطغى خانة العمليات على كل شيء !!
- 8 -
لا أدري من أين أتت الشتيمة التاريخية التي وجهت لنا في سيدي إفني بأننا " أبناء الصبليون" ! هل بمثل هذه النعوت تحل الأمور و تقارب مشاكل المواطنين في هذه البلاد؟ الناس في سيدي إفني أبناء مغاربة وليسوا لقطاء ، ولا أحد يستطيع أن يجادل في مغربيتهم ووطنيتهم، وهذه الورقة الزائفة التي استعملت للنيل من أناس سيدي إفني أثبتت زيفها ، فهي جوكير خاسر ، اللاعب الجيد يتخلص منه في بدايات اللعب !!
إن حمولة هذا النعت تحتاج لتحليل عميق سيصل حتما الى وجود حقد ضيق و دفين لدى البعض من هذه المدينة المتفتحة و الحداثية بمعناها الحقيقي المرمية وسط تسلط لوبي انتفاعي بدوي تيزنيت هي مركزه .. لذلك وجب التنويه الى هذا الأمر الذي يجعل الناس في هذه المدينة المناضلة و المقاومة يطالبون بعمالتهم بعيدا عن منطق البداوة الآتي من هناك..
اللاعب الجيد إذن لايلعب بأوراق الآخرين أو على مسار لعبهم.. وهذا خطأ آخر ... فلتعدوا معي الأخطاء و لتضيفوا ما خرج عن البال وسط زحام الأفكار و الأحزان !!
- 9 -
لم أسمع قط أو علمت من الذين هم أقدم مني تجربة و أكثر عمرا أن المغاربة احتجوا في وقفات احتجاجية أمام سفارات و قنصليات بلدهم في الخارج.. لكن هذا الأمر وقع عقب أحداث سيدي إفني ، وهو أمر بالأكيد لم يكن بحسبان المسؤولين عن التدخل الأمني بالمدينة.. لذلك فإن هذا الأمر يستدعينا للقول بأن ضيق الأفق هو المنطق الذي حكم التدخل .. فسيدي إفني ليست كما تخيل هؤلاء مدينة صغيرة معزولة لا نوافذ لها على العالم الخارجي.. هذا الأمر أبان عن وعي عميق لدى جاليتنا بالخارج بمعاناة المنطقة و تلاحم مع مطالب أهاليهم بها ..
- 10 -
الاعلام ، خسارة غير متوقعة تماما للمقاربة الأمنية هاته، سببها عدم استيعاب التحولات التي طرأت على العالم و الذي أضحى قرية صغيرة يشتم جارك البعيد فيها رائحة خبزك فما بالك إذا احترق في سهو منك . !! افتضح الاعلام الرسمي بقناتيه ، وأصبح من الواجب إعادة التفكير في تمويل دافعي الضرائب لهاتين القناتين .. فالمواطن الذي يدفع أجور عامليها و أثمان ديكوراتها لم ينل منها لا الخبر المقدس و لا التعليق الحر ، لينتصب الاعلام الآخر على هرم الإخبار بحقيقة ما وقع مهما اختلفت ردود الفعل ...فكل المواطنين تحولوا الى مراسلين و مصورين ، وكل أجهزة الحاسوب أضحت قنوات بحد ذاتها.. لا أظن أن الذين خططوا للتدخل الأمني يملكون فهما لهذا العالم الجديد أو حتى خط اتصال للأنترنيت الرديئة التي استعملها صحافيو المدينة الكثر الغير معروفين !!!
- 11-
سأنهي بالقاعدة التنافسية أو حتى العسكرية التي تقول بأن المهاجم يجب أن يرسم خطة للإنسحاب من الميدان مع خطة المواجهة، وهي مع كل ذلك عملية رياضية أيضا، إذ لا أظن أن الذين خططوا للتدخل الأمني الأخير يملكون خطة للخروج من هذا المأزق الذي وضعوا فيه البلاد كلها مغامرين بكل التراكم الذي وفرته سنوات "الانتقال الديمقراطي" ، و أعذرهم في ذلك فهم أمنيون و الأمر سياسي..فهل يصلح السياسيون ياترى أخطاء الأمنيين؟؟ وهل من سبيل الى معالجة المدينة المنهكة و الناس المحبطين من هذا التدخل؟؟
- على سبيل الختم -
هل تتحقق مطالب السكان عبر انصات عميق لمعاناتهم و تنفيذ لتطلعاتهم بالاستفادة من القول المأثور "من الخطإ يأتي الصواب" ، أم أن المسؤولين سيتركون الجرح لدى ساكنة إفني للزمن ؟ إن كان الأمر الثاني هو الاسهل فيجب التنويه إلى أن كل الأشياء في هذا العالم قابلة للمحو و الاحتراق إلا ذاكرة الناس.. و التاريخ حتما هو صاحب الفصل في المقال...



#محمد_المراكشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية الى النساء الأخريات اللواتي لا يحييهن أحد !


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد المراكشي - -التدخل الأمني- بسيدي إفني.. ما لانهاية من الحسابات الخاطئة!!