|
إلا إن صاح بنا ملك من السماء
عبد العزيز المغوشي
الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 02:31
المحور:
المجتمع المدني
أخيراً بدأت أنظمة وشعوب العالم الثالث تدفع ثمن تخلفها.
يتجاوز تعداد سكان العالم اليوم الستة مليار إنسان، تمثل الشعوب المتخلفة منها نسبة تفوق 75%، وإذا علمنا أن هذه الشعوب المتخلفة لا تنتج سوى 10% من احتياجاتها، والباقي إما تفتقر إليها أو تحصل عليها من خلال تصدير المواد الأولية، فإن الشعوب المنتجة لم تعد قادرة على تأمين احتياجات الغالبية الغير منتجة.
وعليه فطبيعي أن يثور الغلاء ويستحكم، فالشعوب المنتجة لن تضل إلى ما لا نهاية تزود العالم الثالث باحتياجاته بأسعار رخيصة، وهو يغط في هذا السبات السخيف، و لو وصل سعر برميل النفط إلى ألف دولار، سيبلغ سعر علبة حليب النيدو إلى ألف ريال وكيس الرز إلى خمسة ألاف ريال، كما هو الحال في اليمن اليوم... يعني تضخم وتضخم موازي.
لن يشتري منا العالم النفط والمواد الطبيعية الأخرى بأسعار باهظة ثم يبيعنا منتجاته بأسعار متدنية، سيكون هذا ضرب من الغباء، فمعلوم أن الذي يتحكم بأسعار النفط هو العالم المتقدم المنتج، ولو شاء لخفض سعر برميل النفط إلى عشرة دولارات، إنما لأنه تعب من حث العالم الثالث على الإنتاج و تقليص الفساد ولم يفعلوا، أتاهم من طريق آخر، وهو رفع سعر نفطهم و ثرواتهم الطبيعية بهدف خلط أوراقهم ومن ثم قسرهم على إعادة بناء كياناتهم الخربة.
في العالم العربي قد نظن أن عائدات النفط المرتفعة ستفيد الدول المنتجة له، ولكن هذا مممكناً على المدى المنظور فقط، إذ ماذا عن شعوب خمس عشرة دولة عربية لا تملك نفطاً؟... ماذا عن الشعبين المصري واليمني اللذين يدمرهما الآن الفقر؟.
هل في تصور شعوب الخليج أن يعيشوا في رغد ومن حولهم مئات ملايين الجوعى؟.
نعم الغلاء مرشحاً للمزيد خلال السنوات القليلة القادمة، حتى يصل إلى مرحلة ألا عودة حيث ينقسم سكان الأرض إلى فئتين هما: 1- الشعوب المتقدمة العاملة المنتجة والتي ستحد من إنتاجها إلى حد الاكتفاء الذاتي، وتعيش رفاهها بنفسها. 2- الشعوب المتخلفة المصدرة للمواد الأولية – طاقة، معادن- ستكسد تجارتها نظراً لتدني الطلب، ولأنها غير منتجة فمآلها أن تذهب فريسة للفقر والجوع.
ومن الآن لن تجد الدول التي تعتمد على تصدير الإنتاج الزراعي، أسواقاً كافية لشراء منجاتها بأسعار باهظة في ظل تفاقم أسعار النفط والمواد الأولية، وليس من المعقول أن تعتمد الهند – مثلاً- على أسوق الدول النفطية فقط لتسويق منتجاتها من الحبوب.
الآن وبعد زيادة أسعار النفط كثيرٌ من الدول المصدرة للمنتجات الغذائية ستقتصر في إنتاجها على الاكتفاء الذاتي، إذ لم تعد شعوب العالم الثالث قادرة على تسديد فواتير الواردات الباهظة.
حينذاك إما أن تفيق الأنظمة المتخلفة وشعوبها من سباتها وتباشر ثورة إنتاجية عاجلة أو تدخل في حروب بينية وصراعات سرمدية من أجل البقاء.
ولان الحروب التقليدية بين الدول الغنية والفقيرة، لن يكون لها دور في المستقبل، ذلك أن الحروب مكلفة مادياً وتلك التكلفة لن تكون بمتناول الدول الفقيرة، إنما الذي سوف يحدث هو صراعات داخلية بدائية على المصالح تعيد العالم الثالث إلي ما قبل التاريخ، وأخطر ما في هذا الأمر هو تفاقم الفلتان الديموغرافي الذي قد تتعذر السيطرة عليه، كتسلل الشعب اليمني الفقير الآن إلي دول الجوار الغنية، ومثله تسلل الأفارقة إلى جنوب وغرب أوربا والمكسيكيين إلى الشمال حيث الولايات المتحدة الأمريكية.
العالم العربي في هذه المعادلة، هو بأسره غير منتج، إذ بالكاد ينتج 10% من احتياجاته، إنما الذي يُبقيه على حافة الهاوية اليوم بعض الهبات من الدول المتقدمة أو من تلك المصدرة للمواد الأولية، ولان تلك الهبات ستنحسر بل قد تتوقف فجأة، فإن مستقبله القريب بالغ السوء.
مشكلة العالم العربي ثقافية بالدرجة الأولى - يتساوى في ذلك الحاكم والمحكوم- فرغم قلّة عدد السكان " ثلاثمائة مليون " و توفر كل الإمكانيات إلا أن رداءة ثقافة العمل والإنتاج هي مكمن الخلل.
مساحة الوطن العربي أكثر من ثلاثة عشر مليون كيلاً مربعاً، تمتاز بالتالي: 1- موقع استراتيجي يتوسط الأرض وحلقة وصل بين مصالح الشرق والغرب. 2- يشرف على ممرات مائية بالغة الأهمية: مضيق جبل طارق، قناة السويس، باب المندب، مضيق هرمز. 3- يحوي أنهار عظيمة: النيل، دجله، الفرات، وعشرات الأنهر الصغيرة الأخرى. 4- 60% من مخزون النفط العالمي. 5- مليون كيلاً مربعاً من الأراضي شديدة الخصوبة وغزيرة المياه في السودان. 6- 20% من ثروة العالم الأولية " معادن " 7- 15% من مصائد الأسماك حول العالم.
هذه الإمكانيات الجبارة تفوق إمكانيات الولايات المتحدة الأمريكية وقارة أوربا مجتمعة، في حين أن تعداد سكان العالم العرب لا يتجاوز نسبة 20% من سكن أمريكا وأوربا.
لو أن العرب استغلوا جزء من هذه الإمكانيات الهائلة بالعمل الجاد المثمر مسنوداً بالتعاون وتبادل المصالح فيما بينهم خلال الخمسين سنة الماضية لكانوا اليوم في مقدمة العالم المتحضر.
هل يستطيع العرب الآن فعل شيء لتدارك الدمار الذي يوشك أن يحيق بهم؟.
الوقع يشي بأن السيف قد سبق العذل، إنما فوضى عارمة. الهوس الديني والنفط والمورث الثقافي البائس، هي التي أدخلت العرب في هذا النفق المظلم، ولأن الغلاء والبطالة ستولد الفقر والجهل والأمراض النفسية، فإن الدين والنفط سيتآكلان مع الوقت ويبقى الموروث الثقافي المدمر، ساعتها ليأذن العرب بالعودة إلي حيث زمن قربا مربط النعامة مني والصراعات الداخلية على الماء والكلأ.
ألا ترون أن عودة الاستعمار فكرة مش بطالة، بل لعلها هي الخيار المتاح؟.
أليس من الحكمة أن تهيب الشعوب العربية بالانجليز والفرنسيين والايطاليين ليهبوا إلى استعمارها؟ا.
كلامي هذا قد يراه البعض ضرب من الجنون، ولكن سأسألكم عن ذلك بعد عشر سنوات على أكثر تقدير، إلا إن صاح بنا ملك من السماء
#عبد_العزيز_المغوشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي
...
-
الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال
...
-
برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
...
-
الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا
...
-
الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ
...
-
شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي
...
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|